الموضوع: قصر دمية الحظ~
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2015, 09:08 PM   #2
Sweet days ~ْ
 
الصورة الرمزية korin
رقـم العضويــة: 211158
تاريخ التسجيل: May 2013
الجنس:
المشـــاركـات: 567
نقـــاط الخبـرة: 501

Icons65 قصر دمية الحظ || الفصل الأول : قلب وحيد.


الجزء الأول : قلب وحيد .


لقد سمعت أولى صرخاتي .. بيوم ممطر كهذا. أسمع صوت تهاطل المطر وحيدًا .. و على عكس الجميع فأنا أكره يوم ميلادي ... السادس عشر من أكتوبر . قبل مدة طويلة تراجع عمي عن تربيتي و هو من كان يهتم بي ، و الآن جدي قد مات . و أنا بقيتُ وحيدًا بهذا القصر الكبير بطوال الثلاث أشهر. الجميع يتجنبني بالمدرسة و بالطريق .. و كأن حولي لافتة تقول " حذاري .. خطر " . لكن الأمر ليس بيدي لأن أبي اختفى و تركني خلفه . و ليس بيدي كذلك أني ابن أسرة عريقة تدعي أنها شيء مهم .

الآن أنا مطالب بالبقاء في هذا القصر الذي مكثت فيه عامين فقط . عمري ستة عشرة سنة . و أنا حتمًا أكره حياتي. هل من معجزة يمكنها أن تحدث و تجعلني أختفي ببساطة ؟ عل كل حال ، لن يدرك أحد هذا .. لأن لا شخص يهتم لي.

كل صباح أستيقظ و أمشي في الأروقة الكبيرة لهذا القصر و أنا ألعن كل شيء فيه. كل اللوحات .. و كل الأثاث الفاخر .. أي شيء يحتويه أكرهه. لأني منذ أن وطئت قدمي هذا المكان بدأت أخسر كل شيء .. عندما كان عمري عام جئت هنا مع أبي و أمي ففقدتهما . و بعد مدة منذ أن أخذني عمي .. قرر هو الآخر التخلي عني .. و منذ أن سكنت هنا .. مات جدي و قد صارت حياتي جحيمًا .

هل يمكن لقصر ما أن يكون جالبًا للحظ السيئ أكثر من هذا ؟ .. لا يمكن . لكن للأسف هذا القصر يفعل .

أتقدم نحو الباب و أتوقف . ثم أتذكر أنه لا خدم هنا كي يفتح هذا الباب الثقيل . فأقوم بدفعه بكل قوتي .. و أستغرق وقتًا طويلًا حتى أخرج و أغلقه مجددًا . و أسرع نحو بوابة الحديقة كي أذهب للمدرسة . هكذا دومًا هي أيامي . عندما كان جدي حيًا ، لقد كان يعاملني بطريقة مميزة حقًا لقد كانت تلك الأيام مرفهة جدًا .. لكن لا أمل لي بالطمع و العودة لما كنتُ عليه .

عند عودتي اليوم و على غير العادة . أكتشف أن شخصًا ما كان هنا ..أجد كم صارت الحديقة التي لم يلمسها أحد لثلاث أشهر نظيفة كل أضوائها قد تم إصلاحها .. و أجد المنزل من داخل مرتبًا . أرى خدمًا يتنقلون من مكان لمكان و لا ينتبهون لي..ما هذا الذي يحدث ؟

أمشي بخطوات ثابتة و هادئة متجهًا نحو الصالة . فأجد امرأة غريبة المظهر تجلس هناك .. من المرة الأولى أشعر بأن تلك الهالة نحوها مألوفة . لكني لا أعرفها .. " من أنتِ يا سيدة ؟ " بادرتُ بالقول .

ـ " أوه ، لقد دخلتَ هنا دون أن أنتبه عليك .. جئت و أخيرًا يا يزن ، لقد انتظرتك طويلًا ."

ـ " تعرفينني ؟ " من هذه السيدة الغريبة التي اقتحمت منزلي فجأة و نادتني باسمي ، أيعقل أنها من معارف عائلتي .

