عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2012, 04:50 AM   #3
من وجد الله فماذا فقد ؟
 
الصورة الرمزية رائحة المطر
رقـم العضويــة: 32458
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الجنس:
المشـــاركـات: 6,699
نقـــاط الخبـرة: 11679

افتراضي رد: صفحات من حياة خير البشر :

الصفحة الثامنة عشر:


18- الدعوة خارج مكة (تابع مراحل الدعوة) :



خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في شوال من السنة العاشرة إلى الطائف ماشياً على قدميه ومعه مولاه زيد بن حارثة- رضي الله عنه - ليعرض عليهم دعوته عله يجد القبول الذي لم يجده في قومه ، وكلما مر على قبيلة في الطريق دعاها إلى الإسلام ،ولكن للأسف لم تجبه واحدة منهم .ولما وصل إلى ثـقيف عمد إلى ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف هم :

"عبد ياليل ، مسعود وحبيب أبناء عمرو الثقفي"، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله ونصرة الإسلام ،لكنهم لم يقبلوا بدعوته وأخذوا يسخرون منه ،فقال لهم رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - :(إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني). وأقام - صلى الله عليه وسلم - في الطائف عشرة أيام وكان لايدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه فلم يجد سوى الصدود ، ولما أراد الخروج سلطوا عليه صبيانهم وعبيدهم يسبونه ويرمونه بالحجارة حتى اختضب نعلاه بالدم ، وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابوه في رأسه ، ثم التجأ النبي - صلى الله عليه وسلم -إلى حائط - بستان - لعتبه وشيبة ابني ربيعة ثم جلس تحت كرمة عنب و دعى دعاء يصف فيه الحزن والأسف على أنه لم يؤمن به أحد فقال :



[ اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يـتـجهمني أو إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تـنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك]،


فلما راؤه أبناء ربيعة حزنوا عليه وأرسلوا غلاماً لهما (يقال له عداس) بكرمة عنب ليعطيها النبي ، فلما وضعه بين يدي رسول الله مد يده وقال :[بسم الله]، ثم أكل،فقال الغلام: (إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد)، فقال له الرسول :


(من أي البلاد أنت وما دينك؟)،

قال: "أنا نصراني من أهل نينوى".

فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - :[من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ].

قال الغلام :" وما يدريك ما يونس ابن متى ؟ "


قال:[ذاك أخي، كان نبياً ،وأنا نبيي]، فأكب الغلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل يديه ورجليه . وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من البستان مكسور القلب حزيناً متجه إلى مكة ، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله جبريل – عليه السلام – ومعه مَلك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة " جبل أبو قبيس ، والجبل الذي يقابله "


فقال الرسول
- صلى الله عليه وسلم - :

( بل أرجوا أن يُخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعيد الله عز وجل وحده لايُـشرك به شياً).




رفع لمعنويات النبي - صلى الله عليه وسلم - :



تقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريقه حتى وصل وادي نخلة ، وأقام فيه أياماً ، وخلال إقامته - صلى الله عليه وسلم - بعث الله إليه نفراً من الجن يستمعون لقراءته للقرآن ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم بحضور هذا النفر ، وإنما علم بعد ذلك حينما أطلعه الله عليه بهذه الآيات :



{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29)

قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30)

يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) }(الأحقاف).



وأمام هذه المعجزة تبد دت حالة الحزن والكآبة التي أصابت النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ خروجه من الطائف ، ثم مضى في طريقه نحو مكة لاستئناف دعوته إلى الله بنشاط ، وحينئذ قال له زيد بن حارثة: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك (أي قريش)؟، فقال:


((يازيد ،إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجًاً ، وإن الله ناصر دينه ، ومظهر نبيه))

وقبل دخوله مكه أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المطعم بن عدي أنه سيدخل مكه في جواره فوافق فدخلها، وحينما قرب موسم الحج (في ذي القعدة)عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - دين الله على القبائل فمنهم من آمن ومنهم من أعرض .





الصفحة التاسعة عشر :


19- ( الإسراء والمعراج):


بينما كانت الدعوة تمر بحالة من التصديق والتكذيب وقعت حادثة الإسراء والمعراج واختلف الرواة على تعيين زمنها ، فقيل :


في السنة التي أكرم الله نبيه بالنبوة (الطبري).
بعد المبعث بخمسة سنين (النووي والقرطبي).
ليلة 27 من شهر رجب ،سنة 10من النبوة.
قبل الهجرة بـ 16 شهراً (أي:في رمضان سنة 12من النبوة).
قبل الهجرة بسنة وشهرين(أي: في محرم سنة 13 من النبوة)
قبل الهجرة بسنة (أي :في ربيع الأول سنة 13من النبوة)



(( قصة الإسراء والمعراج ، والبيعة الأولى والثانية )) للشيخ/ نبيل العوضي :







الصفحة العشرون :


20- ( الإذن بالهجرة):


بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية أذن رسول الله - صلى الله عليهم وسلم - للمسلمين بالهجرة إلى المدينة ، لأنها أصبحت المكان الأكثر أمناً ، ولكن كان للهجرة ثمن غالي ولابد من التضحيات ، فقريش لن تدعهم يرحلوا ببساطة .

