بوسع فتى في غرفة نومه أن يجني فعليا مليون دولار بمجرد وضعه تطبيقا صغيرا لتلفون آبل

بوسع فتى في غرفة نومه أن يجني فعليا مليون دولار بمجرد وضعه تطبيقا صغيرا لتلفون آبل
هواتف «آي فون» منجم ذهب
كتب:دانييل لايونز
لم يحلم جي وانغ يوما بأن يصبح متعهدا في سيليكون فالي في مجال التكنولوجيا المتطورة. إنه بروفسور مساعد في جامعة ستانفورد،
oواختصاصي في المعلوماتية والموسيقى وكان أكبر مصدر شغف لديه تنظيم "أوركسترات أجهزة كمبيوتر محمولة" تميز المهووسين بالدراسة وتتألف من عشرين شخصا "يعزف" كل منهم في كمبيوتر محمول. ولكن في الصيف الماضي أقنعه صديقه جيف سميث ــ الذي سبق له أن أدار شركتي تكنولوجيا متطورة قبل أن يغادر عالم الشركات ليحضر صفوف تعليم موسيقى في ستانفورد ــ بأن يحاول ابتكار تطبيقات لهاتف آي فون الذي تصنعه شركة "آبل". جمع سميث وشخصان آخران مبلغا ماليا أوليا للإسهام في المشروع وشرع
وانغ، البالغ من العمر 31 عاما، في العمل برفقة مجموعة صغيرة من المهندسين. لقد أطلقوا على شركتهم اسم "سميول"، ووضعوا أربعة تطبيقات، يبلغ سعر كل نسخة منها دولارا واحدا. إنها عبارة عن ولاعة افتراضية، ومفرقعة نارية افتراضية، ومبدل صوت يتيح لمستخدمه تغيير صوته كيفما شاء، من دارث فيدر إلى جني صغير رفيع النبرة، أما الفائز الكبير في مجموعة التطبيقات، موسيقية. بعد إطلاقه في شهر نوفمبر، سجل أوكارينا 400 ألف عملية تنزيل في أقل من شهر. إن شركة سميول، التي رسمت في الأصل هدفا بتحقيق عوائد تبلغ مائة ألف دولار، سينتهي بها المطاف بدلا من ذلك بتحقيق عوائد أقرب إلى المليون دولار. يقول سميث: "هذا مذهل. الشركة تحقق الأرباح من الآن".
يستقل وانغ وسميث ركب أحدث ظاهرة تكتسح قطاع التكنولوجيا. إن آلاف الأشخاص يضعون تطبيقات لآي فون ويبيعونها من خلال متجر أب ستور التابع لآبل، وهو بدوره جزء من سوق أي تيونز على شبكة الإنترنت. لقد أطلقت آبل متجر أب ستور في شهر يوليو وأمنت حتى الآن أكثر من 300 مليون عملية تنزيل لأكثر من 10 آلاف تطبيق (من النماذج المختارة: محطة مجانية لسوق أسهم بلومبرغ، وتطبيق "أيبير" البالغ سعره 99 سنتا يطلق صوت سائل مدلوق عند إمالة هاتف آي فون). "لم نشهد مثيلا لهذا في حياتنا المهنية"، حسبما قال المدير التنفيذي لآبل ستيف جوبز لمحللين في وول ستريت خلال اتصال هاتفي جماعي حول المكاسب أجري في شهر أكتوبر.
لقد أطلقت آبل أول هاتف آي فون في يونيو من عام 2007 وأتبعته في يوليو من العام الماضي بطراز 3G يعمل مع شبكات الجيل الثالث يوفر سرعات أعلى لنقل المعطيات. باعت آبل 13 مليون هاتف آي فون، وفي الربع الثالث من هذا العام باعت هواتف فاق عددها مبيعات "ريسرتش إن موشن"، وهي الشركة التي تصنع هاتف "بلاكبيري". من ناحية العوائد، تزعم آبل اليوم أنها ثالث أكبر صانع هواتف محمولة في العالم، بعد "نوكيا" و"سامسونغ".
ترفض آبل الإفصاح عن المبالغ المالية التي يتقاضاها متجر أب ستور، وترفض أيضا أن تعلن عن عدد التطبيقات التي تم تنزيلها مجانا من أصل الـ300 مليون عملية تنزيل، وعدد التطبيقات التي بيعت من أصلها لقاء مبلغ مالي (معظم التطبيقات مجاني» أما كلفة التطبيقات الأخرى فتراوح بين دولار واحد وعشرة دولارات). تحصل آبل على حصة تبلغ 30 بالمائة من كل العوائد التي توفرها التطبيقات. ولكن ليس المال هو ما يهم آبل حاليا. إن الأمر الأهم هو السباق للتحول إلى المنصة المهيمنة في عالم المعلوماتية في الهواتف الخليوية، مثلما هيمنت أجهزة الكمبيوتر الشخصية ذات معايير "آي بي أم" والعاملة ببرمجيات مايكروسوفت ــ دوس في البداية ومن ثم "ويندوز" ــ على ميدان أجهزة الكمبيوتر الشخصي في ثمانينات القرن الماضي وأوائل تسعيناته. إن ميدان المعلوماتية في الهواتف الخليوية يشبه قليلا الفترات الأولى لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، عندما كانت أنظمة تشغيل مختلفة تتنافس على تبوؤ العرش. تتنافس اليوم في السوق ست منصات خاصة بالهواتف الذكية، من ضمنها منصة سيمبيان (التي تستخدمها نوكيا)، وويندوز موبايل، وبلاكبيري ومنصة "أندرويد" الخاصة بـ Google. إلا أن منصة جديدة ستطل من عند "بالم"، الشركة التي تصنع هواتف بالم بايلوت وبالم تريو. ستطرح بالم هذا العام منصة نظام تشغيل جديدة كليا خاصة بالمعلوماتية على الهواتف الخليوية. إن المنصة التي تستقطب أكبر عدد من واضعي التطبيقات هي المرجحة لتهيمن على السوق. في الوقت الراهن "إنه سباق سرعة لمسافة مائة ياردة وآبل متقدمة منذ الآن بـ75 ياردة فيما الشركات الأخرى لاتزال تحاول الخروج من مقصورة الانطلاق"، بحسب كين ديولاني، المحلل في مؤسسة "غارتنر" للأبحاث في سان خوسيه.
يكمن نصف متعة اقتناء هاتف آي فون في تجربة جميع التطبيقات الرائعة الجديدة التي يمكن تزويده بها، وواضعو التطبيقات يطرحون ابتكاراتهم بوتيرة صاعقة. "هذا أشبه بالتهافت على الذهب"، حسبما يقول براين غرينستون، الذي يدير شركة صغيرة جدا (تتألف منه فقط ومن بعض الموظفين العاملين بدوام حر) اسمها "بانجيا سوفتوير" في أوستن بتكساس، سبق لها أن ابتكرت عدة ألعاب رائجة لآي فون، من ضمنها لعبتا "كرو ماغ رالي" و"أنيغمو". غرينستون، البالغ من العمر 41 عاما، يبتكر ويبرمج ألعابا لأجهزة كمبيوتر آبل منذ 21 سنة. لكنه يقول إنه لم يشهد قط مثيلا لظاهرة تطبيقات آي فون، التي ستدر عليه عوائد بقيمة خمسة ملايين دولار. "هذا جنوني. إنه أشبه بأموال اللوتو. خلال الأشهر الأربعة ونصف الشهر الأخيرة جنينا من بيع تطبيقات آي فون بالمفرق المبلغ الذي جنيناه من البيع بالمفرق لكل التطبيقات التي ابتكرناها خلال السنوات الـ21 الماضية ــ مجموعة". الأعمال مزدهرة جدا لدرجة أن غرينستون لن يكلف نفسه حتى عناء ابتكار تطبيقات لأجهزة كمبيوتر ماك [ماكنتوش] بعد اليوم. وعلاوة على ذلك، ووفقا لما قاله غرينستون، ابتكار التطبيقات لآي فون أمر سهل: فبعضها يوضع خلال أسبوعين فقط على يد مصمم واحد. يقول غرينستون: "بوسع فتى في غرفة نومه أن يجني فعليا مليون دولار بمجرد وضعه تطبيقا صغيرا".
ستيف ديميتر، وهو مبرمج يبلغ من العمر 30 عاما، ابتكر لعبة لآي فون اسمها "تريسم" خلال أوقات فراغه، إذ عمل في الليالي ونهايات الأسابيع. وبحلول نهاية شهر سبتمبر كان قد كسب 250 ألف دولار خلال شهرين فقط. لقد كسب مالا إضافيا منذ ذلك الحين، لكنه يرفض الكشف عن المبلغ. إلا أنه مبلغ كاف له بحيث قدم استقالته من وظيفته في بنك "ويلز فارغو"، الذي كان يضع فيه شيفرات لأجهزة الصراف الآلي، واستخدم خمسة مهندسين ليطوروا مجموعة من الألعاب الجديدة لـ آي فون. يقول: "قد نحصل على تمويل. وقد يتم الاستحواذ على شركتنا. ثمة خيارات كثيرة معروضة. حياتي مختلفة جدا عما كانت عليه قبل سنة". لا أحد يعرف إلى أين ستؤول الأمور بعد سنة من الآن. ولكن في الوقت الراهن، صغار المبتكرين مسرورون بالاستفادة من زخم آبل.

المصدر نيوز ويك