كان الحكّام يخافون ألسنة الشعراء قديمًا، وقيلَ أن لسان الشاعر حينها كان كالسيف، إما يجرح ويقتل أو يداوي
ويُسعف.. وفي ذلك أيضًا أنه على قدر مدح الشاعر للحاكم سيجني مالًا ومن الأمثلة عليها
قصيدةٌ نَظَمَها البحتريّ بعنوان
"البِركةُ الحسناء" في مدح المتوكّل، إذ وصفَ بركته الواقعة شرقَ مدينة سامرّاء..
ومن أكثر الأبيات التي أعجبتني والتي كانت
قمّةً في "التطبيل والنفخ" في الوقت نفسه أيضًا
ما بالُ دجلةَ كالغَيرى تُنافسها
في الحُسنِ طَورًا وأطوارًا تُباهيها
في هذا البيت يطرح الشاعر سؤالًا متعجّبًا من نهر دجلة، كيف له أن يغار من بركة المتوكّل في الحُسنِ والجمال والأشدُّ من ذلك كيف للنهر أن يفضّل نفسه عليها ضاربًا في ذلك صورةً فنيّة إذ شبّهه الشاعر بالامرأة التي تغار من امرأةٍ أخرى.
كـأنّـمـا الفـضّة البيضاءُ سائلةً
من السبائك تجري في مجاريها
هنا يصوّر الشاعر مجرى المياه التي تنبع من البِركة، فيقول أن الماء الذي يسيل منها كالفضّة البيضاء السائلة دلالةً على صفائها ونقائها.