قصص عن الجن
قصة إسلام سواد بن قارب على يد جني
بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب الناس على منبر النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: أيها الناس أفيكم سواد بن قارب؟ قال: فلم يجبه أحد تلك السنة، فلما كانت السنة المقبلة قال: أيها الناس أفيكم سواد بن قارب؟ قال فقلت يا أمير المؤمنين وما سواد بن قارب؟ قال: إن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئًا عجيبًا. قال: فبينما نحن كذلك إذا طلع سواد بن قارب، قال: فقال له عمر يا سواد حدثنا ببدء إسلامك كيف كان؟ قال سواد: فإني كنت نازلاً بالهند وكان لي رئي من الجن، قال فبين أنا ذات ليلة نائم إذ جاءني في منامي ذلك قال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل قد بعث رسول الله من لؤي بن غالب. ثم أنشأ يقول:
عجبت للجنّ وأنجاسها
وشدّها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى
ما مؤمنوها مثل أرجاسها
فانهض إلى الصفوةِ من هاشم
واسمُ بعينيك إلى رأسها
ثم نبهني وأفزعني، وقال: يا سواد بن قارب إن الله عز وجل بعث نبيًّا فانهض إليه تهتد وترشد فلما كان في الليلة الثانية أتاني فأنبهني ثم أنشأ يقول كذلك.
عجبت للجنّ وتَطْلابها
وشدّها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى
ليس قذاماها كأذنابها
فانهض إلى الصفوةِ من هاشم
واسمُ بعينيك إلى نابها
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني ثم قال كذلك:
عجبت للجن واخبارها
وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى
ليس ذوو الشر كأخيارها
فانهض إلى الصفوة من هاشم
ما مؤمنو الجن ككفارها
قال: فلما سمعته يكرر ليلة وقع في قلبي حب للإسلام من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، قال: فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي فلما حللت نسعة، ولا عقدتُ أخرى حتى أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو بالمدينة والناس عليه كعرف الفرس، فلما رءاني النبي صلى الله عليه وسلم قال: مرحبا بك يا سواد بن قارب قد علمنا ما جاء بك. قال: قلت يا رسول الله قد قلت شعرًا فاسمعه مني قال سواد فقلت:
أتاني رئيّ بعد ليل وَهجْعَةٍ
ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاثَ ليالٍ قوله كل ليلة
أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت عن ساقي الإزار ووُسّطت
بي الدَّعلب الوجناء عند السباسب
فأشهدُ أن الله لا شىء غيره
وإنك مأمون على كل غايب
وإنك أدنى المرسلين شفاعة
إلى الله يا ابنَ الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى
وإن كان فيما جاء شيب الذوايب
وكن لي شفيعًا يوم لا ذو شفاعة
سواك بمغنٍ عن سواد بن قارب
قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال لي أفلحت يا سواد فقال له عمر: هل يأتيك رئيّك الآن؟فقال: منذ قرأت القرءان لم يأتني، ونعم العوض كتاب الله عز وجل من الجن. رواه البيهقي.
قصة أخرى:
رُوي عن أحد الصالحين أنه قال: رأيتُ بمكّة رجلاً كان كافرًا ثم أسلم، وكان يطوف بالكعبة، فقلتُ له: ما الذي رغّبك عن دينِ ءابائِك؟ فقال: بُدّلتُ خيرًا منه، قلتُ: فكيف كان ذلك؟
فحَكى لي أنه ركِبَ البحر قال فلما توسطنا فيه انكسرت السفينةُ فسلِمتُ على لوح، فما زالت الأمواجُ تدافعني حتى رمَتني في جزيرة من جزائرِ البحرِ فيها أشجار كثيرة ولها أثمار أحلى من الشهد وألين من الزُّبد وفيها نهر جار عذب. فقلت الحمد لله على ذلك، ءاكل من هذا الثمر وأشرب من هذا النهر حتى يأتي اللهُ بالفرج.
فلما ذهب النهارُ وجاء الليل خفت على نفسي من الدواب فعلوتُ شجرة ونمتُ على غصن، فلما كان وسط الليل إذا بدابة على وجه الماء تُسبّح اللهَ تعالى بلسان فصيح "لا إله إلا الله الغفار محمد رسول الله النبي المختار"، فلما وصلت الدابة إلى البرّ فإذا رأسُها ووجهها وجه إنسان وذنبها ذنب سمكة! فخفت على نفسي الهلكة فنزلت عن الشجرة ووليت هاربًا فالتفتت إليّ وقالت: قف وإلاّ هلكْتَ، فوقفتُ فقالت لي بعد أن علِمت إني كنت على الكفر: ويحَك يا خاسر؟ ادخلْ في الإسلام فإنّك قد حللتَ بفناء قوم من مؤمني الجنِّ لا ينجو منهم إلا مسلم، فقلت وكيف الإسلام؟ فقالت: تشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسول الله، فقلتُها.
