قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة قسم خاص بجميع المواضيع المحذوفة و المُكررة والتي لاتنطبق على الشروط والقوانين والتي لا شأن لها في أي قسم من أقسام المُنتدى |
#1
|
||||
|
||||
التّحرُش الجنسيّ آفة تهلك بالمُجتمع.
من نتائج ضعف الوازع الديني في نفوس الكثيرين وانحسار أثره فيها ، ما فُوجئت به المجتمعاتوخاصة الإسلامية بين الفينة والفينة من مظاهر ذلك وتداعياته ، والذي تظهر آثاره في انتشار مقاه (الإنترنت) ونواديه ، وانكباب الجنسين في هذه المقاهي والنوادي وغيرها علي اتصال أفراد كل جنس بأفراد الجنس الآخر عن طريق ما يُسمي "chattig" الذي يعدُّ نوعًا من التحرُّش الجنسيبين مَنْ يستخدمونه ، أو الدخول إلي المواقع التي تبث أو تعرض صورًا لا يحل مشاهدتها ، وغير ذلك مما أتاحته شبكة (الإنترنت) هذا فضلاً عمّا يفعله بعضهم من مطاردة النساء في مواضع تجمعهن ، كالأسواق أو معاهد العلم ومدارسه ، أو المشافي أو المصالح الحكومية أو الدواوين وغيرها ، والتي تصل في بعض الأحيان إلي حد إسماع الأنثى كلمات الغزل ، أو وصفها بأوصاف بغية لفت انتباها ، أو تضييق الطريق عليها ، سواء أكانت تسير مُترجلة أم راكبة بمفردها مع غيرها ، وإلقاء البطاقات التي تحمل أرقام الهواتف بداخل السيارة ، أو ملاحقتها بسيارته لإرباكها وإجبارها علي التوقف إن كانت تقود السيارة ، أو إكراها بذلك علي السير في الطريق الذي يريدها أن تسلكه ، ونحو ذلك ، وكل هذا حادث ويحدث ويتجدد حدوثه ، ونظرًا إلي انشغال الناس بأمورهم الخاصة وانكفائهم علي ذواتهم ، وعدم القيام بواجب الأمر بالمعروف وإنكار المنكر ، استفحل هذا المنكر بدرجات متفاوتة في المجتمعات الإسلامية ، ولما كان الغالب هو تحرش الذكور بالإناث فإني أتناول في هذه العجالة أسباب ذلك ، وتداعياته ، وحكمه ، والسبيل إلي الإقلاع عنه . التحرُّش : هو التحكُّك والتعرُّض والتحريش : هو الإغراء بين الناس والحَرْش والتحريش : هو إغراء الإنسان والأسد ليقع بقرنه وحَرّش بينهم : أفسد وأغري بعضهم بعضًا والحرش والاحتراش تهييج الضبَّ في جحره ليُصاد يُقال : حرش الضبَّ يحرشه حرشًا صاده ، والاحتراش في الأصل هو الجمع والكسب والخداع ، ومن ثم فإن تحرش أحد الجنسين بالآخر يُراد به إتِّباع الحيلة والخداع للإيقاع به ونيله . إن لتحرُّش الذكور بالإناث أو العكس ( نادراً ) أسبابًا عدة ، يمكن إجمالها فيما يلي : 1ـ غياب الوازع الديني أو انحساره من النفوس : لا يخفي علي أحد انحسار الوازع الديني في نفوس الكثيرين ، ليحل محله اللهث وراء ماديات الحياة ، واستجلابها من وجوهها المشروعة وغير المشروعة ، بحسبانها في نظر بعضهم وسيلة إشباع الحاجات ، المتنامية بتنامي وجوهها الْمُعلَنْ عنها بوسائل الإعلام فضلاً عن استيراد ثقافة غير المسلمين وتبنِّيها ، سواء أكانت وافقت أحكام الشرع أم خالفته ، والانبهار بما وصلت إليه الدول المتقدمة من حضارة ورقي ، وترسم أخلاق أهلها ومبادئ سلوكهم والتأسِّي بهم فيها ، بحسبان ذلك وفق ما يري بعضهم هو سبب تقدمهم ورقيهم ، وقد جرَّ هذا وما يزال علي المسلمين