عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-12-2016, 08:35 PM
الصورة الرمزية •ذَكْوان•  
رقـم العضويــة: 111802
تاريخ التسجيل: Feb 2012
الجنس:
المشـــاركـات: 7,386
نقـــاط الخبـرة: 3435
Icons50 الهدى والرَّشاد أساس خصال من جعله الله قدوة للعباد






بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كيف حال اعضاء وزوار منتدى العاشق..؟ اسال الله ان يرزقنا العلم والعمل معا.

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على من ارسله الله رحمةً للعالمين، وعلى اله وصحبه واخوانه الى يوم الدِّين، اما بعد:



فقد وصف النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من بعده ممن امر باتباعهم واقتفاء اثارهم بوصفين عظيمين عليهما المعول وهما الاساس لكلِّ قدوة او اسوة في هذه

الامة، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: « فانه من يعش منكم بعدي سيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الرَّاشدين المهديِّين، عضُّوا عليها بالنواجذ،

وايَّاكم ومحدثات الامور، فان كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة
».اخرجه احمد(٤/ ١٢٦، ١٢٧)، وابو داود (رقم ٤٦٠٧) و (رقم ٢٦٧٦)،وابن ابي عاصم في «السُّنة»

(رقم ٥٤) والحاكم (١/ ٩٧) وابن حبَّان كما في « الموارد » رقم (١٠٢) وصحَّحه الحاكم ووافقه الذَّهبي، وقال التِّرمذي: « حديث حسن صحيح »، وصحَّحه الالباني

في« ظلال الجنة ». هذا الحديث العظيم الَّذي تجلَّت فيه نبوةٌ من نبوات نبيِّنا الكريم كما وصفها وحذَّر من شرها، فقد وقع الخلاف والاختلاف، و تتابعت الفتن

وتوالت المحن على هذه الامة الَّتي اكرمها الله ومن عليها ببعثة هذا النبيِّ الكريم، قال تعالى: « لَقَد من الله عَلَى المؤمنين اذْ بَعَثَ فِيهم رَسُولًا من انفُسِهم

يَتْلُو عَلَيهم ايَاتِه ويُزَكِّيهم ويُعَلِّمهم الكِتَابَ والحِكمةَ وان كَانوا من قَبلُ لَفِي ضَلَالٍ مبِين
» [ال عمران:164].



كما تضمن الحديث بيان الاصلين العظيمين اللَّذين ينبغي ان يتَّصف بهما من يُقتدى به من اهل الخير والصَّلاح، وهما الهدى والرَّشاد، فالقدوة والدَّاعية الَّذي يدلُّ

الناس على الخير ويدعوهم اليه بحاله وسمته وافعاله قبل اقواله ينبغي ان يكون مهتديًا وهاديًا وراشدًا رشيدًا، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «...وسنة الخلفاء

الرَّاشدين المهديِّين من بعدي»، فالهداية والرَّشاد اصلان اساسيان وخصلتان ضروريَّتان يتعيَّن تحقُّقهما في كلِّ من بواه الله منزلة الامامة في الدِّين وجعله قدوةً

للمسلمين،فالقدوة الاولى والمعلِّم الاعظم لنا هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، وهو المثَل البشريُّ الاعلى، وهو خير خلق الله على الاطلاق، ونحن

مامورون بالاقتداء به والسَّير على نهجه بنصِّ القران، قال الله تعالى: «وما اتَاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوه وما نهاكُم عَنه فَانتَهوا» [الحشر:8]، ودراسةُ سيرته مطلوبة لكلِّ

مؤمن، حتَّى يتخلَّق بخلقه ويسير على نهجه، وفي تعلُّم اخباره وتفهم مواقفه كثيرٌ من الحكمة والعِظة، وقد قال عزَّ وجل: « لَقَد كَان لَكُم فِي رَسُولِ الله اسوةٌ

حَسَنةٌ » [الاحزاب:21].



