وغدًا سيجمعنا التّراب !

قالوا: الرّحيلَ
فلم أرى إلا عيون الناسِ
ناعسة تفتش عن دليل !
قصص الرّحيل
تكاثرت هذي السنون
ولستُ أجزع
للرّحيل !

قالوا: الرّحيل
والحزن في أكوابنا
قد صُبَّ لم يبقى سوى
الشيء القليل !
هذي المنيّة إن أتت !
ما يصنع المفجوع فيها ؟
إلا القناعة والرضا، والصبر
ذا الزّاد الثقيل .

قالوا: الرّحيل
والشّمس خلف الغيم
يخجلها الظهور !
الحرُ برد
الصبحُ ليل
وربيعنا أضحى إلى صيفٍ بديل
فاليوم قد جاء الرّحيل .

قالوا: الرّحيل
يا أيُّها الأسد الّذي
لم يمحو من أثرٍ سوى بعض الخطى
غطتها ذرات التراب، قد عشت أعوامًا تفكر
بالغياب، فبنيت قصرًا في السماء وفي القلوب
له مثيل !

قالوا: الرّحيل
يا أيها الأسد الّذي
ما ملّ تكبيل الذباب ؟
أسمعت كم نبح الكلاب ؟
و الدّمع فوق مقاعد المزن يغطيه الضباب
والمزن تستجدي البكاء ولا تجيد
له سبيل !

قالوا : الرّحيل
وغدًا سنمضي كلنا
من حيث جئنا ، وغدًا سيجمعنا التراب،
ويلفنا الرّمل ويدفننا الأحبّة والأقارب والصحاب ،
وسيلحق الأبناء بالآباء والأحفاد بالأجداد !

غدًا
ننام فلا نعود
إلى الحياة مع الصباح
ولا نبّكر للدوام ولا الفلاح
غدًا نموت، والله حيٌّ لا يموت،
الله حيٌّ لا يموت !


*

إنّ القلب ليحزن، وإن العين لتدمع،
وإنا لفراقك يا أسد السنّة لمحزونون، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
الرُّضَابْ 17 يونيو 2012