الشر كله . ـ الفراغ : لقد قيل : إن الصحة والفراغ والجدَة مَفْسَدة للمرء أي مُفْسِدَة ولا يستغرب أن يكون الفراغ من الأسباب التي تدفع بعضهم إلي التحرش بالنساء ، فإن المرء إذا كان له من العمل ما يشغله جل وقته أو بعضه ، فإنه لن يجد متسعًا من الوقت لمجرد التفكير في التحرش بهنَ ، فضلاً عن ملاحقتهن في أماكن تجمعهن ، أو محاولة الاتصال بهنَ ، أو غير ذلك من وجوه التحرش ، وأما من لا تشغله هموم الحياة ولآلأؤها ، وتوافرت له سُبل الحياة الرغدة وخلَت حياته من المنغصات كما خلت مما يشغله ، فإنه لا يفتأ يتفكَّر فيما هو منجذب إليه بحسب طبيعته وجبلته ، وهو النساء تدفعه شهوته البهيمية ونزواته إلي محاولة التحاور معهنّ ، وتحقيق نوع من العلاقة بهنّ تملأ فراغ حياته وتسد جانبًا من الجوانب الخاوية فيها . 3ـ فقدان الاهتمامات النافعة : إنّ فقدان الاهتمامات النافعة لكل ذي طاقة ، يترتب عليه إفراغها فيما لا يفيد ، ولذا فإن واجب المرء أن تكون لديه اهتمامات يملأ بها فراغه ، كالاطِّلاع علي ما ينفع ، أو ابتكار أو تطوير ما يعود عليه وعلي غيره بالنفع ، أو الاشتغال بعمل أو حرفة أو صنعة أو علم أو رياضة ، أو نحوها من الشواغل النافعة ، ولذا فإن انعدام هذه الشواغل أو الاهتمامات لدي البعض يكون باعثًا إلي تحويل طاقته إلي اللهو والعبث ونحوهما ، ومنها ذلك التحرُّش . ـ غياب دور الأسرة : لا يخفي أن علي الأسرة دورًا فاعلاً في تأسيس الخلق القويم في نفوس المنتمين إليها ، إضافة إلي إحكام الرقابة عليهم ، لتبين ما إذا كانوا يمارسون هذا الخلق في الواقع أم أنهم يتنكبون عليه ، فلما انشغل القائمون علي أمر الأُسرة في اهتمامات أُخرى : كتدبير أسباب العيش لأفرادها أو أسباب الرفاهية لهم ، غاب دور الأسرة في توجيههم ومراقبة سلوكهم ، فكان من الطبيعي أن يمارس بعض أفرادها ما يشاءون من سلوك ، ولو كان فيه منافاة لوازع الدين والأخلاق ، وهم في مأمن من أن يحاسبهم أحد أو يعلم بممارساتهم . 5ـ عدم وجود منكر لهذا السلوك أو عدم احترامه : إنّ طابع الحياة صبغ الناس بصبغة الانكفاء والاهتمام بشئونهم الخاصة ، من دون نظر أو اهتمام بسلوك الآخرين ، فالناس في زماننا لا يلوون علي شيء إلاّ إذا دعت إليه حاجتهم الخاصة ، وقد كان لهذا الانكفاء أثره في ضمور أو انعدام مساحة إنكار المنكر ، فلم يعد لدي الكثيرين من الوقت ما ينكرون فيه منكرًا ، لما يقتضيه ذلك من الاستفصال من فاعله عن مدي معرفته لحقيقة ما يفعل ، وبيان وجه المنكر في فعله أو قوله أو سلوكه ، ثم زجره عنه ، وهذا يقتضي المزيد من الوقت لإقناع فاعل المنكر بحرمة ما أقدم ويقدم عليه ، وزجره عن استمرائه أو الاستمرار فيه ، ولا يجد الكثيرين متسعًا من الوقت لذلك ، وربما لم يجدوا رد فعل لإنكارهم إلاّ الاستهزاء والسخرية من فاعله ، مما يجعل بعضهم يكف عن الإنكار ، أو يجد أنه لا جدوى من إقناعه بالكف عمّا هو فيه ، والنتيجة في الحالين واحدة ، وهي استمرار فعل المنكر . 