وقد تحقَّقت هذه القدوة، حيث تعلَّم الصَّحابة ـ صغارًا وكبارًا ـ كلَّ معاني الاخلاق الكريمة، واكتسبوا منه كلَّ الاعمال الصَّالحة، حتَّى كان منهم رجال انزل الله فيهم

قرانا يُتلى، وتحقَّقت فيهم تربيته حتَّى وصف الله حالهم الزَّكيَّة واعمالهم المرضيَّة بقوله: «محمدٌ رَسُولُ الله والَّذين معَه اشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَماء بَينهم تَرَاهم

رُكَّعًا سُجَّدًا يبتغُون فَضْلًا من الله ورِضوانا سِيماهم فِي وجُوههم من اثَرِ السُّجُودِ ذَلكَ مثَلُهم فِي التَّورَاةِ ومثَلُهم فِي الانجِيلِ كَزَرعٍ اخرَجَ شَطْاه فَازَرَه فَاستَغلَظَ

فَاستَوى عَلَى سُوقِه يُعجِبُ الزُرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهم الكُفَّارَ وعَدَ الله الَّذِين امنوا وعَملُوا الصَّالِحَاتِ منهم مغفِرَةً واجرًا عَظِيما» [الفتح: ٢٩]، وامتدحهم بقوله : «كَانوا

قَلِيلًا من اللَّيل ما يَهجَعُون، وبِالاسحَارِ هم يَستَغْفِرُون
» [الذَّاريات: ١٧]، وبقوله: « والَّذِين تَبَوءُوا الدَّارَ والايمان من قَبلِهم يُحِبُّون من هاجَرَ الَيهم ولَا يَجِدُون فِي

صُدُورِهم حَاجَةً مما اوتُوا ويُؤثِرُون عَلَى انفُسِهم ولَو كَان بِهم خَصَاصَةٌ» [الحشر: ٩]. فيكفيهم فخرًا وشرفًا ان ذكرهم الله في كتابه الَّذي تعهد بحفظه، وجعل

لهم به ذكرًا في الاخرين،وابقى حسن اثرهم في الباقين، وهذا غيضٌ من فيضٍ مما نزل في كريم ماثرهم، وجميل محامدهم،وقد تحقَّق بهم فعلًا اقامة
المجتمع

الفاضل الَّذي شهد له القاصي والدَّاني بالخيريَّة، فقبَّح الله منتقصيهم، المكذِّبين للكتاب ولسنة سيِّد العباد، والمخالفين لما كان عليه سلف هذه
الامة الامجاد.

وقبل بيان منزلة هذين الاصلين العظيمين والخصلتين الكريمتين وحسن اثرهما يجدر بنا ان نقف عند حدودهما ونبيِّن مدلوليهما.



معنى الرُّشْد، قال الجوهري: «الرَّشادُ: خلاف الغيِّ، وقد رشَد يَرْشُدُ رُشْدًا، ورَشِدَ ـ بالكسر ـ يَرْشَدُ رَشَدًا، لُغَةٌ فيه» [«الصَّحَاح»]،وقال بعضهم: الرَّشَد ـ بفتحتين ـ

اخصُّ من الرُّشْد، لان الرُّشد ـ بالضَّم ـ يقال في الامور الدنيوية والاخرويَّة، والرَشَد يُقال في الامور الاخرويَّة لا غير» [« مفردات القران » للرَّاغب].
واصل الكلمة

(ر ش د) يرجع الى شيءٍ واحدٍ، وهو ما يدلُّ على استقامةِ الطَّريق [«معجم مقاييس اللُّغةٌ لابن فارس (2/298)ومنه يقال: رشَد الولد : بلغ سن
الرُّشْدِ ، وهو

البلوغ، ورشَد الرَّجل :اصاب واهتدى واستقام، وعرف طريق الرَّشاد، رشَد الشَّابُّ امرَه : وفِّقَ فيه، وثاب فلان الى رُشده : رجع الى طبيعته وعاد
الى صوابه،

