كهوف تاسيلي - " تابع سلسلة موسوعة الاساطير و الرعب و امور ما وراء الطبيعة

كهوف تاسيلي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيفكم ان شاء الله بخير

اتابع معكم بهذه السلسلة و اليوم سأتحدث عن أحد الألغاز العلمية التي حيرت البشرية في العصر الحديث، لما تحويه من عجائب وغرائب تجعلنا ننظر بعيون أخرى إلى فكرة نشأة الحضارة، وتوقيت نشأة هذه الحضارة، والوقت الذي بدأت فيه حضارات العالم القديم تكوينها .. الأمر به الكثير من الحيرة.

تقع كهوف تاسيلي في مرتفعات تاسيلي جنوب شرق الجزائر على الحدود الليبية الجزائرية، وهي سلسلة جبلية متوسط ارتفاعها 1000 متر عن سطح البحر، بطول 800 كم وعرض 60 كم، في حدود مساحة 12 ألف كم مربع، وأعلى قمة بها هي (أدرار أفاو) حيث ترتفع حتى 2158 فوق سطح البحر .. إلى هنا وينتهي التقرير الجغرافي .. نأتي للتقرير العلمي العجيب.

حملتي برنبان وهنري لوت
في عام 1938 قام الرحالة (برنبان) بزيارة الجمهورية الجزائرية وقام بحملة إلى كهوف تاسيلي ليكتشفها .. وكان بانتظاره مفاجأة.

الآلاف من النقوش التي تعبر عن حضارة كاملة في مراحلها وأحوالها المختلفة، فتارة تجد رعاة الغنم، وتارة أخرى تجد أناس يرتدون الأزياء الفضائية، وملابس الغوص تحت الماء ليبدوا كما لو كانوا ضفادع بشرية، ورسوم مختلفة لرجال ونساء في ملابس عجيبة، وأطباق طائرة أو سفن فضائية عجيبة الشكل، وبشر – أو أشباه بشر – يحملون المظلات، ورجل يقود مركبة أشبه بالسيارة .. وغيرها من النقوش العجيبة.

شعر (برنبان) هو وفريقه بالذهول مما رأوا وقام بتسجيل ما رآه، ونقل بعض الرسومات على الورق، وعاد فوراً إلى بلده، ونشر ما رآه في بحث علمي في أكثر المجلات العلمية شهرة ومصداقية.

وقوبل بحثه بالكثير من الاستهتار والتقليل من الشأن، ولم يقتنع به إلا عالم آخر متميز هو (هنري لوت) الذي قرر القيام بحملة كشفية لكهوف تاسيلي واصطحب معه في هذه المرة آلات ومعدات التصوير، حتى يسجل لحظة بلحظة ما يراه.

وبالفعل .. بالاستعانة بالطوارق من قبائل الإرشاد الصحراوي في الجزائر، استطاع الرحالة (جيمس لوت) الوصول إلى كهوف تاسيلي، والتقاط العشرات من الصور التوضيحية المقربة، ليعود بها إلى العلماء المتشككين، ويريهم إياها.
وحينما رأى العلماء هذه النقوش، قامت الدنيا ولم تقعد ..

20 ألف سنة
النقوش التي في الصور قد نقشت قبل 20 ألف سنة على الأقل، بل إن بعضهم رجح أن يكون عمر النقوش 30 ألف سنة.

هذا بالطبع يضع علامة استفهام كبيرة في تاريخ البشرية، فإن أقدم حضارة معروفة مسجلة على سطح الأرض لم تتجاوز الـ 4 آلاف سنة، وفي حالات نادرة للغاية كان هناك احتمال لحضارات كانت موجودة منذ 10 آلاف سنة، ولكن لم يكتشف الإنسان حضارات أقدم من هذا، لذلك فظهور هذا اللغز فجأة يضع علامة استفهام كبيرة على المسلمات التاريخية التي بنى على أساسها العلماء التاريخ الحديث.

وأيضاً نقطة أخرى متعلقة بطبيعة هذه النقوش .. فهي لا تصف حضارة بدائية فحسب، فلو اقتصرت الرسومات على الزراعة والري والحيوانات والمراعي، لما كان الأمر محيراً إلى هذا الحد، ولكن الأمر تجاوز ذلك إلى المركبات عجيبة الشكل، والكائنات الفضائية، والمظلات، والمركبات البخارية، والغواصين، والعديد من الأشخاص الذين يرتدون الملابس العجيبة، وغيرها من الرموز المحيرة.

التفسيرات المحتملة
وكالعادة لم يسلم الأمر من كثير من الاستفسارات العجيبة التي لم يثبت صحة أياً منها حتى الآن:-
1- ما بعد الكارثة: تعتبر هذه النظرية من أعظم النظريات التي ناقشت أمر كهوف تاسيلي وأحببها إلى قلوب الناس، وهي نظرية الحضارة البائدة التي أتت عليها كارثة محققة. فترى هذه النظرية أنه كان هناك حضارة قديمة قبل عشرات الآلاف من السنين، وهي حضارة متطورة للغاية ربما أكثر بكثير مما نحن عليه الآن، فقد تمكنوا من استغلال موارد الحياة بالشكل الأمثل والأكثر نبوغاً، واقتحموا الفضاء، وقاموا بعقد صداقات مع مخلوقات فضائية، واكتشفوا فوائد القوة البخارية والنار والبترول والكهرباء وطوروا من حياتهم بشكل كبير.