6ـ البطالة المقنعة وغير المقنعة : لا ينكر أحد انتشار البطالة بين قطاع كبير من الناس وإن كانت نسبته متفاوتة من بلد إلي آخر ، ومن إفرازات هذه البطالة التسكُّع في الطرقات وغيرها لقتل الوقت وعدم التفكير في مصاعب البحث عن العمل ، بل إن من الموظفين من يجد لديه وقت فراغ طويل ، قد يمتد من بداية الدوام إلي نهايته ، فيجتهد في ملء هذا الفراغ ، إما بالخروج من مكان العمل إلي الأسواق أو الشوارع ، أو نحو ذلك من أمور إلي أن ينتهي وقت الدوام ، وقد يكون التحرش بالنساء في مجال العمل أو خارجه هو أحد اهتماماته لتمضية الوقت ، والقضاء علي الملل. 7ـ الكبت العاطفي في محيط الأُسرة : لا يغفل دور الكبت العاطفي في محيط الأُسرة في تفشي ظاهرة التحرش الجنسي ، فإن عاطفة الحب والحنو والرحمة والاهتمام والحميمية التي تربط بعض الأفراد ببعض ، إن لم تجد متنفسًا لها داخل الأسرة ، بحث من يعانيها عن متنفس لها خارج الأسرة ، لأن هذا هو البديل من وجهة نظره في تعويض ما يعانيه من تجاهل أفراد أسرته له ، ليجد هذا في صديق أو جار أو زميل دراسة أو عمل أو شخص عابر ، وربما بحث عن امرأة أملاً في أن يجد عندها ما افتقده في أُسرته . 8ـ عدم توجيه المال الذي يحوزه المرء الوجهة الصحيحة : إنّ كثرة المال مفسدة كقلّته ، ولذا فإن الملاءة في حق بعض الناس شر محض ، إذا استغلت في غير ما يعود عليه بالنفع ، ولذا فقد يجد بعضهم أن كثرة المال معه لا حاجة إلي استغلالها فيما يشغل وقته ويعود عليه بالنفع ، ومن ثم فإن قناعته أن ينفقها في عبثه ولهوه وملذاته من دون تدبُّر لمغبَّة سلوكه. 9ـ عدم وجود الأنشطة الجماعية : من أسباب التحرش الجنسي انعدام أو ندرة الأنشطة الجماعية ، التي تخلق الاهتمامات المشتركة وتمتص كثيرًا من وقت الفراغ ، كالاهتمام بنظافة البيئة وتخليصها من كل ضار ، أو الاشتراك في الرحلات الكشفية أو الصحية أو التثقيفية ، أو الارتياض الجماعي بنوع من الرياضات البدنية أو الذهنية أو نحوها. 10ـ انعدام أو ندرة البرامج الهادفة في وسائل الإعلام : إنّ الغالب علي وسائل الإعلام وخاصة في دول العالم الثالث ، هو إلهاء الناس بقضايا عَبَثيّة مقصودة ومخطط لها سلفًا تخطيطًا دقيقًا ، لإشغالهم بها عن الفساد الذي باض وفرّخ في أرجاء بلادهم ، فوسائل الإعلام في هذه الدول علي اختلاف توجهاتها إلاّ ما نَدَر ، إنما تعني بما يضمن استمرار رسالتها وإن لم تقدم جديدًا يُثري الفكر أو يطوّر منه ، وكل هذا يصبُّ في الجانب السلبي لاهتمامات المخاطبين بها ، فتكون النتيجة انصرافهم عنها وانشغالهم بأمور قد لا يكون فيها نفع لهم . 11ـ الكثرة الكاثرة للفضائيات التي رسالتها علي إثارة الغرائز : لا ينكر دور التلفاز كوسيلة إعلامية تقتحم علي الناس بيوتهم شاءوا أم أبوا ، وخطر هذا الجهاز وقوّة تأثيره في مشاهديه علي اختلاف مراحلهم العمرية وثقافتهم ، ومع ما ألمحنا إليه في السبب السابق نجد غلبة الفضائيات التي تثير برامجها الغرائز ، وكثرة تنوع ما تبثه منها ، ومع انعدام الرقابة الأسرية يرقب هذا البث من يريده من أفراد الأسرة ، فيتأثر به ، يُضاف إلي هذا أن بعض مذيعات ومُقدمات البرامج في فضائيات البلاد الإسلامية ، لا يلتزمن في مظهرهنّ بأحكام الإسلام ، إمّا نهجًا لهنّ ، أو لفرض التبرُّج عليهنّ كشرط لمزاولة العمل ، وهذا وذاك يلقي بآثاره علي المشاهد . 