القسم الإسلامي العام
(القسم تحت مذهب أهل السنة والجماعة)
(لا تُنشر المواضيع إلا بعد إطلاع وموافقة إدارة القسم) |
#1
|
||||
|
||||
قصة اسحاق بن ابراهيم عليهما السلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله اخوتى وبياكم وسدد على طريق الهدى خطاى وخطاكم وأسعد الله أوقاتكم بالخير والمسرات سنتحدث بإذن الله عن الكريم بن الكريم اسحاق بن ابراهيم عليهما السلام ولمن اراد الاطلاع على القصص الاخرى فليتفضل للرابط ادناه فلنبدأ على بركة الله ![]() ![]() قال الله تعالى: «وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ» . الصافات -112 قال الله تعالى: «وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ، وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ، قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ، قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .هود -69 قال الله تعالى: «وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ، قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ، قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ، قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ، قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ» . الحجر-51 قال الله تعالى: «هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ ألا تَأْكُلُونَ، فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيم، فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» . الذاريات -24 ![]() وقد كانت البشارة بمولد اسحاق من الملائكة لإبراهيم وسارة، لما مروا بهما مجتازين ذاهبين إلى مدائن قوم لوط، ليدمروا عليهم، لكفرهم وفجورهم . وكانوا ثلاثة جبريل وميكائيل واسرافيل، ولما وردوا على الخليل، حسبهم أولاً أضيافاً، فعاملهم معاملة الضيوف، وشَوَى لهم عجلاً سميناً، من خيار بقره، فلما قرّبه إليهم وعرض عليهم، لم يَرَ لهم همّةً إلى الأكل بالكلية، وذلك لأن الملائكة ليس فيهم قوة الحاجة إلى الطعام «فنكرهم» إبراهيم وأوجس منهم خيفة «وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ» أي لندمر عليهم. فاستبشرت عند ذلك سارة غضباً لله عليهم، وكانت قائمة على رؤوس الأضياف، كما جرت به عادة الناس من العرب وغيرهم، فلما ضحكت استبشاراً بذلك قال الله تعالى: «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» أي بشرتها الملائكة بذلك «فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ» أي في صرخة «فَصَكَّتْ وَجْهَهَا» أي كما يفعل النساء عند التعجب. وقالت: «يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً» أي كيف يلد مثلي وأنا كبيرة وعقيم أيضاً، وهذا بعلي أي زوجي شيخاً؟ تعجبت من وجود ولد، والحالة هذه، ولهذا قالت: «إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ، قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . وكذلك تعجَّب إبراهيم عليه السلام استبشاراً بهذه البشارة وتثبيتاً لها وفرحاً بها: «قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ، قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ» أكدوا الخبر بهذه البشارة وقرروه معه فبشروهما «بِغُلامٍ عَلِيمٍ» . وهو إسحاق أخو إسماعيل غلام عليم، مناسب لمقامه وصبره، وهكذا وصفه ربه بصدق الوعد والصبر. وقال في الآية الأخرى «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» . ![]() وهذا مما استدل به مُحَمْد بن كعب القرظي وغيره على أن الذبيح هو إسماعيل، وأن إسحاق لا يجوز أن يؤمر بذبحه بعد أن وقعت عليه البشارة بوجوده ووجود ولده يعقوب المشتق من العقب من بعده. وعند أهل الكتاب أنه أحضر مع العجل الحنيذ وهو المشوي رغيفاً من مكة فيه ثلاثة اكيال، وسمن ولبن. وعندهم أنهم أكلوا وهذا غلط محض. وقيل: كانوا يرون أنهم يأكلون، والطعام يتلاشى في الهواء. فقوله تعالى: «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» دليل على أنها تستمتع بوجود ولدها إسحاق، ثم من بعده بولده يعقوب. أي يولد في حياتهما