تسونـــــامى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته~~
ظاهرة تسونامى


في لحظة حددها الله في علمه الأزلي، وعلى طول ألوف الأميال من الشواطئ بجنوب القارة الآسيوية، كانت الحياة تسير على السنن المقررة لها، الناس يسعون في الأرض، البعض في أعمالهم، والبعض في بيوتهم والبعض على الشواطئ في لهوهم وعبثهم، أو في نزواتهم وانحلالهم، والكل آمنون، وفجأة، وفجأة انقلبت الدنيا رأساً على عقب، وزاغت أبصار الناس، وذهلت عقولهم، وبلغت القلوب الحناجر، فقد انفجر البحر، وتدافعت أمواجه تهاجم الشواطئ وتطارد الناس في عنف وقوة وجبروت مكتسحة ومدمرة كل شيء أمامها، وتساءل الناس في فزع وذهول: ما الذي حدث؟، أهو يوم القيامة؟!، أم هذه مقدماته؟!!، أم هو تحقيق لقول ربنا ـ عز وجل ـ : " أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ " (الأعراف:97-99).
إنها تسونامي، جند من جند الواحد القهار، كتبها في علمه الأزلي وحدد لها الزمان والمكان والتكليف، حتى إذا انطلقت بإذنه ومشيئته اكتسحت ودمرت ما أراد لها ربها ـ جل وعلا ـ فإذا انتهت عادت من حيث جاءت وكأن شيئاً لم يكن. " هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفاًوَطَمَعاًوَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ . وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِوَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِوَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُوَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِوَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ " (الرعد:12، 13).
إن من أرسل الريح على عاد، والصيحة على ثمود، والطوفان على قوم نوح، وأطبق البحر على فرعون، وخسف بقارون الأرض، هو هو من أرسل هذه (التسونامي) تذكيراً للمعرضين، ودحضاً للطبيعيين الذين ينسبون كل شيء إلى الطبيعة وكأن لها عقلاً تفكر به وتثور، أو قلباً تشعر به وتغضب، فبئس ما قالوا وبئس ما يظنون.
ما هي التسونامي؟ :
ظاهرة (التسونامي) أو أمواج البحر العملاقة هي كلمة يابانية تعني (أمواج الموانئ)، وهي عبارة عن سلسلة من أمواج البحار أو المحيطات السريعة والقوية الناتجة عن سبب من ثلاث: (الزلازل - ثورات البراكين - سقوط الشهب والنيازك من الفضاء الخارجي في البحار أو المحيطات)، ويكثر حدوث هذه الظاهرة في المحيط الهادي حيث يوجد أكثر من نصف براكين العالم.

وعندما تقع هذه الظاهرة نتيجة أحد هذه الأسباب فإنها تحدث موجات متتالية ومتلاحقة وسريعة من موجات بحرية عملاقة قوية ومدمرة إلى درجة الرعب وبأحجام ومقاييس تفوق الخيال، هذه الأمواج تتكون في أعماق مياه البحر أو المحيط عند مركز الزلزال أو البركان الثائر في القاع ثم تنطلق دون سابق إنذار في اتجاه الشواطئ والسواحل بسرعة تقترب من 800 كيلومتر في الساعة ـ أي بسرعة تساوي تقريباً سرعة الطائرة البوينج النفاثة ـ وبارتفاع يبدأ من قاع المحيط وحتى السطح أي ما يوازي ألوف الأمتار، ثم يزيد هذا الارتفاع فوق سطح الماء بما يقرب من ثلاثين أو أربعين متراً، وهذا هو الجزء الظاهر للعين فقط، وهي في هذا تشبه جبال الجليد التي لا يظهر منها فوق الماء إلا النزر اليسير، بينما تختفي تحت الماء أحجام هائلة منها ـ مع فارق أن جبال الجليد لا تصل بقواعدها إلى قاع المحيط بينما تبدأ موجات (التسونامي) من قاع المحيط وحتى ما فوق سطح الماء ـ وعندما تصل هذه الأمواج إلى الشاطئ بتلك السرعة الهائلة تصب عليه ما يقرب من مائة ألف طن من الماء على كل متر مربع، مما يؤدي إلى حدوث خسائر تفوق الحصر والخيال، ويمكن لهذه الأمواج من فرط قوتها وشدتها أن تحمل صخوراً تزيد زنة الواحدة منها عن العشرين طناً وتلقي بها إلى عشرات الأمتار على الشاطئ ساحقة كل ما تقع عليه قوة تدميرية، وعندما تقترب أمواج (التسونامي) من الشاطئ ويقل عمق البحر فإن الجزء السفلي من الأمواج يصطدم بقاع البحر فتكون النتيجة أن سرعة الأمواج تقل ولكن ارتفاعها فوق سطح الماء يزداد علواً، كما أن قوتها تزداد شدة وطغياناً، حتى إذا وصلت الشاطئ وضربته كانت قادرة على تدمير واكتساح كل ما يقع في طريقها من إنسان أو نبات أو جماد بما فيه من مدن وقرى بأكملها، وعندما تتكون هذه الأمواج فإنها تكون قادرة على السفر في المحيطات لألوف الأميال ولا تتوقف إلا عندما تصطدم بالشواطئ والسواحل، ويكون طول المسافة بين طرفي الموجة الواحدة ألوف الأميال.
وعلى سبيل المثال فإن الأمواج الأخيرة التي ضربت جنوب آسيا والتي كان مركزها زلزالاً في قاع المحيط الهندي بالقرب من إقليم أتشيه بجزيرة سومطرة الإندونيسية، وصل طرفها جهة الشرق إلى الفلبين وجهة الغرب إلى شواطئ إفريقيا الشرقية حيث الصومال وجزر المالديف، وهي مسافة تتعدى ألوف الأميال، واكتسحت تلك الأمواج بين طرفيها سواحل إندونيسيا والهند وسيريلانكا وتايلاند وماليزيا والصومال وجزر المالديف.
وموجات (التسونامي) عندما تحدث فإنها لا تكون موجة واحدة، ولكنها أمواج متتالية ومتلاحقة تتصف كل موجة منها بكل ما سبق من الوصف، ويصل الزمن بين كل موجة والتالية لها ما يقرب من الساعة الكاملة، ويتوقف عدد الأمواج وقوتها وشدتها وارتفاعها وسرعتها على قوة وشدة الزلزال أو ثورة البركان المسبب لها.

That's all
أرق تح ـــياتى