●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الثامنْ والأخير || ~
● ● ● ●
.
.: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :.
أسعد اللهَ أيامكُم ولياليكُم بطاعتـه وحـسن ذكره
كـيـف حـالكُم , وأحـوالـكُم أيها الأعضاء الكرام .؟
عساكُم بخير وكُلُ الأمورِ بخير وعافية وصحة
.
● ● ● ●
● ● ● ●
.
الحمدلله , بفضل الله نعودُ مُجدداً لنُكمل هذه السلسلة , سيرة مولانا عُمـر
بن الخطاب رضيَ الله عنه بإذن الله , ولزيارة الأجزاء السابقة مِن السلسلة :-
● ● ● ●
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الأول || ~
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الثاني || ~
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الثالث || ~
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الرابع || ~
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الخامس || ~
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ السادس || ~
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ السابع || ~
● ● ● ●
نسأل الله تعالى أن تكون هذه السلسلة مصدر فائدة وأستفادة وأن يتقبله خالصاً لعظمته ~
والنبدأ بالموضوع على بركة الله :-
.
● ● ● ●
● ● ● ●
.
رابعاً: اهتمامه بحدود الدولة:
كان عمر رضي الله عنه من خوفه على المسلمين وحدود الدولة الإسلامية لاتساعها وكرهه لقتال الروم يقول إذا ذكر الروم: والله لوددت أن الدرب جمرة بيننا وبينهم لنا ما دونه وللروم ما وراءه([1]). وقال الشيء نفسه حول حدود الدولة الإسلامية نحو الفرس: لوددت أن بين السواد وبين الجبل سداً لا يخلصون إلينا ولا نخلص إليهم، حسبنا من الريف السواد، وإني أوثر سلامة المسلمين على الأنفال([2])، فأمر بإقامة قواعد عسكرية إسلامية لها عدة وظائف ومهام والتي سبق وأشرنا إلى بعض منها بالإضافة إلى كونها مراكز حربية في مواقع استراتيجية متقدمة على الحدود بينها وبين البلاد المفتوحة لترد أي عدوان خارجي وكمراكز تجمع للجند ولنشر الإسلام وكان في طليعتها مدينتا البصرة والكوفة في مجاورة الدولة الفارسية والفسطاط بمصر([3])، وثغور أخرى بسواحلها وسواحل الشام لرد هجمات الروم من البحر، وجند أربعة أجناد فيما بعد فيقال جند حمص وجند دمشق وجند الأردن وجند فلسطين حيث كانت لاختصاصهم حتى عرفوا بها وصارت لهم علامة زائدة على النسب يتميزون بها عند أمرائهم لتسهيل عملية إدارتهم في المهمات العسكرية ولرعاية شؤونهم والتي كان منها العطاء([4])، هذا إلى جانب المعسكرات والتحصينات التي بالثغور والتي سبق إجلاء العدو عنها واستولى عليها المسلمون واتخذوها قواعد عسكرية لهم وأسكنوا بها جندهم لحماية حدود الدولة الإسلامية([5])، ثم صار المسلمون كلما تقدموا في الفتح أقاموا في نهاية توسعهم ثغراً يحرس الحدود يشحن بالجند المرابطين ويتولى أمره قائد من أكفأ القواد([6])، ومن أهم تلك الإجراءات التي اتخذها الفاروق رضي الله عنه بإقليم العراق والمشرق المسالح التي أقيمت بين المسلمين والفرس فحينما بلغ اجتماع الفرس على يزدجرد للقائد المثنى بن حارثة والمسلمين كتبوا إلى الخليفة عمر بذلك فجاءهم الرد بقوله: أما بعد فأخرجوا من بين ظهراني الأعاجم وتفرقوا في المياه التي تلي الأعاجم على حدود أرضكم وأرضهم.. فنفذ المثنى الأمر([7])، كما أوصى الخليفة عمر رضي الله عنه سعداً قبل القادسية بقوله: وإذا انتهيت إلى القادسية فتكون مسالحك على أنقابها([8]). وفي جلولاء كتب عمر رضي الله عنه إلى سعد: إن هزم الله الجندين، جند مهران وجند الأنطاق فقدم القعقاع بن عمرو بثغر حلوان بجنود المسلمين لحماية المنطقة والحفاظ عليها من تقدم الأعداء وحتى يكون ردءاً لإخوانه من جند المسلمين الغازي منهم والمقيم([9])، لذا