حول العالم من هنا وهناك يهتم القسم بأخر أخبار العالم بمختلف المجالات .
( يمنع وضع المواضيع التي تدخل في السياسة أو الخلافات الطائفية ) |
#1
|
||||
|
||||
تلوث البيئة في العالم العربي ما بين الجهل و التجهيل
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا يوافي نعمه ، و يدفع عنا نقمه . و الصلاة ؛ والسلام على إمام المرسلين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم – رسول الرحمة ، والملحمة ، و بعد : قال تعالى : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .[1] بين البيان الإلهي : أن الشرك ، و المعاصي سبب لظهور الفساد في العالم ، و أن هذا الفساد سوف يعم كل الأرض برها و بحرها ، و من يقطن بهما من الكائنات الحية . إن من ينظر في عالمنا نظرة دقيقة متفحصة يتبين له أن درجة الفساد قد وصلت إلى أعلى نسبها . لذلك يجب علينا إعلان حالة الخطر في أعلى درجاتها فقد بلغ السيل أعلاه إما أن نغرق و نهلك ، أو نرجع إلى ربنا الرحيم ، و ديننا القويم ، فننقذ أنفسنا ، و أولادنا من عذاب محقق جزاءا وفاقا لما فعلته أيدينا ، و تهاوننا. إن مصطلح البيئة لفظ مستحدث في لغتنا العربية ، اشتق من كلمة ( باء ) أي رجـع إلى مستقر . جاء بالمعجم الوسيط أن البيئة هـما المنزل ، و الحال . و جاء في قاموس المنجد في اللغة أن البيئة : هي الحالة ، و يقال : " إنه حسن البيئة " أي حسن الحالة . وفى القرآن الكريم يقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا[2] الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [3]. وقد استخدم علماء المسلمين كلمة البيئة استخداما اصطلاحـيا منذ القرن الثالث الهجري ، و ربما كان ابن عبد ربه - صاحب العقد الفريد - هو أقدم من نجد عنده المعنى الاصطلاحي للكلمة ، و الذي يشير إلى الوسط الطبيعي ( الجغرافي ، و المكاني ، والإحيائي ) الذي يعيش فيه الكائن الحي . كما يشير إلى المناخ الاجتماعي ( السياسي ، و الأخلاقي ، و الفكري ) المحيط بالإنسان . وقد عرفت البيئة في الاصطلاح الحديث : بأنها كل ما هو خارج عن كيان الإنسان ، وكل ما يحيط به من موجودات مرئية أو غير مرئية . مثل الماء والهواء . و أهم ما يميز البيئة الطبيعية هو ذلك التوازن الدقيق القائم بين عناصرها المختلفة ، فلو أن ظروفا ما أدت إلى إحداث تغيير من نوع ما في بيئة ما ، فإنه بعد فترة قليلة سوف يعود الحال إلى ما كانت عليه بقدرة الله تعالى . و من أمثلة ذلك لو أن ناراً قد دمرت جزءاً من إحدى الغابات ، فإنه بعد عدة أعوام سوف تعود هذه الأرض التي احترقت أشجارها إلى طبيعتها الأولى ، فتنمو بها الحشائش و الأعشاب ، ثم تكسى بالأشجار الباسقة مرة أخرى إلا إذا تدخل الإنسان ، وحال دون عودة الأمور إلى نصابها . قال تعالى : (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [4]سورة فصلت ، الآية 39 . لذلك سوف أبحث في أهم أركان البيئة لعظم خطرها على الإنسان ، و حياته ، واستمراره ، وهي تلوث الهواء ، و تلوث الماء و أخيرا تلوث الغذاء بالمبيدات أولا – تلوث الهواء . يتكون الغلاف الجوي من خليط من عدة غازات أهمها غاز الأوكسجين ، والنتروجين ، و يحتاج الإنسان العادي إلى قدر كبير من الهواء