قسم الأدب العربي و العالمي هو للمنقول من الشعر والنثر، والقصص والروايات مع الالتزام بشروط النقل الموضحة بموضوع القوانين |
#1
|
||||
|
||||
قصة >¥ مرعبة ¥< منقووووووووول
قصة >¥ مرعبة ¥<
الحلقة الاولى من قصة ( التلاعب بالشيطان ) لمحبين قصص الرعب بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم الحلقة الأولى من قصة التـــلاعـــب بـــالـــشـــيـــطـــان تبدأ الشمس فى الأبتعاد شيئا فشيئا قاصدة جوف السماء لتختفى عن أعيننا تاركة لنا بعضا من خيوطها الذهبية المتناثرة هنا وهناك , كان لهذه الحديقة نصيب كبير من هذه الخيوط الذهبية وهذا الجو الربيعى المفعم برائحة الورود . صوت السيدة أم كلثوم يأتى من مكان ما بهذه الحديقة ليجلس الناس وهم يترنحون لما تشدو به كوكب الشرق كما تترنح أمامهم الورود مع نسمات الهواء العليل , يجلسون فيتسامرون ويضحكون ينظرون إلى أطفالهم وهم يمرحون هنا وهناك أمامهم يلعبون فى سعادة فترتسم على وجوههم أبتسامة هادئة دون أن تترك شفتاهم موضعها .... السعادة تملأ الحديقة , الهدوء المختلط بحركة الأطفال الملائكية الطفيفة يزيد من جو هذه السعادة . لم يُعكر صفو هذا الجو سوى صرخة مدوية أطلقتها هذه المرأة وهى تصرخ فى فزع : أبنتى ... أين أبنتى ... أريد هدى ... بدأ صوت أم كلثوم يخبو حتى وصل إلى الخفوت , بدأت الخيوط الذهبية فى الرحيل , أشتدت نسمات الهواء العليل لتلفح وجوه الحاضرين بشدة فتزرع بداخلهم نزعات الخوف والهلع !! هب الجميع واقفا فى فزع وهم يبحثون عن هدى ... مضت حوالى ساعة على عملية البحث عن هدى ولكن دون جدوى , كانت عملية البحث خارج وداخل الحديقة , كانت هذه الحديقة هى الحديقة الرئيسية بمنطقة كفرعبده بمدينة الأسكندرية . تتميز هذه المنطقة بكثرة الفيلات المتناثرة بها فمعظم من يسكنونها يعرفون بعضهم البعض ومعظم المتواجدون بالحديقة من الجيران والأهل والأقارب . أذا أين أختفت هدى فى ظل هذا الجو الأسرى المترابط ؟! سؤال أفزع الحاضرون جميعا ولكن سرعان ما أتخذت نهال ( والدة هدى ) القرار الحاسم وتوجهت إلى قسم الشرطة الذى يبعد القليل عن الحديقة للإبلاغ عن أختفاء هدى ... مر الوقت ببطء شديد وبدأ رجال الشرطة يبحثون عن الطفلة التى أختفت فجاءة , ومع بداية اليوم التالى من أختفاء الطفلة حدثت المفاجاءة !! وجدت الشرطة الطفلة هدى مُلقاة تحت الشجيرة التى كان يجلس تحت ظلها أبويها بالأمس بعد أن لاحظوا وجود جرح دائرى غائر فى رقبتها أدى إلى وفاتها وكانت يداها اليمنى ممُسكة بدمية صغيرة ترتدى ملابس عروسة !! أنكرت والدة هدى ووالدها أيضا وجود هذه العروسة معها أثناء لعبها وتواجدها معهم بالحديقة مما زاد الأمر غموضا !! مرت ثلاثة أيام على أيجاد جثة الطفلة هدى والبحث مازال جاريا عن المُجرم وحدثت المفاجاءة الثانية , يتقدم والد ووالدة طفلة أخرى ببلاغ أخر عن أختفاء ياسمين طفلتهما الوحيدة !! توسل والدىّ الطفلة ياسمين إلى العقيد حسام ( المـُكلف بالقبض على المجرم ) بأن يُعجل من عملية البحث عن ياسمين قبل أن يكون مصيرها كمصير هدى , ولكن العقيد حسام حاول أن يهدأ من روعهما فطبقا للأجراءات القانونية عليه أن ينتظر حتى يمر من الوقت 24 ساعة فيبدأ عملية البحث !! وبالفعل مر الوقت وكأنه أمد بعيد فبدأت عملية البحث فى اليوم التالى وبينما عملية البحث جارية صرخ النقيب ماهر مناديا العقيد حسام فتوجه العقيد حسام مسرعا نحوه وما أن وصل إليه حتى تسمر مكانه وأتسعت عيناه وثغر فاه من هول المنظر !!! أنه نفس التوقيت الذى وجدوا فيه هدى وهو اليوم التالى من أختفائها وجدوا الطفلة ياسمين وهى مذبوحة ومعلقة من أرجلها فى أحدى فروع الأشجار بالحديقة , ورأسها ملفوفة بلـُفافة سوداء وموضوعة بجانب دبدوب صغير الحجم جذابة ألوانه أسفل جسدها المُعلق !! هنا كانت صدمة للعقيد حسام عند رؤيته هذا المنظر البشع الذى كاد أن يُنتزع فيه قلبه من الرعب ومما زاد الأمر غموضا وقد يكون وضوحا وليس غموضا هو أنكار والدىّ ياسمين أيضا لوجود هذه اللـُعبة معها !! هرع العقيد حسام مسرعا إلى مكتبه بعد أن أجتمع بالنقيب ماهر ومجموعة من الضباط وجلسوا يفكرون بصوت عالٍ فى أمر هاتين الجريمتين التى قد حدثتا فى نفس الأسبوع وإلى حد ما بنفس الأسلوب , بعد أن ملأ الحزن قلوبهم وغمرت الحيرة عقولهم .... تـألـيـف / مــحــمــد حــــســن عـبـد الجــابــر الحلقة الثانية من قصة ( التلاعب بالشيطان ) لمحبين قصص الرعب بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة الثانية مضت حوالى ساعة فى مكتب العقيد حسام ولم يتمكن أحد منهم الوصول إلى بؤرة الأحداث !! فكما أن هناك علاقة تربط بين الجريمتين هناك أيضا مايـُشكك فى هذه العلاقة , لقد تمت الحادثتين بنفس الأسلوب وهو أستدراج الطفلتين هدى وياسمين بعد مداعبتهما بهذه اللـُعب التى وجدت معهم والقضاء عليهما بعد تصفية أجسادهما الصغيرة تماما من الدماء ثم أعادتها مرة أخرى إلى حيث كانوا يلعبون !! ولكن بعد التحقيقات تأكد العقيد حسام أنه لا يوجد أي علاقة سواء علاقة أسرية أو غير ذلك تربط بين الأسرتين ( أسرة الطفلة هدى وأسرة الطفلة ياسمين ) !! أذا ماحدث ليس بأنتقام ولكن ما هو سر قتل هاتين الطفلتين ؟! فأيضا ليس وراء قتلهما دافع للسرقة أو حتى للخطف والمفاوضات كل ماحدث هو قتل الطفلتين وأعادة جثتهما مرة أخرى إلى حيث كانت تتواجد قبل الحادث !! كل هذه الأفكار دارت برأس العقيد حسام ومن معه أثناء أجتماعهم وأزداد اللغز غموضا ولكن كلف العقيد حسام النقيب ماهر بمراقبة جميع محلات لـُعب الأطفال القريبة من هذا الحى بعد أن تم التحقيق مع أصحاب هذه المحلات ولكن كان من الصعب أن يتذكر أحدهم الزبائن التى قد وفدت إلى المحل خلال فترة ما قبل الحادثتين . ظلت عملية المراقبة حوالى أسبوع بأكمله ولكن دون جدوى وظلت الحديقة فى هذا الأسبوع هادئة هدوء الموت ... فلا أحد يجرؤ على الأقتراب منها !! وبينما العقيد حسام جالس بمكتبه يحتسى قدحا من القهوة وهو ينظر إلى النقيب ماهر وهو جالس أمام مكتبه ثم يـُدير وجهه مرة أخرى تجاه نافذة المكتب , سمع أحدا يطرق الباب بطرقات منتظمة فأعاد نظره مرة أخرى إلى الباب الموصد وأنتظر للحظات وكأنه يود سماع المزيد من هذه الطرقات وكأنه كان ينتظرها ثم أذن لصاحب هذه الطرقات بالدخول . فتح الباب رجل يناهز الستين من عمره يرتدى ملابس أنيقة تقدم بخطى ثابتة تجاه العقيد حسام ويتابعه النقيب ماهر بنظراته حتى أستقر أمام مكتب العقيد حسام فسأله عن سبب مجيئه .. طلب منه الرجل بأن يسمح له بالجلوس فأشار إليه العقيد حسام بالجلوس وما أن جلس حتى قال فى هدوء ( أنا محمود الأسناوى صاحب أحد محلات لـُعب الأطفال , أنا هنا بشأن الحادثتين التى نشرتها الصحف عن مقتل الطفلتين هدى وياسمين ) نظر إليه العقيد حسام وسأله فى لهفة : و ماهى معلوماتك عن الحادثتين ؟! عم محمود : قرأت أن هاتين الجريمتين قد حدثتا فى أسبوع واحد وعندما دققت النظر فيما نشرته الصحف من صور للطفلتين وجدت معهما لـُعبتان وتأكدت أن هذه اللـُعب هى نفس اللـُعب التى كانت معروضة لدى بالمحل وتقدم للمحل أحد الأشخاص غريب المنظر والمظهر أيضا وطلب منى شراء دمية على شكل عروسة وبعد مرور أربعة أيام تقدم إلى المحل نفس الشخص وطلب شراء هذا الدبدوب الصغير الذى رأيته فى الصور المعروضة بالصحف وبعد مرور يومين قرأت فى الصحف بأمر هاتين الحادثتين لذا قررت على الفور أن أدلى بهذه المعلومات التى قد تساعد كثيرا فى فك طلاسم هذه القضية التى تبدو غامضة .... كان العقيد حسام والنقيب ماهر يتابعون أقوال عم محمود وكأنهما طفلان يستمعان إلى قصة ماقبل النوم !! لم يقاطعه أى منهم أثناء سرده لهذه الأحداث , وما أن أنتهى عم محمود من حديثه حتى نظر إليه النقيب ماهر نظرة حادة تشوبها بعضا من لمسات الشك وسأله : لقد علمت بأمر الحادثتين بعد مرور يومين على الحادث الثانى وهو نفس التوقيت الذى بدأنا فيه مراقبة جميع محلات لـُعب الأطفال وها أنت تأتى بعد مرور أسبوع لتغذية القضية بهذه المعلومات ... أين كنت طوال هذه المدة ولماذا لم تأتى لتدلى بأقوالك بعد قراءة الخبر مباشرة ؟! أبتسم عم محمود أبتسامة هادئة وتوجه بناظريه إلى النقيب ماهر ورد فى هدوء أيضا : لقد قرأت خبر الحادثتين عندما كنت بمدينة القاهرة أشرف بنفسى على أستلام بضاعتى من لعـُب الاطفال وعندما أنتهيت من ذلك وقررت العودة ترونى الأن ماثل أمامكم لأبلغكم بما حدث .... وأخرج عم محمود تذكرة القطار وقدمها للعقيد حسام الذى أمعن فيها النظر وتأكد من وجود تاريخ اليوم بها فنظر إلى عم محمود وطلب منه أن يضع لهم وصف دقيق لهذا الرجل الذى أتى إليه لشراء هاتين اللعبتين . عم محمود : هو رجل طويل القامة يرتدى معطفا طويلا داكن اللون وقبعة نفس لون المعطف , على وجهه شحوب يشبه الشحوب الذى على وجه الموتى , كلامه قليل , يتحرك بكل ثقة وهدوء . وعند مغادرته للمحل ألتفت إلى بعد أن وضع يداه اليمنى على مقبض الباب ثم قال : سأعود إليك مرة أخرى وأريدك أن تـُجهز لى لـُعبة قيمة ولكن هذه المرة أريدها تليق بطفل صغير و ليس بطفلة ... ثم أبتسم أبتسامة مخيفة ورحل وقد أختفى من أمام المحل فى ثوان معدودة !! هنا أرتجف النقيب ماهر بعد سماعه لهذه الكلمات ونظر إلى العقيد حسام فى صمت ففهم العقيد حسام مايدور برأس النقيب ماهر وقال له نعم ستكون الضحية القادمة طفل وليس طفلة ولكنى لن أسمح لهذا أن يحدث ... وصمت برهة وهو يفكر فيما مر على سمعه ثم نظر إلى النقيب ماهر وطلب منه أن يجمع الضباط فورا فلا بد من وضع خطة مـُحكمة تمكنهم من القبض على هذا المـُجرم .... تـألـيـف / مــحــمـد حــــســن عـبـد الجــابــر الحلقة الثالثة أختلفت الأراء , تنوعت الأفكار , تعددت المكائد , سادت لحظة صمت مرتاع لفترة غير معروفة وفجاءة أنشكح وجه العقيد حسام وأرتسمت على ملامحه أبتسامة توحى بالنصر ... فهو كان على غير أقتناع بالفكرة التى طرحها أحد الضباط وهى مراقبة محل عم محمود حتى يظهر القاتل المجهول ومتابعته حتى يجد فريسته من الأطفال والهجوم للقبض عليه متلبس , وأشار بأنه أسلوب مستعرض يتيح فرصة الهروب من قبـل المجرم . ولكنه أقترح بأن يتنكر النقيب ماهر فى زى عامل نظافة يمارس عمله داخل محل عم محمود حتى يظهر الرجل الذى وصفه عم محمود ثم يخرج بعد ثوان معدودة من مغادرة هذا الرجل للمحل بعد أن يصطحب نجله باسم أمام هذا الرجل الذى لم يكد يرى الطفل باسم حتى يقوم بأتباع خطوات النقيب ماهر وما أن يقترب النقيب ماهر من أحد مراكز الأتصالات فأنه يترك باسم متحججا بأنه سيقوم بأجراء مكالمة هاتفية فى حين أن يكون هذا المكان ( مركز الأتصالات ) مزدحم برجال سيقوم ماهر بأختيارهم للقيام بتنفيذ هذه المهمة معه , وهؤلاء الرجال هم الذين سيسهلون عملية أختطاف باسم حتى يتمكنوا بعدها من متابعة الرجل ذو الوشاح الأسود ( القاتل ) وبمجرد أتجاهه إلى المكان الذى يقوم بتنفيذ جرائمه فيه ستكون لحظة الهجوم لأنقاذ باسم وللقبض على هذا المجرم وكشف سر أرتكاب الجريمتين الغامضتين ... وما أن أنتهى العقيد حسام من حديثه حتى نظر إلى من معه وقد خـُيل له أنه فى نمتحف اللوفر بداخل القاعة المختصة بعرض تماثيل الذهول !! هنا غضب العقيد حسام وسألهم ماذا بكم ؟! رد النقيب ماهر فى صوت خافت وكأنه يتمتم بكلام غير مسموع : هل تريدنى يا سيادة العقيد أن أجازف بحياة أبنى الوحيد وأضحى به ؟! رد العقيد حسام : ومن قال أنك ستضحى به يا ماهر ؟ أنها مجرد مكيدة مدبرة وستقوم بنفسك بتنفيذها كى تضمن سلامة باسم وأنت تعلم جيدا أنه من الصعب بل من المستحيل أن تتكرر فرصة تواجد طفل أو طفلة وحده بعد ماحدث خلال الفترة الماضية ومعنى هذا أنه ستطول الفترة التى فيها قد يغفل أحد الوالدين لترك طفله أوطفلته ولو لثوان معدودة كى يلهو بعيدا عنه ومعها يطول أطلاق هذا المجرم حرا طليقا دون أن نتمكن من القبض عليه لينال عقوبته وليرتاح قليلا والدىٍ الطفلتين هدى وياسمين . ولا أظن أنك ستعجز عن حماية باسم كما أنى لا أشك أيضا فى قدرتك على أنقاذه فى الوقت المناسب , وستقوم بنفسك بأختيار الرجال الذين سيقومون بتنفيذ هذه المهمة معك وأود أن أذكرك يا ماهر بأن الفترة القادمة هى فترة الترقيات وأنا أتنبأ لك بنجاحك فى مثل هذه المهمة التى سبق وأن مررت بمثلها بنجاح وخوفك الزائد على باسم سيكون الدافع الأكبر خلف أصرارك على القبض على هذا المجرم . هنا نظر إليه النقيب ماهر نظرة نابعة عن أحساس لأول مرة على مر حياته يشعر به . فأبتسم العقيد حسام فى وجهه أبتسامة خفيفة كان لها التأثير فى جذب أوتار قلبه برقة فكان تأثيرها كالبلسم فاطمأن قلب ماهر وأبتسم هو الأخر بعد أن هز رأسه معلنا الموافقة .... وأنصرف الجميع معلنين بدأ تنفيذ الخطة فذهب ماهر ليختار من الضباط من سيرافقونه فى هذه المهمة . وبدأ يخبر كل منهم بدوره وكان شديد الحماس والحرص أيضا يبدو أنها كانت فكرة موفقة من قبل العقيد حسام بأن يـُدخل باسم طرفا فى هذه الخطة . وبالفعل أتجه ماهر إلى محل عم محمود فى زى عامل نظافة وظل هناك على هذا الوضع قرابة اليومين لم يتقدم فيهم إلى المحل أحد بالمواصفات التى ذكرها عم محمود فبدأ عنصر الملل يدب إلى قلبه وتذكر باسم فأصابته رعشة خفيفة فأجتمعت عليه الأفكار وتملكه شعور بعدم نجاح هذه الخطة فقد يكون القاتل توجه إلى أى محل أخر من محلات لعب الأطفال ومع دوامة التفكير التى كادت أن تذهب بعقله ومع نهاية اليوم الثانى وهبوط الظلام وخلو المحل من الزبائن فتح الباب رجل يرتدى معطفا داكن اللون والقبعة و على وجهه الملامح المخيفة المذكورة , هنا تسمر عم محمود فى مكانه وكأنه رأى شبحا فى حين أنفرجت أسارير ماهر وتبددت تماما الشكوك والمخاوف التى قد أنتابته وشعر بأنها بداية النهاية .... تقدم الرجل من عم محمود دون أن يهتم بوجود عامل النظافة ( ماهر) وسأله الرجل : ماذا عن اللعبة التى قد طلبتها منك أيها الرجل الطيب ؟ نظر إليه عم محمود وهو يحاول أن يبتسم فى وجهه وقال له : أنها موجودة لقد أحتجزتها لك ولكن طالت فترة غيابك حتى كدت أن أعرضها بالمحل لمن يرغب فى شرائها . أبتسم الرجل الغامض أبتسامته المخيفة ثم قال : أنها الظروف .... الظروف هى التى منعتنى من المجئ إليك ولكنى وفيت بوعدى كعادتى وحضرت أين اللعبة ؟! أخرج عم محمود علبة تحوى جيتارا موسيقيا صغيرا وقدمها لهذا الرجل وقد نالت أعجابه كثيرا هذه اللعبة وشكر عم محمود ثم أنغمست يداه فى أحدى فتحات المعطف حتى أبتلعتها وأخرج حفنة من النقود تكاد تفوق ثمن هذا الجيتار بمراحل وتركها أمام دهشة عم محمود وهم بالرحيل دون أن ينبذ ببنت شفة . ثوانى معدودة التى مرت وكان ماهر خارج المحل هو الأخر بعد أن أصطحب باسم بمساعدة أحد رجاله دون لفت أنتباه الرجل ذو المعطف الأسود ودلف النقيب ماهر فى طريق موازى للطريق الذى يسير فيه هذا الرجل وأسرع خطاه حتى وصل لنهاية الطريق فأنزوى يسارا حتى أصبح الأن يسير أمامه وتعمد النقيب ماهر أن يترك أدوات النظافة التى كانت بحوزته لتقع ثم أنحنى ليجمعها حتى يتمكن من مراقبة نظرة الرجل لباسم وبالفعل كانت حركة موفقة من ماهر فقد أثار باسم أنتباه الرجل الذى لم ينتبه مطلقا لمراقبة ماهر له وبعد أن تأكد ماهر من سلامة الخطة حمل أدوات النظافة مرة ثانية وأتجه بصحبة باسم إلى أحد مراكز الأتصالات الذى كان ملغم تماما برجال الشرطة المتنكرين فى زى مواطنين وما أن دخل ماهر حتى طلب أجراء مكالمة هاتفية وتحويلها على أحدى الكبائن وترك باسم خارج الكابينة وبجانبه أدوات النظافة وما أن دخل ماهر الكابينة وأوصد خلفه الباب حتى دلف الرجل بلهفة يسير خلف نظراته التى كانت تسقط على باسم كالسهام ..... تـألـيـف / مــحــمــد حــــســن عـبـد الجــابــر الحلقة الرابعة من قصة ( التلاعب بالشيطان ) بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة الرابعة كان تنكر ماهر فى زى عامل نظافة من أكثر العوامل التى دفعت هذا القاتل أن يـُعجل من أختياره لضحيته هذه المرة , فهذه الملابس البسيطة الذى كان يرتديها ماهر أن دلت ( فى نظر هذا الرجل الغامض ) أنما تدل على أن صاحبها رجل بسيط تكاد تنعدم أهميته فى هذه الغابة الكبيرة التى نعيش بها والتى يطلقون عليها مسمى الحياة , فرد فعله المترتب عما ستسفر عنه الأحداث من أختفاء أبنه لن يكون بالخطورة أوالسرعة التى قد تنتج عن رجل أخر يرتدى من الملابس ما قد يدل على أنه يعرف أحدا من – الكبار – الذى بأمكانه أن يساعده ويـُعجل من البحث عن أختفاء نجله .... ( يبدو أن المظهر العام يمثل جانبا من خطة هذا المجرم فى تنفيذ جرائمه ) فهذا الرجل البسيط ( عامل النظافة ) حاله كحال من سبقوه وخضعوا لأحد القوانين وهو الأنتظار على أختفاء طفله يوم بأكمله كى تبدأ عملية البحث وهى الفترة الكافية التى يحتاجها هذا القاتل لينقض فيها على فريسته ثم يعيدها مرة أخرى بعد أن يفتك بها , فالسرعة هى مبدئه فى تنفيذ جرائمه وهذا هو سر نجاحه حتى الأن !!! كل هذه الأفكار جالت بخاطره بعد أن كشفتها نظرته لباسم ولأدوات النظافة التى بجانبه .... هذا التفسير المبدئى للرجل الغامض كان عن لسان أحد الضباط الذى رواه فيما بعد للعقيد حسام وهذا الضابط هو الملازم ناجى أحد المتنكرين فى زى مواطن عادى بمركز الأتصالات , كانت مهمة الملازم ناجى والتى كلفه بها النقيب ماهر هى مراقبة هذا الرجل خطوة بخطوة بمجرد دخوله لمركز الأتصالات إلى أن يخرج مصطحبا باسم ... أقترب هذا الرجل فى تؤدة من باسم وشبح أبتسامة مصطنعة كانت لا تفارق شفتاه فجاوبه باسم بأبتسامة ( كما فطنه والده ) فأزداد البريق فى هاتان العينان الغائرتان وأحس بأستسلام ضحيته له فأتجه برأسه فى حركة خاطفة ليطلب من الموظف المختص بمركز الأتصالات تحويل مكالمة دولية على أحدى الكبائن متعمدا ذلك نظرا للأزدحام المحيط به فسيضطر الأنتظار للحظات نظرا لأنشغال جميع الخطوط وحدث ماتوقعه فأرتسمت على شفتيه أبتسامة توحى بفخره بدهائه ( لا يعلم أنه لو طلب تحويل مكالمة محلية لكانت النتيجة كسابقتها أيضا ) . أقترب الرجل من باسم حتى أتخذ جانبا منه وجلس وهو يحاول جذب أنتباهه بهذا الجيتار فأستجاب باسم ومد يداه كى يأخذ منه الجيتار فهب الرجل واقفا فتعلقت عينى باسم بالجيتار الذى فشل فى الأمساك به , هنا ربت الرجل على كتفه محاولا أقناعه بالأبتعاد عن هذا الأزدحام كى يتمكن من الأستمتاع بما يحدثه هذا الجيتار من أيقاعات موسيقية رائعة , وما أن خرجا حتى أنتهى دور مركز الأتصالات وبدأ دور الملازم ناجى , كان من حسن حظ ناجى أن الرجل كان منشغلا بمداعبة باسم طوال فترة سيرهما بالقدر الذى صرف أنتباهه عنه , وهذا لم يمنع ناجى من أن يتوخى الحظر وأن يحاول بقدر المستطاع تفادى نظراته له حتى لا يفتضح أمره أمام هذا الرجل وليتمكن من مواصلة الخطة بسلام . أستمر هذا المشهد قرابة عشرون دقيقة كانت خلالها المنازل قد بدأت فى الأندثار وبدأ يتسلل رحيق المجهول لقلب ناجى ومازال السير مستمرا حتى أختفت المنازل تماما وأصبح ناجى يقف كمن جردت منه ملابسه فى مكان مزدحم فهاهو الأن لا مخبأ له كى يحتمى به عن عيون هذا الكائن الغريب الذى يواصل سيره أمامه دون أن يكلفه تفكيره لمجرد الألتفات حوله لرؤية هذا الظل الثالث الذى يشاركهم سيرهم بعد أن ظهر واضحا فى ضوء القمر الخافت زادت دهشة ناجى وبدأت المخاوف تأخذ مأخذها منه , على الفور أجرى ناجى مكالمة هاتفية بالنقيب ماهر – الذى كان يتبعه هو ومجموعة من رجال الشرطة وعلى مقربة منه – ليخبره بواقع الأحداث ... طمئنه النقيب ماهر وأخبره أنه بالقرب منه ولكن ظهوره الأن سيفسد كل ما دبروه - لذا فعليك أن تستمر ياناجى وأريدك أن تصف لى أى طريق سلكتموه من هذه الطرق الثلاثة ؟! وأى منطقة تقف بها الأن وأين يتجه هذا الرجل فى هذه الأرض الخاوية ؟!! وما أن أنتهى النقيب ماهر من حديثه حتى أكتشف أنه كان يحدث نفسه مما أثار دهشته وكادت مخاوفه أن تغلبه ولكنه حاول التماسك على الأقل أمام من حضر معه وعاد حديثه مرة أخرى : ناجى .. ناجى ... أين ذهبت ؟ هل أنت على مايرام ؟ ومازال ماهر يتسائل حتى بدأ يفقد أعصابه فأشتدت نبرة صوته فأفيق ناجى على هذا الصوت الأجش و أبتلع ريقه كى يبلل حلقه الذى جف من الرعب ولبى ندائه فغضب ماهر لتأخره فى الرد ولكن جاوبه ناجى : أأسف على شرودى ولكن منظر هذا المبنى الذى أقرب إلى كوخ ضخم منه إلى منزل هو المبنى الوحيد فى هذا المكان الموحش وأرى باسم بصحبة هذا الشبح يسير تجاهه بل أراه الأن يفتح هذا الباب الخشبى ليبتلعه ظلام هذا الكوخ ولكنه قبل أن يوصد الباب ألتفت إلى ليرمقنى بهذه النظرة القاتلة التى تحمل الكثير من المعانى وشبح أبتسامة مخيفة أرتسمت على شفتاه وأغلق الباب لأجد نفسى وحيدا فى هذا الظلام الدامس ويتسلل إلى أذنى هذا الأيقاع الرتيب من نقيق الضفادع وأصوات أخرى لا أستطيع تمييزها أشعر أنه فحيح الثعابين أو ..... قاطعه ماهر : لا تقلق يا ناجى ولا تطلق لخيالك العنان الأن حتى لا تتوهم أشياء مريبة قد لا يكون لها وجود إلا بخيالك الواسع وقد تفقدك صوابك وما هى إلا دقائق معدودة وسأكون أنا ومن معى حولك ... أطمئن قلب ناجى بعض الشىء ولكن يزداد الأيقاع مرة أخرى من حوله وكأنها سيمفونية رعب يقوم بها أحد العازفين الحاصلين على دكتوراه فى فسيولوجيا الخوف !! سارت قشعريرة فى جسده ولكنه حاول أن يصرف فكره بأى أمر أخر حتى لا يداهمه الخوف ثانية وبينما هو فى صراع عقلى يحاول الصمود فيه لأطول فترة ممكنة أحاط به النقيب ماهر ومجموعة لا بأس بها من رجال الشرطة ورجال الأمن المركزى وبدأ ماهر يأمرهم بمحاصرة المنزل فأصبح المنزل محاط من جميع الأتجاهات برجال الأمن المركزى ولا توجد ثغرة بالقرب من المنزل إلا وكانت تخفى بداخلها واحدا منهم . تناول النقيب ماهر مكبر الصوت وكما تعودنا من الأفلام السينمائية يوجه ماهر ندائه من هذا العراء وهو مازال يجهل أسم هذا القاتل ولكن أخبره بمحاصرة منزله ولا يوجد أى منزل بجواره كى يستطيع القفز والأحتماء به فلا مجال تماما للهروب أو حتى المقاومة ولكن لا حياة لمن تنادى ... ظل ماهر فى هذا الموقف مدة ليست بقصيرة وصدى صوته يجلجل فى هذا الفضاء الذى يقفون به ولكن دون جدوى ... فاجأهم الرجل الغامض بأطفاءه للأنوار , صمت وقتها ماهر للحظات ظنا منه أن الرجل أستسلم ويستعد للخروج , مرت لحظات فى صمت رهيب وظلام مخيف وهذا المنزل قابع فى الظلام كأنه شبح ضخم يهاجمهم وتعجب ماهر من رد الفعل هذا وأتخذ قراره النهائى بالأقتحام ..... أمر ماهر رجاله بالهجوم وطلب من ناجى أن يذهب معه كى يتحسسا أى ثغرة تمكنهم من دخول هذا المنزل أثناء أنشغال الرجل من الداخل بالمقاومة وبالفعل بدأ الهجوم وكأنه بقيادة هتلر , شنت حالة هجوم مريبة مصحوبة بطلقات نارية ولكن لم تدم طويلا حتى عادت لحظة الصمت الرهيب مرة أخرى !!! هنا توقف الرجلان عن الحركة ( ماهر وناجى ) وتبادلا النظرات فى دهشة ووصل إلى ذهن كل منهم مايدور بذهن الأخر وهو ماذا حدث ؟ لماذا توقف أطلاق النار ؟! وفى نفس اللحظة هرول الأثنان مسرعين إلى حيث تركوا رجال الأمن وما أن وصلوا حتى وقفوا وهم يلهثون أمام هذا الباب الخشبى الذى يخفى خلفه العديد من الأسرار والحقائق بعد أن أتسعت عيناهم رعبا وأفواههم فاغرة من أثر الذهول وسقط ناجى مغشيا عليه بعد أن جثا ماهر على ركبتيه وهو يتابع هذا المشهد الرهيب .... تـألـيـف / مــحــمــد حــــســن عـبـد الجــابــر الحلقة الخامسة من ( التلاعب بالشيطان ) بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة الخامسة كان ماهر فى موقف لا يـُحسد عليه كما يقولون , فلم يتحمل ناجى هذا المشهد الفظ فسقط فاقدا وعيه ليترك ماهر وحده فى هذه المذبحة الفريدة من نوعها , مذبحة ليست بدموية كما نعرف عن المذابح !! ولكنها جريمة أبادة بشرية جماعية , نظر ماهر ليجد جميع رجال الأمن ممن حضروا معه من رجال الشرطة أو الأمن المركزى على السواء وقد كسوا الأرض بأجسادهم !! سقط الجميع على ظهورهم مفتوحى الأعين وهم ينظرون إلى لا شئ يرمقون ماوراء الطبيعة بعد أن أتخذت أياديهم مواضع غريبة من الواضح أنها قد مرت بمراحل عديدة من التشنجات ... ظل ماهر يجوب بناظريه فى المكان فى محاولة لأكتشاف ماحدث وفجاءة ... ثبت بناظريه على هذا الباب الخشبى بعد أن أمتلأ بالثقوب أثر الطلقات النارية التى أخترقته ليجد لافتة قد وضعها من يقبع خلف هذا الباب منقوشا عليها بالدماء - بعد أن قاربت السطور على أن تختفى معالمها وتختلط ببعضها البعض من أثر الدماء - هذه الكلمات : ( لقد أصابت لعنتى هؤلاء الحمقى الذين ظنوا أنهم يستطيعون أقتحام منزلى وأنا بداخله , وستظل لعنتى تلحق بكل من يفكر المساس بهذا الباب أو مجرد الأقتراب منه وسيكون مصيره الموت المحقق فى ثوان معدودة ... أذا كنت من يهاب الموت ويهوى الحياة أيها النقيب الشجاع فخذ هذا الأبله الذى حضر معك وظن أنه نجح فى مراقبتى طوال هذه المدة وأبتعد فورا قبل أن تــُصيبك لعنتى , فليس من الشجاعة أن تقتحم منزلى بل أنه من الحمق أن ترى مصير من سبقوك لهذه الفعلة وتـُصر على أن تلحق بهم , أما باسم يا سيادة النقيب النشيط فسأسلمه لك بعد مرور ساعتان من الأن ... الأمضاء / جــاســر ) قرأ ماهر هذه السطور بعينان جاحظتان محاولا أنهاء قراءته قبل أن تختلط السطور ببعضها البعض مكونة مزيجا دمويا مبهم ... وما أن أنتهى من قراءته حتى تشتت تركيزه وشُـل تفكيره ونسى تماما أنه رجل شرطة وأخذ يفكر بقلب والد يسعى فى أنقاذ ولده لذلك قرر الأتصال فورا بالعقيد حسام بعد أن طلب منه تقصى السرعة فى الحضور وأن يتبعه أسطولا بريا من عربات الأسعاف !! أندهش العقيد حسام من أجراء هذه المكالمة الهاتفية الغامضة ولكن أقنعه ماهر أن مجرد حضوره سيفسر له سر هذا الغموض , مضى من الوقت حوالى عشر دقائق يحاول فيها ماهر أفاقة ناجى ليشاركه هذه الكارثة ومضى الأثنان سويا يحاولان العثور على أحدا - ممن شهد هذه المجزرة والتى لم تسفر عن قطرة دماء واحدة - مازال على قيد الحياة ولكنهم كانوا يضيعون وقتهم هباء , فهم عاجزين عن وضع تفسير لما حدث وأخيرا وصل العقيد حسام بصحبة لا بأس بها من رجال شرطة أخرين لا يعرف أحد ماذا سيكون مصيرهم , ومجموعة من عربات الأسعاف تمنى الجميع وقتها بأن لا يظهر أى مريض فى هذه الظروف حيث أنه سيعجز عن العثور على أية عربة من عربات الأسعاف لنقله .... فها هى جميعها قابعة فى صفوف أمام هذا المنزل المشئوم وبينما نزل الأطباء يتفقدون المرضى عفوا أقصد ( الموتى ) فى ذهول تام حتى أقروا جميعا بأن الموت تم جماعى فى نفس اللحظة مع تفاوت طفيف جدا بينهم ... ولكنه تم فى لحظات تكاد لا تذكر !! مع الأخذ فى الاعتبار بأنه لا يوجد أى أثار مقاومة أو أفتراس من قبل هجوم مفاجئ قد تعرضوا له !! فى ذات اللحظة وعلى الجانب الأخر وداخل هذا المنزل بالتحديد كان جاسر ( بعد أن تم التعرف على أسمه من اللافتة الدموية التى تركها ) يقف بداخل غرفة حوائطها مطلية بطلاء أسود قاتم مـُطعمة بعديد من البقع التى ترسم أشكالا عشوائية أثر تلطيخ بالدماء , أما سقف الغرفة فلم يختلف كثيرا فكان مطليا باللون الأحمر ليتم التناسق بين أرجاء الغرفة وكأنها معبرا للجحيم ... هناك فى ركن بعيد من أركان الغرفة كانت توجد منضدة حديدية صدأة وكأنها تبتعد تقززا من أفعال هذا الكائن البشرى الغريب , وقف جاسر بمواجهتها ليتابع ما تحمله فوقها هذه المنضدة فكان هناك العديد من الأسلحة الفتاكة فهذه زجاجة تحوى بداخلها محلول حمض الكبريتيك ( ماء النار ) الكاوى وهذه أسلحة بيضاء بمختلف أنواعها وهذه أسياخ حديدية قد ظهر على طرفها أثر تسخين دائم بدرجات حرارة مرتفعة وهذا صاروخ كهربائى ذات العجلة الدائرية المميتة ( وهذا أكثر ما أثار أنتباه جاسر) , وكانت هناك رائحة نتنة تفوح بها أرجاء هذه الغرفة أقرب كثيرا لرائحة الموت !! ألتفت جاسر ليترك ظهره وكأنه رقيبا على هذه المنضدة وأخذ ينظر فى قسوة لباسم وهو مكتوف الأيدى والرجلين بعد أن ثبته جاسر فى أحد جوانب الغرفة بطريقته الخاصة فى مواجهة هذه المنضدة ليتمكن من رؤية ماعليها من أدوات التعذيب فيزداد هلعه ويزداد هو لذة برؤيته لأثار الرعب على وجه الطفل البرىء !! وأخذ يخاطبه وكأنه رجل متزن أمامه يعنفه : أيظن والدك الأحمق أنه بأمكانه أنقاذك من قبضتى ؟! ألم أنصحه بالأبتعاد ؟! هاهو الأن يـُعيد نفس المشهد السابق ويحاصر منزلى ثانية ... الأن فقط سأنهى هذا التجمع المزعج حول منزلى كى أستطيع أن أخلد إلى سبات عميق قبل تنفيذ هدفى الأكبر ( ودخل فى نوبة من القهقهة التى كانت تجلجل بصداها فى هذه الغرفة المعزولة عن العالم الخارجى , وكان باسم يرتجف رعبا من أثر هذا الصوت البهيمى وهذه التصرفات الحيوانية ) وأستطرد قائلا : سأرسلك إلى والدك بعد قليل ... وعاودته الأبتسامة المخيفة التى ظن باسم أنه قد ولد بها !! وأرتسمت ملامح الفرحة على شفتا الطفل الذى لم يفهم شىء مما قاله جاسر سوى الجملة الأخيرة وهى سأرسلك إلى والدك .... تحرك جاسر موليا ظهره لباسم لينظر ثانية لهذه المنضدة وماتحمله فوقها من أدوات تـُثير شهوته العنفوانية وأخذ يلقيها بنظرات عشوائية حتى أستقر أخيرا بناظريه على هذا الصاروخ الكهربائى الذى يستخدم فى فصل القطع الحديدية عن بعضها البعض هاهو الأن جاء دوره ليفصل ولكن ليس قطع حديدية ولكن لفصل ... تناوله جاسر وصار بخطى ثابتة تجاه باسم الذى لا يفطن على الأطلاق ماذا يحمل جاسر وماذا سيفعل بهذا الشىء الذى تقبض عليه يداه !! وبينما هو يـُعد هذا الصاروخ الكهربائى للعمل ... كان العقيد حسام والنقيب ماهر والملازم ناجى يقفون فى ذهول بعد أن أذهبت المفاجأة بعقولهم !! لقد أدلى الأطباء بتقريرهم بأن الموت كان بالفعل جماعى دون أن يتعرض لهؤلاء الرجال أحد ولكنهم تعرضوا لأثر صاعقة كهربائية أودت بحياتهم على الفور !! تعجب الثلاثة من هذا التقرير الطبى ولكن ما أكد لهم ذلك هو أجماع كافة الأطباء الحاضرين على صحة هذا التقرير ... لم يحتمل العقيد حسام