منتديات العاشق - عرض مشاركة واحدة - ●● |نقاش الكتب الادبية || ●●

لقد بدأت أشك في أن أصحاب المكتبات وباعة الكتب يتربصون بي الدوائر،
فقد بات جيبي لا يمسك درهما، فما إن أضع فيه بعض المال حتى أراه ينسلّ من حيث لا أدري،
ويطير إلى قبضتهم المتأهّبة.

وقد اشتريت عددا وافرا من الكتب، من جملون، ومعرض الكتاب، ومكتبة محلية،
حتى بلغت الغاية من الشراء. ذلك لأنهم لا يكفون عن إعلان الحسومات، فمرة يضعون
حسمًا: 20% ومرة: 40%، وأخرى: بين 20% و60%... وقد كنت رجلا ضعيف الشكيمة
في مثل هذه الأمور، يستسلم بسرعة أمام مغرياتها، فتجده لا يفتأ يصرف ماله ذات اليمين وذات الشمال،
فـألا تظن بعد كل هذا أن باعة الكتب ينصبون حبالتهم، ويتربصون بي حقا أم تراني متوهّمًا؟

على أني وُفِّقْت شيئا من التوفيق في بعض الكتب، إذ كانت في أصلها غالية الثمن،
وبعد الحسم تهاوى سعرها وتداعى إلى المتناول، وأحد هذه الكتب هو:

لعبة الملاك وهو الجزء الثاني من سلسلة مقبرة الكتب المنسية.
قرأت الجزء الأول منها في هذه السنة، رغم أنه كان بحوزتي منذ سنوات خلت؛
عنوانه "ظل الريح"، وهو من أحسن ما قرأت من روايات التشويق والغموض،
بل لعلي ما قرأت أحسن منه في هذين الصنفين قط.

وأمّا الجزء الثالث من سلسلة مقبرة الكتب المنسية، فعنوانه "سجين السماء"،
ولم أشتره لأني لم أجده، والجزء الرابع والأخير ما يزال في قيد الترجمة ولم يصدر بالعربية.

وبعد، فإن أول عمل قرأته لدستويفسكي، هو كتابه الصغير: "حلم رجل مضحك"،
ولم أكن أعلم أن له إصدارا حديثا، وسررت لمّا ألفيته في محل الكتب، فاشتريته.

إن نصيحتي الأخيرة إليك -بما أنك في حالٍ من النفور والانقباض- هي أن تقرأ
لأجل المتعة الخالصة تماما، والأحرى بك وأنت في هذه الحال، أن تقرأ الكتب الصغيرة
التي لا تستغرق إلا ساعة زمان، وأرى أن "حلم رجل مضحك" وما لفّ لفّه في
الحجم والجودة سيجوز لك.

فإن لم يكن هو، فقصة "المكتبة الغريبة" لهاروكي موركامي، إذ إنك أعجبت بغرابة
"كافكا على الشاطئ" ومدحتها لي ولا أحسبك إلا أن تعجب بهذه القصّة، فهي جعلتني أحس
أيضا وكأني أشاهد حلقة "أنمي"، –رغم ركاكة الترجمة- وستخرج منها بمغزى ضبابيّ
كما أخالك خرجت من "كافكا على الشاطئ".

لا أعلم لها دارا قامت بنشرها، ولكنك ستجدها في صيغة pdf، بسهولة، وهكذا قرأتها أنا.

فإن لم تقتنع بهذا ولا ذاك، فاقرأ "رجال في الشمس" لغسان كنفاني،
ولكن اقرأها بنيّة مشاهدة فيلمها من بعدها، فهذا يعطي حافزا قويا في المضي فيها.
والفيلم جميل جدا، وعندي أنه أعطّى الرواية حقّها، ولم يبخسها إلا في المشهد الختامي.

(ملاحظة مهمة: إن أزمعت وعقدت نيّتك على قراءة رجال في الشمس،
فإياك أن تقرأ المقدمة وإلا حرقت على نفسك وقع الحدث الختامي، وها قد أخبرتك.)

فإن ما زلت ترفض ما أشرت عليك، فليس لي إلا أن أنصحك بأحد الأدوية التي
ينصح بها نابغة القرن العشرين، في مقالة "المشكلة (2)" من وحي القلم، وحسبك بتلك الحلول.

،

الكتاب الذي أطالعه الآن وقد بدأت فيه قبل يوم، هو كتابٌ قصصي للحداد الساخر،
زكريا تامر، وقد أتممت نصفه، ويا له من كتاب، ويا لها من قصص!

شدّ ما تمنيت لو أن هذا الكتاب لا ينتهي!

إنني مفتون جدا بأسلوب زكريا تامر، ولا تكاد تجدني أقرأ له قصة،
إلا وتسمع لي كركرةً أو قهقهة، وقد يحسبني السامع من حيث لا يراني، مجنونا أكلم نفسي،
ولكن لا... إنك قد تألف الكتب تتحدث حقا إذا ما دأبت على مجالستها،
وقد تجد منها من يسامرك بأحاديث مليحة، ويقول لك بصدق: سنضحك.
فلا تملك إلا أن تهز رأسك موافقا وتجيب بسرور: أجل، سنضحك.