كل يوم ، فهو يتنفس ما يقارب لـ 22000 مرة في اليوم الواحد في حالة السكون ، و تزيد مرات التنفس على ذلك كثيرا عند الحركة ، و بذل المجهود . و يعتبر الهواء ملوثا إذا حدث تغير كبير في تركيبه لسبب من الأسباب ، أو إذا اختلط به بعض الشوائب ، أو الغازات الأخرى بقدر يضر بحياة الكائنات التي تستنشق الهواء . و تتعدد أشكال المواد المسببة لتلوث الهواء ، و هي قد تدخل جسم الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي ، فتصل إلى الدم مباشرة ، أو تدخل إلى الجسم عن طريق مسام الجلد ، أو عن طريق الجهاز الهضمي مع الأغذية ، و المشروبات الملوثة . و أغلب العوامل المسببة لتلوث الهواء عوامل مستحدثة من صنع الإنسان نتيجة لما يسمى التقدم التكنولوجي ، و ظل التلوث يزداد يوما بعد يوم مع ازدياد الأخذ بالأساليب الصناعية ، و التكنولوجية الحديثة ، و ظل أثر هذه العوامل يتراكم على مر السنين حتى شعر الإنسان بخطرها المدمر على حياته . ثانيا – تلوث الماء . قالت تعالى : ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ) [5]. إن الماء ضروري للحياة ، و لا غنى عنه لجميع الكائنات الحية ، و تأتي أهميته للإنسان بعد أوكسجين الهواء مباشرة ، فالإنسان يحتاج إلى بعض لترات منه كل يوم ، لذلك يجب أن يكون هذا الماء نقيا في حدود سليما ، و إلا أصيب الإنسان بكثير من الأمراض ، والأضرار الجسيمة . وتعتبر مياه الأمطار من أنقى صور المياه الطبيعية ، و مع ذلك فإن يد التلوث قد تطالها ، فتحمل معها بعض الشوائب العالقة بالطبقات السفلى من الغلاف الجوي ، وتحملها معها إلى سطح الأرض . كما قد تتلوث مياه الأمطار فوق المناطق الصناعية ، ومناطق التجمع السكاني بسبب التلوث الهواء بدخان المصانع ، و بعوادم السيارات . فعند سقوط الأمطار تبدأ هذه المياه في إذابة كثير من المواد الموجودة في التربة من أمثال مبيدات الحشرات ؛ و غيرها ، كما أنها تجرف معها في طريقها كثيرا من الشوائب لتلقي بها في المجاري المائية مثل الأنهار ؛ و البحيرات . و من هنا يتضح ضرورة الاهتمام بالمكان الذي تؤخذ منه مياه الشرب للاستعمال الآدمي ، فيجب أن يكون ذلك من مكان يخلو من الشوائب ، و المواد العالقة ، و لا تحتوي على مواد ذائبة ، و بعيدا عن كل مصادر التلوث . و الحقيقة أن أغلب المدن ، و التجمعات السكنية تقع على ضفاف الأنهار ، والبحيرات ، فتؤخذ مياه الشرب للاستعمال الآدمي من المجاري المائية ، لذا يجب أن تكون هناك قوانين حازمة للمحافظة على هذا المصادر المائية من أي تلوث لتكون صالحة للاستعمال البشري . فمعظم النشاط الصناعي يطلق الشوائب ، و الفلزات السامة في الهواء ، و الماء دون أي رادع ، أو محاسب ، أو حتى رقيب حقيقي . لذلك أرى أن من المناسب قوله أن تلوث مصادر المياه قد بلغ درجة خطيرة جدا حتى وصل إلى المياه العميقة ، و قيعان البحار ، و بذلك أمتد أثر التلوث إلى كثير من أنواع الكائنات الحية التي تعيش في هذه البحار ، و المحيطات . ومن خلال تجاهل كثير من الحكومات لمشاكل التلوث من التوقع أن تزداد مشكلة التلوث خطورة بزيادة عدد سكان المدن ، و زيادة مياه الصرف الصحي ، و الفضلات الآدمية إضافة إلى مخلفات الصرف الناتجة من التجمعات الصناعية ، و التي يزداد حجمها ، و عددها يوما بعد يوم ، و ساعة بعد ساعة . ثالثاً – تلوث الغذاء . أفرط الإنسان في هذا العصر في استخدام المواد الكيمائية في كل الميادين ، و تعتبر المبيدات الحشرية المستخدمة في مكافحة الآفات من أخطر هذه المواد ، و أكثرها انتشاراً . ولا تزول أثر هذه المبيدات المتبقية في التربة إلا بعد انقضاء مدة طويلة قد تصل إلى أكثر من عشر سنوات ، وقد تحمل مياه الأمطار بعض هذه المبيدات من التربة إلى المجاري المائية ، و تسبب كثيرا من الأضرار لما بها من كائنات حية ، وقد تصيب بالضرر كلا من الحيوان ، و الإنسان . و قد تمتص النباتات التي تزرع في هذه التربة جزءا من هذه المبيدات ، و تختزنها في أسجتها ، ثم تنقل هذه المبيدات بعد ذلك إلى الحيوانات التي تتغذى بهذه النباتات ، وتظهر في ألبانها ؛ و لحومها ، و تسبب كثيرا من الضرر لمن يتناول هذه اللحوم ؛ و الألبان . و بعد الذي عرضت ، و بينت يتبين لنا حجم الخطورة ، و التهديد للبشر ، وجميع الأحياء ، فماذا يجب علينا أن نفعل أمام هذا الخطر الذي دخل جسمنا من الماء ، والهواء ، و الغذاء ، و الله المستعان . يجب علينا جميعا أفرادا ، و مجموعات ؛ و جمعيات أهلية ؛ و حكومية وطنية ؛ ودولية أن نهتم بما يلي : 1- توعية الناس بخطورة التلوث ، و أساليب انتشاره ، و مقاومته ، والقضاء عليه . 2- إنشاء منظمات خاصة أهلية مستقلة بقرارها و تمويلها تهتم بشأن التلوث ، وسبل مقاومته ، و فضح أسبابه و مرتكبيه . 3- إيجاد البدائل الممكنة للاستعاضة عن مسببات التلوث بدعم من المنظمات المدنية الحديثة ، و الحكومات الوطنية و الأمم المتحدة أيضا . 4- سن تشريعات صارمة موحدة بين الدولة العربية خاصة بحماية البيئة من التلوث و أسبابها . ولعل أهم النقاط التي أحب أن أبينها ، و أشرحها التشريعات الخاصة بحماية البيئة من التلوث : أن التشريعات الخاصة بحماية البيئة ليست أمرا مستحدثا في عالمنا العربي ، و لعل الشريعة الإسلامية كانت ، و ما زالت السباقة إلى هذا ، و من أمثلة ذلك قول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم الوارد عن أبي هريرة : ( لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ) [6]. و في رواية أخرى رواها النسائي : ( لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يغتسل منه ) [7]. و في رواية الطبراني عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى أن يبال في الماء الراكد و الجاري )[8] . لا شك أن منطوق ، و مفهوم هذا الحديث يحرم البول في الماء الراكد ، و الجاري ، فما بالك بأعظم ، و أخطر من البول من أمثال مصارف المدن ، و التجمعات السكنية ، و مخلفات المعامل ، و المصانع ، فلا شك أن حرمتها أشد لعموم خطورتها على عموم البشر ، و الأحياء . و هذا مما حرمه الإسلام ، و قاومه ، و شجع على القضاء عليه . فأتمنى من رجالات الشرع ، و القانون أن يستنبطوا تشريعات خاصة بحماية البيئة من الشريعة الإسلامية ، لأنها ستحترم ، و ستطبق أكثر من أي قانون أو تشريع آخر لمكانة الشريعة الإسلامية عند جميع المسلمين . هذا ، و قد صدر في كثير من دول العالم العربي تشريعات تستهدف حماية كثير من عناصر البيئة من التلوث ، بيد