لا يمكنك أن تجمع من الحياة كل جميل
فقط إشتري من متجرها أغراضا تستطيع أن تقتات بها
و لكي تقي نفسك حرّها و قرَّها
ففي زمن شتاء العواطف تبرُد القلوب و تتصدَّع روابطها
و تتجمَّد الأحاسيس و تُصاب بزكام حاد
فحينها لن ينفعك إلاَّ كوب ساخن من الذكريات مُحلَّى بالمطايب
و رغيف من حسن العِشرة و معطف من المشاعر الدافئة
تقيك شر ذاك البرد القارس.
لتنهي أشهر من الجمود و التعطيل
لتزهر الذكريات و تنموا من جديد و تنتعش بنسيم الأمل
و تنتشي الرغبة في الحياة و ترتدي أجمل الثياب و ترقص
في المساحات الخضراء المرسومة بالإبتسامات البديعة لتكتمل اللوحة.
لكنها تبدأ بالجفاف و تنضُب أنهارها و الوديان
و تميل تلك الزهور و تَشحَب معلنة الذبول
فقد عضَّتها أشعة المشاعر الحارقة و المُذيبة للكيان و امتصت ماءها
و أحنَتها لتُسكنها تراب النسيان
فلا أجمل من كوب ماء من اللمسات الحنونة و العبرات النقّيَّة الباردة
لتثلج بها صدرك و تطهِّر قلبك و تحافظ على تلك الزهور من خطر الذبول و الزوال
فما أبعد الشتاء و رحمتها.
لكن أقسى شعور و أصعبُه أن تأتي أسراب من الرِّياح العاتية
و تعرِّي القلوب من الأحاسيس و تأخذ معها كل ما هو جميل
و تجرِّد أحلامنا من ماضيها و من لذَّتها
و تصبح النفوس صحراءا قاحلة لا تطيق العيش فيها
أو كشجرة الكرز خالية الأغصان من الورِق
فتفهم حينها أنك في فصل خريف القلوب
فما عليك إلا بتقطيع أحلامك إلى شرائح دقيقة و جمعها في إناء معدني
مغطى بالحب و السعادة
و تحفظه في درج خشبي مطلِّيٍ بالكبرياء و التفاؤل
حتى لا تناله أصابع الحياة و فصولها.
...
هذه هي سنَّة المرء في الحياة
فلا تدعها تطبِّق عليك سنَّتها
~
~