ـ " لستُ من معارف عائلتك . بل أنا عائلتك " .و أنهت كلامها بابتسامة تحمل في طياتها شيئًا يجعلني أشعر برعشة تسري في كامل جسمي ، أراقب حركاتها مستغربًا كلامها و في نفس الوقت ، خائفًا .. كيف سمعت ما قلته للتو بداخلي ؟ يمكن لهذه المرأة أن تكون خطيرة .. فما أدراني بما قد تفعله ؟ و ما قصدها بعائلتك أصلاً ؟

" يزن ، أين شردت ؟ .. أيعقل أنكَ قلق أو خائف مني ؟ " تقول كل هذا الكلام و هي ترمقني بنظرات حزينة . لا أعرف ما يجب علي قوله لها . لكن يجب أن تفهم بأنها الآن تجعل الموقف لي غير مستوعب .

" أنا عمتك ....... حسنًا ، لقد انتظرت منك قول شيء كمن أنت أو ما شابهه .. لكنك لم تبادر بشيء . " تتكلم هكذا بطريقة ساخرة .. انا لا أرتاح لها . لقد صارت الآن مخيفة أكثر . " لقد سألتك سابقًا من تكونين .. و أنا لست ممن يحب تكرير الكلام يا سيدة .. و الان لو سمحت هلا أخذت خدمك و خرجت من القصر " . رغم محاولتي في ضبط أعصابي و جعل هذا الخوف الذي يسري في شراييني يختفي بقول كلام كهذا بطريقة صارمة . إلا أنها لم تتأثر و لو قليلًا . بل التفتت ناحيتي بعد أن حدقت في عيني لبضع ثوان و هي تضحك بطريقة تجعلني أشعر بالغضب ..

" يا الهي يا فتى . لقد ذكرتني نبرتك هذه بوالدك فجأة . لكن دعني أخبرك شيئًا .. " حينها سكتت لبرهة و هي تعطيني ظهرها .. ثم فجأة وجدتها أمامي ترمقني بنظرة جادة جعلت قلبي يخرج من محله قائلة :" هذا قصري كذلك " .

لا أعلم حتى كيف وجدت نفسي فجأة في غرفة لم أرها من قبل .. كانت كل ناحية ألتفت إليها و حتى الزوايا تشعرني بأني لست في القصر الكبير .. لم تكن غرفتي ، و بل لم تكن أيا من غرف القصر . انا أعرف هذا .. لأن جميعها تبدو كغرف تعذيب .. بستائر غليظة تحجب الضوء و بأعشاش العناكب في كل الزوايا و كان الغبار يملأ كل منطقة تضع فيها رجلك .. و لا شيء سوى الخردة و بقايا شيء يمكن دعوته أثاث .. لكن هذه كانت جميلة .. أجمل حتى من غرفتي .

قطع أفكاري صوت طرق الباب و دخول المرأة من المرة السابقة :" أوه يا صغيري استيقظت ؟ " صغيرك ؟ بما بدأت تهذي الآن ؟ " عما تتكلمين ؟ "

رمقتني مجددًا بنظراتها المخيفة ثم علت صوت ضحكاتها المكان . كانت تجعل من هذه الغرفة جحيمًا .. و مسرح لتعذيب شخص واحد .. تعذيبي أنا ." ألم تعجبك غرفتك أم ماذا ؟" غرفتي ؟ ما الذي تقوله ؟ أ هذه هي ؟ ما الذي حل بسريري الذي اعتدت عليه .. و أين راح مكتبي .. بل الأهم أين كل اغراضي ؟

ـ" ما الذي فعلته هنا ؟ إنها حقًا ... " قاطعت كلامي مجددًا بصوت خطواتها المقتربة مني و بكلماتها التي تدخل طبلة أذني .. كلامها الصارم و الجاد ، لا يعجبني .. شيء ما حول هذه المرأة ، غريب ..؟

