الموضوع: بنات أفكاري
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-26-2012, 12:22 PM   #3
Akagami
 
الصورة الرمزية زياد شورابي
رقـم العضويــة: 128373
تاريخ التسجيل: Mar 2012
العـــــــــــمــر: 40
الجنس:
المشـــاركـات: 27
نقـــاط الخبـرة: 23
Gmail : Gmail

افتراضي على قارعة الطريق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في الحقيقة ، أردت أن أتطرق اليوم إلى موضوع حارق وذو شجون وهو حجم الخطر الذي تمثله ثنائية الفراغ

والبطالة على شباب الأمة وما تركته من أخاديد في وجدان هذا الشباب وما جرته عليهم من ويلات...

فيكون السؤال القادح

كيف ننظر للعاطل عن العمل؟

لئن كان العمل يحفظ كرامة المرء ويجعله مستقلاً مادياً ومعنوياً فإنه أمام واقع البطالة المتفاقم أصبح من الصعب

إيجاد عمل قار والحصول منه على دخل محترم يسمح له ببناء مستقبله وتحقيق أحلامه، العاطل عن العمل

يشعر بحيف كبير ويدرك قساوة الحياة حين يكون بطالاً فحتى ديننا الحنيف فيه دعوة للسعي والضرب في الأرض

وكما تعلمون جميعًا أن الله عزّ وجلّ لا يُحب العبد البطال ومجتمعنا على درجة الوعي والتسامح التي يتمتع بها

يرى في العاطل عن العمل وإن كان من أصحاب الشهائد العليا وخريج الجامعات العريقة عالة عليه، أما أسرته

فتنتظر بفارغ الصبر متى يشتغل إبنها بعد أن تنفست الصعداء حين تخرّج بشهادة جامعية، أصبحت في أغلب

الأحيان للأسف الشديد لا تغني ولا تسمن من جوع بل دليل بطالته، والأسرة بطبيعة الحال وبعد التكاليف التي

تكبدتها طيلة سنوات دراسته تنتظر لمسة وفاء من إبنها البار وردّ الجميل بالجميل و إزاحة العبء الثقيل الذي

على كاهلها خصوصا وأن معظم العائلات إن لم نقل كلّها متوسطة الدخل متواضعة الإمكانيات أو دون ذلك وهي

تطمع بالتالي في أن يشاركها في سداد شتّى مصاريف الحياة المعقدة والمتشعبة..هكذا يكون العاطل عن

العمل في موضع لا يحسد عليه بين مطرقة المجتمع التي لا ترحم وسندان الأسرة التي تنتظر فلا يجد من

يشعر بهمومه ويحسّ بآلامه ويرحم عذاباته ويقدر مشاغله هو الذي أفنى عمره على مقاعد الدراسة لم يدخر

جهدًا في بحثه المضني عن عمل يجني منه قوت يومه حاول بمختلف الطرق وشتى الوسائل هنا وهناك في

كل مكان وكان يجري في كل الإتجاهات دون كلل أو ملل كان شعاره دعني أعمل دعني أمرّ..لكن هيهات كيف

السبيل للشغل وأنت أين قبلت وجهك تعثر على إدارات موبوءة تفيض وترشح بفساد ورشوة ومحسوبية، "كول

ووكّل..باعثك سي فلان.. أرجع غدوة..تقرى ما تقراش الخدمة ما ثماش" مفرادات أصبحت عادية لم تعد تحرك

له ساكناً ومعاملات من تحت الطاولة صارت مكشوفة للجميع وكان هو في خضم هذا كله يحلم بوطن يحفظ

كرامة أبنائه ولا يلقي لهم بفتات موائده وبقايا طعامه يحلم بوطن يكون فيه الشغل إستحقاقاً لا مجرد شعار يُرفع

وتكافؤ الفرص شرطاً لا تنازل عنه وتكون محاربة الفساد والرشوة داخله واقعاً ملموساً لا كلام جرائد صفراء

ووسائل إعلام كاذبة تسوّق الأوهام، يعود خائباً إلى بيته مهزوماً مكسور الوجدان يكاد يغلبه اليأس ويطيح به

القنوط لكنه وفي عناد قلّ نظيره يظلّ يردد في قرارة نفسه " ما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل " يُلقي على أبيه

السلام نظرة واحدة في عينيه تغني أباه عن السؤال بأن الحال كما هو عليه وبأنه عاد مرة أخرى صفر اليدين

ورجع كما يقول العرب قديماً بخفي حنين يأخذ قيلولة ثم يأخذ مصروفه من أمه فقد أصبح يستحي بعد بلوغ هذا

العمر أن يأخذه مباشرة من أبيه..يقصد الكشك يقتني جريدة ويترك الباقي ليترشف به قهوة مرّة سوداء كمرارة

عمره وقتامة حياته يجلس في ركن ركين في مقهى أصبح يُعرف به وبأمثاله من أصحاب الشهائد المعطلين عن

العمل طوعاً أو كرهاً إختيارًا أو قهرًا يلتهم الجريدة علّه يظفر بما يشفي غليله ويثلج صدره ويريح فؤاده ويطمئن

قلبه لكن لا شيء من هذا القبيل فيطوي الجريدة بحركة عصبية لم يبقى معه سوى أحلام تبدو نائية وبعيدة

وأفكار سودوية وخواطرسرمدية تتناسل يغلي منها رأسه كما يحمى المرجل من النار وسؤال مرّ حارق قاتل

متى..متى..متى؟؟؟

هذه أخي القارئ عينة من يوميات شاب جامعي يعاني من ويلات البطالة فضلت كتابتها بأسلوب سردي ينقل

بعض تفاصيل يومه ووصفي يصف الحالة النفسية التي يمر بها بعض الشباب العاطل عن العمل من الذين ضاقت

بهم الأرض بما رحبت وفتك بهم الفراغ وكادت تهلكم البطالة
.
لا أريد أن أظهر بمظهر المتشائم لكني بدل ذلك أريد أن ألتصق أكثر بالواقع وأختم ببيت شعر

لعمرك ما ضاقت أرض بأهلها **** ولكن أحلام الرجال تضيق


زياد شورابي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس