عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-17-2010, 04:43 PM
الصورة الرمزية OOالأملOO  
رقـم العضويــة: 60944
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الجنس:
العـــــــــــمــر: 23
المشـــاركـات: 6
نقـــاط الخبـرة: 10
افتراضي نعم كانوا كبار في كل شئ

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

ما أن نتصفح سير أسلافنا ، وخاصة أهل القرون الثلاثة الفاضلة حتى نرى ما يُتعجب منه .
لقد كانوا كباراً في كل شيء .. في عبادتهم لله تعالى ، والمنقول عنهم في ذلك معروف عجيب ، وفي خوفهم من الله تعالى وخشوعهم له ، في تربيتهم لأبنائهم ، وفي تربيتهم الذاتية لأنفسهم ، وفي معاملاتهم مع العباد وكذا مع غير المسلمين ، وفي فعل الخيرات واستغلال مواسم العمر .

ولو حلفت بالله العظيم أنهم قد أعجزوا من بعدهم لم أكن حانثاً .

ووصل الأمر بهم أنهم كانوا كباراً حتى فيما يتمنونه ؛ فلم يتركوا لحب الدنيا منفذاً لدى أمنياتهم .
وما ذلك إلا لعلمهم بأنَّ التمنّي يدل على الهمّ الذي يحمله الإنسان ، ومن أجله يصل إلى الغاية المنشودة .

فانظروا رحمكم الله إلى ما يتمناه الكثير منا في زماننا هذا .

لا تجد في كثير منها إلا أمنيات شكلية ، مادية بحتة ، تقليدية منبهرة بالغرب ، تتصدر لدى الكثير منا دعاءه لله تعالى ويشفعها بعد ذلك على استحياء منه بنصرة هذا الدين وإخواننا المسلمين في كل مكان ! ! فكنا بذلك صِغَاراً ، فهُنَّا على الله عز وجل ، فَصغَّرَنا في عيون أعدائنا من إخوان القردة وأكلة الخنزير ، والجزاء من جنس العمل ، وما ربك بظلام للعبيد .

ولقد تفطَّن لهذا الأمر الحافظ المؤدِّب ابن أبي الدنيا رحمه الله ، فألف كتاباً عظيماً مشوقاً في بابه سماه : ( كتاب المتمنين ) ساق فيه بأسانيده عن سلفنا الصالح ما كان يتمناه الواحد منهم ، فأودع فيه ما يدهش القارئ والسامع معاً ، فأحسن في جمعه .


وأسوق إليكم بعضاً من أمنيات المتمنين من سلفنا لشحذ الهمم والاقتداء بهم كي نكون كباراً مثلهم : - لما طُعن عمر رضي الله عنه قال له ابن عباس : أبشر بالجنة .
قال : والله ! لو أنَّ لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هوْل ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر .

- وهو القائل رضي الله عنه : وددت أني شعرة في صدر أبي بكر .
فضرب بذلك مثالاً للتقدير والاحترام .

- وهو القائل لجلسائه : تمنوا .
فتمنّى كل واحد منهم شيئاً ، فقال عمر : أتمنى بيتاً مملوءاً رجالاً مثل أبي عبيدة ابن الجراح .
فانظر إلى ما تمناه هنا ولم يُعِرْ للذهب والفضة اهتماماً ، واختار بدلاً عنهما مثل ( أمين الأمة ) يكونون ولاة حق وعدل على رعيته .

- وتمنى أبو عبيدة فقال : يا ليتني كبش فذبحني أهلي فأكلوا لحمي وحَسَوْا مَرَقي.

- وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول : يا ليتني إذا متُّ كنت نسياً منسياً .

- وقال مالك بن دينار : وددت أنَّ الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول لي : يا مالك ! فأقول : لبيك ، فيأذن لي أن أسجد بين يديه سجدة ، فأعرف أنه قد رضي عني ، فيقول : يا مالك كن اليوم تراباً .

- وقال يزيد الرقاشي : يا ليتني لم أُخلق ، وليتني إذْ خُلقتُ لم أُوقَف ، وليتني إذ وقفت لم أحاسب ، وليتني إذ حوسبت لم أُناقش .

- وخطب الحجاج بن يوسف فقال : أما بعد ؛ فإن الله قد كفانا مؤنة الدنيا ، وأمرنا بطلب الآخرة ، فليت الله كفانا مؤنة الآخرة وأمرنا بطلب الدنيا ؛ فقال الحسن البصري عندما بلغه كلامه : ضالة مؤمن عند فاسق ، فلنأخذها ! .
وأقول : إذا كان الحجاج مع فسقه بهذا الوعي فهو أفضل بكثير من عقلاء زماننا قطعاً .

- وقيل لعيسى بن وردان : ما غاية شهوتك من الدنيا ؟ فبكى ثم قال : أشتهي أن ينفرج لي عن صدري ، فأنظر إلى قلبي ماذا صنع القرآن فيه وما نكأ ؟ - وكان ابن عمر يتمنى لو أنَّ له مثل أُحُد ذهباً ، فيحصي عدده ويؤدي زكاته .
ونسأل الله التوفيق في القول والعمل .




في حفظ ربي
تحياتي ^ـ^
رد مع اقتباس