رسالة ...
ساعات وساعات من البكاء و الحزن والأرق وفي الأخير قررت أن تراسله ، تستفسره ، تعاتبه ، وتودّّعه ...
أغلقت باب غرفتها ، جلست على مكتبها تقلب بين أغراضها تبحث عن ورقة بيضاء وقلما ، فلما وجدت ماتبحث عنه أخدت نفسا عميقا ممزوجا ببحة تراكم عليها الحزن والأسى ، ومع أوّّل كلمة دمعت عيناها ..
أيها الحبيب ، أكان ضروريا أن تغيب .!!
أيها الحبيب ، أنا أقبل اعتذارك ، حتى لو لم يكن لك عذر .
أيها الحبيب ، أحبك رغم الرحيل
وتمسح دموعها فترتمي في فراشها وتطلق العنان للبكاء ..بعد هنيهة رجعت إلى مكتبها وهي تمسح دموعها ..تناولت القلم من جديد واسترسلت ..
أيها الحبيب ، أحببت فيك كل شئ ، نظرتك ، ابتسامتك ، عيونك ، مشيتك ، كلامك ، طريقة تفكيرك ، حركاتك ، غضبك ، مزاجك ، اختيارك ، صوتك ، طموحك ، صراخك .كل شيء..
أيها الحبيب ، منحتك كل ما يمنحه الحبيب للحبيب بدون أي مقابل ، شوارع المدينة ، وأزقتها و طرقاتها وناسها ، الكل يشهد على مدى إخلاصي وتعلّّقي بك . ماذا حدث ؟ ودمعت عيناها مرّّة أخرى ..، ولم تعر أي اهتمام واسترسلت ..
أيها الحبيب ، أتذكر عندما كنت تمسك يدي وتريد أن نعبر الطريق فتضغط عليها خائفا من أن يصيبني أي مكروه ، كنت تخاف علي من نسمة الهواء ، من نظرة عين ، من كلمة عابرة ، تخاف على مشاعري كما تخاف الأم على فلذة كبدها .
أيها الحبيب ، كنت الاب ، كنت الأخ ، كنت الام ، كنت الصديق ، كنت كل شيئ ..وهي تغالب دموعها
أيها الحبيب ، تواعدنا وكان اتفاقنا أنك ستأتي مع أهلك لخطبتي ، وتنقلني من عالم الضيق إلى فسحة الكون ، وتحملني على فرس أبيض بجناحين وتطير بي إلى جنة لا يوجد فيها أحد سوانا .
أيها الحبيب ، حتى القلم لم يصدّّق أنّّك رحلت بلا وداع ،وبلا مقدمات ، رحلت كأن التي تركتها لا تساوي عندك شيء ، أو كنت تمثّّل علي كل هذا الحب ، كل هذا الكلام ، كل هذا الشعور ، كل هذا الدّّفء ، لا أصدّّق حتى لو اعترفت . لا أصدّّق أنك لست إنسانا . وأجهشت بالبكاء حتى سقطت مغشيا عليها .
بدأت تتحرّّك ، فتحت عينيها ببطء شديد وتضع يدها على رأسها قائلة :
رأسي ، رأسي ، أين أنا ؟؟
أمسكت أختها ريم يدها وهي تقول :
حمدا لله على سلامتك يا نور ، أنت في غرفتك ، لا تقلقي كل شئ بخير .
فاستعادت ريم وعيها وهي تقول لأختها :
أين هي الورقة ؟
ابتسمت نور ابتسامة كلها دفء وحنان وعانقت ريم وهي تقول بكل ثقة :
لا عليك يا أختي الحبيبة لم تعد هناك أية ورقة ولم يعرف أحد ما وقع ، كل ما هناك أني دخلت غرفتك ووجدتك مستلقية على الأرض ، فحملتك إلى فراشك ، وها أنت عدت لنا بألف خير ، وإن كنت تتحدتين عن تلك الورقة فقد أحرقتها ، وبصوت باك قالت ريم :
شكرا لك يا أختي العزيزة .
|