الأنتظار وفى ظل دهشة ماهر وناجى التى أكتست ملامحهم أجرى العقيد حسام مكالمة هاتفية عاجلة طلب فيها بأرسال مجموعة من مهندسى الكهرباء فورا ... كان ماهر يراقب عقارب الساعة بأستمرار وجملة ( أما باسم فسأسلمه لك بعد مرور ساعتان ) لم تفارق عقله ومر الوقت فى بطء شديد وكأن الزمن قد توقف بعجلته عند هذه اللحظة فجملة - سأسلمه لك بعد ساعتان - تخفى بين ثناياها الكثير من الغموض والحيرة فظن ماهر أن جاسر سيسلمه له حقا ولكنه تذكر مشهد الطفلتين هدى وياسمين فعاود الرعب ليملأ فؤاده ثانية ويـُحار مما قصده جاسر فأنعكس أحساسه تماما وأخذ ينظر فى ساعته كل دقيقة وشعر بأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة مع مرور كل دقيقة وهى تذهب بلا عودة وود لو لم تمضى الساعتان التى ذكرها جاسر وظل الثلاثة ماكثون فى صمت ينتظرون طوق النجاة فبوصول مهندسى الكهرباء سيتم كشف سر هذه الصاعقة ليتمكنوا من أقتحام هذا المنزل وأنقاذ باسم قبل أن يقضى الأمر .... ولحسن الحظ يقطع هذا الصمت الرهيب صوت سيارات الشرطة وهى تحمل معها الأمل المتبقى , أستوقف العقيد حسام السيارات التى ألتف حولها كلا من ماهر وناجى وأخذا فى تفحص الحاضرون من مهندسى الكهرباء الذين نزلوا وسط نظرات الجميع و توجهوا بصحبة العقيد حسام إلى هذا المنزل بعد أن شاهدوا جثث الضحايا وسارع إلى ذهنهم أنهم قد تعرضوا لأثر صاعقة كهربائية وأخذوا يتفحصون المكان جيدا وينبشون الأرض من حولهم لعلهم يجدوا ما يهدى ضالتهم , وبالفعل وجد أحدهم مجموعة من الأسلاك النحاسية العارية فصرخ فيهم مناديا حتى هرولوا مسرعين يساعدوه فى تتبع هذه الأسلاك فوجدوا نهايتها عند هذا المنزل و أكدوا بأن نهاية هذه الأسلاك مدفونة أسفل المنزل ولها أطراف أخرى بداخل المنزل وأستنتجوا بأن هذه الأطراف موصلة بأجهزة كهربائية قد طـُعـم بها هذا الباب من الداخل فبمجرد تحريك هذا الباب من موضعه ولو لحركة بسيطة تعمل هذه الأجهزة لتولد شحنات كهربائية ذات جهود مرتفعة جدا تتسبب فى أنتقال الألكترونات عبر هذه الأسلاك المزروعة تحت أرجلهم لترسم دائرة كهربائية يصعق كل من بداخلها !!! لم يعقب أحدا على ما سمعوه ولكن أستكمل أحد المهندسين كلامه قائلا لا بد من البحث عن باقى هذه الأسلاك وأكتشاف إلى أين تكون حدودها حتى يتم أعدامها جميعا قبل أن يفتح هذا المخبول ( جاسر) الباب فنـُصعق جميعا وينتهى مصيرنا كمن سبقونا هنا !! همس ناجى قائلا : ولكنه دخل أمامى من هذا الباب دون أنه يلحقه أى ضرر !! جاوبه أحد المهندسين : من السهل أبطال مفعول هذه الأجهزة من وحدات التحكم من الداخل وهو مايفعله جاسر قبل مغادرته للمنزل وبمجرد دخوله مرة أخرى من هذا الباب يعاود ضبطها مرة أخرى حتى يؤمن نفسه تماما ضد أى هجوم والأن هيا لنستخرج باقى الأسلاك المزروعة بهذه المنطقة كى نفسد عليه خطته العبقرية .... لم يتمالك ماهر أعصابه وصرخ فى الجميع : أتريدوننى أنتظر حتى تنتهوا من أكتشاف باقى الأسلاك وأستلم أبنى الوحيد لأضيفه لقائمة ضحايا اليوم ؟ من المؤكد أنكم تمزحون !! قاطعه العقيد حسام : هدئ من روعك يا ماهر وحاول أن تتمالك أعصابك فكما ترى نحن بخارج المنزل ولكننا حبيسون بحلقة الموت التى أحاطنا بها هذا اللعين ولا بد من التحلى بالصبر كى نتخلص منها ونستطيع أقتحام المنزل وأنقاذ باسم ... نظر إليه ماهر نظرة تـُحمله كل معانى الذنب فيما يحدث لأبنه الوحيد وذهب ليجلس وحيدا وهو يخفى وجهه بيداه وينحنى برأسه لأسفل منتظرا ما ستسفر عنه الدقائق العصيبة القادمة ...... تـألـيـف / مــحــمــد حــــســن عـبـد الجــابــر الحلقة السادسة من ( التلاعب بالشيطان ) بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة السادسة عندما تدور الدنيا دورتها المعتادة باللأنسان كما تدور الأرض دورتها المعتادة حول الشمس فكلتا الدورتان هدفهما واحد وهو أستمرار الحياة , وعندما يأتى دورك فى هذه الدورة الدنيوية لتمر بنقطة ما على سطحها تسمى الأختيار ... هذه الكلمة التى تشبه عنوان لموضوع طويل هذه الكلمة و التى تسطر بأسفلها العديد من الكلمات الناتجة عن مزيج من الأحاسيس والمشاعر المختلطة بالخوف والحيرة ... تريد الموت شنقا أم حرقا ؟! هذا واحد مما أوقعت به الظروف أن يصبح أسيرا فى أحدى الحروب ... فعليه الأختيار !! تريد أن تنطق بكلمة حق لتـُرضى ضميرك فيرضى عنك الرحمن أم تدحضها خوفا على حياة أقرب الأقربين لقلبك ؟! هذا واحد أجبروه على أن يشهد زورا ... وعليه الأختيار !! أن تودى بحياتك وتخاطر بها من أجل أنقاذ أبنك الوحيد وتعلم أنه الموت لك قبل أن تصل إليه أم تنتظر المصير المجهول له فتكسب نفسك وقد تخسره ؟! هنا جاء دور ماهر فى هذه الدورة ليمر بنقطة الأختيار , وما أصعبه أختيار !! فالأختيار هنا لن يقع على ماهر فقط بل يمتد ليضم لقبضته أبنه الوحيد ... جلس ماهر يتابع مهندسى الكهرباء وهم يحاولون أحباط عمل هذه الدائرة الكهربائية التى أوقعهم بها جاسر فينظر إلى العقيد حسام فينظر العقيد حسام لناجى فيمتثل ناجى للأمر الصامت ويتجه بدوره إلى النقيب ماهر , محاولا أن يخفف عنه بعضا من ألامه ويطمئنه بنجاح خطتهم وأقتراب لحظة الهجوم لأنقاذ باسم .. فى جوف هذا المنزل يوجد طريقا كالبهو فى نهايته تقبع هذه الغرفة التى تبتلع بداخلها كل من جاسر وباسم وكل ما يمكن ذكره من كلمات تصف الرعب والخوف والفزع بمعناهم !! أضاء جاسر شمعة كى تبدد ظلام هذه الغرفة فظهر الضوء خافت الذى خـُيل لساكنى هذه الغرفة بأن هناك أشباحا تسبح فى أرجاء الغرفة مما أضاف رهبة على المكان وهلعا على وجه الطفل الصغير , تناول جاسر فى بطء صاروخه الكهربائى بعد أن أعده للعمل وأوصله بالكهرباء فدارت عجلته بسرعة جنونية وكأنها تود أن تسبق الأحداث لينتهى دورها فى مارثون الرعب الذى يقيمه جاسر بالغرفة ... قرب جاسر الصاروخ من أحد أطراف المنضدة الحديدية فتطايرت شظايا نارية لتملأ جو الغرفة وكأنه بدء الأحتفال الدموى , أحتفال بجريمة قتل جديدة ... بدأ باسم يفقد صوابه وأبتلت الأرض من أسفله أثر رؤيته لهذه الأحداث الغريبة , أشتدت قبضة جاسر على الصاروخ الكهربائى وأمتلأت عيناه شرا وأخذت تدور فى محجريها وكأن أصابه صرعا وأخذ فى الأقتراب من باسم الذى أفزعه صوت هذا الصاروخ , نظر إليه جاسر فى صمت فأندهش الطفل وجاوبه بنظرة طفولية تكسوها معانى البراءة ويشوبها بعضا من الوهن واللأنكسار , رفع جاسر الصاروخ بزاوية مائلة من رقبة الطفل فنظر إليه باسم بعد أن غمر الفزع وجهه , أزدادت ملامح جاسر وحشية و التى جسدت كلمة الشر بكل معانيه على هذا الوجه المشحوب وفجاءة مر جاسر بالصاروخ الكهربائى على رقبة الطفل فأنبثقت الدماء لتغطى وجه جاسر وترسم خطوطا وأشكالا جديدة على هذه الحوائط التى شهدت هذا الأحتفال الدموى أكثر من مرة , تدلت رأس الطفل على صدره فلم يعجب جاسر هذا المنظر وللمرة الثانية يقرب هذ1 الصاروخ من الرقبة المنحورة ليفصل به الرأس عن هذا الجسد الصغير و التى سقطت متدحرجة لتستقر أسفل هذه المنضدة .... فى هذه اللحظة أنشكح وجه العقيد حسام ونادى كل من ناجى وماهر حيث نجحت خطتهم وأحبط المهندسين عمل هذه الأسلاك المميتة وأشاح بوجهه أيذانا ببدء لحظة الهجوم ... نظر إليه ماهر وشبح أبتسامة حزينة تداعب ثغره , أتجه الجميع تجاه الباب يتقدمهم العقيد حسام والنقيب ماهر والملازم ناجى وما أن هموا بالأقتحام حتى فاجأهم جاسر بأضائته لأنوار منزله فظهرت هالة خافتة من الضوء حول المنزل فتوقف الجميع للحظات أيذاء هذا التصرف وهموا للمرة الثانية بالهجوم فسمعوا صوت أرتطام عنيف من الجهة الخلفية للمنزل فهرول الجميع مسرعين ظنا منهم أن جاسر قد ألقى بنفسه منتحرا !! وما أن وصلوا حتى وجدوا كيسا ضخما من البلاستيك أغلقت فتحته برابطة محكمة من الحبال السميكة فجثا ماهر على ركبتيه محاولا فك هذه العقدة الغليظة ليرى مابداخله , أقترب منه ناجى يساعده فيما يفعل وما أن نجحا فى التخلص من هذه العقدة حتى أخرجا ما بداخل الكيس ..... أنها جثة باسم ورأسه مربوطة إلى صدره ومعها خطاب - أشبه بكثير للافتة الدموية التى رأها ماهر على باب هذا المنزل – مكتوبا فيه بالدماء : ( لقد أوفيت بوعدى معك أيها النقيب وسلمتك باسم بعد ساعتين كما وعدتك ) أحتضن ماهر هذا الجسد الممدد أرضا وأخذ فى تقبيل هذه الرأس الملطخة بالدماء بعد أن أمتزجت دماؤها بدموعه التى أزرفت منه أثر رؤيته لهذا المنظر الذى أعتصر قلبه حزنا , و هرول مسرعا قاصدا الباب الخشبى لا يفكر سوى فى شئ واحد فقط وهو جـــــــــاســـــــــر ...... وصل ماهر وهم بالدخول إلا أن أثار أنتباهه أثار دماء ترسم خطوات لأقدام شخص ما ولاحظ أنها تأتى من داخل هذا المنزل فأيقن أنها خطوات جاسر وهذه هى دماء باسم , فقد ألقى جاسر بجثة الطفل خلف المنزل ليتجه الجميع إلى مصدر الأرتطام ويستغل هو فرصة أنشغال الجميع بجثة باسم وأخفت الأضواء ظنا منه أن الفرصة ستسنح له بالهروب ... وأقسم ماهر بأنه لن يرحمه ولن يفلت هذه المرة من قبضته ... أخذ ماهر فى تتبع أثار الأقدام فوجد أن نهايتها عند بداية أحد الحقول التى تحيط بالمنزل , كان العقيد حسام والملازم ناجى يحاولان اللحاق به وما أن وصلا إليه حتى خاطبه العقيد حسام محاولا أقناعه بأن لا يعرض حياته للخطر و إلا يخوض هذه الحقول الموحشة وحده و التى تزخر بثعابين سامة وخطرة فجاوبه ماهر بأقتحامه لهذه الحقول لا يبالى بما يسمعه حتى أختفى بين أعواد الذرة وكذلك فعل ناجى الذى أحزنه مشهد هذا الطفل المنحور فذهب هو الأخر محاولا البحث عن هذا الكائن الدموى , وأختفا الأثنان بين الحقول .... قصد ماهر طريقا بين الحقول وصار بين أعواد الذرة التى كانت تتراقص بفعل الرياح فتخفيه عن الأعين ليسلك ناجى الطريق المعاكس للذى كان يسير به ماهر دون قصد منه ... واصل ناجى السير حتى أوقفه هذا المكان المهجور الذى وجد نفسه به بعد أن لاحظ أنه قد غادر الحقول وولى لها ظهره , وقف ناجى ليتأمل هذا المكان فوجد أن هناك دار خربة