فمن صور التضحية :


أ. كان أول المهاجرين أبو سلمه : فعندما هم بالهجرة قال له أصهاره :" هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرايت صاحبتنا هذه - زوجته – علام نتركك تسير بها في البلاد؟ " فأخذوا منه زوجته ، ثم بعدها غضب آل سلمه و أخذوا يختصمون على ابنهما فيمن يأخذه وأثناء ذلك الخصام خلعوا يده،وذهبوا به، فانطلق أبو سلم وحده للمدينة ، و كانت أم سلمه بعد رحيل زوجها تخرج كل غداة إلى الأبطح تبكي حتى تمسي لمدة عام على هذه الحالة ، فرق لها أحد ذويها وكلم أهلها فقالوا لها : (الحقي بزوجك إن شئتِ)، فانطلقت مع ابنها حتى إذا كانت بالتنعيم لقيها الصحابي عثمان بن أبي طلحه – رضي الله عنه – فقام بإيصالها إلى المدينة وقال لها :" زوجك في هذه المدينة "
، ثم رجع إلى مكة.




ب. حين هاجر صهيب بن سنان الرومي من مكة إلى المدينة ، أدركه قناصة قريش ، فصاح فيهم:
( يا معشر قريش ، لقد علمتم أني من أرماكم رجلا ، وأيم الله لا تصلون الي حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي ، حتى لا يبقى في يدي منه شيء ، فأقدموا ان شئتم ، وان شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني ) فقبل المشركين المال وتركوه قائلين :
( أتيتنا صعلوكا فقيرا ، فكثر مالك عندنا ، وبلغت بيننا ما بلغـت ، والآن تنطلق بنفسـك و بمالـك ؟؟) فدلهم على مالـه وانطلق الى المدينـة ، فأدرك الرسول في قباء ، ولم يكد يراه الرسـول - صلى الله عليه وسلم - حتى ناداه متهللا :

( ربـح البيع أبا يحيى ربح البيع أبا يحيى ) .


ونزل فيه قوله تعالى :


( ومِنَ النّاسِ مَنْ يَشري نَفْسه ابتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللّهِ ، واللّهُ رَءُوفٌ بِالعِبَـاد ) ( سورة البقرة آية 207) .

أراد أبو بكر أن يهاجر إلى المدينة وتجهز لذلك فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :
((على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي))

وكان ذلك قبل الهجرة بأربعة شهر.



(المؤامرة) :



شعر المشركون بتفاقم الخطر الذي يهدد كيانها ، فصاروا يبحثون عن الحلول فبعد شهرين ونصف من بيعة العقبة الكبرى عُـقد اجتماع في دار الندوة بمكة ، وحضره سادات قريش يترأسهم أبو جهل ، وقد حضر هذا الاجتماع إبليس في هيئة شيخ عليه كساء غليظ ، ووقف على الباب ، فقالوا : (من الشيخ؟) قال:
( شيخ من أهل نجد سمع بالذي اعددتم له فحضرمعكم ليسمع ما تقولون ، عسى ألا يعدمكم منه رأياً ونصحاً )

، قالوا : (أجل ) ، فادخل ، فدخل معهم ، وبعد أن تكامل الاجتماع بدأ عرض الاقتراحات والحلول، ودار النقاش طويلًا‏.‏ قال أبو الأسود‏:‏ (نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا، ولا نبالي أين ذهب، ولا حيث وقع، فقد أصلحنا أمرنا وألفتنا
كما كانت).‏


قال الشيخ النجدى‏:‏ (لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتى به‏؟‏ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حى من العرب، ثم يسير بهم إليكم ـ بعد أن يتابعوه ـ حتى يطأكم بهم في بلادكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيًا غير هذا‏).‏ .

قال أبو البخترى‏:‏( :احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابًا، ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله من الشعراء الذين كانوا قبله ـ زهيرًا والنابغة ـ ومن مضى منهم، من هذا الموت، حتى يصيبه
ما أصابهم‏).‏ .

قال الشيخ النجدى‏:‏ (لا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه ـ كما تقولون ـ ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم، فينزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم،
ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره‏).‏ .