كان القائد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بالعراق يطلب من الجند ويحثهم على التقدم نحو الفرس مخبراً إياهم أن الثغور والفروج قد سدت بقوله: ليس وراءكم شيء تخافون أن تؤتوا منه كفاكموهم أهل الأيام وعطلوا ثغورهم وأفنوا ذاتهم([10])، والملاحظ أن هذه المسالح في عهد الفاروق لا تنشأ إلا بأمر من القيادة العليا المركزية للإدارة العسكرية وذلك في قول الخليفة عمر لقادة المسالح: اشغلوا فارس عن إخوانكم وحوطوا بذلك أمتكم وأرضكم وأقيموا على حدود ما بين فارس والأهواز حتى يأتيكم أمري([11])، وقد بلغت ثغور الكوفة وحدها في عهد الفاروق أربعة ثغور هي: ثغور حلوان وعليه القعقاع بن عمرو التميمي، وثغر ماسبذان وعليه ضرار بن الخطاب الفهري، وثغر قرقيسيا([12]) وعليه عمر بن مالك الزهري، وثغر الموصل وعليه عبد الله بن المعتم العبسي وكان لكل قائد من هؤلاء من ينوب عنه في ثغره لإدارته إذا توجه لمهمة ما، ومن الجدير بالذكر أن جند المسلمين لا يبنون الثغور حصناً ولا يمصرون مدينة إلا وأقاموا المسجد في المقدمة لما له من دور دعوي وتربوي وجهادي كما هو معروف([13])، وأما فيما يتعلق بحماية الحدود بين الروم والمسلمين في الجبهة الشامية في عهد عمر رضي الله عنه، فقد بدأت عنايته بها أيضاً منذ الفتح الإسلامي لبلاد الشام حيث اتخذ لذلك إجراءات دفاعية كثيرة ومتعددة لحماية المنطقة، منها بناء المناظر وإقامة الحرس واتخاذ المسالح به وتحصين المدن الساحلية إلى جانب الرباطات الدائمة بالإضافة إلى الحصون المفتوحة وترتيب المقاتلة فيها أي الجند الغازي وسياسة التهجير أو النواقل وجمعه الساحل الشامي كله تحت إدارة عسكرية موحدة ففي السنة التي سار فيها عمر بنفسه إلى بلاد الشام لتوقيع الصلح مع أهل بيت المقدس تفقد بعض الثغور الشامية ووضع بها الحاميات والمسالح ورتب بها أمراء الأخبار والقادة وسد فروجها ومسالحها وأخذ يدور بها ليرى احتياجاتها الدفاعية([14])، ثم رجع إلى المدينة وخطب الناس قبل رجوعه قائلاً: ألا قد وليت عليكم وقضيت الذي علي في الذي ولاني الله من أمركم إن شاء الله قسطنا بينكم فيئكم ومنازلكم ومغازيكم وأبلغنا ما لديكم فجندنا لكم الجنود وهيأنا لكم الفروج وبوأنا لكم ووسعنا عليكم
ما بلغ فيئكم وما قاتلتم عليه من شامكم وسمينا لكم أطماعكم وأمرنا لكم بأعطياتكم وأرزاقكم ومغانكم فمن علم علم شيء يينبغي العمل به فبلغنا نعمل به إن شاء الله
ولا قوة إلا بالله([15])، وعندما فتح أبو عبيدة بن الجراح ثغر انطاكية بالحدود الشامية الشمالية كتب إليه الخليفة عمر رضي الله عنه قائلاً: أن رتب بإنطاكية جماعة من المسلمين أهل نيات وحسبة وأجعلهم بها مرابطة ولا تحبس عنهم العطاء([16])، فنقل
أبو عبيدة قوماً من أهل حمص وبعلبك مرابطة بها لحماية حدود المنطقة من أي عدوان خارجي وعين على الثغر حبيب بن مسلمة الفهري الذي اتخذ من ثغر إنطاكية قاعدة لانطلاقه لغزو ما خلف الحدود الإسلامية فمنها كان يأتي المدد للخطوط الأمامية في الجبهة الرومية وكان منها غزوة للجرجومة([17]) التي صالح أهلها على أن يكونوا أعواناً للمسلمين وعيوناً ومسالح في جبل اللكام ضد الروم([18])، وكذلك عندما سار أبو عبيدة إلى ثغر بالس([19]) رتب به جماعة من المقاتلين وأسكنه قوماً من عرب الشام الذين أسلموا بعد قدوم المسلمين لحفظ الثغر وضبطه من هجمات الروم([20])، ومن التحصينات والوسائل الدفاعية التي اتخذها الوالي معاوية بن أبي سفيان لحماية الحدود الإسلامية لسواحل الشام في نهاية عهد عمر بن الخطاب بداية الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهما هو قيامه ببناء عدة حصون مثل أطرسوس([21])، ومرقية([22])، وبلنياس([23])، وبيت سليمة، بالإضافة إلى قيامه بتطوير الحصون التي استولى