مارلين مونرو ولينا الهويان

مارلين مونرو حين تقرأ. .
وحين تنزع المرأة قلب القطة

:1 (40)::1 (7)::1 (40):
مقالة بقلم الروائية السورية لينا هويان الحسن


:1 (41):


بالتأكيد هكذا فكرت : حتى لا تكون دمية أو محض امرأة جميلة دماغها فارغة, كانت المطالعة من هوايات مارلين مونرو وكان حولها من ينتقي لها الكتب.
واذا كان المصورين قد تفننوا بالتقاط الصور لجسدها العاري في أكثر من مرة فانهم أيضاً فعلوا ذلك وهي تقرأ. ترتدي شورت قصير يبرز فخذيها تماما وقميصا مختزلا يظهر أكثر ما يخفي. وحين أصدر جيمس جويس روايته المدوخة والصعبة بحق " عودة عوليس" كان هنالك من يلتقط لها صورة وهي تقرأ تلك الرواية وتبدو مندمجة تماما مع أجوائها وتعمد المصور أن يبدو الغلاف واضحاً لاقناع العالم بأن مارلين ليست فاتنة وحسب إنما انثى مثقفة مكتملة النضج. كان كل ذلك جزء من تكتيك مدير أعمالها لصنع الخلطة التي يعشقها الرجال : المرأة الجميلة والمثقفة والأنثى.

وبعد ذلك ليس بكثير في بداية الستينات حدثت تظاهرة شهيرة في أمريكا خلال حفل انتخاب ملكة جمال أمريكا حين قمن اثنتي عشرة امرأة برفع لافتات مناهضة للحفل وتطالب بتحرير المرأة واعتبرن حفل اختيار ملكة جمال "تحويل المرأة إلى سلعة بطريقة مضحكة" وبعدها توالت احتجاجات المرأة "النسوية- السلمية والرمزية " إن صح التعبير. ومن أشهرهن الكاتبة والنشطة روبن مورغان التي قرأنا لها مؤلفاً شهيراً "عاشقة الشيطان" وكانت احتجاجاتهن على "تسليع" المرأة هادئة نسبياً حيث قمن برمي ما اعتبرنه رموز قمعهن " صديريات و أحذية بكعوب عالية, مشدات. . وبهذا الصدد يومها قالت روبن مورغان " كنا أنيقات جداً ورائحة المطاط عندما يحترق كريهة جداً". حتما هذا هو الملمح الانثوي البحت لا للاطارات المحروقة لأسباب جمالية. أيضاً لا, لطريقة الذكور بالاحتجاج. فترسانة المرأة دائماً كانت أكثر رمزية وتكثيفاً وذكاءً. الذكاء ذاته الذي دفع مارلين للاكتراث للثقافة وربما هوايتها الحقيقية و ربما من العلامات القوية لذلك غرامها بالكاتب الأمريكي الشهير أرثر ميللر وزواجها منه والذي انتهى بالطلاق بعد مدة أيضاً خلال مدة زواجها منه تم التقاط صور كثيرة لهما معاً وفي أكثر من صورة تبدو مارلين بوضعية ربما لا يقبلنها الناشطات النسويات حيث تبدو في إحدى الصور جالسة قرب كرسيه بهيئة جارية. ؟ !
واذا تميزت مارلين بحس مسؤول تجاه الثقافة فان نجمات الجمال والاغراء لاحقاً مثل بريجيت باردو وغيرها لم يبدين أدنى اهتمام بمسألة الثقافة واكتفين بلامبالاتهن الفطرية كنساء جميلات يكفيهن حسنهن ليحصلن على ما يرغبنه ولم يكترثن حتى للحركة النسائية التي كانت قد اشتعلت عالمياً إلى أن جاءت جين فوندا ولم تكتف بدورها " كوني جميلة واصمتي" انما قالت جملتها الشهيرة "على النساء أن ينزعن من صدورهن قلوب القطط وأن يتحولن إلى بركان تحت أقدام الرجال"وإذ بجين فوندا التي نافست بريجيت باردو وكاترين دونوف تظهر بهيئة ناشطة سياسية ونزعت ثياب فيلمها الشهير" بارباريللا" وذهبت إلى فيتنام في عام 1972 حيث زارت هانوي وأعلنت عن موقفها السياسي وأصبحت تصف نفسها بالانثوية والليبرالية. وصنعت جين فوندا لنفسها قدمين من زلزال.

ثمة حرب خفية تشتعل كل يوم بين النساء فيما هن يبحثن عن صورتهن النهائية التي ترضيهن وبنفس الوقت تعجب الرجل. وهذا – اعجاب الرجل- ما أنكرنه النسويات وشطحن في حركتهن التحررية وتنصلن من انوثتهن وانقلبن إلى مسترجلات وبالغن بالمطالبة بالمساواة مع الرجل لحد أنهن قدن المرأة إلى المعامل والجندية . . كدن أن يتحولن إلى كائنات اسمنتية مسلحة بمنطق محاربة الرجل.
وخلفت الحركة النسوية العالمية أنماط جديدة من النساء فاختلفت المفاهيم تبعا لاختلاف المجتمعات و تنوع موروثاتها الثقافية وتقاليدها.
فعلى المستوى العربي فجرت نوال السعداوي منطقها النسوي والبيولجي التناسلي الحاد وغير القابل للتصالح مطلقاً مع الواقع والتاريخ مقارنة مع منطق لاحق اقترحته فاطمة المرنيسي التي بدت أكثر اعتدالاً وقبولاً ومنهجية وحذرا ودقة وعبرت عتبة الحريم بكثير من الاحتياط والدهاء و "الثقافة".
إنها" الثقافة" وحدها قادرة على انتشال المرأة من براثن الماضي الحريمي الثقيل دون اسراف وبعيدا عن خطر الزحلقة من امرأة متحررة حقيقية تعرف كيف توازن بين ثقافة مكتسبة وإرث تاريخي يؤثث ذاكرتها وجذرها وامرأة أحرى تفهم التحرر على انه انفلاتا تاما وتحللا نهائيا من الأخلاق والأنوثة لصالح ما تفهمه على أنه تمرداً فتتحول إلى غانية بثياب مثقفة وتبدأ رحلة التسكع من سرير إلى سرير وتصبح عابرة أسرة و أرصفة وتعود محض جارية على موائد الرجال دون أن تنتبه إلى ذلك بل وتبرر ذلك بالثقافة. .

بكل الأحوال اذا لم تتصالح المرأة مع انوثتها ومع حقيقة أنها أجمل بكعب عال وطلاء الشفاة والأظافر فانها ستقف في مهب الشك وحسب.