لتقر أعينهما به كما قرت بولده. ولو لم يرد هذا لم يكن لذكر يعقوب وتخصيص التنصيص عليه من دون سائر نسل إسحاق فائدة، ولما عين بالذكر دل على أنهما يتمتعان به ويسران بولده كما سرا بمولد أبيه من قبله، وقال تعالى: «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا» . وقال تعالى: «فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ» . وهذا إن شاء الله ظاهر قوي ويؤيده ما ثبت في الصحيحين . عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ « قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصلِّ فكلها مسجد» . ![]() ولد اسحاق ولأبيه مائة سنة، بعد أخيه إسماعيل بأربع عشر سنة، وكان عمر أمه سارة حين بُشّرت به تسعين سنة. قال الله تعالى: «وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ» . وقد ذكر الله تعالى بالثناء عليه في غير ما آية من كتابه العزيز. وفي حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» . ![]() وذكر أهل الكتاب: أن اسحاق لما تزوج رفقا بنت بتواييل في حياة أبيه كان عمره أربعين سنة، وأنها كانت عاقراً فدعا الله لها فحملت، فولدت غلامين توأمين أولهما اسمه "عيصو" وهو الذي تسميه العرب العيص، وهو والد الروم. والثاني خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه "يعقوب" وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل. وكان إسحاق يحب عيصو أكثر من يعقوب، لأنه بكره، وكانت أمهما رفقا تحبُّ يعقوب أكثر لأنه الأصغر. فلما كبر إسحاق وضعف بصره اشتهى على ابنه العيص طعاماً، وأمره أن يذهب فيصطاد له صيداً، ويطبخه له ليبارك عليه ويدعو له، وكان العيص صاحب صيد فذهب يبتغي ذلك، فأمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جَدْيَيْنِ من خيار غنمهِ ويصنع منهما طعاماً كما اشتهاه أبوه، ويأتي إليه به قبل أخيه، ليدعو لهن فقامت فألبسته ثياب أخيه، وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين، لأن العيص كان أشعر الجسد، ويعقوب ليس كذلك، فلما جاء به وقربه إليه قال: من أنت قال: ولدك، فضمه إليه وجسَّه وجعل يقول: أما الصوت فصوت يعقوب، وأما الجُسُّ والثياب فالعيص، فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدراً، وكلمته عليهم وعلى الشعوب بعده، وأن يكثر رزقه وولده. فلما خرج من عنده جاء أخوه العيص بما أمره به والده فقربه إليه، فقال له: ما هذا يا بني؟ قال: هذا الطعام الذي اشتهيته. فقال: أما جئتني به قبل السّاعة وأكلت منه ودعوت لك؟ فقال: لا والله. وعرف أن أخاه قد سبقه إلى ذلك، فوجد في نفسه عليه وجداً كثيراً. وذكروا أنه تواعده بالقتل إذا مات أبوهما، وسأل أباه فدعا له بدعوة أخرى، وأن يجعل لذريته غليظ الأرض، وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم. فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيصُ أخاه يعقوب، أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها "لابان" الذي بأرض حران، وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه، وأن يتزوج من بناته، وقالت لزوجها إسحاق أن يأمره بذلك ويوصيه ويدعو له ففعل. وسيتم تفصيلها فيما بعد باذن الله . ![]() وجاء يعقوب إلى أبيه اسحاق فأقام عنده بقرية حبرون، التي في أرض كنعان، حيث كان يسكن إبراهيم، ثم مرض إسحاق، ومات عن مائة وثمانين سنة ، ودفنه ابناه العيص ويعقوب مع أبيه إبراهيم الخليل في المغارة التي اشتراها كما قدمنا. ![]() نرجو من الله أن يتقبل أعمالنا خالصة له وأن ينفعنا بها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله اخوتى وبياكم وسدد على طريق الهدى خطاى وخطاكم وأسعد الله أوقاتكم بالخير والمسرات سنتحدث بإذن الله عن الكريم بن الكريم اسحاق بن ابراهيم عليهما السلام ولمن اراد الاطلاع على القصص الاخرى فليتفضل للرابط ادناه فلنبدأ على بركة الله ![]() ![]() قال الله تعالى: «وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ» . الصافات -112 قال الله تعالى: «وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ، وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ، قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ، قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .هود -69 قال الله تعالى: «وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ، قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ، قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ، قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ، قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ» . الحجر-51 قال الله تعالى: «هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ ألا تَأْكُلُونَ، فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيم، فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» . الذاريات -24 ![]() وقد كانت البشارة بمولد اسحاق من الملائكة لإبراهيم وسارة، لما مروا بهما مجتازين ذاهبين إلى مدائن قوم لوط، ليدمروا عليهم، لكفرهم وفجورهم . وكانوا ثلاثة جبريل وميكائيل واسرافيل، ولما وردوا على الخليل، حسبهم أولاً أضيافاً، فعاملهم معاملة الضيوف، وشَوَى لهم عجلاً سميناً، من خيار بقره، فلما قرّبه إليهم وعرض عليهم، لم يَرَ لهم همّةً إلى الأكل بالكلية، وذلك لأن الملائكة ليس فيهم قوة الحاجة إلى الطعام «فنكرهم» إبراهيم وأوجس منهم خيفة «وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ» أي لندمر عليهم. فاستبشرت عند ذلك سارة غضباً لله عليهم، وكانت قائمة على رؤوس الأضياف، كما جرت به عادة الناس من العرب وغيرهم، فلما ضحكت استبشاراً بذلك قال الله تعالى: «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» أي بشرتها الملائكة بذلك «فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ» أي في صرخة «فَصَكَّتْ وَجْهَهَا» أي كما يفعل النساء عند التعجب. وقالت: «يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً» أي كيف يلد مثلي وأنا كبيرة وعقيم أيضاً، وهذا بعلي أي زوجي شيخاً؟ تعجبت من وجود ولد، والحالة هذه، ولهذا قالت: «إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ، قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . وكذلك تعجَّب إبراهيم عليه السلام استبشاراً بهذه البشارة وتثبيتاً لها وفرحاً بها: «قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ، قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ» أكدوا الخبر بهذه البشارة وقرروه معه فبشروهما «بِغُلامٍ عَلِيمٍ» . وهو إسحاق أخو إسماعيل غلام عليم، مناسب لمقامه وصبره، وهكذا وصفه ربه بصدق الوعد والصبر. وقال في الآية الأخرى «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» . ![]() وهذا مما استدل به مُحَمْد بن كعب القرظي وغيره على أن الذبيح هو إسماعيل، وأن إسحاق لا يجوز أن يؤمر بذبحه بعد أن وقعت عليه البشارة بوجوده ووجود ولده يعقوب المشتق من العقب من بعده. وعند أهل الكتاب أنه أحضر مع العجل الحنيذ وهو المشوي رغيفاً من مكة فيه ثلاثة اكيال، وسمن ولبن. وعندهم أنهم أكلوا وهذا غلط محض. وقيل: كانوا يرون أنهم يأكلون، والطعام يتلاشى في الهواء. فقوله تعالى: «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» دليل على أنها تستمتع بوجود ولدها إسحاق، ثم من بعده بولده يعقوب. أي يولد في حياتهما لتقر أعينهما به كما قرت بولده. ولو لم يرد هذا لم يكن لذكر يعقوب وتخصيص التنصيص عليه من دون سائر نسل إسحاق فائدة، ولما عين بالذكر دل على أنهما يتمتعان به ويسران بولده كما سرا بمولد أبيه من قبله، وقال تعالى: «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا» . وقال تعالى: «فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ» . وهذا إن شاء الله ظاهر قوي ويؤيده ما ثبت في الصحيحين . عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ « قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة. قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصلِّ فكلها مسجد» . ![]() ولد اسحاق ولأبيه مائة سنة، بعد أخيه إسماعيل بأربع عشر