ـ" أخبرتك أني أملك هذا القصر . عمك تنازل عن حقه و أبوك مات .. إذن فأنا و أنت لوحدنا نملك شيئًا يسمى ورثة . " ثم تركت الجدية و عادت للهجتها الغريبة التي لا أكاد أفهمها .. هل تكون مرحة ؟ أم تكون ساخرة ؟ لا أستطيع فهم هذا النوع من الحديث سوا قول أنه مصطنع تمامًا شيء ككلام سيدة راقية تصطنع السعادة و تصطنع الحزن في حين أن ما في بالها أمر آخر تمامًا . " إذا يا صغيري علينا تحمل بعض .. ثم إنها أحسن مما كانت .. فمنذ وفاة والدي أخذ كل شيء منك أليس كذلك ؟ "

ـ" إنها غرفتي يا سيدة.. و أبي لم يمت . بل نحن لا نعرف مكانه فحسب " .صرخت بوجهها .إنه صحيح بان الأثاث السابق .. كان قديمًا نوعًا ما سواء من ناحية أن هذا الديكور قد هجر منذ زمن و حل محله طرق جديدة للتزيين .. و من ناحية أنه حقًا يكاد ينهار في أي لحظة . لكني لا أرتاح لها و لا أستطيع إجبار نفسي على الخضوع لكلامها .. فقد تتمادى في هذا أكثر و اكثر .و تفعل ما لا يخطر بالبال . ثم ما شأنها تقول شيئًا كأبوك قد مات ؟ أبي حي .. أستطيع الشعور بأنه حي و يتنفس الهواء الذي أتنفسه و يمشي على نفس الكوكب الذي أنا فيه .

لقد شرعت تلتفت و تدور حولها و هي توزع نظراتها من مكان لمكان .. و سرعان ما اتجهت نحو الباب بخطوات سريعة و قبل أن تخرج قالت :" إنه شيء لي و هذا يُحسب ضمن الحدود " .. و صفقت الباب بعنف . ما قصدها بكلامها ؟

تذكرت أغراضي التي أجهل مكانها .. و أسرعت بتقليب الخزانة .. لكني لم أجد سوا ملابسي . فرُحت بسرعة متجهًا نحو المطبخ حيث وجدت الكثير من الخدم هناك .و لا شخص ينتبه لي كالعادة . مهما كان الذي أسأله .. يتجاهلني .

جعلني ذلك أغلي من الغضب .. ثم فجأة اقتربت مني خادمة و قالت بأن تلك المرأة تريد الكلام معي فوق في مكتبها .. و منذ متى كان لها مكتب هنا ؟ أم أنها قد ملّكت نفسها بسرعة ؟ تبعت الخادمة فأرتني الغرفة التي اتخذتها تلك المجنونة كمكتب . ما إن دخلت رأيت كيف أن هذه المرأة قد قامت فعلًا بتحويل غرفة كتلك لمكتب حقيقي .. و لم تسنح لي فرصة لقول شيء حتى شرعت هي بالكلام و لأقل الحق فأنا لم أنتبه لشيء مما قالته .. و كل ما سمعته هي مني .. هو صراخ قوي يبرهن غضبي أتسائل فيه عن مكان أغراضي.

ـ" ماذا تعني تلك الكتب ؟ ثم ماذا ستفعل بكل تلك الخردة ؟ ".. رمقتها بنظرات حانقة .. و لكني سرعان ما كتمت غضبي .

ـ" ذاك كنزي . و ما شأنك أنتِ ؟ " تنهدَت .. و مسكت بيدها جبهتها ثم اتجهت نحو مكتبها و هناك قد حملت كتاب صغيرًا .. تغيرت لهجتها و صارت جدية بطريقة لم أرها منها منذ جاءت " يزن .. نحن لا نلعب لعبة الطفل المدلل و العمة الشريرة بعد الآن .. " سكتَت قليلًا .. و قبل أن أقول ما يجول بخاطري .. قبل أن أقول بأنها تجيد وصف نفسها حقًا .. نطقت و قالت :" جئت هنا كي أعلمك .. جئت إلى هنا .. كي أريك بأن عليك واجبات أكثر مما يمكن تصورها .. لأنك الآن ..
الوريث الوحيد " .



تم.

+

المشاركة في مدونة كورين سمبل --> http://korinsimple.blogspot.com/2015...og-post_4.html
شجعوني !!
korin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس