بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله غافر الذنْبِ وقابل التوْبِ شديدُ العقاب. وأصلّي وأسلّم على سيد البرية
ومعلّم البشرية محمد بن عبدالله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات وأتمّ التسليم، ثمّ أما بعدُ:
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أولًا أن أشكرَ مجموعة "قافلة السعادة" على
اختيارهم السديدِ -بإذن الله- في المواضيع، وحسن تنسيقها وتنظيمها

،
وأن يجعل الله لكم هذه المواضيع خيرًأ في الدنيا والآخرة،
وبما أنّكم فتحتم باب الحديث عن التوبة، فإن لي وقفاتٍ عديدة وإضافاتٍ كثيرة

أتمنى أن تكون لي خيرًا بيوم المعاد.
-
قال تعالى: {
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}
-الحديد.
قال -

-: (
كل بنى آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون)
رواه الترمذي وابن ماجه والإمام أحمد. ها قد جاء شهرُ التوبة والعتق من النار،
وحانت الفرصةُ لمن أراد التوبة بأنُ يبادر إليها، وكلنّا خطّائون نريد التوبة، ومن منّا لا يريد التوبة.
أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: جاء شيخ كبير هرم، قد سقط حاجباه على عينيه فقال: يا رسول اللّه،
رجل غدر وفجر، ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطفها بيمينه، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم، فهل له من توبة؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أأسلمت؟ فقال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا اللّه
وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإن اللّه غافر لك غدارتك وفجراتك،
ومبدل سيئاتك حسنات ما كنت كذلك، فقال: يا رسول اللّه، وغدراتي وفجراتي؟
فقال: وغدراتك وفجراتك، فولى الرجل يكبر ويهلل.
-
وفي ذلك أضيف قصةً للفضيل بن العيّاض، لعل من يقرأها أن يلين قلبه لذكر الله يومًا:
عن الفضل بن موسى قال: "كان الفضيل بن عياض لصا يقطع الطريق،
وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع
تاليا يتلو: (
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله)،
فلما سمعها قال: بلى يا رب، قد آن. فرجع فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها قافلة، فقال بعضهم: نرحل.
وقال بعضهم: حتى نصبح؛ فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا. قال: ففكرتُ وقلت: أنا أسعى
بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني؟، وما أرى الله ساقني
إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام".
-
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة - فلقد علمت بأن عفوك أعظم
أدعوك ربي كما أمرت تضرعاً - فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
إن كان لا يرجوك إلا محسن - فمن الذي يرجو المسيء المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا - وجميل عفوك ثم أني مسلم
-
أخيرًا، ثبتَ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنه إذا لقي صبياً في الطريق، أخذ بيده وقال له:
أدعُ لي يابنيّ فإنك لم تُذنب بعد! لذلك اجعلوا الصغار يدعون لكم فإنهم يدعون بقلوبٍ بيضاء
ونوايا حسنة ونقية، ولا تنسوا أن تدعوا بهذا الدعاء في سجودكم فإن في حفظه لنفعٌ عظيم،
وأنا أول من يحفظه قبلكم

:
اللهم إني أستغفرك من كل سيئةٍ، ارتكبتُها في وضح النهار أوسواد الليل،
في ملأٍ أوخلوة، في سرٍ أوعلانية، فلم أستحيي منك، وأنت ناظر إليّ،
اللهم إني أستغفرك من كل فريضة، أوجبتَها عليّ في الليل أوالنهار،
تركتُها خطأً أو عمدا، أو نسياناً أو جهلا.
جمعتُ ما أستطيع على أملِ أن يزداد موضوع بهاءً ونورًا على نوره، هذا وصلّى الله على محمد.
-