وَلَيْلَةِ نَحْـسٍ (تابع لمسابقة إيماءات صورة)

سلام الله عليكم رواد منتدانا

على ضوء اسدال الستارة عن مسابقة إيماءات الصور

فقد قررت المشاركة فيها بما خط به قلمي

وهي قصة أعالج فيها قضية لفتت انتباهي في الصورة

قال الشنفرى:

وَلَيْلَةِ نَحْـسٍ يَصْطَلي القَوْسَ رَبُّـها وَأقْطُعَـهُ اللَّاتـي بِـهَا يَتَنَبَّـلُ

تحت عنوان:

فقدت صاحبي،إنها ليلة نحس

العرض:

أيقنت في تلك الليلة المنحوسة أني قد فقدت صديقي،ولكني حقا لا أحب التجمعات.

فأنا أميل إلى العزلة وحيدا،بعيدا عن المجتمع،مغلقا علي احساسي، مبعدا شعوري بالبهجة والبسمة،

كوني شخصا غير اجتماعي ليست بتلك المرارة.

ولكن مايؤلم حقا هو أني أحتاج إلى كلمات مقنعة،وإلا فلا كلام بيني وبين صهيب.

ذلك الذي هو زندي وأنا زنده وزناده.

بدأ كل شيء حين سمع صهيب باصابتي بمرض_وليته لم يسمع_فأشارعلي بزيارة طبيب،فداربيننا الحوارالمماثل:

قالوا تفتق صدرك مرضا.....إنا لنعرف طبيبا جيدا

زره يداويك بلسما.............فيفارقك الألم سرمدا

قلت :
لاتأمنن طبيبا ولو على الردى...... إن جهل الطبيب أشد من العدى

ثم من قال لك بأني مريض،كل ما في الأمر أني ...

أعني ..أنا.... لا أحب التجمعات.

قال صهيب:كيف تعيش إذن؟هذا المرض بعينه.

قلت: لا أسواق لا محطات لا أعمال،أنا أتضايق من أشكال الزحمة اتفقنا؟ لا زحام.

وإن كان لابد منه غطيت رأسي،ولبست نظارات،وتحاشيت الناس.

قال:صَحَااا..أي الفصول أفضل؟

قلت:حسب ما تقتضيه الحال.

فقال:لاتتهرب وأجب،أتحب الثلج ومطره.

قلت:نعمت الله حلت،وبركته نزلت.

فقال:ما تحب من الأمطار أغزيرها أم ذليلها؟

قلت:نعم غزيرها كونها تسقي الأرض،وذليلها كونها لا تبلل قبعتي.

قال:المطر يزاحم بدنك ويحاصر جسدك،كمثل ثعبان يغرس أنياب فريسته.

ثم تلا قوله تعالى ((الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين))سورة الزخرف الآية67

ثم قال:أولسنا أصحاب؟أولسنا إخوة؟

في تلك اللحظة تصبب مني عرق فوار يغلي ،ولوشقت الأرض لعبرت خلالها.( هول الموقف المحرج الذي وقعت فيه)

ثم قال لي ما تقول في قول الشاعر:

فالقرب في الخلائق .. أمن من البوائق

كقول أهل النار.. وعصبة الكفار

فمالنا من شافع .. ولا حميم نافع.

فقلت:لايهمني كل ما تقوله.

فقال: فهمت..هل أنا أزاحم صاحبي الذي يرتعد أمامي كالجبان الهارب؟

فخرس لساني وخانتني كلماتي،لأن حججه كلها صحيحة،باختصار أنا بهذا لا أثق في صهيب_أعز أصدقائي_.

وبينما أنا في خضم الصدمة،إذ يقول لي:أنت لا تحب الزحام وأنا أزاحمك أسرارك وأزاحم أفكارك..اسمع تجاوزت حدك ،

فلا حديث بيننا من اليوم.

مشى صهيب تاركا وراءه صاحبا حائرا،لم يلتفت لكل نداء واعتذار قدمه إليه.

كان آخركلامه:صف سماءك من الظلام،وفكر فيما قلته لك،

وإني مسافر إلى إيطاليا غدا،إن أردت رأيتي تعال إلى الزحمة،

وإلا فهذا هو الفراق،ثم قال لاأحتاج أمثالك من المترددين،وسلام.

أشفقت على حاله وحالي البائسة،فكلانا قد خسرنا بعضنا قبل أن تبدأ المحادثة أصلا،

قلت في نفسي:ربما صعب عليه الولوج إلى الموضوع ،أم أني مريض

حقا بالرهاب من التأقلم في الجو الإجتماعي،ماعساي أفعل.

بت طوال اليل أحل شبكة الطلاسم المعقدة،

وبدأت المساومة مع نفس لا تشبع وهوى ً للذل تربع،

مدركا حقيقة أني لا أحتاج إلى صاحب الآن،

بل إن صهيب قد بذل كل قدراته لمساعدتي،يالي من غبي،

لم أقدر له الجهد الذي بذله من أجلي،ولم أعرف أهميته إلا حين فقدته.....

فعلا هذه مشكلة شخصية.

ثم أسفر ذلك الغباء والتردد وتوجيهات الصاحب تداعيا للأفكار بين اليقظة والحلم حوارا،

تخلل بين قلب ادبي عاطفي وعقل رياضي منطقي،

مهلا، لو كنت أرفض من يزاحمني في إرادتي فأنا مازلت أكره الزحام،

أنا لا أحب زحاما من صنف مغاير أولنقل الزحام الذي يسبب لي الإزعاج هو:

من يزاحم كلماتي قبل خروجها،

من يريد احراق كتبي قبل طباعتها،

من يمسك لساني قبل كلامه،

من يستغل غفلتي وحسن طباعي.

(إذا فمقولة أجدادنا صحيحة كما يقال الضيق في القلوب.)

ذهبت إلى المطار لتوديع صاحبي ،الذي حل شطرا كبيرا من مشكلتي في التأقلم مع الغير.

كنت مسرعا حتى أني صدمت الخطوب(الحشود) فتطايروا يمنة ويسار،

وطارت على اثرها قبعة ألجمت رأسي وحريتي بالأغلال،

فاكتفيت بمد يد الإعتذار في السماءِ،

والانحناء برأسي للصفح والصفاءِ،

والنظر إلى بشر كنت أعدهم خصوما أعداءِ،

فمخالطتهم ضرب من الفطنة والذكاءِ،

خبرنا نبينا فاصبر وسارع إلى الإقتداء.

ودعته فعانقني والدمع من الخد غزاني،ولو رأيت حالا لليتامي لكان هو عزائي.

لقلت اعبر البحر بسفينةً الأيادي، لكن عهدنا سلام وأن لا نعادي.

أتمنى تكون في المستوى وتنال رضاكم.