القسم العام قسم يهتم بالمواضيع التي لا أقسام لها داخل المنتدى
(المنقول ممنوع جُملةً وتفصيلًا في هذا القسم) |
#1
|
||||
|
||||
التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
نابليون بونابرت الأول ( بالفرنسية : Napoléon Bonaparte I ؛ وبالإيطالية : Napoleone di Buonaparte ) هو قائد عسكري وحاكم فرنسا وملك إيطاليا وإمبراطور الفرنسيين ، عاش خلال أواخر القرن الثامن عشر وحتى أوائل عقد العشرينيات من القرن التاسع عشر . حكم فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عامًا ثم بصفته إمبراطوراً في العقد الأول من القرن التاسع عشر ، حيث كان لأعماله وتنظيماته تأثيراً كبيراً على السياسة الأوروبية . وُلد نابليون في جزيرة كورسيكا لأبوين ينتميان لطبقة أرستقراطية تعود بجذورها إلى إحدى عائلات إيطاليا القديمة النبيلة . ألحقه والده " كارلو بونابرت " ، المعروف عند الفرنسيين بأسم " شارل بونابرت " بمدرسة بريان العسكرية ثم التحق بعد ذلك بمدرسة سان سير العسكرية الشهيرة، وفي المدرستين أظهر تفوقًا باهرًا على رفاقه ، ليس فقط في العلوم العسكرية وأنما أيضًا في الآداب والتاريخ والجغرافيا . وخلال دراسته أطلع على روائع كتّاب القرن الثامن عشر في فرنسا وجلّهم ، حيث كانوا من أصحاب ودعاة المبادئ الحرة فقد عرف عن كثب مؤلفات فولتير ومونتسكيو وروسو ، الذي كان أكثرهم أثرًا في تفكير الضابط الشاب . أنهى دروسه الحربية وتخرّج في سنة 1785 م وعُين برتبة ملازم أول في سلاح المدفعية التابع للجيش الفرنسي الملكي وفي سنة 1795 أعطي له فرصة الظهور ، ليظهر براعته لأول مرة في باريس نفسها حين ساهم في تعضيد حكومة الإدارة وفي القضاء على المظاهرات التي قام بها الملكيون ، تساعدهم العناصر المحافظة والرجعية . ثم عاد في سنة 1797 ودعم هذه الحكومة ضد توجه أن تكون فرنسا ملكية دستورية فبات منذ هذا التاريخ السند الفعلي لها ولدستور سنة 1795 . بزغ نجم بونابرت خلال عهد الجمهورية الفرنسية الأولى عندما عهدت إليه حكومة الإدارة بقيادة حملتين عسكريتين موجهتين ضد ائتلاف الدول المنقضة على فرنسا وفي سنة 1799 ، قام بعزل حكومة الإدارة وأنشأ بدلاً منها حكومة مؤلفة من 3 قناصل ، وتقلّد هو بنفسه منصب القنصل الأول ؛ ثم سعى في إعلان نفسه امبراطورا وتم له هذا بعد 5 سنوات بأعلان من مجلس الشيوخ الفرنسي . خاضت الإمبراطورية الفرنسية نزاعات عدّة خلال العقد الأول من القرن عُرفت بأسم الحروب النابليونية ، ودخلت فيها جميع القوى العظمى في أوروبا . أحرزت فرنسا أنتصارات باهرة في ذلك العهد التاسع عشر على جميع الدول التي قاتلتها ، وجعلت لنفسها مركزًا رئيسيًا في أوروبا القارية ، ومدّت أصابعها في شؤون جميع الدول الأوروبية تقريبًا ، حيث قام بونابرت بتوسيع نطاق التدخل الفرنسي في المسائل السياسية الأوروبية عن طريق خلق تحالفات مع بعض الدول ، وتنصيب بعض أقاربه وأصدقائه على عروش الدول الأخرى . شكّل الغزو الفرنسي لروسيا سنة 1812 م نقطة تحول في حظوظ بونابرت حيث أصيب الجيش الفرنسي خلال الحملة بأضرار وخسائر بشرية ومادية جسيمة ، لم تُمكن نابليون من النهوض به مرة أخرى بعد ذلك . وفي سنة 1813 ، هزمت قوّات الائتلاف