عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-21-2008, 11:00 PM
الصورة الرمزية العاشق 2005  
رقـم العضويــة: 365
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشـــاركـات: 94,808
نقـــاط الخبـرة: 85
افتراضي شفاء القلوب*** صفح***


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مِن الناس مَن تستخفُّه التوافه فيستحمق سريعًا

ومنهم مَنْ تستفزِّه الشدائد فيبقى –رغم وقعها الأليم- محتفِظًا برجاحة فكره، ولين خُلُقه،

ومن ثَمَّ كانت درجات الناس متفاوتةً في الثبات أمام المثيرات

وأنبياء الله عليهم السلام في القمة العالية من هذا الخُلُق الكريم

"الحلم والصفح"

فهذا هود عليه السلام رغم شتائم قومه واتهامهم له بالسفاهة يجيب في بساطة:

{يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الأعراف: 67)
أما محمد صلى الله عليه وسلم فالمحفوظ من سيرته أنه ما انتقم لنفسه قطُّ إلاَّ أن تُنْتَهَكَ حُرْمة الله،

فالغضبُ يذهب بصاحبه مذاهب حمقاء.

ومن ثَمَّ كان نهي رسول الله عليه الصلاة و السلام عن الغضب حين قال له رجل:

علِّمني شيئًا، ولا تُكْثِر عليَّ لعَلِّيِّ أَعِيه.

قال: " لا تَغْضَبْ" البخاري: كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب (5765)
لقد كان العرب الأوَّلون يفخرون بأنهم يُلاقون الجهل بجهل أشدَّ:

أَلاَ لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا * فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا

(البيت لعمرو بن كلثوم التغلبي)

ولكنَّ الإسلام جاء ليُكَفْكِف من هذا النزوات،

ويُقِيم أركان المجتمع على الفضل، فإن تعذَّر فالعدل،

ولن تتحقَّق هذه الغاية إلاَّ إذا هَيْمَنَ العقل الراشد على غريزة الغضب.

ومِنَ الناس مَنْ لا يسكتُ عند الغضب

فهو في ثورة دائمة

وتَغَيُّظ يطبعُ على وجهه العبوسَ
إذا مسَّه أحدٌ ارتعش كالمحموم، وأنشأ يُرغي ويُزبد ويلعن ويطعن

والإسلام بريء من هذه الخلال الكدرة

( أرغى فلان وأزبد: أي ضجَّ غضبًا وتوعَّد )
"لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلا اللَّعَّانِ، وَلا الْفَاحِشِ، وَلا الْبَذِيءِ"

(الترمذي: كتاب البر والصلة)




فالإيمان كُلَّما رَبَا في القلب رَبَتْ معه السماحة

وازداد الحِلْم

ونفر المرء من طلب الهلاك والغضب للمخطئين في حقِّه

فعندما قِيَل لرسول الله صلى الله عليه و سلم :

ادعُ على المشركين والعنهم.

قال: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً"

(مسلم: كتاب البر والصلة والآداب)


وقد حرَّم الإسلام المهاترات السفيهة

وتبادل السباب بين المتخاصمين

لئلاَّ يؤَدِّيَ ذلك إلى الغضب الذي هو موقد الفساد

على أنَّ مِلاكَ النجاة من هذه المنازعات الحادَّة تغليبُ الحِلْم على الغضب

وتغليبُ العفو على العقاب.
وحياة رسول الله صلى الله عليه و سلم مليئة بنماذج الحلم والصفح عن أشدِّ المسيئين إليه

وأعتى المجرمين في حقِّه، لقد كان نموذجًا عمليًّا لما يدعو إليه

{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (التوبة: 128).،

فهو القائل في حديثه الشريف:
" مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ"


أبو داود: كتاب الأدب، باب من كظم غيظا (4777)

فكونوا إخوتي أخواتي من السباقين و السباقات لكظم الغيظ و العفو عمن ظلم

و لنعطي الدرس العملي في التسامح و العفو و الصفح و التجاوز

فهذه شيم الكرام شيم أهل المروءة و الشهامة

شيم أكرم الناس و أفضل الناس

و الباب مفتوح للتسابق في هذا المضمار

و طوبى لمن سبق و طوبى لمن انتصر على نفسه و صفح

و طوبى لمن بادر بالسلام في مواقف الخصام


" يعرض هذا و يعرض هذا و خيرهما من يبدأ بالسلام"

فالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

و حفظكم الله من شر الخصام و النزاع و الصراع

و جعل قلوبكم

أرق قلوبا على الاخوان

و أصلب قلوبا في الدين

و أقوى قلوبا في اليقين



و لا ننسى أثناء السير السليم

أن الرفق مطلوب

رد مع اقتباس