عليها الجند المسلمين بسواحل الشام وشحنها جميعاً بالجند المقاتلة وأقطعهم القطائع بها وبنى المناظير ووضع بها الحرس لمراقبة اقتراب العدو فتقوم كل منظرة بإشعال النار لإخبار الأخرى التي تليها إلى أن يصل الخبر إلى المدينة والثغر والمسلحة في زمن قليل فيسرعون نحو الجبهة التي أقبل منها العدو للتصدي له ومنعه من التسلل([24])، وفيما يتعلق بحماية الحدود بين المسلمين والروم في الجبهة المصرية لإدارة عمر رضي الله عنه، فقد شملتها الرعاية والعناية كمثيلاتها من الجبهات الأخرى فقد أمر عمرو بن العاص ببناء الفسطاط كقاعدة عسكرية أولى لإيواء جند المسلمين بالمنطقة وجعل لكل قبيلة محرساً وعريفاً فمنها كان المنطلق في الفتوحات الإسلامية لشمال أفريقيا بالإضافة إلى كونها إحدى الحاميات الدفاعية المهمة للثغر المصري إلى ما هنالك من مهام تضطلع بها واشترط عمر رضي الله عنه في موقعها، كما اشترط في مواقع القواعد السابقة بأن لا يفصل بينها وبين القيادة العليا المركزية بالمدينة ماء حتى يكون الاتصال بينهما مستمراً وميسرا([25])ً وكان عمرو بن العاص يذكر جنوده بأن مقامهم بمصر عبارة عن رباط وذلك في قوله: اعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حولكم وتشوق قلوبهم إليكم وإلى داركم معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية، وفي الفترة التي استولى فيها جند المسلمين على الحصون والمسالح التي بالثغر المصري قاموا بتجديدها وترميمها والاستفادة منها في مرابطتهم حيث شحنوها بالجنود وكان العريش أول مسالح مصر وأعمالها([26])، وقد أمر الفاروق بإقامة المسالح على سواحل مصر كلها([27])، وحينما فتح عمرو بن العاص ثغر الإسكندرية جعل به ألف رجل من أصحابه مسلحة به لحفظه وحمايته وكان عددهم لا يفي بالغرض المطلوب مما جعل الروم يعودون إليهم من البحر فقتلوا من قتلوا من أصحاب المسلحة وهرب من هرب فرجع إليهم عمرو بن العاص مرة أخرى وفتح الثغر وجعل من أصحابه لرباط الإسكندرية ربع الجيش كما جعل في السواحل الربع الآخر وأبقى معه بالفسطاط النصف الآخر([28])، وكان الفاروق يبعث في كل سنة غازية من أهل المدينة المنورة ترابط بثغر الإسكندرية ويكاتب الولاة بأن لا تغفل عنها وأن تكثف رابطتها، إضافة إلى من جعل بها عمرو بن العاص من المرابطين([29])، وبذلك استكمل عمر رضي الله عنه فقهه البعيد في حماية الحدود البرية وتحصينها في الجبهات الثلاث العراقية والشامية والمصرية([30])، ولم يقتصر الأمر على هذه الوسائل الدفاعية لحماية الحدود الإسلامية بل أنشأ عمر رضي الله عنه نظام الصوائف والشواتي وهي الحملات التي كانت تخرج بانتظام سنوياً كالدوريات المنظمة في فصل الصيف وفي فصل الشتاء([31])، ولم تقتصر حملات الشواتي والصوائف على ثغور بلاد الشام بل شملت كافة حدود الدولة الإسلامية حينئذ وكان يتولاها كبار القادة أمثال أبي عبيدة بن الجراح، ومعاوية بن أبي سفيان والنعمان بن مقرن وغيرهم كثير([32])، وكان الفاروق يزيد في الأرزاق والأعطيات للجنود الذين يبعثون إلى الثغور للمرابطة بها حتى تعينهم على تحمل بعدهم ويقطعهم القطائع بها([33])، ونرى قادة الفاروق رضي الله عنه في إدارتهم العسكرية للمعارك يقسمون لأهل المسالح من الفيء مثل الذي يقسم لهم لأنهم كانوا ردءاً للمسلمين لئلا يؤتوا من وجه من الوجوه([34])، وحين حضرت الخليفة عمر رضي الله عنه الوفاة قال موصياً الخليفة من بعده: وأوصي الخليفة من بعدي بأهل الأمصار خيراً فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو، وأن لا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم([35]).
.
● ● ● ●
التعديل الأخير تم بواسطة ĵυ๓аnα ; 07-20-2012 الساعة 10:47 AM
سبب آخر: رفع وسام المواضيع المميزة أعلى الموضوع =)
|