12ـ غياب الوعي الديني السوي في مخاطبة الناس : في ظل الأوضاع المتردية في بلاد الإسلام أو التي يوجد فيها مسلمون ، نجد أن الخطاب الديني فرضت عليه رقابة صليبية صهيونية ، ولذا فلا عَجَب أن نجد صرامة الرقابة علي ما يُبَثُّ أو يُنشر من هذا الخطاب الآن ، وصار ما يصل إلي المشاهد أو القارئ أو السامع هزيلاً في مادته مشوشًا في محتواه ، يغلب عليه الاختزال والبتر حتى لا يؤذي أحدًا ممن وضع نهج هذا الخطاب ، وإذا كان الناشئة من الجنسين لا يجد بغيته من الثقافة الدينية في المحتوي الهزيل للكتب الدراسية ، فإنه لا يجد بغيته كذلك لدي الدُّعاة ألمكممي الأفواه ، أو مواقع (الإنترنت) التي ليس في مقدور كل أحد أن يُبحر في بحرها المتلاطم الأمواج ، نظرًا إلي تنوّع الفكر واختلاف التوجه ودس السم أحيانًا في العسل ، ولذا قد يضل الكثيرون في مواقعه فلا يهتدون . 13ـ الضغوط الاجتماعية في الأسرة أو المجتمع : إن وضع القيود والعراقيل أمام راغبي الزواج من الجنسين له تداعياته علي الأسرة والمجتمع ، وإذا لم يجد أي منهما سبيلاً مشروعًا إلي التنفيس عن غريزته ضل طريقه ، ولم يأبه لقيم أو أخلاق مجتمعه ، فأفضي ذلك إلي مالا تحمد عقباه . 14ـ فقدان القدوة واضطراب معاييرها : لا يغفل تبدُّل القُدوة في زماننا ، فقد كانت القدوة والمثال من قبل في أهل العلم والدين والخلق الكريم ، وصارت في زماننا لغيرهم ، ومَن صاروا موضع قُدوة الكثيرين يغلب عليهم عدم الالتزام بأحكام الإسلام ، ولذا فإننا نجد تهالك الناشئة علي ترسُّم خطوهم ، في اللباس والهيئة والسلوك والنهج والحرفة والشهرة . 15ـ تبذُّل بعض النساء وإغرائهنَّ مَن يتحرّش بهنَّ : إنّ المرأة قد تدفع الرجل إلي التحرُّش بها ، إذا كان في هيئتها أو مشيتها أو كلامها ، أو الموضع الذي تسير به أو الوقت الذي تخرُج فيه ، ما يدفعه إلي ذلك ، ولم يحدث في الواقع أن تحرش أحد بامرأة ملتزمة بتعاليم الإسلام عند خروجها لقضاء حاجتها أو لمزاولة عمل مشروع ، وإنما كل حالات التحرش تقع لمن كانت غير ملتزمة بهذه التعاليم. من التداعيات الأخلاقية والاجتماعية المترتبة علي التحرش الجنسي : الإضرار بأمن المجتمع ، وشيوع الفساد بين أفراده ، والوقوع في الفاحشة وما ينجم عنها من مفاسد ، وتلويث سمعة الأُسر ، وانتشار قيم جديدة غريبة عن المجتمع المسلم ، وتفشي الظواهر الإجرامية فيه ، من خطف النساء أو اغتصابهنّ أو إيذائهنّ أو النيل منهنّ أو من ذويهن ، وانتشار العنف ، وكثرة الحوادث المرورية ، وقطع الطريق علي الناس ، وعدم تمكُّن النساء من مزاولة أعمالهن أو الخروج لحوائجهن ، وزيادة حالات العنوسة والطلاق بسبب الشك في سلوك المرأة نتيجة لهذا التحرش . لما كان الغالب من أنواع التحرش ما يقع من الرجل علي المرأة ، فإنني أُبيِّن هنا حكم التحرش بحسب الغالب من أحواله ، وإن كان نفس الحكم يصدق في حق الحالات الأُخرى ، مع اختلاف العبارة تَبَعًا لنوع فاعله ، والتحرش بالنساء يشتمل علي جوانب عدّة ، محظورة شرعًا ، بحسب نوع التحرُّش ووسيلته ومآله ، إذ إن فيه ما يلي : • النظر إلي امرأة لا يُحل النظر إليها : اتفق الفقهاء علي حرمة نظر الرجل إلي المرأة الأجنبية عنه لغير ضرورة أو حاجة ، يدل له ما يلي : 1ـ قول الحق سبحانه وتعالي :{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} 23 سورة النــور ، حيث أمر الحق سبحانه المؤمنين بغضّ أبصارهم ، والأمر بغض البصر فيها يفيد الوجوب لأنه حقيقته ، و{ مِنْ} في الآية للتبعيض ، وإليه ذهب جمهور العلماء الذين بيّنوا الْمُراد بهذا التبعيض ، فقالوا : المعني هو غضّ البصر عمّا يُحرم ، والاقتصاد به علي ما يُحل ، وقيل : وجه التبعيض أن تُعفي للناظر أول نظرة تقع من غير قصد ، فالآية الكريمة ، دالّة علي وجوب غضّ البصر عن النظر إلي المحرَّمات ، وتوجيه الخطابِ إلي المؤمنين في الآية يتناول الذّكر والأُنثى منهم ، وحسب كل خطاب عام في القرآن الكريم ، فأفادت الآية حُرمة نظر الرجل إلي ما يُعدُّ عورة من المرأة ، من غير ضرورة أو حاجة. 2ـ رُوي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( إنّ الله كتب علي ابن آدم حظه من الزني ، أدرك ذلك لا محالة ، فزني العين النظر ، وزني اللسان النطق ، والنفس تتمنّي وتشتهي ، والفَرج يُصدِّق ذلك أو يُكذِّبه ) ، فقد أفاد الحديث أن العين تزني ، وزناها النظر إلي ما حرم الله تعالي علي النّاظر ، قال ابن بطال : سُمِّي النظر زني ، لأنه يدعو إلي الزنا الحقيقي ، وقد دلَّ الحديث علي حُرمة النظر ، لأنه ذريعة إلي تمنِّي النفس ما وقع عليه النظر ، وهذا يؤدي إلي ارتكاب الفاحشة . 3ـ روي عن علي ـ رضي الله عنه ـ ، أنّ رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال له : ( يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإنّ لك الأولي وليست لك الآخرة ) . فقد نهي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ عن تعمُّد النظر أو إدامته إلي الأجنبية عن الناظر ، وبيَّن أن المرء مؤاخذ عليها . 4ـ رُوي عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( النَّظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ، فمن تركها من خوف الله أثابه عز وجل إيمانًا يجد حلاوته في قلبه ) . فقد أفاد أن نظر الرجل إلي المرأة الأجنبية عنه ، هي وسيلة الشيطان إلي قلبه للتعلُّق بها ، وأن مَن تركها خوفًا من الله تعالي وجد أثرها في قلبه ، ما يدل علي حرمتها . وإذا كانت هذه النصوص تدل علي حرمة نظر الرجل إلي المرأة الأجنبية عنه لغير ضرورة أو حاجة ، فإن في التحرش الجنسي هذا النظر وزيادة ، فكان محرمًا لاشتماله علي كثير من المحرمات مُفض إلي غيرها . • التحدَّث مع امرأة أجنبية لغير حاجة أو ضرورة : منع الفقهاء جميعًا تحدُّث الرجل مع المرأة الأجنبية عنه أو محاورتها لغير حاجة أو ضرورة ، الشابات منهنّ والعجائز ، بل إن من الفقهاء من منعه مطلقًا ولو بالسلام أو التشميت عند العطاس ، لما يخشي من الفتنة منه ، وكل ما يخشي منه ذلك منع منه الشارع . فقد رُوي عن ربيعة قوله : لا يُسلم الرجال علي النساء ، ولا