وذهب الحادثُ برُشدِه : افقده صوابه، وفقَد رُشْدَه: جُن، وتصرَّف بطيْش وتسرُّع. هذا في اللُّغة، اما عند الفقهاء فهو: ان يَبْلُغ الصَّبيُّ حدَّ التَّكليف صالحًا
في دينه

مصلحًا لماله. وقد اشار ابن القيِّم رحمه الله في «اغاثة اللَّهفان» (2/168) الى ان الرُّشْدَ جاء في الكتاب والسُّنة تقابله عدَّة امور :


الاول: الغيُّ، وذلك في موضعين، هما قوله عزَّ وجل : « لَا اكرَاه فِي الدِّين قَدْ تَبَيَّن الرُّشْدُ من الغَيِّ » [البقرة: 245]، وقوله : « وان يَرَوا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يتَّخِذُوه

سَبِيلًا
وان يَرَوا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوه سَبِيلًا » [سورة الاعراف: 145].

وبهذا المعنى جاء في حديث عنه صلَّى الله عليه وسلَّم انه قال: « من يُطِعِ اللَّه ورَسُولَه فَقَدْ رَشَدَ، ومن يَعْصِ اللَّه ورَسُولَه فَقَدْ غَوى حَتَّى يَفِيءَ الَى امرِ اللَّه »

[اخرجه البيهقيُّ في «معرفة السُّنن والاثار» (6494) من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما].قال الجوهري: «الغَيُّ: الضَّلال والخيبة، وقد غَوي بالفتح يَغْوي غَيًّا

وغَوايَةً، فهو غاو وغو، واغْواه غيرُه فهو غَويٌّ على فَعيلٍ
» [«الصَّحاح»].


الثَّاني: الشَّرُّ، قال سبحانه وتعالى: «وانا لَا ندْرِي اشَرٌّ ارِيدَ بِمن فِي الارْضِ ام ارَادَ بِهم رَبُّهم رَشَدًا» [الجن:10].


الثَّالث: الضِّرُّ، قال عزَّ وجل: «قُلْ اني لَا املِكُ لَكُم ضَرًّا ولَا رَشَدًا» [سورة الجن، الاية: 21].


-
-----

ولقد ورد الرُّشد بوصفه امرًا محسوسًا يُمكن لمسه في تصرُّفات الرَّاشد في قوله سبحانه وتعالى: «وابْتَلُوا الْيَتَامى حَتَّى اذَا بَلَغُوا النكَاحَ فَان انسْتُم منهم رُشْدًا

فَادْفَعُوا الَيْهم اموالَهم ولَا تَاكُلُوها اسْرَافًا وبِدَارًا ان يَكْبَرُوا ومن كَان غَنيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ومن كَان فَقِيرًا فَلْيَاكُلْ بِالْمعْرُوفِ فَاذَا دَفَعْتُم الَيْهم اموالَهم فَاشْهدُوا عَلَيْهم

وكَفَى بِاللَّه حَسِيبًا» [النساء: 5]ال ابن عطيَّة في معرض تفسيره للاية : «قال الحسن وقتادة: الرُّشد في العقل والدِّين، وقال ابن عبَّاس: بل في العقل وتدبير

المال لا غير، وهو قول ابن القاسم، والرِّواية الاخرى:انه في العقل والدِّين، مروية عن مالك
» [ «المحرَّر الوجيز» ]، وقال الطَّبري بعد ذكر اقوال المفسِّرين في معنى

الرُّشد في هذه الاية : «واولى هذه الاقوال عندي بمعنى «الرشد» في هذا الموضع، العقلُ واصلاح المال، لاجماع الجميع على انه اذا كان كذلك، لم يكن ممن