وبعد أن رفض الاقتراحات السابقة ، قدَّم أبو جهل اقتراح آثم وافق عليه جميع أعضائه فقال ‏:‏ (والله إن لى فيه رأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد‏).‏ قالوا‏:‏( وما هو يا أبا الحكم‏؟‏( قال‏:‏ (أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًا جليدًا نَسِيبا وَسِيطًا فينا، ثم نعطى كل فتى منهم سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعًا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، فرضوا منا بالعَقْل
، فعقلناه لهم‏).‏ .
قال الشيخ النجدى‏:‏ (القول ما قال الرجل، هذا الرأي الذي لا رأي غيره‏).‏ .
ووافق الجميع على هذا الاقتراح الآثم ،ثم رجعوا إلى بيوتهم وقد صمموا على تنفيذ هذا القرار فورًا‏.‏




الصفحة الواحدة والعشرون :



21- (هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة):


أخبر جبريل
– عليه السلام – النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمؤامرة وأمره بالهجرة ، وذلك بأمر الله تعالى ، فذهب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرتب أمر الهجرة مع أبي بكر الصديق – رضي الله عنه - .

قال ابن إسحاق :


[ فحدثني من لا أتهم ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت ‏‏:‏‏ كان لا يخطئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار ، إما بكرة ، وإما عشية ، حتى إذا كان اليوم الذي أُذن فيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهجرة ، والخروج من مكة من بين ظهري قومه ، أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة ، في ساعة كان لا يأتي فيها ‏‏،‏‏فلما رآه أبوبكر ، قال ‏‏:‏‏ (ما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الساعة إلا لأمر حدث] .


قالت ‏‏:‏‏ فلما دخل ، تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر ، فقال رسول الله - صلى صلى الله عليه وسلم - ‏‏:‏‏ (أخرج عني من عندك)
؛ فقال ‏‏:‏‏ (يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ‏‏؟‏‏ فداك أبي وأمي ‏‏!‏‏) فقال ‏‏:‏‏::

[إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة ] .‏‏


قالت ‏‏:‏‏فقال:"أبو بكر ‏‏:‏‏الصحبة يا رسول الله" ؛ قال: ‏‏[الصحبة] ‏‏.

قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح ، حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ، ثم قال ‏‏:‏‏ (يا نبي الله ، إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا ‏‏).‏ فاستأجرا عبدالله بن أرقط - رجلا من بني الدئل بن بكر ،وكان مشركا - يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانتا عنده يرعاهم لميعادهما ‏‏).فلما كانت عتمة من الليل اجتمع المشركون على باب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرصدونه متى ينام ، فيثبون عليه ؛ فلما رأى - صلى الله عليه وسلم - مكانهم ، قال لعلي بن أبي طالب ‏‏:‏‏ (نم على فراشي وتسجّ بِبُردي هذا الحضرمي الأخضر ، فنم فيه ، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم).


وخرج عليهم - صلى الله عليه وسلم - فأخذ حفنة من تراب في يده ، وقد أخذ الله تعالى أبصارهم عنه ، فلا يرونه ، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو قوله تعالى : ‏‏

{ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴿9﴾ } ( سورة يس )


حتى فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الآيات ، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب ، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم ، فقال ‏‏:‏‏ (ما تنتظرون ها هنا ‏‏؟‏‏)
قالوا ‏‏:‏‏: محمدا ؛ قال ‏‏:‏‏ (خيبكم الله ‏‏!‏‏ قد والله خرج عليكم محمد ، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا
، وانطلق لحاجته ، أفما ترون ما بكم ‏‏؟‏‏

قال ‏‏:‏‏ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه ، فإذا عليه تراب ، ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا بِبُرْد رسول - صلى الله عليه وسلم - ، فيقولون ‏‏:‏‏( والله إن هذا لمحمد نائما ، عليه برده )‏‏.‏‏
فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي -رضي الله عنه - عن الفراش ، فقالوا ‏‏:‏‏ (والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا)‏‏.‏‏


قال تعالى :

{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ
وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ
(30)}(الأنفال).



الصفحة الثانية والعشرون :



22- (إلى الغار):

غادر النبي- صلى الله عليه وسلم - وصاحبه من مكة إلى غار ثور، ومكثا فيه ثلاث ليال، وأما قريش فقد جن جنونهما حينما تأكد لديها إفلات النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم ، وأول ما فعلوه أنهم ضربوا علياً – رضي الله عنه - وسحبوه إلى الكعبة وحبسوه ساعة ، علهم يطفرون بخبرهما ، ثم انطلقوا إلى بيت أبي بكر– رضي الله عنه – فقرعوا بيته ،فخرجت لهم أسماء – رضي الله عنها - ، فسألها أبو جهل عن أبيها ، فقالت :
(لا أدري أين أبي؟ ) ،فرفع يده إليها ولطمها على خذها أطاح منه قرطها "حِلية توضع في الأذن"

، ثم قررت قريش أن تضع جميع الطرق النافذة من مكة تحت المراقبة الشديدة ،ورصدت المكافأة لمن يأتي بهما ، وحينذٍ انتشر المطاردون والفُرسان وقصاصي الأثر للبحث عنهما ، ولما لم يبقَ سوى خطوات بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه رجعوا ، لأن الله تعالى هو حافظه .


عن أنس عن أبي بكر – رضي الله عنهما - قال: "كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار ، فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم
، فقلت : يا نبي الله ، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا ".

قال:[اسكت يا أبا بكر ، اثنان الله ثالثهما ]،وفي لفظ :[ماظنك يا أبابكر باثنين الله ثالثهما].


(رواه البخاري 1/516،558).


لم يكن خوف أبو بكر على نفسه بل كان على صديقه - صلى الله عليه وسلم - ،فقد قال له :
(إن قُـتلت فإنما أنا رجل واحد ، وإن قُـتلت أنت هلكت الأمة )
، فعندها قال له - صلى الله عليه وسلم -:
((لا تحزن إن الله معنا))


"مختصر سيرة الرسول للشيخ النجدي ص 168"




الصفحة الثالثة والعشرون :



23-
( في الطريق إلى المدينة وبناء مجتمع جديد):


ارتحل النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه ، وارتحل معهما عامر بن فُهيرة ،
(وهو غلام كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في الليل ويعلمه أخبار القوم ، وعند الصباح يرعى الغنم حتى يمحو أثر عبد الله بن أبي بكروالذي كان يأتيهما بالطعام)
،أخذ بهم الدليل – عبد الله بن أريقط – على طريق السواحل ، وسلك طريقاً لم يألفه الناس .




(أحداث وقعت في الطريق ):


1- أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه قسطاً من الراحة فقدا ستظلا تحت ظل صخرة لم تأتي عليها الشمس ، فقال أبو بكر: (نم يا رسول الله وأنا انفض ما حولك ) ، فنام رسول - صلى الله عليه وسلم - ، ثم مرعليهما راعي غنم ، فطلب أبي بكر من الرجل أن يعطيه من لبنها فأعطاها ، وسأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له أبو بو بكر :" هادي يهديني الطريق "
_أبو بكر كان يقصد طريق الخير بعكس ماتدل عليه ظاهر الكلمة وهذه تورية _
،ثم انتظرأبو بكر إلى أن يستيقظ صاحبه - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه اللبن ، ثم ارتحلا .


2- في اليوم (الثاني أو الثالث) مرا بخيمة أم معبد الخزاعية والتي كانت تطعم وتسقي من مر بها ، فسألاها : هل عندها شيء؟ فقالت : (والله لوكان عندنا شيء ما أعوزكم القِرَى والشاة ، وكانت سنة شهباء) – تريد أنه ليس لديها ما تعطيهما - فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال :"هذه الشاة يا أم معبد ؟ "

قالت : "شاة خلفها الجهد عن الغنم"

فقال : "هل بها من لبن؟ "

قالت : "هي أجهد من ذلك "

.فاستأذنها النبي - صلى الله عليه وسلم -أن يحلبها فأذنت له ، فمسح - صلى الله عليه وسلم - بيده ضرعها وسمى الله ودعا ، فدرت عليه ،فدعا بإناء لها ، يسقي الرهط فحلب فيه حتى علت رغوته فسقاها ، فشربت حتى رويت ، وسقى أصحابه حتى رووا ، ثم شرب ، وحلب فيه ثانياً حتى ملأ ، ثم غادر وارتحل.

فما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافاً هزيلات ، فلما مر اللبن عجب ، فقال : " من أين لك هذا؟ والشاة عازب ولا حلوبة في البيت ؟"
فقالت : " لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثة كيت كيت ، ومن حاله كذا وكذا"

، قال : "إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه ، صفيه لي يا أم معبد" ، فوصفته وصفاً بديعاً .

، فقال : "والله هذا صاحب قريش الذي ذكروامن أمره ماذكروا ، لقد هممت أن أصحبه ، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً ".


3-
لم تعرف قريش أين يختبئ النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه ، وما هي وجهتهما ؟
فعن أسماء بنت الصديق – رضي الله عنها - قالت :

" ما درينا أين توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقبل رجل من الجن من أسفل مكة فأنشد " :


جزى الله رب العرش خير جزائه رفيقين حَلاَّ خيمتي أم معبد

هما نزلابالبِـرِّ وارتحلا به وأفلح من أمسى رفيق محمد

فيا لقُصيّ ما زوى الله عنكم به فعال لا يُحَاذى وسؤدُد

لِيهنِ بني كعب مكان فَتاتِهم ومقعدُها للمؤمنين بَمرصد

سَلُـوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألواالشاة تَـشهَد

، والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه حتى خرج من أعلاها ، فقالت أسماء : لما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأن وجهته ااإلى المدينة .


4- مطاردة سُراقة بن مالك للنبي- صلى الله عليه وسلم - :




رائحة المطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس