ابوالجودفي باريس ولندن

أجمل وأغرب ما رأيت في باريس ولندن

ماكنت أتصور زيارتي لباريس ولندن أنها ستحقق هذا النجاح الرائع , وهذا التألق البديع , فلقد كانت زيارة موفقة جدا , لأنني استطعت من خلالها أن أتعرف على النخبة المثقفة من أحبابنا هناك ,حيث تبدى لي من همتهم العالية الوجه الساطع , والأسلوب الحضاري المتقدم لأداء رسالة الإسلام العظيمة , فجزى الله عنا كل أخ التقيته في باريس ولندن , وبارك الله في علومهم واختصاصاتهم التي كانوا بها دعاة مخلصين , وهداة خير لبناء صرح حضاري قويم .
لقد أسهموا جميعا في تكوين الصورة المشرقة لإسلامنا العظيم ,فأكسبتني تلك الصورة أملا للمستقبل المرتقب , وعدة قوية في بناء فكر مشرق متطور , لأن الإخوة بما تميزوا به من تفوق في اختصاصاتهم , أشعروني بدأبهم المتواصل , وجهدهم الأكيد , وفكرهم المتنور, أن الغرب اليوم بعقله المتحضر, وفكره المتقدم , ينتظر بارقة الأمل منهم , ليقتبس من نور عقيدتهم , وإشراقة دينهم , الدرب الصحيح , والصراط المستقيم , الذي لا بد من السير فيه , واعتماده دينا قيما يزيل عنهم الكبت الذي خيم على مشاعرهم , والضيق الذي جثم على قلوبهم .
فلا هم سعدوا بما وصلوا إليه من تقدم , ولا هم رضوا عن انفسهم بما حرموا من عقيدة سامية تحيل ضنكهم سعادة , وأتراحهم سرورا , إذ الفراغ الروحي الذي حل بهم جعلهم يعيشون في أزمة مضنية , وهم قاتل , هذه الأزمة دفعتهم إلى الإنتحار مرة , او إلى المخدرات مرة أخرى .
هذا أجمل ما رأيت في باريس
أما أغرب ما رأيت فيها , فقد أدهشني أن أعدادا كبيرة من المسلمين المستوطنين في باريس , هم من العوام وثقافاتهم محدودة جدا , حيث جيء بهم إلى فرنسا كعمال لبناء حضارتها ( فوق الأرض وتحت الأرض ) وبما أن جلهم كانوا على درجة ضعيفة من العلم والثقافة فقد استثمرجهدهم كعمال فقط ولم تسع فرنسا إلى تثقيفهم وتعليمهم .
بل على العكس تماما فقد انتشر الجهل بين صفوفهم خصوصا بعد أن أنجبوا أولادا هم الجيل الأول الذي ولد في فرنسا هذا الجيل لم يتعلم ولم يتثقف بل عاش جهل والديه وتجهيل المجتمع الذي لم ينوره أو يطوره إلى علم مفيد , وبالتالي كانت صورتهم متأخرة جدا بل متخلفة , والأنكى من ذلك أن الإعلام الفرنسي استثمر هذا التخلف بدهاء , مظهرا تلك الصورة على أنها الصورة الحقيقية للإسلام العظيم . والذي خفف درجة استغرابي أن علماء (النفس والإجتماع المنصفين ) في فرنسا درسوا هذه الظاهرة , وفندوا حقيقتها , فإذا بهم يوجهوا أصابع الإتهام على الجهة التي استثمرت جهد اولئك المظلومين , وأن هؤلاء الضعفاء هم ضحية من استغلهم واستثمر جهدهم في بناء فرنسا .
إذ من العدل أن يخصص لاولئك المظلومين الأجواء الحضارية , والأساليب المتقدمة لتثقيفهم , وتثقيف أولادهم ليكونوا جيلا حضاريا متقدما , لاجيلا متخلفا ,أ ومتراميا على وجهه في الجهل المظلم , والتجهيل الظالم , ولكن مع كل هذا فإن العلم نور , والثقافة المبنية على الهدى والدين الحق لهي قادرة بعون الله أن تتلافى تقصير الآباء والأجداد , بل تقصير المستغلين والمستثمرين , لتقدم لهم أولا كل الاساليب الحضارية في رقيهم , ثم لتقدم للمجتمع الفرنسي النموذج الرائع لهذا الاسلام العظيم وليس ذلك على الله بعزيز.

أما أجمل وأغرب ما رأيت في لندن .
فقد دهشت بهذا التجمع الهائل من المسلمين من مختلف أقطار البلاد العربية والإسلامية , هذا التجمع الذي نظمته قناة إسلام العالمية في لندن , بمكان كبير جدا هو معرض للطائرات يتسع لأكثر من 35000 شخص , وذلك خلال يومين , كان من اهم فعاليات هذا اللقاء كلمات مباركات لعلماء تنوعت اختصاصاتهم , اشادوا جميعا بحرية الانسان وضرورة عيشه بكرامة ونبذ الظلم والاستغلال ليعيش الناس جميعا آمنين مطمئنين , ثم قدمت فرق انشادية من كافة الاقطار العربية والاسلامية أجمل الأناشيد وأعذبها , وقد قدمت في أول يوم النشيد الذي عنوانه ( الرد الحكيم لمن أساؤوا للنبي الكريم )


رسول الله لايرضيـــــك هذا الحال للعرب
ولايرضيـك مايبدو من الإعلام في الغرب
ولكن حسبنا يرضيـــك عودتنا إلى الدرب
بعودتنا إلى الإسلام تعلو راية الحــــــــب
من الأزمات يغمرني شعور أنني السبب
فلو اني إلى الإسلام حقا كنت أنتــــــسب
لما طالت محمدنا رسوم صاغــها الكذب
ولا عمت محافلنا دعـــاوى عافها الأدب
إلى الإســـــلام يادنيا لقد أعددت أولادي
لإن قصرت في ديني فقد هيأت للهــادي
شبابا أولعوا حبا به إذ نورهم بـــــــــادي
لكل الناس مذ صاغوا من القرآن أحفادي
فهيا ياشباب الجيل للإسلام نظـــــــــهره
بأجمل حلة حتى يشد الناس مظـــــــهره
فإما انشد للإسلام من قد كان ينـــــــكره
رأيت الناس في حب لدين الحق تنشـره
وفي اليوم الثاني أنشدت نشيدا عنوانه ( الإسلام هو الحل )

لابد لدين الإسلام أن يعلو كل الأوطـــــــــــان
يوما وقريبا موفده ليعيد بنــــــــــــــاء الإنسان
قد ضاق الناس بأنفسهم لابد لهم من إيمــــــان
الغرب يدور على حل ليغطي صحوة أجيالـــه
حاروا في الدنيا تفكيرا والدين الحق على بالـه
والشرق بدا في دنيانا صفرا في كل مبادئــــــه
ويدور على حل حتى يتمــــــاسك بعد مصائبه
أرض الإسلام أيا عربا جاء الإسلام لكم عــزا
قوموا في نشر شريعته لتكونوا في الدنيا رمزا
إن كنتم اهلا للإسلام وكنتم صورته المثـــلى
لابد وأن جميع الناس ستسلم طوعا في الجملة


وقد ترجمت الأنشودتين إلى اللغة الانكليزية , ليكون المستمع أكثر تفاعلا مع المعاني البناءة .
وكان دوري معبرا ورائعا , إذ استطعت بعون الله أن أبلغ رسالة الاسلام للجميع , وأنه لابد من اسلام حقيقي يمشي على الارض , من خلالنا , وأنه انتهى عهد الحوار والتنظير, ولم يبق أمامنا الا تجسيد الاسلام ميدانيا على الارض , ليراه الباحث على الحقيقة , والباحث عن حل لأزماته , بلسما شافيا , ودواء نافعا بإذن الله .
أما أغرب ما رأيت في لندن .
أن هذه الأعداد الهائلة على اختلاف الوانها وألسنتها , كان يجمعها الإسلام , ويضمها الأمل والألم الواحد , رأيت ذلك بأم عيني , وما أحلاه من منظر بهيج , نعم هذه عظمة الاسلام , إنه يجمع الأمم , ويوحد القلوب , ولست مبالغا أبدا أنه لو هيئ للاسلام الاسباب الكافية من الإعلام , وارتاح من خصومه الذين دأبهم ان يشوهوه , ويلصقوا به التهم , نعم لو هيئ له ذلك , لهرع إليه الجميع معلنين ولاءهم له لما فيه من عدل وحب وسلام .