يستحق الحجرَ عليه في ماله، وحَوزَ ما في يده عنه، وان كان فاجرًا في دينه » [تفسير الطَّبري]. من هنا يكون للرُّشد معنى الصَّلاح في امر الدِّين، وهو الاكثر،

ومعنى الصَّلاح في امر الدُّنيا ايضًا. فلما كان معنى الرُّشد والرَّشاد يدور حول الصَّلاح والاستقامة على الجادَّة والبعد عن الغيِّ والشَّرِّ، كان هو الاصل الاول والرُّكن

الامتن الَّذي يتحلَّى به معلِّم الناس وقدوتهم وامامهم ليصلح لهم دينهم ودنياهم، ولعلَّه لهذا المعنى تاتي كلمة الرُّشد في سياق قصص القران والحديث عن

الانبياء الَّذين هم قادة الناس والقدوة لهم، فوردت في سياق الحديث عن قصص كلٍّ من لوط وشعيب وموسى عليهم السَّلام مع اقوامهم، ووردت في ذكر اخبار

مؤمني الامم السَّابقة كمؤمن ال فرعون واصحاب الكهف ([1]).

------

اما غير الرَّشيد الَّذي ضلَّ طريقه وغوى واساء التَّوجُّه والتَّوجيه واساء التَّصرُّف سواء في الاموال وغيرها، كان يُستامن على اموال المسلمين فيعمد الى تبديدها

وتبذيرها سواء في زخرفة المساجد المحرَّمة كذلك الامام الَّذي يتبجَّح في الملا بان كلفة نقش البلَّاطِين المغاربة لسقف مسجده بَلَغَت اكثر من مليار ونصف

سنتيم، او صاحبه الَّذي ما وسعته بيوت الله لاقامة المسابقات والدَّورات حتى اقامها في الفنادق الفاخرة على حساب ما جاد به المحسنون الغافلون الَّذين

ابتلوا بامثال هؤلاء الغير راشدين، فانى لهم ان يُرشدوا، والاسوا منهم اولئك الَّذين ما تميَّزوا طريقهم ولا اوضحوا سبيلهم، فهم عند اهل الغيِّ مرضيُّون، وعند اهل

الرُّشد ضبابيِّون، كاني بهم على منهج من نعتهم ربُّنا بقوله : « واذَا لَقُوا الَّذِين امنوا قَالُوا امنا واذَا خَلَو الَى شَيَاطِينهم قَالُوا انا معَكُم انما نحْن مستَهزِئُون »

[البقرة: 14].



الهدى من حيث اللُّغة، فان لفظ (الهدى) يفيد معنى الارشاد والدَّلالة؛ يقال: هداه الى الطَّريق وللطَّريق: اي ارشده ودلَّه اليه، والمسلم يطلب الهداية الى الطَّريق

المستقيم صباح مساء فيقول : « اهدِنا الصِّرَاطَ المسْتَقِيم »، اي : ارشدنا يا الله الى طريق الحقِّ والصَّواب، ودلَّنا على ما فيه فلاحنا في الدُّنيا والاخرة.


قال ابن الانباري : «اصل الهدى في كلام العرب: التَّوفيق»، وقال ابن عطيَّة: «الهداية في اللُّغة: الارشاد، لكنها تتصرَّف على وجوه، يعبِّر عنها المفسرون بغير لفظ

الارشاد، وكلُّها اذا تُؤملت رجعت اليه»، وقال الرَّاغب : «الهداية: دلالةٌ بلطف، ومنه الهديَّة، وخُصَّ ما كان دلالة بـ (هدَيْت)، وما كان اعطاء بـ (اهدَيت)، نحو: اهديت

الهديَّة، وهدَيت الى البيت
» [«مفردات القران» (538)]. وقد ورد الهدى في القران بمعان كثيرة، اوصلها ابن الجوزي في « نزهة الاعين النواظر » (625) الى اربعة

وعشرين وجها، منها:

الاول: بمعنى البيان، ومنه قوله تعالى: «اولئك على هدى من ربهم» [البقرة:5]، ومثله قوله سبحانه: «انا هديناه السبيل» [الانسان:3].

الثَّاني: بمعنى دين الاسلام، ومنه قوله تعالى: «ان هدى الله هو الهدى» [البقرة:120]، ونحوه قوله سبحانه: «انك لعلى هدى مستقيم» [الحج:67].

الثَّالث: بمعنى الايمان، ومنه قوله تعالى : « وزدناهم هدى » [الكهف:13]، ونحوه قوله سبحانه : « انحن صددناكم عن الهدى » [سبا:32].

الرَّابع: بمعنى الدَّعوة الى الله، ومنه قوله تعالى : « وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا » [الانبياء:73]، ونحوه قوله سبحانه: « وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا
»
[السجدة:24].

الخامس: بمعنى الدَّلالة والارشاد والتَّعريف، ومنه قوله تعالى: «وعلامات وبالنجم هم يهتدون» [النحل:16]، ونحوه قوله سبحانه: «ان يهديني سواء السبيل»
[الانبياء:31].

السَّادس: بمعنى امر محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، ومنه قوله تعالى: «ان الَّذين يكتمون ما انزلنا من البيِّنات والهدى» [البقرة:159]، ونحوه قوله سبحانه :
«من بعد ما تبين لهم الهدى» [محمد:25،32].

السَّابع: بمعنى القران، ومنه قوله تعالى : «وما منع الناس ان يؤمنوا اذ جاءهم الهدى» [الاسراء:94]، ونحوه قوله سبحانه : «ولقد جاءهم من ربهم الهدى»
[النجم:23].

الثَّامن: بمعنى نهج الانبياء السابقين، ومنه قوله تعالى: «فبهداهم اقتده» [الانعام:90].

التَّاسع: بمعنى التَّسديد والتَّصويب، ومنه قوله تعالى: «وان الله لا يهدي كيد الخائنين»
[يوسف:53]، ونحوه قوله تعالى : «ارايت ان كان على الهدى» [العلق:11].

العاشر: بمعنى الثبات، ومنه قوله تعالى: «اهدنا الصِّراط المستقيم».



وعلى هذا جاء التَّوجيه النبويُّ الكريم لاتِّباع هدي من كانت هذه صفاتهم بعد الامر باتِّباع العصمة المتمثِّلة في سنته صلَّى الله عليه وسلَّم الَّتي هي خير الهدي

وافضله، واتم الرَّشاد واكمله، وقد نفى الله تعالى عنه ما يضاد الهدى والرَّشاد فقال تعالى: «ما ضلَّ صَاحِبكُم وما غَوى» [النجم:2]، قال الزَّمخشري عند هذه الاية:

«والضَّلال نقيض الهدى، والغيُّ نقيض الرُّشد
»، وقال شيخ الاسلام شارحًا معنى الصِّراط المستقيم في «مجموع الفتاوى» (1/198): «فالصِّراط المستقيم هو ما

بعث الله به رسوله محمدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بفعل ما امر وترك ما حظر وتصديقه فيما اخبر،ولا طريق الى الله الَّا ذلك، وهذا سبيل اولياء الله المتَّقين وحزب الله

المفلحين وجند الله الغالبين، وكلُّ ما خالف ذلك فهو من طرق اهل الغيِّ والضَّلال، وقد نزَّه الله تعالى نبيَّه عن هذا وهذا، فقال تعالى: «والنجم اذَا هوى ما ضَلَّ

صَاحِبُكُم وما غَوى وما يَنطِقُ عَن الهوى ان هو الَّا وحيٌ يُوحَى
» [النجم:1-4]، وقد امرنا الله سبحانه ان نقول في صلاتنا « اهدِنا الصِّرَاطَ المستَقِيم صِرَاطَ الَّذِين