ثم قالت الدابة تريد المقامَ هنا أم الرجوع إلى أهلك؟ فقلتُ الرجوع إلى أهلي. فقالت: امكث مكانك حتى يجتاز بك مركب. فمكثتُ مكاني ونزلت الدابة في البحر. فما إن غابت عن عيني حتى مرّ مركب وركاب فأشرتُ إليهم فانتبهوا إليّ فحملوني فإذا في المركب اثنا عشر رجلاً كلهم كفار فأخبرتهم خبري وقصصت عليهم قصتي فأسلموا كلهم.
وورد في كتاب "العرائس" للإمامِ العلامةِ أبي الفرجِ ابنِ الجوزي قصة غريبةً عجيبةً مفادها أن أحدَ طلبةِ العلمِ خرجَ من بلادهِ فرافقَ شخصًا في الطريقِ، فلما كان قريبًا من المدينةِ التي قصدَها قال له الشخص: قد صارَ لي عليكَ حقٌ وذِمام، وأنا رجلٌ من الجانِ ولي إليك حاجة فقال: وما هي؟ قال: إذا أتيتَ إلى مكان كذا وكذا فإنك تجدُ فيهِ دجاجًا بينها ديك، فاسأل عن صاحبِهِ واشترِه منه واذبحهُ فهذهِ حاجتي إليك، فقال له: يا أخي وأنا أيضًا أسألك حاجة، قال: وما هي؟ قال: إذا كان الشيطانُ ماردًا لا تَعملُ فيه العزائمُ وألحّ بالآدميّ منا فما دواؤهُ؟
قال: دواؤهُ أن يؤخذ لهُ وَتَرٌ قدْر شبرٍ من جلدِ يَحمور، واليحمورُ دابةٌ وحشيةٌ لها قَرنان، وقيل هي الحمارُ الوحشي، ويُشدُ بهذا القدرِ من جلدهِ إبهاما المصاب من يديهِ شدًّا وثيقًا ثم يُؤخذُ له من دهنِ السَذابِ البري، فيُقطَّرُ في أنفهِ الأيمن أربعًا، وفي الأيسرِ ثلاثًا، فإن الماسكَ به يموتُ ولا يعودُ إليه بعدهُ، وتابعَ الرجلُ الإنسيّ كلامَهُ فقال: فلما دخلتُ المدينةَ أتيتُ ذلك المكانَ فوجدتُ الديكَ عند عجوز فسألتُها بيعهُ فأبت فاشتريته منها بأضعافِ ثمنهِ،
فلما اشتريتُه وملكتُهُ تمثلَ لي الجني متشكلاً من بعيدٍ، وقال لي بالإشارةِ إذبحهُ فذبحتُه، فعند ذلك خرجَ عليَّ رجالٌ ونساءٌ فجعلوا يضربونني ويقولون عني: يا ساحر فقلتُ: لست بساحر، فقالوا: إنك منذُ ذبحتهُ (أي الديك) أصبتَ عندنا شابةً بجنيّ وإنه منذ أمسكَها لم يفارقْها.
فطلبَ منهم الرجلُ الإنسيُ وترًا قدرَ شبرٍ من جلد يحمورٍ وشيئًا من دهن السذابِ البريّ فأتوا بهما فشد إبهامي يدي الشابة شدًّا وثيقًا، فلما فعلَ بها ذلك صاحَ الجنيُ من داخلها قائلاً: أنا علمتُك على نفسي، ثم قطرَ الإنسيُ من الدهنِ في أنفها الأيمنِ أربعًا، وفي الأيسر ثلاثًا فخرَّ الجني ميتًا من وقتِهِ وساعتهِ، وشفى اللهُ تعالى تلك الشابة ولم يعاودُها بعدَهُ شيطان.