نصف مهدمة تحيط بها الأشجار على مسافات متباعدة منها , هذه الأشجار والتى توحى بأنها قضت قرون وقرون بهذا المكان الموحش بعد أن تشابكت فروعها لتـُهيأ للناظر وكأن هناك مارد ضخم قد تشابكت يداه لتكًون مظلة ضخمة لهذا المكان بعد أن أحتجزت أضواء القمر الخافتة .... كان بالقرب من هذه الدار الخربة وتحت هذه المظلة الطبيعية الضخمة التى كونتها فروع الأشجار ومع هذا الخيط الرفيع من ضوء القمر الذى تسلل من ثقب ضيق بهذه المظلة .. يوجد ما يثير الرعب لناجى فقد لاحظ أن هناك شىء ما يتحرك فى هذا الضوء الخافت .. أتسعت عيناه و أزداد تركيزه وأتضحت الرؤية .... أنه كائن بشرى يرتدى معطفا داكن اللون , هذا المعطف قد رأه ناجى من قبل هذا الرجل ليس بغريب عن ناجى أنه .... أنه جـــــــاســــر !! كان جاسر يحمل فى يداه اليمنى حيوانات وطيور مقيدة كان يجرها أرضا ويداه اليسرى كانت تحمل العديد من زجاجات ممتلئة بالدماء قد أحكم ربطهم سويا بهذه الرابطة الغليظة ليتمكن من حملهم , ترك جاسر هذه الأشياء على الأرض و خلع معطفه وسحب من جنبه سكينا وقربه من يداه اليمنى بعدها لاحظ ناجى الدماء وهى تنزف من ذراع جاسر الأيمن !! عجب لذلك ولكنه واصل مشاهدته فوجده يخرج ورقة وبأداة ما تشبه كثيرا لقلم بدائى كان يمسحها جاسر بجراحه راغبا الكتابة بهذا الحبر الدموى ... فكتب بها على الورقة و كرر فعلته عدة مرات و ما أن أنتهى من ذلك حتى تناول سكينه مرة أخرى و قام بذبح جميع الحيوانات والطيور التى كانت معه ليملأ بدمائهم زجاجات أخرى فارغة كانت بحوزته !! ثم جثا على ركبتيه يتوسل لشخص يخاطبه وكأنه هو فقط الذى يراه !! ويقدم له هذه الورقة التى سطرها بدمائه و أستمر فى توسلاته وأذلاله وكأنه يحدث أحدا أمامه يرجوه بأن يقبل منه هذه الورقة ... وبالفعل ظهر أمامه مسخ دميم الخلقة له جسم أنسان ورأس لم يرى ناجى فى حياته حيوان دميم بهذا الشكل كى يصفه به !! ما هذا ؟! يبدو أنه الــشــيــطــان !! دارت الهواجس برأس ناجى ورأى جاسر وهو يقدم له القرابين من الحيوانات المذبوحة والزجاجات المعبأة بالدماء !! و ها هو جاسر يقدم له هذه الورقة فيقبلها منه هذا المسخ الدميم !! الأن تأكد ناجى أنها ليست بهواجس أو تخاريف فى ليلة قمرية .. أنه حقا الــشــيــطــان !! و ضحك الــشــيــطــان بقهقهة كادت أن تفقد ناجى صوابه لكنه حاول أن يتماسك حتى لا يكتشف أحد أمره فتكون نهايته !! وبعد أن قبل الورقة من جاسر أشار بأصبعه ليظهر عنه ظافره فى أتجاه أفقى فيوحى للناظر وكأن هناك جسد ممدد يرتفع فى الهواء !! أنه يـُشير تجاه هذه الدار الخربة فيخرج منها رجال ونساء يقتربون من جاسر وكأنهم كانوا فى أنتظار قدومه .. و خلع الجميع ملابسهم تماما , و شرعوا فى رسم دائرة سحرية على الأرض ليدخلون بها و بالفعل سكروا جميعا ثم أنغمسوا فى الرقص والغناء بداخل الدائرة حتى أصابهم الأعياء فتساقطوا الواحد تلو الأخر أمام ذهول ناجى الذى شعر أن قدماه لا تسطيع أن تحمله فسقط ليغيب بوعيه قليلا عن الأحداث ... ومع الخيوط الأولى للفجر أستيقظ ناجى فهز رأسه فزعا عندما أسترجع الأحداث و شرع يتحسس جسده غير مصدق أنه مازال على قيد الحياة وهب واقفا ليتابع الأحداث ولكنه نظر فوجد جسد جاسر وهو مسجى على الأرض من الواضح أنه قد سقط فاقدا وعيه بعدما سكر الجميع ورقصوا هذا الرقص الشيطانى . تقدم ناجى من جاسر و كان حوله هنا وهناك أجساد أخرى متناثرة فاتحة أذرعها عن أخرها وكأنهم كانوا فى محاولة لأحتضان الكرة الأرضية , هم بالتأكيد من كانوا يتراقصون معه داخل الدائرة السحرية , تقدم ليقبض عليه وينهى هذه الدراما التى سببها لهم بعد أن لاحظ وجود علامة سحرية فى أجزاء حساسة جدا من أجسادهم فتأكد أنها ختم الشيطان وهى علامة لا تمحى أبدا .. وتذكر ماقد قرأه فى كتب السحر وتسخير الجان فأيقن أن ما رأه ما هو إلا طقوس - القداس الأسود - أو كما يطلقون عليه ( السحر الأسود ) !!! وهذه الورقة التى كتبها جاسر بدمه ماهى إلا عقد حلف مع الشيطان فلا فكاك له من هذا الحلف إلا بالموت !! وقف ناجى للحظات مغلوبا على أمره لا يدرى ماذا يفعل مع هذا الرجل وهو ملقى أرضا بهذا المنظر وهم أن يتقدم ثانية ليقبض عليه لكنه شعر بوجود أصابع تغوص فى كتفه وتوقفه عن الحركة فأرتجف قلبه وأرتعش جسده ....... تـألـيـف / مــحــمــد حــــســن عـبـد الجــابــر الحلقة السابعة من قصة ( التلاعب بالشيطان ) بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة السابعة كانت نظرات ناجى تسقط فى تتابع للمشهد الصامت الذى أمامه , بينما كان جل تفكيره فى القوة الخلفية المبهمة التى أوقفته عن الحركة والتى يجهل حتى هذه اللحظة مصدرها ... مرت هذه اللحظات القليلة على ناجى وكأنها أمد بعيد ومازال ثابتا فى مكانه كأنما هبطت عليه صاعقة ثلجية من السماء جمدت جميع أطرافه .. لكنه سرعان ما أسترد قلبه وأستجمع قواه لمواجهة القوة المجهولة التى هاجمته ... أستدار ناجى بعد أن أتخذ وضع الدفاع عن النفس وأخرج سلاحه النارى وثبته فى وجه ... من ؟! العقيد حسام ؟!! - نعم العقيد حسام يا ناجى .. ماذا تفعل هنا يا ناجى ومن هؤلاء ؟! ناجى : كما ترى يا سيادة العقيد .. كنت فى أنتظار هذه النهاية العربدية حتى أستطيع الهجوم والقبض على جاسر ... هاهو جاسر يا سيادة العقيد ممدد أرضا لا حول له ولا قوة .. وهى فرصتنا الأن للقبض عليه وتقديمه للمحاكمة ومواجهته بكافة الجرائم التى أرتكبها ... العقيد حسام : هل تمزح يا ناجى ؟! من المؤكد أنها مزحة ... ناجى : أمزح ؟! وما المزحة فى كلامى يا سيادة العقيد ؟! العقيد حسام : قل لى أولا يا ناجى .. ماذا حدث لجاسر ؟ ومن فعل به هذا ؟ ومن هم الذين يرقدون حوله بهذا المنظر المتحرر ؟! ناجى : أنها حكاية طويلة يا سيادة العقيد .. مختصرها أن جاسر كان يوقع حلفا مع الشيطان فى مراسم غريبة أقامها جاسر ومن معه وأصبح الأن كل واحد منهم ساحرا بمقدوره ممارسة السحر الأسود كما يشاء دون قيد ... العقيد حسام : من البلاهة أن تسرد لى ما قصصت منذ قليل وتسألنى ما المزحة فى كلامك !! كيف يا ناجى تريد القبض على جاسر بعد أن أصبح الأن ساحرا لديه من القوى الخارقة ما يمكنه من فعل ما يشاء ؟! كيف تريد القبض عليه وحوله مجموعة لا بأس بها من السحرة ؟! ألهذا الحد تشتاق لمعرفة نهايتك ؟! ناجى : ماذا تعنى ياسيادة العقيد ؟! أنتركه ونرحل كى يزاول عمله بحرية فيما بعد دون أن يزعجه أحد ؟!! العقيد حسام : بالتأكيد لا ... ولكن هجومك الأن لن يوقظه وحده بل سيوقظ معه هذا الجمع من السحرة لنصبح وليمة شهية لهم يفعلوا بنا ما يشائون كأول تجربة لهم كسحرة ... هناك بعض الترتيبات الأولية لا بد من أجرائها .. منها أبلاغ اللواء مدحت السباعى بواقع الأحداث ... أنها قضية رأى عام ياناجى وليس مجرد جريمة سيطوى ملفها بمجرد القبض على المجرم .. فهل يصح أن نقبض على جاسر ونترك باقى السحرة ليرحلون .. فماذا فعلنا أذا ؟! نظر إليه ناجى بعد أن رسمت ملامحه صورة حية للبلاهة , ولكن عليه أن ينفذ الأوامر .. فسارا الأثنان سويا قاصدين طريق العودة بين الحقول بعد أن أشرق الصباح معلنا عن بداية صفحة جديدة من صفحات الأيام , لنرى ماذا سيسطر لنا هذا اليوم من أحداث فى هذه الصفحة , و تبادر لذهن ناجى بأن صفحة واحدة لن تكفى لما ستسفر عنه الأحداث القادمة .... سار العقيد حسام محاولا تفادى أعواد الذرة التى كانت تلطم وجهه .. يتبعه ناجى فى صمت وهو لا يبالى بلطمات أعواد الذرة وكأنه يرغب فى أن تستمر لطماتها لعلها تفيقه من بحر الأحداث الذى غرق به ... العقيد حسام : أريدك يا ناجى أن تقص ما شاهدته فى هذه الليلة القمرية و أن تصف لى مغامرة جاسر مع الشيطان .. وماذا تم بينهم .. جاوبه ناجى بحنجرة متحشرجة : لقد رأيته يحمل حيوانات وطيور وكان قد أخرج سكينا كى يذبـــ..... وبدأ يقص عليه الأحداث الضارية التى شاهدها .. كان العقيد حسام يتابعه بهمهمات توحى بالأكتراث وحسن الأستماع والمتابعة مع ما يسرده من أحداث ... وما أن أنتهى ناجى من القصة حتى أنتهت معها مغامرتهم وسط الحقول بين أعواد الذرة ليستقبلا منزل جاسر ثانية .. نظر ناجى فوجد كل شىء كما كان .. المنزل بما يحوى من جراح دامية , ها هم مهندسى الكهرباء والأطباء بعد أن أصابتهم حالة شجن جماعى لم يراها من قبل .. هناك يقف رجال الشرطة والأمن المركزى الذين حضروا لأنقاذ باسم الأن يشيعون جثمان الطفل الصغير .. يسيرون به أمام الجميع لوضعه بأحدى عربات الأسعاف التى تملأ المكان .. العيون دامعة .. القلوب نازفة .. الجراح دامية .. أنه فراق باسم .. فراق أبدى بلا رجعة ... نظر ناجى وهو يتابع هذا المشهد فى أسى .. يالها من مشاهد تتوالى أمامه .. ربت العقيد حسام على كتفه وقال له : تماسك ياناجى فكيف ستخفف على صديقك ( ماهر ) ألامه وأنت بهذا الحال ؟! أنتفض ناجى .. ماهر !! أين ماهر ؟! وأخذ يجول بناظريه فى المكان فأزدات دهشته !! لقد أختفى ماهر ياسيادة العقيد !! لم أجد له أثر فى هذا الحشد ... قاطعه العقيد حسام : لقد تم نقله للمستشفى أثر أصابته بحالة أنهيار عصبى نتيجة فقدانه لباسم وبعد أن عجز عن الوصول لجاسر .. لقد وجدوه بين أعواد الذرة فى أحدى هذه الحقول وقد أنفصل بوعيه تماما عمن حوله ... صرخ ناجى فى فزع : مستشفى ؟! أى مستشفى يا سيادة العقيد ؟! أرجوك جاوبنى .. أين هذه المستشفى ؟! العقيد حسام : أهدأ يا ناجى .. سيكون على مايرام بمشيئة الرحمن .. هو الأن فى أمس الحاجة للراحة والهدوء وسيكون فى حالة جيدة .. أستمر ناجى فى ألحاحه لزيارة النقيب ماهر فمل العقيد حسام من ألحاحه المتزايد فذكر له أسم المستشفى ليهدى ضالته .. على الفور أتجه ناجى لزيارة ماهر بالمستشفى وما أن وصل حتى دلف فى الطريق المؤدى لغرفته .. أقترب ناجى .. طرق الباب فلا من مستجيب .. فتح الباب ودخل فوجد ماهر فى حالة يرثى لها !! كان جسده مسجى على السرير . . عيناه مفتوحتان تنظران لأعلى لا يوجد بسقف الغرفة ما يثير نظراته لكنه كان يرمق أبعادا يصعب على ناجى رؤيتها !! أرتفاع صدره وهبوطه فى هذا البطء يؤكدان أستمرار صلته الجسدية بالحياة ... أقترب منه ناجى وأتخذ مقعدا بجانبه .. تسللت يداه ببطء فى محاولة لجذب أصابع ماهر ليلفت أنتباهه بوجوده .. لمس ناجى أصابعه التى كانت متشابكة على صدره فأحس وكأنه دب يداه بداخل مبرد !! فأحاطهم بيداه ونظر إلى ماهر بعد أن حاول أخفاء حزنه الحبيس بداخل قطرات دموعه و التى تتوارى خلف جفونه .. تنهد ناجى تنهيدة خفيفة كادت أن تسيل بحر الدموع الذى يحاول أحتباسه ثم قال له : ما هذا ؟ النقيب ماهر الذى يلقبه زملائه بالرجل النازى لقوته وصموده وقدرته الفائقة فى مواجهة أصعب المشكلات يجلس هكذا حزينا شريدا ؟! أنه قضاء الله وقدره يا ماهر .. فكُلنا عباد الرحمن .. يختار منا من يشاء ويؤجل الأختيار إلى حيث يشاء أيضا .. وقد وقع الأختيار هذه المرة على باسم كأختبار لك من المولى عز وجل .. أتعزه على من خلقه يا ماهر ؟!! ترقرقت دمعة فى عينى ماهر فسلكت طريقها على خده وسقطت لتستقر على أيدى ناجى .. أثارت هذه القطرة شجن ناجى فجذب ماهر وضمه إلى حضنه فتعانق الرجلان وأنهمر ماهر فى البكاء وهو يدفن وجهه بصدر ناجى فأشتدت ضمته له وهو يربت على ظهره فى رفق ويقول له : أبكى فأن فى البكاء راحة .. فالدموع تداوى الجروح و تروح عن القلوب .. فقاطعه ماهر : ولكنها لن ترجع لى باسم ياناجى .. لن ترجعه .. قال ماهر هذه الكلمات متقطعة فى وهن وأنكسار .. - هاهو جاسر فعل فعلته وهرب دون أن يعثر عليه أحد وكأن الظروف تتحالف معه ضدى .. هنا أنتبه ناجى لكلامه وقال له : لا يا ماهر .. من قال هذا ؟ ماهر : لقد أكد لى العقيد حسام أختفاء جاسر وتمكنه من الهروب .. ناجى : هذا قبل لقائى بالعقيد حسام .. نظر إليه ماهر بعد أن تقارب حاجبيه وبدأت الدهشة تداهمه .. أستطرد ناجى قائلا : لقد وجدت جاسر ياسيادة النقيب .. ماهر : وجدت جاسر ؟ أين ؟! ناجى : لا تتعجل يا ماهر سوف أقص عليك الأحداث إلى أن تمل منى ولكن الأن عليك أن تبدل ملابسك كى نغادر هذه المستشفى ونضع خطة للقبض على جاسر بعيدا عن العقيد حسام .. ماهر: ولماذا بعيدا عن العقيد حسام ؟! ناجى : الموضوع طويل يا ماهر وليس لدينا متسع من الوقت الأن .. سوف أفسر لك كل شىء فى الطريق .. أستجاب له ماهر و نهض كى يستعد للرحيل .. وقف ناجى أمام النافذة يـُشغل نفسه بمتابعة حركة السيارات بالخارج حتى ينتهى ماهر من أبداله لملابسه , وما أن أنتهى من أبدال ملابسه حتى حمل حقيبته فأغلق ناجى النافذة وأستعدا للخروج لكنهما سمعا أحدا يقرع الباب .. توقف الرجلان وتبادلا النظرات فعاودت الطرقات مرة أخرى .. فتوجه ناجى ليفتح الباب .. ناجى : مرحبا يا سيادة العقيد .. أتفضل .. العقيد حسام : هل ستأذن لى بالدخول يا ماهر ؟ ماهر : وهل حضرتك فى حاجة لأذن الدخول ؟! أتفضل يا سيادة العقيد .. العقيد حسام : كيف حالك الأن يا ماهر ؟ أرى أثر زيارة ناجى لك .. كان محقا أذن فى أصراره لزيارتك .. ياله من ساحــــ..... نظر إليه ناجى فتعثر العقيد حسام فى الكلام أثر نطقه بهذه الكلمة التى لم يكملها حيث تبادرت إلى ذهن ناجى صورة جاسر .. ماهر : ماذا بك يا سيادة العقيد ؟! ناجى .. ماذا حدث ؟! هل تخفون عنى شيئا ؟! العقيد حسام : أبشر يا ماهر لقد عثر ناجى على جاسر و ... قاطعه ماهر : وأين هو ؟ هل قبضتم عليه ؟ أنه فى الحجز الأن إليس كذلك ؟! قاطعه حسام : مهلا يا ماهر .. يجب الأتصال باللواء مدحت السباعى أولا لأتباع التعليمات .. و أخذ الأحتياطات اللازمة للقبض على جاسر .. مط ماهر شفتيه ونظر إلى ناجى بعد أن فهم أصراره فى حجب خطتهم للقبض على جاسر عن العقيد حسام .. سأله العقيد حسام : هل تضجرت من كلامى يا ماهر ؟! فجاوبه ماهر بأبتسامة لتنفى سؤاله و تظاهر بالأقتناع وتأييده لما قال .. العقيد حسام : ولكنى أراكم تستعدون للرحيل .. إلى أين وجهتكم ؟ ماهر : أشعر بأن حالتى قد تحسنت ولكنى أفتقد دفئ منزلى فقررت أن أمكث به إلى أن أشعر أنى أصبحت بحالة جيدة .. وأزداد ماهر فى ترحابه بالعقيد حسام .. ففهم العقيد حسام وهم بالأنصراف متظاهرا بأنشغاله ببعض الأمور .. شكره ماهر كثيرا على زيارته وأستأذنه فى أن يبقى ناجى معه نظرا لأن وجوده له أثر أيجابى عليه .. فأبتسم العقيد حسام وهز رأسه معلنا بالموافقة , قام معه ناجى وفتح له الباب حتى خرج العقيد حسام يودعهم بأبتسامته ... أنتظر ناجى للحظات وما أن أبتعد العقيد حسام حتى أوصد ناجى الباب يتابعه ماهر فى صمت .. سأله ناجى : ماذا بك ؟! فجاوبه ماهر بسؤال : أين جاسر يا ناجى ؟ وماهو السر الذى تحجبه عنى أنت والعقيد حسام ؟! ناجى : جاسر قتل باسم ليقدم دمائه قربانا للشيطان كى يرضى عنه يا ماهر .. أمتقع وجه ماهر وتلعثم لسانه ورمق ناجى بنظرة تؤكد عدم فهمه لما قاله ثم سأله : ماذا ؟! ناجى : جاسر الأن أصبح ساحرا يا ماهر .. قتل هدى وياسمين وباسم .. أرتكب كل هذه الجرائم كوسيلة وليس هدف .. كانت جرائمه وسيلته لأرضاء الشيطان كى يصل لهدفه الأكبر .. الــســحــر الأســود !! سأله ماهر وهو شريد الذهن .. زائغ العينان : وأين هو الأن ؟! ناجى : لقد تركته بعد أن سقط مغشيا عليه أثر أنتهاء الطقوس الغريبة التى كانوا يقومون بها .. فأندهش ماهر وسأله : يقومون بها ؟!! ناجى : نعم .. لقد حضر أيضا عدد لا بأس به فعلوا كما كان يفعل جاسر تعددت الأحداث والهدف واحد يا ماهر .... ماهر : هيا بنا يا ناجى قبل أن يفيق جاسر ويرحل بلا رجعة فيصيبنا جميعا الندم لرحيله بهذه القوة السحرية .. وقتها تكون نجحت خطته وفشلت جميع جهودنا هيا .. غادر الرجلان المستشفى قاصدين منزل جاسر وقد أستقلا سيارة ناجى .. مضى الأثنان طريقهما والصمت رفيقهما , توقف ناجى بالسيارة بالقرب من المنزل بعد أن تمكن من أخفائها عن الطريق المؤدى للمنزل حتى لا يفطن أحد لوجودهم و واصلا طريقهم للمنزل سيرا على الأقدام .. حتى وصلا إلى المنزل المشئوم الذى توقف أمامه ماهر ينظر إليه وكأنه يشاهد بورتريه لأعز أصدقائه .. هزه ناجى لأفاقته من شروده وهو يعلم أن صورة باسم لم تفارق ناظريه , أنتبه له ماهر فأشاح له ناجى بوجهه كى يتبعه وخطى ناجى خطوته الأولى فى الطريق الذى لن ينساه أبدا يتبعه ماهر فى صمت تام وشرود عميق. خاض الرجلان رحلة صعبة وسط الحقول يداهمهم الخوف من أن يهاجمهم ثعبان أو أن تفاجأهم أفعى , ولكنهم وصلا بسلام لنهاية الطريق فتوقف ناجى .. سأله ماهر وهو مازال غارقا فى شروده : لماذا توقفت ؟! جاوبه ناجى بصوت خافت : هاهو جاسر لحسن حظنا أنه مازال مغشيا عليه .. فتعجب ماهر الذى أخذ يتمتم فى أذن ناجى : وأين من كانوا معه ؟ أنه بمفرده!! ناجى : لا أعلم يا ماهر من المؤكد أنهم رحلوا .. لا يهمنا الأن سوى جاسر وفيما بعد نمعن التفكير فى أمر من كانوا معه . ماهر: أنظر يا ناجى .. أنظر .. حملق ناجى الذى تشبث بذراع ماهر وأخذا يتابعان ما يحدث .. فقد تسلل رجلا إلى هذه الأرض الخربة يرتدى قبعة تخفى معظم معالم وجهه ومعطفا أشبه بكثير لمعطف جاسر .. أقترب الرجل فى تؤدة من جاسر حتى توقف أمامه ثم أنحنى فى محاولة لأفاقته ... أرتعش ناجى وظن أن هذا هو الشيطان و قد عاود فكاد أن يطلق ساقيه للريح .. لكن جذبه ماهر من ذراعه وحاول تهدئته فى صمت حتى لا يثيرا أنتباه هذا الرجل .. أفيق جاسر ونهض وهو يستند إلى هذا الرجل ثم تناول معطفه والذى كان مكوم أرضا فأرتداه وتوجه الأثنان إلى الدار الخربة - التى أشار إليها الشيطان سابقا - أمام ذهول كل من ناجى وماهر !! شرع ماهر فى أن يتبعهما فتوقف ناجى الذى جذبه ماهر عنوة وأخذا يتسللا خفية خلف جاسر ومن معه ... و ما أن وصلا لهذا الكهف عفوا أقصد – المبنى نصف المهدم - حتى دخل الرجل يتبعه جاسر فى طاعة عمياء .. ذهب ماهر وناجى يبحثان عن منفذ يتسللان منه ليدخلان هذا المنزل المهجور .. فأكتشفا فتحة يمكنهم من خلالها الدخول لهذا المنزل فقفز النقيب ماهر أولا ثم ناجى .. سمع ماهر فى غير وضوح صوت حديثهم يأتى من مكان ما بهذا المنزل .. فتتبع حدة الصوت حتى وجد نفسه يقف أمام واحدة من الغرفات بابها مفتوح والصوت كان مسموع بوضوح .. فوقف ماهر بجانبه ناجى ينصتان جيدا لحديث الرجل مع جاسر ... الرجل الخفى : برافو يا جاسر .. برافو .. لقد أتممت الخطة بنجاح .. عليك أن تنصت جيدا الأن لتنفيذ ما سأقوله لك ... كلمات قليلة ولكنها فجرت البركان الخامد بقلب ماهر فتصارعت حمم الغضب بداخله فى الخروج وأفقدته أعصابه فأقتحم عليهم مجلسهم يتبعه ناجى الذى أرتفعت درجت حماسه تأثرا بهذه الحمم وأشهرا أسلحتهم النارية فى وجه كل من جاسر وهذا الرجل ... تـألـيـف / مــحــمــد حــــســن عـبـد الجــابــر الحلقة الأخيرة من قصة ( التلاعب بالشيطان ) بسم الله الرحمن الرحيم الحلقة الأخيرة لم يتوقع كل من جاسر والرجل الخفى هذه الحركة الفجائية من قبل النقيب ماهر والملازم ناجى واللذان قطعا عليهما حديثهما , نظر جاسر فى شدة لماهر بينما كان يتفادى هذا الرجل نظراته لماهر .. أمره ماهر بأن يخلع قبعته فتردد الرجل فأزداد غضب ماهر الذى كاد أن يُفجر رأسه بطلقاته النارية .. هدأه ناجى .. نظر ناجى لهذا الرجل و أعاد عليه طلب ماهر .. لحظات قليلة مرت فى صمت وهذا الرجل يخلع قبعته فى بطء وكأنه يقتلع رأسه من جسده ... أخيرا خلعها ولكنه أنحنى برأسه لأسفل محاولا أخفاء وجهه ... نظر ماهر .. حملق ناجى .. صرخ الأثنان فى صوت واحد ... الـــعــقـــيـــد حـــــســـــام !!!!! مرت لحظات تبادل فيها ماهر والعقيد حسام نظرات تحمل الكثير والكثير من المعانى كانت كحديث صامت يصل من الذهن للذهن ... ناجى : الأن فقط أدركت لماذا منعتنى من القبض على جاسر حينما وقع بقبضتى .. الكثير من اللحظات الغامضة أنقشعت عنها سحابة الغموض الأن !! سأله ماهر فى هدوء مريب : ماذا تفعل هنا يا رجل القانون ؟! العقيد حسام : يا ماهر أنا ... بماهر : قتلت باسم .. العقيد حسام : لا يا ماهر .. أنا .. ماهر : أنت دمرت حياتى .. لماذا يا سيادة العقيد .. يا رجل القانون .. لماذا باسم يا حسام ؟؟ لماذا ؟؟ تجعلنى ألقى بأبنى الوحيد فى شبكة الموت وأنت على دراية بأنها النهاية !! ماغرضك فى كل ماحدث ؟!! أنطق قبل أن أهشم رأسك .. أريد أن أعرف كل شئ .. وإلا أقسم بالله ستكون نهايتك فى هذا المكان .. العقيد حسام : أهدأ يا ماهر وسأخبرك بكل ما يثير فضولك .. وبدأ العقيد حسام ينهمك فى حديثه و هو يدافع عن قضيته بأستماتة .. - لقد داهمتنى كثيرا أفكار السحر وتسخير الجان حتى غرقت فى بحورها , فكنت دوما شغوفا بقراءة كتب السحر الأسود وقدرات السحرة الفائقة وودت لو أن أصبح مثلهم لكنى كنت دائما أنصرف عن هذا الفكر بمجرد قراءة النهاية , فكنت دائما اقرأ أسوأ النهايات للسحرة الذين يمارسون السحر الأسود!! حيث أنهم يوقعون حلفا مع الشيطان ولا فكاك لهم من هذا الحلف إلا بالموت ودائما يكون الموت فى أبشع صوره وهذا لأن الساحر يتعهد فى هذا الحلف والذى سطره بدمائه أنه سُيطيع الشيطان ولن يعصى له أمرا أبدا وهذا بعد أن يكفر بجميع الأديان والكتب السماوية .. وبعد أنتهائه من طقوس السحر الأسود يـُكتب أسمه فى كتاب الموت !! لذا كنت أتردد دائما فى خوض هذه التجربة المريبة ولكن ظل قلبى متعلق بالسحر الأسود وما يمنحه من قوة وقدرة أيضا على تسخير الجان لتحقيق كل ما أريد , ظل الحلم يراودنى لسنوات طويلة وأنا عاجز عن تحقيقه إلى أن يشاء القدر وتجمعنى الظروف بجاسر ... ماهر : وكان جاسر يمتلك نفس الحلم ولكنه لم يتردد وخاض التجربة وحده .. فلماذا تنازلت عن حلمك له ؟! العقيد حسام : مهلا يا ماهر لا تتعجل الأحداث .. جاسر شاب فلاح .. يتيم .. فقير .. ليس له أقارب فهو يعيش وحيدا , أو كما يقولون – مقطوع من شجرة - ونظرا لظروفه ومظهره وطيبته والتى كانت من أكثر ما يميزه , كانت تصعب عليه المعيشة فى المدينة والتى لجأ إليها كى يلتحق بكلية الهندسة ولكنه أضر أسفا أن يتركها نظرا لظروفه المادية الصعبة .. أتجه جاسر للعمل ولكن كان زملائه يتخذونه دائما موضع لسخريتهم وكانوا يمزحون معه دوما بغرض السخرية منه فترك عمله أيضا ولكنه لم يسلم من سخرية الناس فى أى مكان كان يتجه إليه , و نظرا لساذجته وطيبته الزائدة عن حدها وتحت ضغط الفقر والجوع أيضا خصيصا بعد أن ترك عمله فقد وقع يوما ما ضحية لأحد تجار الصنف كتاجر شنطة وتم القبض عليه , وكانت قضيته معى ولحسن حظه ظهرت برائته سريعا ومن هنا كانت بداية معرفتى به .. خرج جاسر من مكتبى وقد أثارنى الفضول لأن أعرف ماذا سيفعل بعدما حكى لى عن ظروفه , وعلى غير العادة وجدت نفسى استقل سيارتى وأقوم بمراقبته شخصيا بعد أن تبادر إلى ذهنى أنه قد يفكر فى الأنتحار .. كان هناك طبيبا وقد ذاع صيته فى مجال ( الطب النفسى ) خصيصا بعد عودته من لندن , فكان يعمل طبيبا فى أحدى العيادات الخاصة بشارع - هارلى سبيد فى وسط لندن - و التى تستخدم العلاج بالتنويم المغناطيسيى .. هذا الطبيب كان يسكن بنفس المنطقة التى يسكن بها جاسر لذا لجأ إليه جاسر بعد أن شرح للطبيب ظروفه المادية فوافق الطبيب على معالجته مجانا .. وفى اليوم التالى توجهت قاصدا منزل الطبيب للأستفسار عن حالة جاسر .. رحب بى الطبيب كثيرا بعد معرفته طبيعة عملى وأزداد الترحيب وسمح لى بالدخول لمعرفته أنى (عقيد) وهذا بالطبع سيسهل له الكثير من العوائق ... دار بيننا حوار طويل أدلى لى فيه بحالة جاسر الطبية ومايعانيه من شعور بالأكتئاب الذى ينغص عليه معيشته .. ولحسن حظى أن هذا الطبيب قد عاد من لندن وهو لا يملك ثمن ولو عيادة صغيرة خاصة يعاود بها عمله مرة أخرى الذى تعلم فيه الكثير ونهل الأكثر أثناء عمله فى لندن .. وأيضا لا يمكنه العمل بأى مستشفى حكومية نظرا لتجاوزه الستين من عمره فقد أصبح بهذا السن وكأنه منتهى الصلاحية !! عاود مصر فلم يجد سوى محل كبير للعب الأطفال ملكا لأولاد أخيه الصغار وقد أغـُـلق هذا المحل بعد وفاة والدهم فقرر أن يُعيد للمحل نشاطه مرة أخرى كى يستفاد منه الأطفال الصغار وليستفيد هو أيضا .. هذا الطبيب أنت تعرفه يا ماهر وجمعكما سويا مكان واحد .. وهو هذا المحل الذى أحدثك عنه ... ماهر : أعرفه ؟ ومكان واحد جمعنا ؟! ينقص أن تقول لى أن جاسر كان صديقا لى يوما من الأيام !! من هو الطبيب الذى تقصده يا سيادة العقيد ؟! العقيد حسام : عم محمود يا ماهر ... محمود الأسناوى .. نزلت هذه الكلمات كالصاعقة على كل من ماهر وناجى وكانت لها الفضل فى أن يـُصيبهم الوجوم وتغمرهم الدهشة !! أستطرد العقيد حسام كلامه أمام تمثالى الذهول بعد أن أذهبت المفاجأة بعقولهم: لقد شجعتنى ظروف جاسر ومحمود الاسناوى .. و جعلتنى أعيد التفكير ثانية فى الحلم الذى راودنى لسنون طوال ... فعرضت على الدكتور محمود الأسناوى عرض مغرى وكان من الصعب عليه رفضه .. وهذا بعد أن دب بيننا خيط رفيع من الصداقة و أخذ يحدثنى عن أتقانه لمجال الطب النفسى وقدراته الفائقة فى العلاج بواسطة التنويم المغناطيسى , عرضت عليه مشروع عيادة صغيرة تصبح ملكه ليزاول بها عمله والذى يهيم به عشقا وهو العلاج بالتنويم المغناطيسى .. أندهش عم محمود فى بادئ الأمر ولكن عندما عرضت عليه فى المقابل أن يُدرب جاسر ويخـُضعه للعلاج النفسى تحت تأثير التنويم المغناطيسى لتنفيذ بعض المهام التى سأكلفه بها .. تبددت الدهشة وحلت محلها الغموض ثم طلب منى أن أشرح له طبيعة الأوامر التى سأكلف جاسر بها .. ولم يكد عم محمود يدرك بأن غايتى هى تسخير جاسر للقيام بالمهام التى ستقوده فى النهاية لأن يكون واحدا من السحرة حتى أمتقع وجهه و أصفر لونه وظننت أن روحه تفارقه .. طلب منى فى غضب أن أنصرف ولا أعاود ثانية .. فلبيت رغبته وغادرت منزله ولكن فى اليوم التالى عدت له ثانية وأنا أعلق بين أصابعى مفاتيح العيادة الجديدة .. قابلته بابتسامة فقابلنى بجفاء .. نظر للمفاتيح وهى تتأرجح بيداى , فطن أن حلمه يتراقص أمام عيناه بين أصابعى , لم يدوم تماسكه وفقد سيطرته على ضميره وسمح لى بالدخول .. دار بيننا حديث ليس بطويل لكن شرحت له فيه مدى الفائدة التى ستعم علينا أذا تحقق مأربنا , و ما أن رأيت بذور الأقتناع الوهمية قد نبتت على وجهه حتى سلمته المفاتيح و وعدته بأن العيادة ستـُكتب بأسمه بمجرد أن ينفذ ما طلبته منه .. هز رأسه معلنا الموافقة فأهتزت معها أوتار قلبى لتخرج سيمفونية سعادتى بأقتراب الحلم الذى حافظت عليه بين ضلوعى لسنوات عديدة ... كان جاسر يتردد على بيت الدكتور محمود ( ليتلقى العلاج المجانى الذى وعده به ) فى خفية خوفا من أن يكتشف أمره أحدا فتزداد سخريتهم منه لذهابه للطبيب النفسى .. و كان هذا فى الصالح العام لأستمرار خطتنا وأتمام أتفاقنا فى سرية تامة , بدأ معه الدكتور محمود أولى جلسات العلاج من خلال التنويم المغناطيسى و كنت أتابعهم دوما من خلال الأتصالات الهاتفية فكان يطمئنى الدكتور محمود لنجاح الخطة وأنه مع أولى جلسة له مع جاسر وهو تحت تأثير التنويم المغناطيسى كان يتسلل إلى مناطق اللا وعى بالمخ ويعيد برمجتها مرة أخرى فيقنعه بأن سخرية من حوله له تكمن فى طيبته وأنه لا بد من أرهابهم والأنتقام منهم حتى ينال كل أحترام وتقدير من الأخرين .. أستمرت هذه الجلسات لفترة قليلة فكانت أستجابة جاسر عالية جدا نظرا للحاله النفسية السيئة التى أصابته , وكان الدكتور محمود يلاحظ فى عينيه دوما بعد أفاقته نظرة كلها عنفوان وشر وأنتقام فاطمأن الدكتور محمود لنجاح العلاج وأبلغنى على الفور بالأستعداد للخطوات الأولى فأبلغته بأول خطوة سيقوم بها جاسر وكان يوم أختطاف الطفلة (هدى) فشحنه الدكتور محمود مغناطيسيا بكيفية أختطاف طفلة ودربه على هذه الخطوة , هذا بجانب حقنه ببعض المواد الكيميائية التى تساعد كثيرا فى الرحيل بالعقل لسبات عميق وتنفيذ كل ماهو مطلوب منه .. ومنها ( مصل الحقيقة ) أو كما يسمونها الكميائيون ( بنتوثال الصوديوم ) ... وكان جاسر يتبع التعليمات فى طاعة عمياء فبمجرد أختطاف الطفلة وتقييدها بمنزله يعاود الذهاب مرة اخرى لمنزل الدكتور محمود فى خفية حتى يتلقى باقى الأوامر وكأنه - أنسان ألى - لا يعصى الأوامر الموجهة إليه !! وبدورى أتجه خفية أنا الأخر لمنزل الدكتور محمود الأسناوى لشحن عقل جاسر بعد أن - خضع للتنويم المغناطيسى - بكافة الخطوات القادمة التى سيقوم بها حيث أنه لا يكفى شرحها عن طريق الهاتف وحده .. أستمر هذا الحال حتى مقتل الطفلة الثانية ( ياسمين ) وقتها توقفت خطتنا فى حين تغذيتها بخطة فرعية تساعدنا فى الأستمرار ... قاطعه ماهر وعيناه يغشوها الأنتقام ونظراته تسقط كالسهام لترشق فى قلب حسام وقال : وباسم هو الخطة الفرعية يا سيادة العقيد أبليس إليس كذلك ؟ تـُسخرنى أنا أيضا لمساعدتك فى أكمال خطتك بنجاح .. أصطحب باسم بهاتين اليدان - التى أتمنى الأن لو أقوم ببترهما - كى أقدمه بنفسى كوليمة لأرضاء الشيطان .. يالك من مملكة للشياطين .. و أدمعت عيناى ماهر عندما أكتشف أنه كان سببا فى ضياع باسم حين وافق على خطة العقيد حسام فى أصطحاب باسم كفخ يقع فيه جاسر .. هنا تدخل ناجى الذى قام بدور تمثال الأنصات لما يسرده العقيد حسام وسأله : ولكن من الذى أنصب دائرة الموت حول منزل جاسر ووضع هذه الأسلاك المميتة المتصلة بالأجهزة الكهربائية ؟! هل هناك طرف رابع يشارككم خطتكم ؟!! أبتسم العقيد حسام كأستفزاز له وتقليلا من شأنه .. ثم جاوبه : لماذا دائما يخونك ذكائك يا ناجى ؟! لقد ذكرت بأن جاسر كان طالبا بكلية الهندسة .. لقد ألتحق بقسم الكهرباء نظرا لشغفه وحبه للعمل فى هذا المجال .. أنه لم يكمل سنوات الدراسة ولكن ماقضاه فى هذه الكلية قد أكسبه خبرة جيدة فى هذا المجال .. وتحت التأثير المغناطيسى أقنعناه بأن يشرع فى توصيل هذه الدائرة الكهربائية وأمددناه بكل ماهو مطلوب لذلك .. ثم أبتسم العقيد حسام أبتسامة يغمرها فخره بدهائه ... كاد ماهر أن ينفجر من الغيظ ولكنه تظاهر بالتماسك إلى أن ينتهى غموض اللغز وسأله : وما هو غرضك بالتحديد من تسخير جاسر فى مثل هذه المهمة ؟! ولماذا لم تفكر فى أمر جاسر بعد أن يصبح ساحرا .. ألا ترهب أن يخالفك و يستخدم سحره ضدك ليتحرر من قيودك و ينتقم منك ؟! عاودت أبتسامة المكر على شفتا العقيد حسام : سأجاوبك على سؤالك الثانى أولا : يبدو أنك نسيت يا ماهر أنى ضابط شرطة وبأمكانى القبض على جاسر و منحه لقب تاجر مخدرات أو أن أطبق عليه قانون الطوارئ نظرا لأنه يُثير الفتنة الطائفية - على سبيل المثال وليس الحصر - ولن يحدث هذا إلا أذا فكر مجرد التفكير فى أن يعصى أوامرى .. ومن المؤكد أنه يدرك هذا جيدا فهذا أمر مستبعد لأن يفكر به .. وعاودته الأبتسامة .. ماهر : يبدو أنك الذى نسيت أنك كنت ضابط شرطة يوما من الأيام .. وماهو جوابك عن سؤالى الأول يا مسـُخر الشيطان ؟!! ضحك العقيد حسام وجلجلت قهقهته فى المكان ثم قال : لقد جاوبت على سؤالك بنفسك يا ماهر .. فهذا هو هدفى حقا .. أستخدام قوى الشيطان والتى تكمن فى جاسر الأن لأستخدامها كما أشاء وأحقق كل ما أحلم به دون الوقوع فى فخ الشيطان .. فمن وقع الحلف معه هو جاسر .. ومن سـُجل أسمه فى كتاب الموت جاسر أيضا لقيامه بطقوس السحر الأسود على أكمل وجه .. فأنا بعيد كل البعد عن هذه الأمور ليس لى سوى أستخدام جاسر فى تنفيذ كل ما أريد .. ماهر : و بدلا من أن يكون جاسر ضحية المجتمع وحده يصبح أيضا ضحية لأغراضك الدنيئة ويتحمل هو وزرك مع الشيطان .. إليس كذلك ؟! العقيد حسام : لا تنظر لى هكذا يا ماهر .. فأنا لم أقسو على جاسر إلى هذا الحد , لقد فعل كل هذا تحت تأثير التنويم المغناطيسى وهو مسلوب الأرادة أى فى غياب عقله تماما .. وأظن أن هذا الأبله ( الشيطان ) سيرق قلبه لجاسر عنى بعدما أدرك أن لا ذنب له فيما فعله وأنه كان على غير أرادته , إلا أذا كان يدرك هذا من البداية فسعادته أذا كانت تكمن فى أنضمام جاسر لقائمة أتباعه بالدرجة التى تلهيه عن التفكير فى كونه مسلوب الأرادة أم لا , لقد خضع هو الأخر لخطتنا .. فقد منـُح الخلود والقوة وأشياء أخرى كثيرة ولكنه حُرم من نعمة العقل .. فالنهاية كانت لى وأصبحت هذه القوة السحرية ملكى أستطيع أن أمارس بها أغراضى دون أن أصبح تابعا للشيطان بل هو بذلك وبموافقته ( أن كان يعلم من البداية خطتى ) أصبح تابعا لى ولرغبتى .. وهاهو جاسر قد أكتسب مغامرة شيقة لن ينساها .. ناجى : ولكن كيف يكون محمود الأسناوى شريكا لك وتتفق معه بأن يذهب لقسم الشرطة للإبلاغ عن الحادث وكشف الخيوط الأولى لجريمتك ؟! العقيد حسام : فى البداية كنت أشك فى ذكائك ياناجى لكن الأن تأكدت من عدمه .. أذا لم يذهب محمود الأسناوى لقسم الشرطة للأبلاغ عن الحادث فكيف كان لى أن أضع خطة ذهاب ماهر لمحل اللعب لأتاحة الفرصة لجاسر من الأنفراد بباسم ؟! سأله ماهر وهو لا يعلم من أين أتى بهذا الصبر : لماذا لم تكتفى بمقتل هدى وياسمين وأدرجت باسم ضمن خطتك ؟! جاوبه العقيد حسام فى مكر : وهل تظن أن مقتل طفلتان يكفى لأرضاء الشيطان ؟! هدف الشيطان هو أفشاء الفساد كلما أمكن وقد فعل جاسر هذا - بعد أن أفرغت ما بجعبتى - كى يُرضى هذا الأبله ... و دخل العقيد حسام فى نوبة من الضحك و أخذ يقهقه وكأنه ساد العالم , و لم يدرك أنه قد مر على جاسر أكثر من يوم كامل دون أن يخضع فيه للتنويم المغناطيسى وهو أيضا يجهل أن ما يتعاطاه من جرعة الأدوية التى تساعد فى ذلك يختفى أثرها فى الدم بعد فترة معينة ولم يبلغه الدكتور محمود بذلك .. أى أن جاسر كان فى كامل قواه العقلية حين كان يسرد العقيد حسام خطته التى نفذها له جاسر وهو مسلوب الأرادة والتفكير .. ولكنه أدرك ذلك بعد أنقضاض جاسر عليه وقد أوقعه أرضا راغبا فى الثأر لنفسه .. هجم كل من ناجى وماهر يحاولان أنقاذ العقيد حسام من قبضة جاسر وقد أنهكهما كثيرا تدخلهما لفض هذا الشجار ولكنهما فى النهاية نجحا فى حمل جاسر من فوق العقيد حسام وحاولا تهدئته .. فى هذه اللحظة هب العقيد حسام وهرول مسرعا راغبا فى الهروب قبل ان يلقى حتفه فى هذا المكان كما لمح ماهر لذلك من قبل , و بينما كان ناجى و ماهر منشغلان فى تهدئة جاسر الذى أصبح كالوحش الكاسر .. حتى سمعا صرخة مدوية !! نظر الثلاثة فوجدوا العقيد حسام قد خر صريعا على الأرض بعد أن أنغمس فى عنقه خنجران لتنزف الدماء من فتحاته !! كان يقف بجانبه رجلان ملثمان .. و كان الرجال الخمسة يتابعون العقيد حسام وهو ينازع الموت على الأرض حتى توقفت جميع حركاته وتجمدت أطرافه وأنتهت صلته تماما بالحياة !!!! نظر كل من ناجى و ماهر وشاركهم جاسر بنظراته للرجلان الملثمان فى دهشة وصمت أيضا .. فخلع الرجلان ما كانا يخفيان به وجههما وأبتسما وقال أحدهم يخاطب ماهر : هل تتذكر هذان الوجهان يا سيادة النقيب ؟!! لا أظن أنك قد نسيتهما ... ماهر : وكيف أنسى من وقعوا ضحية العقيد حسام !! لقد ثأرتم لدماء طفلتيكما هدى وياسمين .. أعلم جيدا شعوركما بعد مقتلهم ولكن ليس هذا مبرر لما فعلتماه .. فمازال هناك قانون يحمى حقوقكم .. قاطعه والد هدى : قانون ؟! وهل هذا القانون سيرجع لك باسم يا سيادة النقيب ؟!! لقد أتبع كلمنا قانونه الخاص لأسترداد حقه .. فرجل القانون قد أبتكر قانونا لنفسه وظن أن بأمكانه تنفيذه كما يشاء .. وقد أتبعت أنا قانونا أخر .. الثأر .. الثأر لدمائى كى أشفى غليلى يا سيادة النقيب .. فسأله ماهر وهو مغلوبا على أمره : ولكن من أبلغكما بمكاننا ؟! أجابه والد ياسمين : كنا دوما نتابع أحداث القضية وما أن وصلنا خبر ذهابك للمستشفى حتى هممنا بزيارتك وبمجرد وصولنا حتى وجدنا العقيد حسام قد خرج من غرفتك فنزلنا خلفه كى نسأله عن أى أخبار عن القضية وهل تم القبض على القاتل أم لا .. ولكنه أستقل سيارته وأنطلق بها فلم نلحق به .. لحظات قليلةمرت حتى وجدناكم قد غادرتما المستشفى أيضا لتستقلا سيارة وترحلان بها .. لم نتردد وقتها فأستخدمت سيارتى الخاصة لنتبعكما حتى وصلنا إلى هذا المكان وكنا قد قفزنا من نفس الفتحة التى قفزتوا منها ولكننا أثرنا البقاء بالخارج لمتابعة حديثكما , وما أن أنتهى العقيد حسام حتى تدخلنا فى الوقت المناسب ليحدث ما قد رأيته ... لم يعلق ماهر فكانت ملامحه خير معبر لما يسمعه .. ولكن تدخل ناجى وسأله : ومن أين لكما هذان الخنجران ؟! هل تسيرون دوما وهما بحوذتكما ؟! والد هدى : بالطبع لا .. ولكن كنا نخبئهما بالسيارة بعد مقتل هدى وياسمين .. لك أن تسميها زيادة حرص .. أو نود أن نكون على أهبة الأستعداد لأستخدامهم فى الوقت المناسب كما حدث .. فسميها كما تشاء .. تحفظ ماهر على جاسر وأمر ناجى بأن يتحفظ على الرجلان وتوجه الخمسة للخروج من هذا المنزل نصف المهدم قبل أن يسقط نصفه الأخر عليهم بما شهد من أحداث , وخرجوا ليجدوا اللواء مدحت السباعى فى أستقبالهم ومعه مجموعة من قوات الأمن .. فنظر اللواء مدحت لماهر وسأله : أين العقيد حسام ؟!! ماهر : لقد لقى حتفه داخل هذا المنزل .. اللواء مدحت بعد أن داهمه الغموض : وهل وصلك خبر مقتل محمود الأسناوى ؟! صـُعق ماهر لهذا الخبر وقال : كيف تم هذا ؟ من الذى قتله ؟! اللواء مدحت : لقد ذبح نفسه بسكينا .. وصلنا هذا البلاغ من أحد مرضاه الذى كان يتردد عليه خفية لتلقى العلاج النفسى .. فذهبنا إليه على الفور ووجدناه غارقا فى بركة من دمائه فى منتصف حجرته التى كان يمارس بها العلاج النفسى ... غمغم جاسر فى ذعر : لقد أنتقم منه الشيطان .. لقد أقتربت نهايتى !! وظل يتمتم بهذه الكلمات حتى سمعه اللواء مدحت فنظر للنقيب ماهر وسأله : من هذا يا ماهر ؟! فضحك ماهر وهو يجاوبه : هذا من له الحق فى أن يصرخ ويقول : !! جـــعـــلـــونــى مــجــرمــا !! فأمتقع وجه اللواء مدحت .. وقال له : ماذا تقصد يا ماهر ؟! ماهر : هذا هو أول قاتل فى التاريخ سيفرج عنه بضمان نيته !! اللواء مدحت : يبدو أنك تهذى يا ماهر .. وهذا من المؤكد نابع من حزنك على العقيد حسام ... هنا أنفجر الرجال الخمسة - الذين شهدوا مصرع العقيد حسام – فى الضحك , و قال ناجى فى صوت خفيض : يا لها من سخرية القدر .. وجاوبه ماهر : يبدو يا سيادة اللواء يبدو .. فأنا لا أستبعد شئ بعد الأن !! و لكن كيف حضرتك وصلت لهذا المنزل فى هذا المكان المريب ؟! نظر إليه اللواء مدحت نظرة عتاب وقال له : أختفائك فجأة من المستشفى يا ماهر أثار مخاوفى خصوصا عندما أستدعيت العقيد حسام لأسأله عنك ولم أعثر عليه هو الأخر .. و بعدها جائنى خبر مصرع محمود الأسناوى .. فوجدت أنه لا مفر من أصطحاب أحد الضباط من شهود عيان ليدلنى على هذا الطريق ... فأعتذر ماهر على ماتسببه له من مشاكل .. ونظر ماهر لجاسر .. لا يعلم ماذا يفعل معه بعد أن ذبح أبنه الوحيد و قد تأكد أن لا ذنب له فيما حدث !! لكن أصابته كاريزما الضحك .. وأصطحب جاسر وسار الجميع فى طريق العودة .. وظل ماهر طوال الطريق حائرا يفكر فى مصير جاسر , و يتسائل .. بأى قانون سيحاكمون جاسر بعد أكتشاف أمره ؟! وهل سيكون له الفضل فى أثارة ضجة فى الوسط القضائى أذا نال البراءة ؟! ولكن ما كان يدركه ماهر أن الأكليشيهات سوف تتعدد حول جاسر وسيصبح حديث الصحف والمجلات ... وغدا سيقرأ الجميع فى الصفحة الأولى فى جميع الصحف مانشيت عريض بعنوان ... ( رجــلا كــان ســبــبــا فى الـــتلاعـــب بـــالـــشـــيـــطـــان ) تمت بحمد الله في انتظار ردودكم الحلوة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع قصة >¥ مرعبة ¥< منقووووووووول: | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نغمة ضحك بش مرعبة | همسات الامل | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 2 | 11-09-2010 03:32 PM |
صور مرعبة | صقر الاوراس | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 9 | 10-08-2010 03:05 PM |
عدسات مرعبة | zerox | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 11 | 10-07-2010 11:24 PM |
اعاصير مرعبة | الغافل | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 18 | 07-02-2010 07:37 AM |
قصة مرعبة جدآ..,,.. | kira-sama | قسم النُكَتْ والألغاز | 3 | 03-04-2010 12:39 AM |