النساء علي الرجال ، ولا فرق في هذا بين الشوَّاب والعجائز منهنّ. وحكي النووي عن فقهاء الكوفة أنهم لا يبيحون تسليم الرجال علي النساء الأجنبيات عنهم إذا لم يكن فيهن محرم ، ورُوي عن أحمد أنه كره تشميت الرجل للمرأة الأجنبية عنه إذا عطست ولو كانت عجوزًا لا يشتهي مثلها ، كما منع ابن القيِّم من تحدُّث النساء مع الرجال . وقال ابن الجوزي : إذا خرجت المرأة لم تسلم علي الرجال أصلاً . لحديث رفعه عطاء إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال فيه : ( ليس للنساء سلام ولا عليهنّ سلام ). • الإساءة إلي سمعة الْمُتحرش بها وذويها : إن التحرُّش بالأُنثى يتضمّن الإساءة إلي سمعتها ، وإفساد حياتها إن كانت زوج ، أو يُقلِّل الرغبة في الزواج منها إن لم تكن متزوجة ، إضافة إلي ما يُسبِّبه ذلك من إساءة إلي أهلها وذريتها ، والإساءة إلي سمعة المجتمع الذي يمارس فيه هذا السلوك ، بل الإساءة إلي الأخلاق التي ينبغي علي المسلمين التخلق بها ، إضافة إلي خدش حياء مَن يري ذلك من أفراد المجتمع ، وذلك كله يمثل إضرارًا بالمرأة وبمن تنسب إليهم ، وإضرارًا بزوجها وأولادها ، بل بأفراد المجتمع بأسره ، وقد نهي الشارع عن الإضرار بالغير . فقد رُوي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( لا ضَرر ولا ضِرار في الإسلام ) . كما أن من القواعد المقررة في الشريعة أن ( الضَرر يُزال ) ولا يمكن إزالة الضرر الذي يلحق بالمرأة وذويه ا وأفراد المجتمع إلا باتخاذ كل ما من شأنه منع التحرُّش . • الخلوة بامرأة لا تحل لمن يختلي بها : إنّ التحرُّش بالأنثى قد يتخذ صورة إبعادها عن مواضع تجمُّع الناس ، حتى لا ينكر أحد علي المتحرِّش أو المتحرَّش بها ، أو حتى لا يرقب الناس هذا السلوك فلا ينكرونه ، وقد يتخذ صورة الاختلاء بها عن طريق النت "chatting" ، ومن المعروف أن هذه الدردشة يمكن تمارس بين رجل وامرأة من دون اطلاع عليهما من آحاد الناس ، وقد بيَّن الفقهاء أو الخلوة المحرمة التي يترتب عليها المحظور ، هي اجتماع رجل وامرأة في موضع بحيث يأمنان فيه من اطِّلاع الآخرين عليهما ، والمكان الذي يتم فيه الاتصال بالطرف الآخر عن طريق (النت) يمكن أن يتحقق للطرفين فيه الأمن من اطِّلاع الآخرين عليهما ، ومن ثم فإنه يتحقق في الـ"chatting" الخلوة المحرمة ، والتي يكون الشيطان فيها رائد الْمُختَلِيْن ، يُزيِّن لهما ارتكاب المعصية ، وذلك أمرٌ قد لا تحول دونه الحوائل ، إذا تواعد الطرفان من خلال (الشّات) علي مُواقعة المحظور ، وقد يعرض من خلال (النت) صور الطرفين ، فيراها الآخر ، وكل ذلك محرم ، لتحريم الشارع الخلوة بالأجنبية لما رُوي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( لا يخلون رجل بامرأة إلاّ ومعها ذو محرم ). وما رُوي عن عامر بن ربيعة أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( لا يخلون رجل بامرأة لا تُحل له ، فإن ثالثهما الشيطان ، إلا محرم ). ففيهما نهي عن اختلاء الرجل بامرأة ليست زوجة أو محرمًا له ، وهو يفيد تحريم ذلك ، كما حرم التحدث مع المرأة الأجنبية عنه ، لما ذكرناه