قد ذكر السهيلي في كتابه التعريف والأعلام: أن أمية بن أبي الصلت ذكر قصّة غريبة وهو أنهم خرجوا في جماعة من قريش في سفر فيهم حرب بن أمية والد أبي سفيان، قال فمروا في مسيرهم بحية فقتلوها، فلما أمسوا جاءتهم امرأة من الجان فعاتبتهم في قتل تلك الحية، ومعها قضيب فضربت به الأرض ضربة نفرت الإبل عن آخرها، فذهبت وشردت كل مذهب، وقاموا فلم يزالوا في طلبها حتى ردّوها، فلما اجتمعوا جاءتهم أيضاً فضربت الأرض بقضيبها فنفرت الإبل، فذهبوا في طلبها فلما أعياهم ذلك قالوا والله هل عندك لما نحن فيه من مخرج؟ فقال: لا والله، ولكن سأنظر في ذلك. قال: فساور في تلك المحلة لعلهم يجدون أحداً يسألونه عما قد حل بهم من العناء إذا نار تلوح على بعد فجاؤوها فإذا شيخ على باب خيمة يوقد ناراً، وإذا هو من الجان في غاية الضآلة والدمامة. فسلّموا عليه فسألهم عما هم فيه فقال: إذا جاءتكم فقل بسمك اللهمّ فإنها تهرب، فلما اجتمعوا وجاءتهم الثالثة أو الرابعة قال في وجهها أمية باسمك اللهم فشردت ولم يقر لها قرار، لكن عدت الجن على حرب بن أمية فقتلوه بتلك الحية، فقبره أصحابه هنالك حيث لا جار ولا دار ففي ذلك يقول الجان: (الرجز)
وقبر حرب بمكان قفر
وليس قرب قبر حرب قبر
وعن أبي بن كعب: أنه كان له جُرُن من تمر، فكان ينقص، فحرسه ذات ليلة، فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم، فسلّم عليه، فرد عليه السلام، فقال: ما أنت، جني أم إنسي؟ قال: جني، قال: فناولني يدك، فناوله يده فإذا يده يد كلب، وشعرَه شعر كلب، قال: هذا خلق الجن، قال: قد علمت الجن أنه ما فيهم رجل أشد مني، قال: فما جاء بك؟ قال: بلغنا أنك تحب الصدقة، فجئنا نُصيبُ مِنْ طعامك، قال: فما ينجينا منكم؟ قال: هذه الآية التي في سورة البقرة: {الله لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} من قالها حين يمسي، أُجير منا حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح، أُجير منا حتى يمسي.
فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال: "صَدَقَ الخَبِيثُ" رواه الطبراني ورجاله ثقات.
جاء رجل من أهل بغداد وذكر للشيخ عبد القادر الجيلاني أن له بنتًا قد اختطفت من سطح داره وهي بكر، فقال له الشيخ عبد القادر رضي الله عنه: اذهب هذه الليلة إلى خراب الكَرْخ واجلس عند التل الخامس وخطّ عليك دائرة في الأرض وقل وأنت تخطّها: بسم الله، على نية عبد القادر، فإذا كانت فحمة العشاء مرت بك طوائف الجن على صور شتى فلا يرعك منظرهم فإذا كان السَّحَر مر بك ملِكهم في جحفل منهم فيسألك عن حاجتك فقل له: بعثني إليك الشيخ عبد القادر، واذكر له شأن ابنتك. قال: فذهبتُ وفعلت ما أمرني به الشيخ عبد القادر رضي الله عنه، فمرت بي صور مزعجة المنظر ولم يقدر أحد منهم أن يمر على الدائرة التي أنا فيها وما زالوا يمرون زمرًا زمرًا إلى أن جاء ملكهم راكبًا فرسًا وبين يديه أمم منهم فوقف بإزاء الدائرة وقال: يا إنسيّ ما حاجتك فقلت له: قد بعثني إليك الشيخ عبد القادر، فنزل عن فرسه وقبَّل الأرض وجلس خارج الدائرة وجلس من معه ثم قال: ما شأنك؟ فذكرت له قصة ابنتي فقال لمن حوله: عليَّ بمن فعل هذا، فأتاني بمارد ومعه بنتي فقيل له إن هذا مارد شيطان من مردة الصين
فقال له: ما حملك على أن اختطفت هذه من تحت ركاب القطب؟ فقال: إنها وقعت في نفسي، فأمر به فضربت عنقه، وأعطاني ابنتي فقلت: ما رأيت مثل الليلة من امتثالك أمر الشيخ عبد القادر. فقال: نعم إنه في داره ينظر إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فيفرّون من هيبته، وإن الله تعالى إذا أقام قطبًا مكنه من الجن والإنس.
السبيل إلى دفع أذاهم
يكون ذلك بقراءة بعض الأوراد التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول الشخص صباحًا :"بسم الله الذي لا يَضرُّ مع اسمه شىء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم" ثلاث مرات.
و "حسبي الله لا إلهَ إلا هو عليه توكلتُ وهو رب العرش العظيم" سبع مرات. والمعوذات الثلاث (سورة الفلق والاخلاص والناس) وءاية الكرسي.
تحياتى للجميع