السادس الجيش الفرنسي في معركة الأمم وفي السنة اللاحقة أجتاحت هذه القوّات فرنسا ودخلت العاصمة باريس ، وأجبرت نابليون على التنازل عن العرش ونفوه إلى جزيرة ألبا . هرب بونابرت من منفاه بعد أقل من سنة ، وعاد ليتربع على عرش فرنسا ، وحاول مقاومة الحلفاء وأستعادة مجده السابق ، لكنهم هزموه شر هزيمة في معركة واترلو خلال شهر يونيو من عام 1815 م . أستسلم بونابرت بعد ذلك للبريطانيين ، الذين نفوه إلى جزيرة القديسة هيلانة ، المستعمرة البريطانية حيث أمضى السنوات الست الأخيرة من حياته . أظهر تشريح جثة نابليون أن وفاته جاءت كنتيجة لإصابته بسرطان المعدة على الرغم من أن كثيرًا من العلماء يقولون بأن الوفاة جاءت بسبب التسمم بالزرنيخ . تُدرّس حملات نابليون العسكرية في العديد من المدارس الحربية حول العالم ، وعلى الرغم من أن الآراء منقسمة حوله حيث يراه معارضوه طاغية جبارا أعاد الحكومة لامبراطورية ووزع المناصب والألقاب على أسرته ودخل مغامرات عسكرية دمرت الجيش ، فأن محبيه يرونه رجل دولة وراعيًا للحضارة ، أذ يُنسب إليه القانون المدني الفرنسي ، المعروف بأسم قانون نابليون ، الذي وضع الأسس الإدارية والقضائية لمعظم دول أوروبا الغربية والدول التي خضعت للاستعمار والانتداب الفرنسي في العصور اللاحقة . وُلد نابليون في قصر آل بونابرت في بلدة أجاكسيو الواقعة بجزيرة كورسيكا ، بتاريخ 15 أغسطس سنة 1769 أي بعد عام من أنتقال ملكية الجزيرة من جمهورية جنوة ، إلى فرنسا . وهو الولد الثاني لأبويه من أصل 8 أولاد أطلق عليه والده اسم " نابليوني دي بونابرته " ( بالإيطالية : Napoleone di Buonaparte ) بادئ الأمر تيمناً بعمه الذي قُتل وهو يُقاتل الفرنسيين دفاعًا عن بلاده ، إلا أن نابليون نفسه فضّل لاحقًا أن يُلفظ أسمه كما يُلفظ بالفرنسية ، أي ناپوليون بوناپغت - Napoléon Bonaparte وهذا ما جرت عليه العادة بين الناس كذلك ، كان أسمه يُلفظ " نابوليون " باللغة الكورسية . أسلاف نابليون بونابرت الأول ، إمبراطور الفرنسيين وملك إيطاليا ? " كارلو بونابرت " ، المعروف أيضًا باسم " شارل بونابرت " ، والد نابليون الأول ، وممثل كورسيكا في بلاط الملك " لويس السادس عشر " . تتحدر أسرة بونابرت من جذور إيطالية نبيلة ، وقد قدم أفرادها كورسيكا من منطقة ليگوريا في شبه الجزيرة الإيطالية خلال القرن السادس عشر . كان والد نابليون ، وأسمه " كارلو بونابرت " ، يعمل محاميًا ، وقد عُين لاحقًا ممثلاً لكورسيكا في بلاط الملك " لويس السادس عشر " في سنة 1777 . تُعتبر والدة بونابرت ، " ماريا يتيسيا رامولينو " الشخص الذي كان له أكبر تأثير على تكوين شخصيته ، إذ يُعرف عنها أنها كانت صارمة وشديدة الحزم ، بينما كان نابليون صبيًا جامحًا ، فكانت والدته غالبًا ما تقيد تصرفاته وتفرض عليه ما ينبغي أن يقوم به وما يجب أن ينتهي عنه ، مما دفع البعض إلى القول أن تربيته المنزلية بحد ذاتها كانت " تربية عسكرية " . كان لنابليون شقيق أكبر منه سنًا هو " جوزيف " ؛ و6 إخوة وأخوات أصغر منه سنًا ، هم : " لوسيان " ، " إليسا " ، " لويس " ، " پولين " ، " كارولين " ، و " جيروم " . عُمّد نابليون في كاتدرائية أجاكسيو في 21 أغسطس سنة 1771 ، أي بعد أن بلغ عامه الثاني . سمحت جذور أسرة بونابرت النبيلة ، إضافةً إلى يسار أفرادها ومعرفتهم الشخصية بذوي المناصب السياسية العليا سمحت لنابليون أن يخوض غمار ميدان العلم والثقافة بشكل لم يكن متاحًا لأي شخص كورسيكي عادي في ذلك الزمن ففي شهر يناير من عام 1779 ، أُلحق نابليون بمدرسة للاهوت واقعة في مدينة " أوتون " على البر الرئيسي الفرنسي حيث تعلّم اللغة الفرنسية ، وفي شهر مايو من نفس السنة ، ألحقه والده بمدرسة بريان العسكرية لإعداد البحّارة . تكلّم نابليون الفرنسية بلهجة كورسية واضحة ، وأستمر يلفظ الكلمات الفرنسية بهذه الطريقة طيلة حياته ، ولم ينطق باللفظ الفرنسي الصحيح على الإطلاق . تعرّض نابليون للمضايقة والاستهزاء من قبل زملائه الفرنسيين في المدرسة بسبب لهجته التي رأوها غريبة ، ولهذا السبب تفادى الاختلاط معهم وأنشاء صداقات متينة ، وكرّس كامل وقته للدراسة . ؛ قال أحد أساتذة المدرسة في نابليون أنه « دائمًا ما كان متفوقًا على زملائه في الرياضيات ، وملمّ بالتاريخ والجغرافيا، إن هذا الفتى لسوف يصبح بحارًا ممتازًا » . أُلحق نابليون بالمدرسة العسكرية الكبرى ( بالفرنسية : ةcole Militaire ) في باريس ، بعد أن تخرّج من مدرسة بريان سنة 1784 ؛ وقد أدى هذا إلى القضاء على طموحه بأن يُصبح بحّاراً ، الأمر الذي دفعه بأن يُفكر بالانضمام إلى البحرية الملكية البريطانية . لكنه عاد وعدل عن قراره ، ودرس ليُصبح ضابط مدفعية ، خصوصًا وأن والده كان قد توفي في تلك الفترة ، الأمر الذي قلل من نسبة المصروف الذي كان يُرسل إليه ، وأدّى لتراجع الوضع المادي للأسرة بشكل جعلهم غير قادرين على التكفل بأعباء ومصاريف الدراسة على أكمل وجه كما في السابق فأضطر نابليون إلى إنهاء برنامجه الدراسي ، الذي كان يمتد لسنتين في الأصل ، خلال سنة واحدة فقط . أمتُحن نابليون قبل تخرجه على يد المفتش والعالم الشهير " بيير سيمون لاپلاس " ، الذي قام بتعينه لاحقًا بعد وصوله إلى السلطة ، في مجلس الشيوخ الفرنسي . عُين نابليون عند تخرجه في شهر سبتمبر من سنة 1785 ، ضابطًا برتبة ملازم ثان في فوج المدفعية وخدم في إحدى الحاميات في مدينتيّ ? الينس وأوكسون إلى ما بعد قيام الثورةالفرنسية سنة 1789 على الرغم من أنه حصل خلال هذه الفترة على إجازة عسكرية دامت سنتين تقريبًا ، أمضاها في التنقل بين باريس وكورسيكا كان نابليون كورسياً وطنياً متطرفاً ، وقد كتب إلى القائد الكورسيكي " پاسكال پاولي " في شهر مايو من عام 1789 يقول : « لقد وُلدت في العهد الذي كانت فيه الأمة تحتضر . ثلاثون ألف فرنسيّ لُفظوا على شواطئنا ، وأغرقوا عرش الحريّة بأمواج من دماء . هذا ما كان عليه ذاك المشهد البغيض الذي كان أوّل ما وقعت عليه عيناي » . أمضى نابليون السنوات الأولى من الثورة في مسقط رأسه بجزيرة كورسيكا ، عالقًا في مهب الريح بين التيارات الثلاثة المتصارعة : الملكيّون ، الثوّار ، والكورسيكيون الوطنيون . وخلال هذه الفترة أنضم إلى نادي اليعاقبة ، ورُفي إلى رُتبة مقدم وترأس كتيبة من المتطوعين لمقاومة الجنود الفرنسيين الموالين للنظام الملكي . أستطاع بونابرت أن يُقنع القادة العسكريين في باريس ، بعد أن تجاوز فترة