انعَمتَ عَلَيهم غَيرِ المغضُوبِ عَلَيهم ولَا الضَّالِين »، وقد روى التِّرمذيُّ وغيره عن عديِّ بن حاتم عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم انه قال: «اليَهودُ مغضوبٌ عَلَيهم،

والنصَارَى ضَالُّون»، قال التِّرمذي : «حديث صحيح»، وقال سفيان بن عيينة: «كانوا يقولون: من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبَّادنا ففيه

شبه من النصارى»، وكان غير واحد من السَّلف يقول : «احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل، فان فتنتهما فتنةٌ لكلِّ مفتون»، فمن عرف الحقَّ ولم يعمل به

اشبه اليهود الَّذين قال الله فيهم: «اتامرون الناس بالبرِّ وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون
» [البقرة:44]، ومن عبد الله بغير علم بل بالغلو والشِّرك

اشبه النصارى الذين قال الله فيهم: « يَا اهلَ الكِتَابِ لَا تَغلُوا فِي دِينكُم غَيرَ الحَقِّ ولَا تَتَّبُعوا اهواءَ قَوم قَد ضَلُّوا من قَبْلُ واضَلُّوا كَثِيرًا وضَلُّوا عَن سَواءِ السَّبِيلِ »

[المائدة:77]، فالاول من الغاوين، والثَّاني من الضَّالين، فان الغيَّ اتِّباع الهوى، والضَّلالُ عدم الهدى، قال تعالى : «واتلُ عَلَيهم نبَا الَّذِي اتَيناه ايَاتِنا فانسَلَخَ منها

فَاتْبَعَه الشَّيطَان فَكَـان من الغَاوين، ولَو شِئْنا لَرَفَعْناه بِها ولَكِـنه اخلَدَ الَى الارضَ واتَّبَعَ هواه فَمثَلَه كَمثَلِ الكَـلْبِ ان تَحْملْ عَلَيه يَلْهثْ او تَتْرُكْه يَلْهثْ ذَلِكَ مثَلُ القَوم

الَّذِين كَذَّبُوا بِايَاتِنا فَاقْصُصْ القَصَصَ لَعَلَّهم يَتَفَكَّرُون» [الاعراف:175-176]، وقال تعالى: «سَاصرِفُ عَن ايَاتِيَ الَّذِين يَتَكَبَّرُون فِي الارضِ بِغَيرِ الحَقِّ وان يَرَوا كُلَّ ايةٍ لَا

يُؤمنوا بِها وان يَرَوا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يتَّخِذُوه سَبِيلًا وان يَرَوا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوه سَبِيلًا ذَلِكَ بِانهم كَذَّبُوا بِايَاتِنا وكَانوا عَنها غَافِلِين
» [الاعراف:147]، ومن جمع الضَّلال

والغيَّ ففيه شبه من هؤلاء وهؤلاء».



وبناءً عليه كان لزاما على الدُّعاة المخلصين والهداة المصلحين ان يجتهدوا لتحقيق هذه المعاني الجليلة والخصال الكريمة، لتثمر جهودهم وتظهر اثار دعوتهم.



اشكر المصممهـ المميزة :: urahra على طقم الجميل || طرح الموضوع :: хокаге-наруто



وهكذا لكل بداية نهاية، وخير العمل ما حسن اخره وخير الكلام ما قل ودل وبعد هذا الجهد المتواضع اتمنى ان اكون موفقا في سردي للعناصر السابقة سردا

لا ملل فيه ولا تقصير موضحا الاثار الايجابية والسلبية لهذا الموضوع الشائق الممتع ، وفقني الله واياكم لما فيه صالحنا جميعا

نلتقى ان شاء الله فى مواضيع اخرى .. استودعكم الله الذى لا تضيع ودائعه

المصدر :: هنــــا

بنر الموضوع ..


التعديل الأخير تم بواسطة •ذَكْوان• ; 05-12-2016 الساعة 09:45 PM
رد مع اقتباس