عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-15-2010, 03:16 PM
الصورة الرمزية gmr  
رقـم العضويــة: 53014
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الجنس:
العـــــــــــمــر: 28
المشـــاركـات: 386
نقـــاط الخبـرة: 11
رسالة لكل مسلم من أروع ما قرأت عيني .




المرعى أخضر لكن العنز مريضة .




مقال رائع للدكتور عائض القرني




أكتب هذه المقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين ، وأخشى أن أتهم بميلي إلى الغرب ،
وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف ،
ووالله إن غبار حذاء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين .
ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني ،

يقول تعالى: «
ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة » .



وقد أقمت في باريس أراجع الأطباء ، وأدخل المكتبات ، وأشاهد الناس ، وأنظر إلى تعاملهم ؛


فأجد رقة الحضارة ، وتهذيب الطباع ، ولطف المشاعر ، وحفاوة اللقاء ، حسن التأدب مع الآخر ،


أصوات هادئة ، حياة منظمة ، التزام بالمواعيد ، ترتيب في شؤون الحياة ، أما نحن العرب


فقد سبقني ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة ، وأنا أفخر بأني عربي؛


لأن القرآن عربي والنبي صلى الله عليه وسلم عربي ، ولولا أن الوحي هذّب أتباعه ؛


لبقينا في مراتع هبل واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى .


ولكننا لم نزل نحن العرب من الجفاء والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرع المطهر.


نحن مجتمع غلظة ، وفظاظة إلا من رحم الله ، فبعض المشايخ وطلبة العلم وأنا منهم


جفاة في الخُلُق ، وتصحّر في النفوس ، حتى إن بعض العلماء إذا سألته أكفهرَّ وعبس وبسر ،


الجندي يمارس عمله بقسوة ويختال ببدلته على الناس ، من الأزواج زوج شجاع مهيب ،


وأسدٌ هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء ، من الزوجات زوجة عقرب تلدغ


وحيّة تسعى ، من المسؤولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن كنعان كِبراً وخيلاء


حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له ، وإذا جلس معهم أدى ذلك تفضلاً وتكرماً منه ،


الشرطي صاحب عبارات مؤذية ، الأستاذ جافٍ مع طلابه ، فنحن بحاجة لمعهد لتدريب


الناس على حسن الخُلُق وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسؤولين يحملون الرقة والرحمة والتواضع ،


وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللياقة مع الناس ،


وبحاجة لكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية.





المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة لنخرج من القسوة والجفاء


الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا .


في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة ، من حزن وكِبر


وطفشٍ وزهق ونزق وقلق ، ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة ، لذلك تجد في غالب سياراتنا


عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين ، وهذا الحكم


وافقني عليه من رافقني من الدعاة ، وكلما قلت: ما السبب ؟





قالوا: الحضارة ترقق الطباع ، نسأل الرجل الفرنسي عن الطريق ونحن في سيارتنا


فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لك الطريق وأنت جالس في سيارتك ،


نمشي في الشارع والأمطار تهطل علينا فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا ،


نزدحم عند دخول الفندق أو المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف ،


أجد كثيراً من الأحاديث النبوية تُطبَّق هنا ، احترام متبادل ، عبارات راقية ،


أساليب حضارية في التعامل .





بينما تجد أبناء يعرب إذا غضبوا لعنوا وشتموا وأقذعوا وأفحشوا ،


أين منهج القرآن: « وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن » ،


« وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما » ، « فاصفح الصفح الجميل » ،


« ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور ،
واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير » .


وفي الحديث: « الراحمون يرحمهم الرحمن » ، و « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » ،


و « لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا » .


عندنا شريعة ربّانيّة مباركة لكن التطبيق ضعيف ،
يقول عالم هندي: ( المرعى أخضر ولكن العنز مريضة ) .


أخيراً أختم بكلمة كان يقولها لي شيخي حفظه الله قال : (( قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه :

<< والله لن تستقيموا ، ولو تستقيموا لقومت ألسنتكم >>

فإلى الله المشتكى ))

أفيقي أمة الإسلام .
رد مع اقتباس