ممكن جدا

كلما مررت من شارع وسط المدينة أجدها واقفة تنظر من نافدة منزلها شاردة تحمل تعابير تجعلك شاردا معها فتسبح بمخيلتك لتصطحبها في كل مكان ترغب فيه ، لا أتكلم ولا أتحاور معها ، نتبادل النظرات فقط في انسجام تام كأننا نحمل نفس الجينات ونفس الصفات ، أمسك يدها بلطف لأعبرمعها الأمكنة ، وفي مكان بديع جلسنا بهدوء على أرض مزهرة مع نسمات رياح عطرة ومعطرة مسكت يدها وقلت لها :
اسمحي لي أن أخرج لك ما يختلجني من مشاعر وما يغمرني من تقلبات واسمحي لي كذلك أن أأتمنك على حالي وآهاتي وآمالي آلامي وماضي حاضري وكل أزمنتي ، اسمحي لي أن أكشف لك أوراقي كلها ، اسمحي لي واسمحي واسمحي ...
ابتسمت ابتسامة لم أر مثلها من قبل كأنها لم تبتسم من قبل وقالت : تفضل ..
قالت لي تفضل كأنها طلبت مني دخول الجنة ، إحساس غريب راودني ، ألأن كلمة تفضل أول مرة أسمعها أو أن الإحساس الذي تحمله أكبر من أن أتحمله وأستوعبه فتراكمت علي الكلمات ونسيت في لحظة معنى المعاناة ونسيت الألم والآهات وظهر لي ماضي وحاضري ومستقبلي ورديا مزهرا وفاتنا فقلت لها بلطف : دعينا من الكلمات واتركي العيون تتحدث بأجمل العبارات .مر وقت لم أستطع تحديده فسمعت صوتا يقول :
الحمد لله إنه يتنفس ، إنه حي لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،وعرفت أنني في المستشفى أتلقى العلاج إثر اصطدامي بعمود الكهرباء الإسمنتي لما كنت انظر إلى الشاردة بنت ....حسبي الله ونعم الوكيل . .