القسم الإسلامي العام
(القسم تحت مذهب أهل السنة والجماعة)
(لا تُنشر المواضيع إلا بعد إطلاع وموافقة إدارة القسم) |
#1
|
||||
|
||||
في ظلال القرآن .. للسيد قطب ( تابع للحملة )
بسم الله الرحمن الرحيم " قُـلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِيـنَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنـفُسِهِمْ لا تَقْنَطُـوا مِن رَّحْمَـةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَـغْفِرُ الذُّنُـــوبَ جَمِـيعًا إِنَّـهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْــلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُــمَّ لَا تُنصَرُونَ * وَاتَّبِــعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْــكُم مِّـن رَّبِّكُم مِّـن قَـبْلِ أَن يَأْتِــيَكُمُ العَـذَابُ بَـغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَـرَّطتُ فِـي جَـنـبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّـاخِرِينَ * أَوْ تَـقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَـدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ " صدق الله العظيم بسم اللـہ الرحـمن الرحـيم السلام عليگم ۋرحـمـۃ اللـہ ۋبرگاٺـہ گيف الحـال ج‘ـميعا ؟ عساكم بخير يا رب و ما تشكوون من يآآس لا يخفى على أحد فمنٺدياٺ العاشق ٺٺميز ۋ ٺٺألق بجمال مۋاضيعها في جميع الاقسام خاصةً القسم الإسلامي، لا يخلوا أبدًا من التميز و التألق، بمواضيعه و مسابقاته و كل الشكر و التقدير للقائمين على هذه الحملة .. و لصاحب الفكرة المميزة و يسعدني أن أقدم لكم اليوم، موضوعي الأول في " الحملة " للقسم الإسلامي و موضوعي لهذا اليوم ، سنتحدث فيه عن واحد من أروع الكتب في شرح القرآن الكريم و هو كتاب " في ظلال القرآن " .. للكاتب و الأديب و المناظر الإسلامي " سيد قطب " رحمه الله و قد إقتبست أحد الآيات الرائعة و المعبرة بحق .. و طرحت تفسيرها حسب ما جاء في كتابه . . . لكن قبل أن نبدأ بالسرد، أتمنى منكم أخذ لحظة هدوء و خشوع .. ندعوا فيها لإخواننا المستضعفين، المطهدين في مشارق الأرض و مغاربها عسى الله أن يعجل بنصرهم، و يفتح عليهم من أبواب رحمته و تذكروا أحبتي، أن دعوة صادقة من القلب، كفيلة برد البلاء عنهم الإسم : سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي الجنسية : مصري تاريخ الميلاد : 9 / أكتوبر / 1906 تاريخ الوفاة : 29 / أغسطس / 1966 سبب الوفاة : الإعدام شنقًا العمل : معلم - كاتب صحفي سبب شهرته : تصحيح المفاهيم والتنظير للجهاد أعماله البارزة : كتاب في ظلال القرآن - كتاب معالم في الطريق تأثر بـ : ابن حزم - ابن تيمية - عباس محمود العقاد - حسن البنا - أبو الأعلى المودودي تأثير على : عبد الله عزام - أسامة بن لادن - محمد قطب - عاصم المقدسي - محمد فرج - صالح سرية - عبد الحميد كشك - الشاذلي - أيمن الظواهري - شكري مصطفى - محمد بديع - خيرت الشاطر حزب : حزب الوفد (تركه) - الإخوان المسلمين (تركه) الدين : مسلم مذهب : أهل السنة و الجماعة تهم : التحريض على الدولة عقوبة : الإعدام شنقًا زوج : لم يتزوج أقارب : محمد قطب ( أخوه ) . . . ... نبذة عامة ... سيد قطب كاتب وأديب ومناظر إسلامي مصري وعضو سابق في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ورئيس سابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين. ولد في قرية موشا وهي إحدى قرى محافظة أسيوط بها تلقى تعليمه الأولي وحفظ القرآن الكريم ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية عبد العزيز بالقاهرة ونال شهادتها والتحق بدار العلوم وتخرج عام 1933 م. عمل بوزارة المعارف بوظائف تربوية وإدارية وابتعثته الوزارة إلى أمريكا لمدة عامين وعاد عام 1950 م. انضم إلى حزب الوفد المصري لسنوات وتركه على أثر خلاف في عام 1942 م وفي عام 1950 م انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين وخاض معهم محنتهم التي بدأت منذ عام 1954 م إلى عام 1966 م وحوكم بتهمة التآمر على نظام الحكم وصدر الحكم بإعدامه وأعدم عام 1966 م. مر سيد قطب بمراحل عديدة في حياته من حيث الطفولة ثم أدب بحت في مدرسة العقاد ثم ضياع فكري ثم توجه للأدب الإسلامي إلى أن صار رائد الفكر الحركي الإسلامي وهذه المرحلة هي التي يعرف الناس اليوم بها سيد. يعتبر سيد قطب من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الحركات الإسلامية التي وجدت في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، له العديد من المؤلفات والكتابات حول الحضارة الإسلامية، والفكر الإسلامي. هو الابن الأول لأمه بعد أخت تكبره بثلاث سنوات وأخ من أبيه غير شقيق يكبره بجيل كامل. وكانت أمه تريد منه أن يكون متعلمًا مثل أخواله كما كان أبوه عضوًا في لجنة الحزب الوطني وعميدًا لعائلته التي كانت ظاهرة الامتياز في القرية، يضاف إلى ذلك أنه كان دَيِّنًا في سلوكه. ... نبذة عامة ... في ظلال القرآن كتاب تفسير ألفه سيد قطب وقسمه إلى ثلاثين جزءا حسب تقسيم أجزاء القرآن وبنفس الترتيب. وطبع عدة مرات في مجلدات. و يصنف كتاب التفسير "في ظلال القرآن" ضمن التفاسير بالمأثور ولقد جمع بين الجانب التحليلي والبلاغي والأدبي الاجتماعي، ويصنف كذلك من بين التفاسير الموضوعية، حيث يهتم بالوحدة الموضوعية للسورة. "وذلك بالكلام عن السورة ككل، من ناحية أغراضها العامة والخاصة، مع ربط موضوعاتها، بعضها ببعض، حتى تبدو السورة، وهي في منتهى التناسق والإحكام، وكأنها عقد من لؤلؤ منظوم في غاية الإبداع" . ويعد سيد قطب من أبرز من اهتم بهذه الناحية، بصورة لم يسبق إليها، ولم يقاربه فيها أحد إلى الآن . . . . ... طبعات الكتاب ... طبعته الأولى : كتبها تحت ظروف قاسية وتعذيب شديد خلال وجوده في السجن الانفرادي. ولم يكن كتابه في طبعته الأولى يحمل الطابع الرسمي للتفسير، ولكنها وقفات عقل متدبر، وقلب حي، ووجدان مرهف أمام القرآن، يلتمس عظمته، ويجلي إعجازه، ويبين حقائقه، وينبه على مقاصده، وإن تغير ذلك في الأجزاء الأخيرة (وفي الطبعة الثانية). . . . طبعته الثانية : كتبها بعد خروجه من السجن حيث تراجع عن عدد من أخطاءه (خاصة في موقفه السلبي من بعض الصحابة) وصحح الكثير من العبارات، وأعاد صياغة كتابه متأثراً بتفسير ابن كثير ليطرح المواضيع الفقهية بشكل أعمق من ذي قبل.، وفي الطبعة الثانية للأجزاء الأولى، فقد بدأ يهتم بالجانب التفسيري، حيث أفرغ خلاصة تفسير ابن كثير في "ظلاله". لكنه اعتقل مجدداً قبل أن يقوم بإعادة تنقيح كل التفسير. لذلك بقيت الأجزاء الأخيرة كما هي. . . . طبعته الشرعية السابعة : ظهرت الطبعة الشرعية السابعة لـ تفسير القرآن "في ظلال القرآن" في ستة مجلدات من الحجم الكبير، عن "دار الشروق" في السنة 1978 م. وللطبعة هذه أهمية إذ تتضمن إضافات وتنقيحات تركها المؤلف ونشرت لأول مرة بعد موته، وتضمنت كذلك مراجعة شاملة والتصويب الدقيق لما كان في الطبعة الأصلية - التي صورت عنها الطبعات غير المشروعة - من أخطاء في الآيات القرآنية والتفسير. وقدم هذه الطبعة محمد قطب أخو "سيد قطب" في هذه الكلمات الوجيزة: "في ظلال القرآن"..الكتاب الذي عاشه صاحبه بروحه وفكره وشعوره وكيانه كله .. وعاشه لحظة لحظة، وفكرة فكرة، ولفظة لفظة وأودعه خلاصة تجربته الحية في عالم الإيمان .. لقد آن له أن يأخذ وضعه الطبيعي في يد ناشر أمين يقدر أنه ناشر فكر قبل أن يكون جامع مال .. وأن نشر الفكر رسالة عليا وليس انتهازية طامعة فلتكن هذه الطبعة المشروعة الصادرة عن دار الشروق .. بعد طول التطواف في طبعات غير مشروعة فلتكن في ثوبها الجديد هذا .. تحية منا في رحلتنا العابرة على الأرض .. إلى المؤلف الشهيد . . . . ... ترجمات الكتاب ... ترجم كتاب التفسير "في ظلال القرآن" إلى عدة لغات : فظهرت ترجمة للكتاب باللغة الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والأردية، والتركية، واللغة الإندونيسية، والفارسية، والبنغالية. . . . ... الحياة في ظلال القرآن ... و إليكم الحياة في ظلال القرآن كما عاشها سيد قطب ويقدم بها في ظلال القرآن، نجتزء منها هذا المقطع :
أذق قط في حياتي. ذقت فيها هذه النعمة التي ترفع العمر وتباركه وتزكيه.
أي مقام كريم يتفضل به على الإنسان خالقه الكريم ؟
بما لديهم من معرفة الأطفال، وتصورات الأطفال، واهتمامات الأطفال.. كما ينظر الكبير إلى عبث الأطفال، ومحاولات الأطفال. ولثغة الأطفال.. وأعجب.. ما بال هذا الناس ؟! ما بالهم يرتكسون في الحمأة الوبيئة، ولا يسمعون النداء العلوي الجليل. النداء الذي يرفع العمر ويباركه ويزكيه ؟ عشت أتملى - في ظلال القرآن - ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع النظيف للوجود.. لغاية الوجود كله، وغاية الوجود الإنساني.. وأقيس إليه تصورات الجاهلية التي تعيش فيها البشرية، في شرق وغرب، وفي شمال وجنوب.. وأسأل.. كيف تعيش البشرية في المستنقع الآسن، وفي الدرك الهابط، وفي الظلام البهيم وعندها ذلك المرتع الزكي، وذلك المرتقى العالي، وذلك النور الوضيء ؟
عن السنن الكونية، والتصادم بين التعاليم الفاسدة الشريرة التي تملى عليها وبين فطرتها التي فطرها الله عليها. وأقول في نفسي:أي شيطان لئيم هذا الذي يقود خطاها إلى هذا الجحيم ؟ يا حسرة على العباد !!!
وإنه الدنيا والآخرة، لا هذه الدنيا وحدها.. والنشأة الإنسانية ممتدة في شعاب هذا المدى المتطاول كله إنما هو قسط من ذلك النصيب. وما يفوته هنا من الجزاء لا يفوته هناك. فلا ظلم ولا بخس ولا ضياع. على أن المرحلة التي يقطعها على ظهر هذا الكوكب إنما هي رحلة في كون حي مأنوس، وعالم صديق ودود. كون ذي روح تتلقى وتستجيب، وتتجه إلى الخالق الواحد الذي تتجه إليه روح المؤمن في خشوع: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال .. تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده .. أي راحة، وأي سعة وأي أنس، وأي ثقة يفيضها على القلب هذا التصور الشامل الكامل الفسيح الصحيح ؟
فقعوا له ساجدين .. وهو بهذه النفخة مستخلف في الأرض: وإذ قال ربك للملائكة : إني جاعل في الأرض خليفة.. وسخر له كل ما في الأرض : وسخر لكم ما في الأرض جميعا.. ولأن الإنسان بهذا القدر من الكرامة والسمو جعل الله الآصرة التي يتجمع عليها البشر هي الآصرة المستمدة من النفخة الإلهية الكريمة. جعلها آصرة العقيدة في الله.. فعقيدة المؤمن هي وطنه، وهي قومه، وهي أهله.. ومن ثم يتجمع البشر عليها وحدها، لا على أمثال ما تتجمع عليه البهائم من كلأ ومرعى وقطيع وسياج !..
وموسى وعيسى، ومحمد.. عليهم الصلاة والسلام.. وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.. هذا الموكب الكريم، الممتد في شعاب الزمان من قديم، يواجه - كما يتجلى في ظلال القرآن - مواقف متشابهة، وأزمات متشابهة، وتجارب متشابهة على تطاول العصور وكر الدهور، وتغير المكان، وتعدد الأقوام. يواجه الضلال والعمى والطغيان والهوى، والاضطهاد والبغي، والتهديد والتشريد. ولكنه يمضي في طريقه ثابت الخطو، مطمئن الضمير، واثقا من نصر الله، متعلقا بالرجاء فيه، متوقعا في كل لحظة وعد الله الصادق الأكيد: وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا. فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الأرض من بعدهم. ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد.. موقف واحد وتجربة واحدة. وتهديد واحد. ويقين واحد. ووعد واحد للموكب الكريم.. وعاقبة واحدة ينتظرها المؤمنون في نهاية المطاف. وهم يتلقون الاضطهاد والتهديد والوعيد.. . . . ... من مزايا التفسير "في ظلال القرآن" ... لقد عاش سيد قطب "في ظلال القرآن"، لمدة 25 سنة كما ذكر ذلك هو نفسه في تفسيره... بعد استكمال حفظ كتاب الله واستظهاره، ودراسة عشرات التفاسير التي يحيل عليها أحياناً وينتقدها تارة أخرى. والدارس لتفسير "في ظلال القرآن" يقف ولا شك على ما يمتاز به هذا التفسير عن سواه. فهو ينفرد بمزايا خاصة كثيرة يطول استعراضها بالبيان في هذا السياق، نذكر منها : مقدمات السور وتلخيص موضوعاتها ومضمون كل منها تحليلا، مع إبراز طابع كل سورة وشخصيتها وظلها الخاص بها، وحكمة ترتيب آياتها ومقاطعها، والإيقاع الموسيقي لتلك المقاطع وتغيير القافية بحسب السياق ودوره في التبشير أو النذير والوعد أو الوعيد، الخ... والوقوف على المكي منها المصطبغ بالتركيز على عقيدة التوحيد الصحيحة، ثم المدني منها المبين لأحكام الشريعة بعد قيام دولة الإسلام على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، وإلى غير ذلك من الأمور ومظاهر التصوير الفني في القرآن، والبلاغة والإعجاز، مع توظيف أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمتشابه والمحكم وشتى علوم القرآن، والحقائق العلمية الحديثة والتاريخية التي تواكب النص القرآني بدون تعارض. وأسرار القرآن وعجائبه لا يمكن إحصاؤها واحتواؤها، فينفد البحر تلو البحر حِبراً يُكتب ولن تنفد كلمات الله عبر العصور والأمصار. هذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون : فمنهج سيد قطب صارم، بالتقيد في التفسير بالمأثور والرجوع إلى السنة والنصوص الثابتة رواية، والمرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيشعر القارئ بمدى الاحتراز والحذر الذي يبديه مثلا من الإسرائيليات، التي يأسف لتسربها لكتب التفسير قديمها وحديثها على جلال قدرها. فيعرض عن الروايات التي "يشم" منها أساطير التوراة المحرفة، ولا يجاري باقي المفسرين بإقحامها في تفسيره الذي أراده الله أن يكون خالصاً للناهلين، خالصاً مخلصاً من تلك الإسرائيليات التي تسربت لجل كتب التفسير، بأسلوب ممتع سلسٍ، ويُخرج لنا من بطون المجلدات الست من تفسيره رحيقاً مختوماً وشراباً سائغاً للشاربين. وما هو إلا فتح من الله عليه وعلى من استفاد من تفسيره للذكر الحكيم. وقد كان يمر بالآية ويقول بكل تواضع أنه استعصى عليه فهمها، فيفتح عليه بفهم من العلم اللدني، فيتداركها بالشرح في الطبعة اللاحقة من تفسيره .. وهذا إن هو إلا غيض من فيض فقط . إخترت هذه الآية .. لأطرح لكم تفسيرها وفق ما جاء في " ظلال القرآن " : " أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ " و مع أن هذا النص القرآني كان يواجه ابتداء حالة واقعة من بني إسرائيل , فإنه في إيحائه للنفس البشرية , ولرجال الدين بصفة خاصة , دائم لا يخص قوما دون قوم ولا يعني جيلا دون جيل . إن آفة رجال الدين - حين يصبح الدين حرفة وصناعة لا عقيدة حارة دافعة - أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ; يأمرون بالخير ولا يفعلونه ; ويدعون إلى البر ويهملونه ; ويحرفون الكلم عن مواضعه ; ويؤولون النصوص القاطعة خدمة للغرض والهوى , ويجدون فتاوى وتأويلات قد تتفق في ظاهرها مع ظاهر النصوص , ولكنها تختلف في حقيقتها عن حقيقة الدين , لتبرير أغراض وأهواء لمن يملكون المال أو السلطان ! كما كان يفعل أحبار يهود ! والدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه , هي الآفة التي تصيب النفوس بالشك لا في الدعاة وحدهم ولكن في الدعوات ذاتها . وهي التي تبلبل قلوب الناس وأفكارهم ، لأنهم يسمعون قولا جميلا , ويشهدون فعلا قبيحا ; فتتملكهم الحيرة بين القول والفعل ; وتخبو في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة ; وينطفىء في قلوبهم النور الذي يشع الإيمان ; ولا يعودون يثقون في الدين بعد ما فقدوا ثقتهم برجال الدين . إن الكلمة لتنبعث ميتة , وتصل هامدة , مهما تكن طنانة رنانة متحمسة , إذا هي لم تنبعث من قلب يؤمن بها . ولن يؤمن إنسان بما يقول حقا إلا أن يستحيل هو ترجمة حية لما يقول , وتجسيما واقعيا لما ينطق . . عندئذ يؤمن الناس , ويثق الناس , ولو لم يكن في تلك الكلمة طنين ولا بريق . . إنها حينئذ تستمد قوتها من واقعها لا من رنينها ; وتستمد جمالها من صدقها لا من بريقها . . إنها تستحيل يومئذ دفعة حياة ,لأنها منبثقة من حياة . والمطابقة بين القول والفعل , وبين العقيدة والسلوك , ليست مع هذا أمرا هينا ,ولاطريقا معبدا . إنها في حاجة إلى رياضة وجهد ومحاولة .وإلى صلة بالله ,واستمداد منه , واستعانة بهديه ; فملابسات الحياة وضروراتها واضطراراتها كثيرا ما تنأى بالفرد في واقعه عما يعتقده في ضميره , أو عما يدعو إليه غيره . والفرد الفاني ما لم يتصل بالقوة الخالدة ضعيف مهما كانت قوته , لأن قوى الشر والطغيان والإغواء أكبر منه ; وقد يغالبها مرة ومرة ومرة ; ولكن لحظة ضعف تنتابه فيتخاذل ويتهاوى ,ويخسر ماضيه وحاضره ومستقبله ; فأما وهو يركن إلى قوة الأزل والأبد فهو قوي قوي، أقوى من كل قوي . قوي على شهوته وضعفه . قوي على ضروراته واضطراراته . قوي على ذوي القوة الذين يواجهونه . في ختام موضوعي .. أسأل الله أن أكون قد وفقت في طرحه و في سرد ما فيه .. سردًا لا ملل فيه و لا تقصير و إن وفقت ، فتوفيقي من الله وحده .. و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان و أسأل الله السداد لنا و لكم في القول و الفعل ، و أن يبعدنا و إياكم عن الرياء و المراءاة و أوصيكم أحبتي ليس من أجلي ، بل من أجلكم و أعرف أن الكثير لا يحبون القراءة بادىء الأمر أعتذر عن الإطالة ,, لكني حاولت إختصار الموضوع قدر الإمكان لذلك أنصحكم بشدة - أن تقرأوا و لو جزء بسيط من الموضوع - خصوصًا فقرات " الحياة في ظلال القرآن " " مزايا التفسير في ظلال القرآن " " تفسير الآية المطروحة " و كلي أمل و ثقة أنكم ستكملون قرآءة الموضوع بعد هذه الفقرات و أنهي بموضوعي بمقولة لصاحب الظلال : " إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثا هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء " رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة . دُمتم بخير |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع في ظلال القرآن .. للسيد قطب ( تابع للحملة ): | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
|سلسلة أحكام تهم المسلم: فضائل القرآن| تابع للحملة | αвɒєєʟнαĸ | القسم الإسلامي العام | 26 | 09-24-2014 11:19 AM |
نار جهنم ( تابع للحملة ) | hataki7 | القسم الإسلامي العام | 13 | 09-12-2014 02:32 AM |
.: السنافر || the smurfs ~ تابع للحملة :. | υςhιħά ςαţ | قسم تقارير الأنمي | 18 | 07-01-2014 01:08 AM |
فى ظلال القرآن - كتاب الكترونى | العاشق 2005 | أرشيف قسم البرامج | 0 | 04-16-2009 02:40 AM |