₪ مدينة سمرقند و أروع محاكمة فى التاريخ ₪

يسرنى أن أقدم لكم هذا الموضوع بعنوان
" مدينة سمرقند و أروع محاكمة فى التاريخ "

تمر الايام و تتعقاب الاحداث متسارعة ينسى بعضها بعضا , لكن يسطر التاريخ أحداث لا يمكن نسيانها بأى حال من الاحوال .يذكر الناس أمجاد و أعمال لأمم الأرض شتى , ونحن نفخر بأمجد أمتنا أمة الاسلام ..
ان شئت تذكر هذه الامجاد فتعال معا نقرأ هذه الاحداث عن واقعة سمرقند الذى كتبها التاريخ بمداد من نور على صفحات من ذهب.






تقع مدينة "سمرقند" في آسيا الوسطى، في بلاد ما وراء النهر. ـ ومعني الاسم "قلعة الأرض"، ـ وقد وصفها "ابن بطوطة" بقوله: " إنها من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا، مبنية على شاطئ وادٍ يعرف بوادى القصَّارين، وكانت تضم قصورًا عظيمة، وعمارة تُنْبِئ عن هِمَم أهلها ".






كانت الفتوحات الاسلامية فى عهد الدولة الاموية فى ذروتها , و حينما تولى الخليفة عمر بن عبد العزيز الخلافة أمر بفتحها . خرج جيشا بقيادة القائد العظيم قتيبة بن مسلم لفتح بلاد ما وراء النهر كان ينذر القرى و يعرض عليهم الاسلام أو الجزية أو الحرب .فيطلوبوا الحرب هكذا حتى و صل الى سمرقند فلم ينذرهم و دخل المدينة و فتحها.
عندها أصدر الكاهن الاكبرأمرا بأن يذهب أحد الافراد الى الخليفة فى دمشق فيشكو اليه .وبالفعل وصل الرجل الى دمشق أعجب بها و بالحضارة المزدهرة فيها ,ثم قابل الخليفة و كاد أن يفقد عقله لما رأه من زهده و ورعه وهو الذى بركت الدنيا على عتبته .ثم حكى له الخبر ,فأمر القاضى بأن ينظر فى شكواه, و بالفعل ذهبا الرجل السمرقندى و القاضى الى سمرقند , و هناك بدأت أعظم و أروع محاكمة فى التاريخ.

أمر القاضى غلامه فنادى على الناس فاجتمعوا
تكلم القاضى بصوت خافت فقال للكاهن:
- ما تقول
- قال الكاهن : ان القائد المبجل قتيبة بن مسلم . قد دخل بلنا غدرا من غير منابذة و لا دعوة للاسلام .
- قال القاضى للأمير : ما تقول ؟
- قال "القائد" :أصلح الله أمر القاضى ,ان الحرب خدعة وهذا بلد عظيم قد قد أنقذه الله بنا من الكفر و أورثه المسلمين .
- قال القاضى :أدعوت اهله الى الاسلام , ثم الى الجزية , ثم الى القتال ؟
- قال القائد :لا.
- قال القاضى : انك قد أقررت , و ان الله ما نصر هذه الامة الا باتباع الدين و اجتناب الغدر . و انا والله ما خرجنا الا جهادا فى سبيل الله .
حكمت بأن يخرج المسلمون من البلد , و يردوه الى أهله , ثم يدعوهم و ينابذوهم و يعلنوا الحرب عليهم .
سمع الكهنة و أهل سمرقند بذلك و لكن كذبوا أعنهم و آذانهم . حتى سمعوا ضجة و رأوا غبار متصاعد يكاد يسد الافق و اذا بالجيش الاسلامى يخرج من البلد نزولا على المحاكمة العادلة .
فكاد الكهنة و اهل سمرقند ان يصعقوا مما رأوا , فلما أبصرت أعينهم عدل الاسلام و رأت قلوبهم نور الهدى .قال مبعوث الكاهن الى الخليفة أشهد ان لا اله الا الله و أن محمد رسول الله ,عندها قال الكاهن و أنا أشهد .....
و تزلزلت سمرقند بالتكبير ...و يعود الجيش المسلم الى البلد المسلم , لم يبق حاكم و لا محكوم , و لا غالب و لا مغلوب ,صار الجميع اخوانا فى الله , لا فضل لعربى على عجمى , و لا لقوى على ضعيف , الا بالتقوى و العمل الصالح .
و دخلت سمرقند كلها فى الاسلام , فلن تخرج منه أبدا .

فاذا تصفحت التاريخ من مطلعه الى منتهاه لن تجد أمة من الامم سادة بأخلاق أهلها و دينها الا أمة الاسلام ,فأكرم بأمة قائدها المصطفى .
هكذا كنا فمتى نعود ...... نحن أمة الاسلام فمتى نسود
أمة أبنائها كالأسود ......أحفاد الصحابة هم الجنود
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما , و أن نكون قد استفدنا من هذه القصة " لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثا يفترى " , وأقول أنه لابد من مطالعة ماضى الأمة و أمجادها ,فمن الماضى نرسم الحاضر و نبنى المستقبل.

الأبيات من تأليفى

كتاب " قصص من التاريخ " للشيخ الاديب على الطنطاوى

منقوووول