أن هذه القوانين ظلت في كثير من الأحيان حروف دون روح بسبب انتشار الفساد في كثير من الأنظمة العربية ، فرجالات الأعمال و من يتحالف معهم يتحملون القسط الأوفر من المشكلة ، فمن يستطيع أن يعقب مصنع أو منشأة صناعية يضر البيئة ، و يخالف القوانين ، و هو مملوك لزيد ، أو عمرو من المسئولين ، أو المتحالفين معهم ما دام هذا المسؤول بيده سن القوانين ، و تجاهلها إذا وقفت ضد مصلحته الضيقة . أختم القول بأن مشكلة تلوث البيئة في العالم العربي تكمن في تجهيل المواطن العربي بهذا الركن الهام من حياته الصحية ، و الجمالية و البيئية . وكذلك تجاهل كثير من الأنظمة العربية لمكافحة هذه المشكلة ، و التي تتحمل هي حصة الأسد منها لإسهامها فيها ، ولتجاهلها الحلول العملية النافعة فيها ، لذلك على المواطن ، و هو صاحب المصلحة ، و المشكلة ، و هو المتضرر الأول منها أن يتخذ موقف لإجبار الأنظمة العربية المتخاذلة ، و المتجاهلة لحل هذه المعضلة من جذورها من خلال فضح أساليبهم في كافة الطرق ، و الأساليب الممكنة ، و خصوصا في المواقع العلمية ، العربية العالمية في الشبكة العنكبوتية و المحطات الفضائية و كذلك على المختصين إقامة المحاضرات ، و الندوات ، و محاولة ترخيص جمعيات لكي تتبنى مسألة البيئة ، و مشاكلها من خلال الكشف عن مسببها ،و اقتراح الحلول المناسبة لها ، و الله الموفق . المحامي الدكتور مسلم اليوسف ----------------------------- [1] - سورة الروم ، الآية 41 . [2] - أي الذين سكنوا المدينة من الأنصار ، و أسلموا قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و استقرت قلوبهم على الإيمان بالله ، و رسوله. [3] - سورة الحشر ، الآية 9 . [4] - سورة فصلت ، الآية 39. [5] - سورة الأنبياء ، الآية 50 . [6] - رواه ابن ماجه ، ج1/124 برقم 344 ، وقال الشيخ ناصر الدين الألباني حديث صحيح . [7] - رواه النسائي ، ج1/125 ، وقال عنه الشيخ ناصر الدين الألباني حديث صحيح . [8] - رواه الطبراني ، وقال عنه الشيخ ناصر الدين الألباني حديث صحيح – صحيح تمام المنة ص 63 . </B></I> قال تعالى ( فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكْلْ عَلَىَ الله ) قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ) الهي انك تعلم مافي صدري من دعاء فيسره لي ... |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع تلوث البيئة في العالم العربي ما بين الجهل و التجهيل: | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
العلم نور و الجهل مهند | اسير الهمسات | قسم النُكَتْ والألغاز | 9 | 03-29-2012 02:53 PM |
أسعار السيارات فى مصر و العالم العربى | كويتي كول | أرشيف قسم البرامج | 0 | 04-01-2011 01:18 PM |
شاهد ما لم تشاهده من قبل فى العالم العربى | mohamed55 | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 1 | 03-25-2011 11:00 PM |
شاهد ما لم تشاهده من قبل فى العالم العربى | m1638 | حول العالم من هنا وهناك | 2 | 03-14-2011 03:31 PM |
برنامج لارسال رسائل مجانية للموبايل وعمل ليستة المرسل اليهم | غلطتينوبس | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 3 | 05-19-2010 12:00 AM |