من قبل ، وحرم كذلك نظر أي من الجنسين لما يعد عورة من الآخر ، لما سبق ذكره ولقول الحق سبحانه :{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (31) سورة النــور . حيث أمر المؤمنات بغض أبصارهن عمّا يحرم نظرهن إليه من الرجال الأجانب عنهن ولما رُوي عن أُم سلمة ـ رضي الله عنها ـ : ( كنت عند رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وميمونة ، فبينما نحن كذلك أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه ، وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب ، فقال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ( احتجبا منه ) فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمي لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ : ( أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه ). كما حرم الولوج فيما يتذرّع به إلي مواقعة المحظور . فقد روي النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( من وقع في الشُّبهات وقع في الحرام ، ومن اتقي الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، كالراعي يرعي حول الحمى يوشك أن يواقعه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه ) . العبث واللهو بغير ما أحل الله : إن التحرش بالنساء لهو ولعب ، وعبث لا فائدة تُرجي منه ، واللهو واللعب كله باطل إلا ما استثناه الشارع ، من لهو الرجل مع زوجته ، وتأديبه فرسه ، وتعلمه الرمي بآلة القتال لما روي عن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( كل شيء يلهو به الرجل باطل ، إلا رميه بقوسه ، وتأديبه فرسه ، ومُلاعبته أهله ، فإنهنّ من الحق ) (15) . • الإخلال بأمن المسلمين : إنّ التحرش بالنساء يتضمّن الإخلال بأمن المسلمين في طُرقهم ومجامع أسواقهم ودواوينهم وغيرها ، وذلك محرم ، لما رُوي عن عامر بن ربيعة ـ رضي الله عنه ـ : ( أن رجلاً أخذ نعل رجل ، فغيّبها وهو يمزح ، فذكر لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ : ( لا ترِّوعوا المسلم ، فإنّ روعة المسلم ظُلمٌ عظيم ) . ورُوي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : ( من أخاف مؤمنًا كان حقًا علي الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة ) . |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع التّحرُش الجنسيّ آفة تهلك بالمُجتمع.: | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مواقع تهمك | خب خب 11 | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 4 | 05-22-2012 01:28 PM |
معلومات صحية تهمك | سماهر العمر | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 2 | 12-03-2011 05:09 PM |
معلومات خاطئة تهمك | سماهر العمر | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 7 | 11-23-2011 12:15 PM |
هل تهمك سمعتك بالنت ..؟! | hass | قسم النقاش الجاد | 14 | 12-05-2010 04:08 PM |
معلومة تهمك | الكناري | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 15 | 04-12-2010 06:56 PM |