سنة، وكان عمر أمه سارة حين بُشّرت به تسعين سنة. قال الله تعالى: «وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ» . وقد ذكر الله تعالى بالثناء عليه في غير ما آية من كتابه العزيز. وفي حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» . ![]() وذكر أهل الكتاب: أن اسحاق لما تزوج رفقا بنت بتواييل في حياة أبيه كان عمره أربعين سنة، وأنها كانت عاقراً فدعا الله لها فحملت، فولدت غلامين توأمين أولهما اسمه "عيصو" وهو الذي تسميه العرب العيص، وهو والد الروم. والثاني خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه "يعقوب" وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل. وكان إسحاق يحب عيصو أكثر من يعقوب، لأنه بكره، وكانت أمهما رفقا تحبُّ يعقوب أكثر لأنه الأصغر. فلما كبر إسحاق وضعف بصره اشتهى على ابنه العيص طعاماً، وأمره أن يذهب فيصطاد له صيداً، ويطبخه له ليبارك عليه ويدعو له، وكان العيص صاحب صيد فذهب يبتغي ذلك، فأمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جَدْيَيْنِ من خيار غنمهِ ويصنع منهما طعاماً كما اشتهاه أبوه، ويأتي إليه به قبل أخيه، ليدعو لهن فقامت فألبسته ثياب أخيه، وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين، لأن العيص كان أشعر الجسد، ويعقوب ليس كذلك، فلما جاء به وقربه إليه قال: من أنت قال: ولدك، فضمه إليه وجسَّه وجعل يقول: أما الصوت فصوت يعقوب، وأما الجُسُّ والثياب فالعيص، فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدراً، وكلمته عليهم وعلى الشعوب بعده، وأن يكثر رزقه وولده. فلما خرج من عنده جاء أخوه العيص بما أمره به والده فقربه إليه، فقال له: ما هذا يا بني؟ قال: هذا الطعام الذي اشتهيته. فقال: أما جئتني به قبل السّاعة وأكلت منه ودعوت لك؟ فقال: لا والله. وعرف أن أخاه قد سبقه إلى ذلك، فوجد في نفسه عليه وجداً كثيراً. وذكروا أنه تواعده بالقتل إذا مات أبوهما، وسأل أباه فدعا له بدعوة أخرى، وأن يجعل لذريته غليظ الأرض، وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم. فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيصُ أخاه يعقوب، أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها "لابان" الذي بأرض حران، وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه، وأن يتزوج من بناته، وقالت لزوجها إسحاق أن يأمره بذلك ويوصيه ويدعو له ففعل. وسيتم تفصيلها فيما بعد باذن الله . ![]() وجاء يعقوب إلى أبيه اسحاق فأقام عنده بقرية حبرون، التي في أرض كنعان، حيث كان يسكن إبراهيم، ثم مرض إسحاق، ومات عن مائة وثمانين سنة ، ودفنه ابناه العيص ويعقوب مع أبيه إبراهيم الخليل في المغارة التي اشتراها كما قدمنا. ![]() نرجو من الله أن يتقبل أعمالنا خالصة له وأن ينفعنا بها ![]() ![]() ![]() أترككم فى رعاية الله وأمنه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
![]() |
#2 |
عاشق جديد
رقـم العضويــة: 88149
تاريخ التسجيل: Mar 2011
العـــــــــــمــر: 34
الجنس:
![]() المشـــاركـات: 8
نقـــاط الخبـرة: 10
|
![]()
ماقصرت اخوي على الطرح الرائع
سلمت يداك لا تحرمنا من مزاضيعك الاخرى كثر الله من امثالك |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
عاشق فلتة
رقـم العضويــة: 85807
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الجنس:
![]() المشـــاركـات: 1,260
نقـــاط الخبـرة: 14
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سورة ابراهيم للشيخ ابراهيم الجليل | Wolf H | قسم الصوتيات والمرئيات | 2 | 01-07-2011 02:31 PM |
قصة ابراهيم (عليه السلام) خليل الرحمن ...... | Nechervan | القسم الإسلامي العام | 41 | 11-27-2010 12:58 AM |
ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام | الغافل | القسم الإسلامي العام | 2 | 03-07-2010 01:14 PM |
[[[ قصص أنبياء الله عليهم السلام ]]] ...... الجزء الثاني [ نوح - هود ] عليهما السلام | العاشق 2005 | قسم الأدب العربي و العالمي | 0 | 09-30-2008 02:40 AM |