ولكن هذه الحضارة تعرضت للفناء بسبب شيء ما ربما كان قنبلة نووية أو كارثة بيئية أو عوامل صحراوية رهيبة أدت إلى دفن هذه الحضارة وفنائها، وأن موقعها هو الصحراء الكبرى في المنطقة التي تغطي شمالي ليبيا والجزائر، وأن الناجون من هذه الحضارة قد تكفلوا بتسجيل حضارتهم على جدران هذه الكهوف ليراها الجيل القادم، ويعرف إلى أي مدى وصلت إليه هذه الحضارة.
النظرية بالطبع شيقة ومثيرة للخيال، ولكن تفنيدها سهل للغاية لدى العلماء، فلو كانت هذه الحضارة بهذا التقدم ووصلت إلى الفضاء، لماذا إذن اقتصرت الرسومات على الكهوف الجبلية في تاسيلي فقط، ولماذا لم نر مثل هذه الرسومات بهذا النمط في أماكن أخرى؟ ثم هل يُعقل أن تفنى حضارة بدون أن تترك خلفها أدنى أثر بمثل هذه الطريقة، وخاصة أنها حضارة عظيمة كما تصف الرسومات.

2- مخلوقات فضائية: وعلى النقيض نأتي لأضعف نظرية، وهي تقول أنه هناك مخلوقات فضائية أتت إلى كوكب الأرض منذ أكثر من 20 ألف سنة، وقامت بتعليم سكان الأرض بعض الحرف البدائية، وكان من ضمن وسائل تعليمها لهم هو نقش الأنشطة اليومية لهم على هذه الكهوف، أو أنهم كانوا فقط يصورون حياتهم في كوكبهم. فإذا كان هذا هو الوضع، فلماذا أيضاً اقتصر الأمر على كهوف تاسيلي فحسب ولم ينتشر في أرجاء الأرض؟ ولماذا لم يأت أولئك الفضائيون مرة أخرى بعد أن تطورت الأرض ليقيموا علاقة عاقلة متحضرة مع سكان الأرض؟ تفنيد هذه النظرية أسهل من السهولة، غير أنها لا تلاقي حماساً لدى الكثيرين.


3- قارة أطلانطس: وفي هذا الشأن يوجد نظريتان بخصوص (أطلانطس) .. الأولى تقول أن أحد الناجين من قارة (أطلانطس) الغارقة قد عبر مضيق جبل طارق، وقطع الساحل الشمالي لأفريقيا حتى وصل إلى هذه المرتفعات، وقام بتسجيل تفاصيل قارته والتقدم التي كانت عليه فيها. والرد هو: وهل لم يحلو له أي مكان في المغرب وموريتانيا وتونس حتى يقطع هذه المسافة ثم يصر على أن يكتبهم في كهوف منعزلة في جنوب شرق الجزائر؟ من يريد أن يعرفه العالم سيختار مكاناً مأهولاً بالسكان، وليس منعزلاً كهذا المكان.

النظرية الأخرى تقول أن مكان قارة (أطلانطس) الحقيقي هو في الصحراء الكبرى، وأن ما قصده (أفلاطون) عن غرقها في محاورته إنما قصد غرقها في الرمال، وأن هذه هي الآثار التي سجلها من تمكن من النجاة من هذه الكارثة قبل أن يرحل إلى العالم المأهول في مصر والجزائر وليبيا. وعلى الرغم من الجدل القائم حول هذه النظرية، فإن هذا لا يبرر ظهور بعض الآثار من (أطلانطس) الغارقة بالقرب من جزر البهاما، وقد أكد العلماء أن (أفلاطون) كان واضحاً للغاية بشأن موقع (أطلانطس) في أنها بعد أعمدة هرقل (مضيق جبل طارق) وهو خطأ لا يمكن أن يقع فيه رجل مثل (أفلاطون) عُرف بالدقة عبر التاريخ.

4- السفر عبر الزمن: وهو احتمال جنوني آخر، إذ يصور أن أحداً من أفراد الجنس البشري في المستقبل قد تمكن من اختراع ما ينقله إلى الماضي، وقام بتسجيل هذه النقوش على جدران الكهوف ليزيد من حيرتنا .. التفسير كما هو واضح خيالي ولا يمكن إثباته أو نفيه ولكنه لا يلقى الجدية الكافية عند العلماء.

انتهت التفسيرات التي تمكنت من جمعها لكم، وهناك تفسيرات أخرى ولكنها لا ترقى إلى الجدية العلمية، ولا حتى الهزل العلمي، فبعضهم يقول أنه رسمها أحدهم منذ عشرين ألف سنة بعد أن تناول بعض الأعشاب المسببة للهلوسة، وهو بحق تفسير مضحك يثير السخرية .. أي هلوسة تلك التي تصنع حضارة بهذا الكمال والوضوح؟

وعلى الرغم من التفسيرات العديدة التي وضعها العلماء، فقد بقيت كهوف تاسيلي صامدة ساخرة من جهودنا، وطوت جدرانها أصول السر، ولم تبح به لأحد حتى يومنا هذا.

و هذه بعض الصور للنقوش الموجودة على تلك الكهوف