بسم الله الرحمان الرحيم

العرب قديماً كانوا يكرهون المتكبر، ويقولون: من طلب الشرف فعليه بالتواضع.
والله سبحانه وتعالى يقول عن عبادة المؤمنين، وقد سماهم (عباد الرحمن) ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا)).
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تواضع لله رفعه) (1) .
وقال أبو بكر لـخالد بن الوليد : [فر من الشرف يتبعك الشرف].
والسادة عند العرب، كانوا أكثر الناس تواضعاً؛ لأن القلوب تنفر من المتكبر، ولا تحبه.
وأخبار المتكبرين كثيرة في الكتب، منها: ما ذكره ابن الجوزي عن أحدهم: أنه أراد أن يمر على جسر على النهر، فقال: أخشى أن ينكسر الجسر من شرفي!!
وآخر متغطرس، وكان ذا سلطة، أمر الناس ببسط العمائم له، إذا ذهب إلى المسجد، فأخذ الجهلة العمائم وفرشوها له تزلفاً.
فنظر لها وقال لأصحابه: ((لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ)).
وأكثر الناس تواضعاً هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول: (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد) (1) .
ويكفي من تواضعه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يرعى الغنم في الجاهلية وكان يركب على الحمار والبغل.
وكان يخصف نعله ويرقع ثوبه بنفسه.
وكان يجلس على الأرض للأكل، وكان الداخل إلى المسجد، لا يفرق بينه وبين أصحابه، بل يسألهم عنه فيشيرون إليه كما في قصة ضمام بن ثعلبة التي رواها البخاري (1) .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في عقاب المتكبر أنه قال: (يحشر المتكبرون يوم القيامة في صورة الذر يطؤهم الناس) (1) .
يقول ابن القيم تجنب ثلاث كلمات -وهي الأصل في الكبر- (أنا) و(لي) و(عندي). (فأنا) استخدمها الشيطان عندما قال: ((قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)).
و(لي) استخدمها فرعون عندما قال: ((أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي)).
و(عندي) استخدمها قارون عندما قال: ((إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)).
وخير ما استُخدمت فيه عندي: عندي ذنوب كثيرة.
وخير ما استخدمت فيه لي: لي تقصير وإساءة.
إذن، فالتواضع نكسب به قلوب الناس، ونقودهم إلى هذه الدعوة المباركة فعليكم به