الإجازة الممنوحة له وقاد عصياناً ضد فرقة من الجيش الفرنسي المعسكرة في كورسيكا، أن يُرقوه لرتبة نقيب ، وذلك في شهر يوليو من سنة 1792 . وبعد أن حصل نابليون على مراده ، عاد إلى كورسيكا مرة أخرى ليقع في نزاع مع القائد الوطني " پاسكال پاولي " ، حيث أن الأخير كان قد قرر الانفصال عن فرنسا ، ووضع خطة وهيأ العدة لعرقلة المشروع الفرنسي القاضي بأقامة حملة على جزيرة " مادالينا " السردينية ، حيث كان بونابرت أحد قوّاد الحملة . أضطر بونابرت أن يهجر الجزيرة وعائلته في شهر يونيو من عام 1793 إلى البر الرئيسي الفرنسي بسبب أنفصال الجزيرة الفعلي عن الدولة الفرنسية . في شهر يوليو من سنة 1793 ، قام نابليون بنشر كُتيب موال للنظام الجمهوري والدعاة إليه يحمل عنوان " العشاء في بوكير " ( بالفرنسية : Le Souper de Beaucaire ) ، فحاز على إعجاب وتقدير " أوغسطين روبسبير " ، وهو الشقيق الأصغر للقائد الثوري " ماكسمليان روبسبير " ، فقام بدعم بونابرت في جميع الخطوات اللاحقة التي أتخذها . كذلك حصل نابليون على دعم السياسي والدبلوماسي الفرنسي ذي الأصول الكورسية ، " أنطوان كريستوف ساليسيتي " ، فتم تعينه قائدًا لكتيبة مدفعية القوات الجمهورية عند حصار مدينة طولون ، ذلك أن هذه المدينة كانت قد ثارت على حكومة الجمهورية ، وأحتلتها القوّات البريطانية لذا كان لا بد للحكومة الفرنسية أن تخضعها من جديد لتفرض هيبتها ووجودها الفعلي أمام مواطنيها وأمام الأوروبيين على حد سواء . وضع نابليون خطة لاستعادة المدينة المفقودة ، مضمونها الاستيلاء على الهضبة التي تكشف على المدينة ، وتمركز الجنود والمدافع عليها وتوجيه نيرانهم نحو المرفأ ، الأمر الذي يُجبر البريطانيين على سحب سفنهم . نُفذت هذه الخطة بنجاح باهر ، حيث أخذت المدفعية الفرنسية تقصف المرفأ والسفن البريطانية الراسية وأحواضها ، وأطلق الجنود الفرنسيون النار على كل جندي بريطاني وأي شخص عاون تلك الجنود وأصيب نابليون عند الهجوم على المدينة بجراح في فخذه ، لكنه قاتل حتى ظفرت الجنود الفرنسية بالنصر وقد أدّت مهارة بونابرت الكبيرة في قيادة الجند خلال هذا الحصار إلى ترقيته لرتبة عميد ، وهو ما زال في الرابعة والعشرين من عمره . لفتت إنجازات بونابرت نظر المؤتمر الوطني ، الذي كان يحكم فرنسا منذ إلغاء الملكية ، فعُهد إليه بقيادة شعبة مدفعية الجيش الفرنسي المرابط على حدود إيطاليا . وفي هذه الفترة خطب نابليون فتاة تُدعى " ديزيريه كلاري " وهي شقيقة " جولي كلاري " ، زوجة أخيه الأكبر " جوزيف " منذ سنة 1794 ، وكان آل كلاري أسرة من التجار الأثرياء المرسيليين . بعد إعدام الملك " لويس السادس عشر " في مطلع سنة 1793 بسبب أتهامه بالخيانة العظمى وجد المؤتمر الوطني أن حالة البلاد تقتضي وضع السلطة بيد هيئة قليلة العدد تستطيع أن تقرر وتنفذ بسرعة . لذلك أنتخب لجنة من تسعة أعضاء أطلق عليها اسم " لجنة الأمن العام " ومنحها صلاحيات ديكتاتورية واسعة لتحافظ على الأمن في الداخل ولتردّ خطر الغزو من الخارج . وكان أعضاء هذه اللجنة من المتطرفين المعروفين أيضًا بالجبليين فباشروا حكمهم بالبطش والإرهاب ، ولمّا عارضهم المعتدلون طردوهم من المؤتمر الوطني وسجنوهم ونكّلوا بهم . ولمّا حاول أنصار المعتدليين في مناطق ليون ومرسيليا وبوردو وغيرها أن يثوروا على حكومة الإرهاب ، أخضع الجيش تلك الثورة بمنتهى القسوة ، وتشكلت محاكم خاصة تدعى " محاكم الثورة " لمحاكمة المتهمين ، فقضت تلك المحاكم بالإعدام على عشرين ألفًا تقريبًا من النبلاء ورجال الدين والزعماء وزعماء الثورة السابقين والعلماء والرجال والنساء البارزين مثل الملكة " ماري أنطوانيت " وغيرها . وكان بطل عهد الإرهاب " ماكسمليان روبسبير " ، يعاونه شقيقه " أوغسطين " وأخيرًا خشي أعضاء المؤتمر الوطني على أنفسهم من بطش روبسبير وقرروا أن يتخلصوا منه ، فدبروا أنقلابًا ضده وقبضوا عليه وقطعوا رأسه في 28 يوليو سنة 1794 . وبإعدام روبسبير فقد نابليون أحد حماته وداعميه ، فقُبض عليه وتقرر وضعه تحت الإقامة الجبرية في شهر أغسطس من سنة 1794 لعلاقته الوثيقة بالأخوين , وعلى الرغم من أنه أعيد إطلاق سراحه بعد 10 أيام فقط ، إلا أنه لم يُسمح له بالعودة مباشرةً إلى الخدمة في الجيش ، وبقي مدرجًا على قائمة المشتبه فيهم . وفي شهر أبريل من سنة 1795 ، نُقل نابليون إلى " جيش الغرب " الذي كان يخوض حربًا أهلية في إقليم ? ونديه الواقع بغرب فرنسا على ساحل المحيط الأطلسي ، ضد الموالين للنظام الملكي ومعأرضي الثورة . عُين نابليون قائداً عاماً لإحدى فرق المشاة ، ولمّا كان ذلك يُعتبر إنزالاً لرتبته العسكرية ، فقد أدعى المرض ليتفادى تعيينه على رأس أي فرقة ، فتمّ نقله مرة أخرى إلى ديوان الطبوغرافيا التابع للجنة الأمن العام وقد سعى عبثًا أن يُنقل إلى الأستانة ، عاصمة الدولة العثمانية ، ليعرض خدماته على السلطان العثماني وفي هذه الفترة كتب بونابرت رواية رومانسية عنوانها " كليسون ويوجيني " ( بالفرنسية : Clisson et Eugénie ) وهي تتحدث عن جندي وعشيقته ، في تناظر واضح بينها وبين علاقة نابليون بخطيبته " ديزيريه " . عُزل نابليون من منصبه كعميد في 15 سبتمبر ، بسبب رفضه المشاركة في الحملة على إقليم ? ونديه فساء وضعه المادي عمّا كان عليه ، وضاقت آفاق مهنته . وفي الثالث من أكتوبر ، أعلن الملكيون في باريس العصيان على المؤتمر الوطني ، بعد أن تم أستبعادهم من الحكومة الجديدة التي خلفت المؤتمر ، وهي " حكومة الإدارة " ، وقد سُميت هذه الحركة باسم " الحركة الترميدورية " تيمناً بشهر " تيرميدور " وهو إحدى أشهر السنة وفق التقويم الفرنسي في ذلك الزمن . كان أحد قوّاد الحركة وأسمه " بولس برّاس " ، قد تابع إنجاز بونابرت العسكري في مدينة طولون ، فمنحه قيادة القوّات المخصصة للدفاع عن المؤتمر والمرابطة حول قصر التويلري . وكان بونابرت قد شهد مجزرة حرس الملك السويسري هناك قبل 3 سنوات ، عندما قُتل 600 حارس من أصل 950 أثناء دفاعهم عن القصر ضد الثوّار ، وأدرك أن الوسيلة الفضلى للدفاع عنه هي بأستخدام المدفعية . فأمر ضابطًا شابًا من سلاح الفرسان ، يُدعى " يواقيم مراد " ، بأن يُحضر ما تقع عليه يداه من المدافع الضخمة ، حيث أستخدمها في قصف المهاجمين وردهم على أعقابهم في 5 أكتوبر سنة 1795 الموافق في 13 ? أندميير من السنة الرابعة ، وفق التقويم الفرنسي . قُتل في الهجوم ألف وأربعمائة ملكيّ ونجا من تبقى منهم بحياته . يقول المؤرخ الاسكتلندي من القرن التاسع عشر ، " طوماس كارليل " ، في كتابه " تاريخ الثورة الفرنسية " أن نابليون " طهّر الشوارع في ذلك اليوم بنفحة من مدفع " . أدّت هزيمة الملكيين على يديّ نابليون إلى القضاء على التهديد الذي كان يقلق راحة المؤتمر الوطني وحصول بونابرت على شهرة مفاجئة ومكافئة مالية ضخمة مكنته من النهوض بنفسه مجددًا ، وعلى رعاية ودعم حكومة الإدارة حديثة النشأة ؛ كذلك تزوّج الضابط " يواقيم مراد " بأصغر أخوات نابليون ، وهي " كارولين " وعينه الأخير قائداً عاماً في الجيش . رُفي نابليون إلى رتبة " قائد الداخلية " وعُهد إليه مجددًا بقيادة الجيش الفرنسي المرابط على حدود إيطاليا . وخلال أسابيع من هذه الحادثة ، تعلّق بونابرت بأرملة أحد قادة الثورة ، المدعوة "جوزفين" من آل بوارنيه ، وتزوجها بتاريخ 9 مارس سنة 1796 بعد أن فسخ خطوبته " بديزيريه كلاري" . بعد يومين من زواجه ، سافر نابليون من باريس إلى شمال إيطاليا وقاد الجيش الفرنسي المرابط هناك في غزو ناجح للأراضي الإيطالية ، بعد أن كان القتال قد تجدد بين فرنسا والنمسا المحتلة شمال شبه الجزيرة الإيطالية فأحرز نابليون انتصاراً باهراً على النمساويين في " معركة لودي " وطردهم من منطقة لومبارديا . لكنه عاد وهُزم في " معركة كالدييرو " على يد القوات النمساوية التعزيزية بقيادة المشير " جوزيف أل ؟ نسكي " إلا أن بونابرت عاد وأمسك بزمام الأمور وحقق نصرًا حاسمًا على النمساويين في " معركة جسر أركول " ، وتابع زحفه ليُخضع الدولة البابوية . عارض نابليون طلب الملحدين من أعضاء حكومة الإدارة ، الذين طالبوه بدخول مدينة روما وخلع البابا ، قائلاً أن هذا الأمر سيؤدي إلى وجود حالة فراغ في السلطة قد تستغلها مملكة ناپولي لتفرض سيطرتها على تلك الناحية من شبه الجزيرة الإيطالية . وعوضًا عن ذلك ، قام نابليون في شهر مارس من سنة 1797 ، بالتوجه على رأس جيشه إلى الأراضي النمساوية نفسها ، حيث فرض على النمساويين أبرام معاهدة سلام مع فرنسا فأضطروا إلى التسليم وتوقيع معاهدة يوبن التي أعترفت فيها النمسا بالاستيلاء على البلاد المنخفضة النمساوية وضفة نهر الراين اليسرى ولومبارديا في شمالي إيطاليا ، كذلك وُضع بند سري في الاتفاقية تعهدت فيه فرنسا بضم جمهورية البندقية إلى النمسا . بعد ذلك زحف بونابرت على البندقية وأخضعها منهيًا أستقلالها الذي دام 1,100 سنة وسمح للجنود الفرنسيين أن يغنموا وينهبوا ما تيسـّر لهم من النفائس ، مثل تماثيل " أفراس القديس مرقس " . كان للأساليب التي أتبعها نابليون ، إضافة لتطبيقه الأفكار العسكرية التقليدية على أرض الواقع أثرًا حاسمًا على أنتصاراته ، ومثال ذلك تحويله سلاح المدفعية إلى سلاح متنقل يُسافر مع جيشه من موقع لأخر الأمر الذي سهل أستخدامه ضد الجنود المشاة أكثر من مرة . وقد قال نابليون عن تنظيماته العسكرية في الحملة خلال إحدى الأوقات : « شهدت ستون معركة ولم أتعلم شيءً غير الذي أيقنته في المعركة الأولى ؛ كمثل يوليوس قيصر الذي خاض معركته الأخيرة كما خاض الأولى » . كان نابليون ماهرًا في فن الخداع والتجسس ، حيث أستطاع الفوز في عدد من المعارك بفضل اختياره لمواقع مخفية نشر فيها جنده ، وتركيزه أعدادهم على الجوانب الضعيفة من جيش العدو وكان يُعرف عن نابليون أنه في حال لم يستطع تطبيق استراتيجية التطويق المفضلة لديه ، فإنه كان يجعل جنوده يتخذون الموقع الوسطي ويُهاجمون الفرقتين العسكريتين على يمينهم ويسارهم كل على جانبها ، ثم يستدير ليُطوق إحداها ويُقاتلها حتى تنسحب من الميدان ، ثم يتحرك لقتال الأخرى . أسر الجيش الفرنسي خلال الحملة الإيطالية 150,000 جنديًا ، وغنم 540 مدفعًا ، 70 راية . خاض الجيش الفرنسي خلال هذه الحملة 67 معركة ، وفاز بثماني عشر معركة مدفعية ، بفضل المدافع الحديثة التي حازها وبفضل تنظيمات بونابرت واستراتيجياته . أصبح لنابليون تأثير كبير على السياسة الفرنسية خلال فترة الحملة الإيطالية الأولى ، فقد كان نشر صحيفتين إخباريتين مخصصتين للجنود من حيث الظاهر ؛ لكنهما كانتا متداولتين بشكل واسع بين الشعب الفرنسي ولهما تأثير على الرأي العام وفي شهر مايو من عام 1797 أسس صحيفة ثالثة حملت اسم " مجلة بونابرت وفضائل الإنسان " ( بالفرنسية : Le Journal de Bonaparte et des hommes vertueux ) وقام بنشرها في مدينة باريس . وفي منتصف سنة 1797 جرت انتخابات نيابية حصل الملكيون بموجبها على النسبة الأعلى من الأصوات ، الأمر الذي أدى إلى تمتعهم بمزيد من السلطات وأثار جزع أعضاء حكومة الإدارة . هاجم الملكيون بونابرت معترضين على نهبه المدن الإيطالية ، قائلين أنه تخطى صلاحياته وتجاوزها بشكل كبير عند قتاله النمساويين وإبرامه لمعاهدات معهم. فما كان من بونابرت إلا أن أرسل اللواء " بيير أوجيرو " إلى باريس ليقود انقلابًا ويُطهر المدينة من الملكيين وذلك بتاريخ 18 سبتمبر، الموافق في 15 فروكتيدور من التقويم الفرنسي . أدى هذا الانقلاب إلى إعادة الجمهوريين إلى الحكم وأستعادتهم لسلطتهم المفقودة ، إلا أنهم كانوا قد أصبحوا معتمدين على نابليون في كل صغيرة وكبيرة ، فكان وكأنه قد أصبح فعليًا الرجل الأول في فرنسا ، فانصرف إلى إبرام معاهدة سلام مع النمساويين أسفرت مفاوضات نابليون مع النمسا إلى إبرام " معاهدة كمبوفورميو " التي أقرت فيها الأخيرة بالتنازل عن المناطق التي دخلها الفرنسيون لصالح فرنسا . عاد بونابرت إلى باريس في شهر ديسمبر وأستقبله الشعب الفرنسي أستقبال الفاتحين ، بعد أن حاز على شهرة وصيت أوسع من ذاك الخاص بأعضاء حكومة الإدارة . وفي هذه الفترة التقى بونابرت بوزير خارجية فرنسا الجديد " شارل موريس آل تاليران " الذي أبقاه نابليون في منصبه عندما أصبح امبراطوراً لاحقاً ، وأخذا يُعدان العدة لغزو بريطانيا . قرر بونابرت بعد شهرين من التخطيط ، أن البحرية الفرنسية لا تتمتع بالقوة الكافية التي تمكنها من مواجهة البحرية الملكية البريطانية في القناة الإنگليزية والتغلب عليها . لذا عرض على حكومة الإدارة القيام بحملة عسكرية على مصر وأحتلالها للسيطرة على طريق بريطانيا إلى الهند والقضاء على مصالحها التجارية فيها . وكان بونابرت يأمل بأن يضع لفرنسا موطئ قدم في الشرق الأوسط ويُظهر للسكان ذوي الأغلبية الإسلامية أنه صديق للخلافة وحاميًا للإسلام الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في نفوس المسلمين حول العالم وبشكل خاص مسلمي الهند الخاضعين للملكة المتحدة وسلطانهم " فاتح علي تيبو " ، عدو البريطانيين اللدود ، مما يُسهل على نابليون التقرب إليه والتدخل في الهند وضرب مصالح بريطانيا فيها . وكان نابليون قد أكّد لأعضاء حكومة الإدارة أنه ما أن ينتهي من فتح مصر سوف يُسارع إلى إبرام علاقات مع الأمراء الهنود ، وسوف ينجح ، بمساعدتهم ، على ضرب البريطانيين في أهم مستعمراتهم وقد قال تاليران في تقرير له صدر في شهر فبراير من سنة 1798 ، موجه إلى حكومة الإدارة : « ما أن نفتح مصر وننتهي من تحصينها ، سنرسل جيشًا قوامه 15,000 رجل من السويس إلى الهند ، للانضمام إلى قوات السلطان تيبو ومعاً سنطرد الإنگليز من الهند » . وافقت حكومة الإدارة على القيام بهذه الحملة ، على الرغم من أنها لم ترتاح لأبعادها ولا لتكلفتها ، وذلك كي تُبعد بونابرت الذي غداً قائداً مشهورًا عن مركز القرار في فرنسا . أنتُخب نابليون في شهر مايو من سنة 1798 عضوًا في الأكاديمية الفرنسية للعلوم ، وأنضم إلى حملته المصرية ما مجموعه 167 عالمًا من علماء الرياضيات ، البيئة ، الكيمياء ، والجيوديسيا ؛ وقد حقق هؤلاء عدد من الاكتشافات في مصر لعل أبرزها هو اكتشاف حجر الرشيد ، ونُشرت أكتشافاتهم في كتاب حمل عنوان " وصف مصر " ( بالفرنسية : Description de l'ةgypte ) وذلك في سنة 1809 . وفي طريقه إلى مصر ، عرج نابليون على جزيرة مالطا بتاريخ 9 يونيو سنة 1798 ، وكانت هذه الجزيرة خاضعة لفرسان القديس يوحنا ذوي الأصول الفرنسية والبالغ عددهم 200 فارس ، منذ عهد الحروب الصليبية وكان هؤلاء الفرسان ناقمين على قائدهم المدعو " فرديناند زو بولهايم " بما أنه كان بروسي الجنسية وقد خلف قائدًا فرنسيًا ورفضوا قتال الفرنسيين أشد الرفض ، معتبرينهم إخوانهم من شحمهم ولحمهم . أستسلم فرديناند للجيش الفرنسي بعد مقاومة رمزية ، وكان من نتيجة ذلك أن أكتسب نابليون مرفأً وقاعدة بحرية مهمة في البحر المتوسط مقابل خسارته 3 رجال فقط . أستطاع بونابرت ورجاله الإفلات من سفن البحرية الملكية البريطانية التي تعقبتهم منذ مغادرة فرنسا ونزلوا أرض مصر في مدينة الإسكندرية في 1 يوليو من عام 1798 ، ووجّه نابليون في اليوم ذاته نداءً إلى الشعب المصري وأصدرت الحملة نداءً إلى الشعب بالإستكانه والتعاون زاعمةً أن نابليون قد أعتنق الإسلام وأصبح صديقًا وحاميًا للإسلام أستولى نابليون على أغنى إقليم في الدولة العثمانية ، وطبقًا للدعاية الحربية أدعى أنه " صديقٌ للسلطان العثماني " وأدعى أيضًا أنه قدم إلى مصر " للاقتصاص من المماليك " لا غير ، بأعتبارهم أعداء السلطان ، وأعداء الشعب المصري [ وهذه رسالة نابليون بونابرت الذي دعاه المؤرخين المسلمين " اللواء علي " إلى شعب مصر : " بسم الله الرحمن الرحيم " لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه .. أيها المشايخ والأئمة .. قولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضًا مسلمون مخلصون وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في روما الكبرى وخرّبوا فيها كرسي البابا الذي كان دائمًا يحّث النصارى على محاربة الإسلام ، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها فرسان القديس يوحنا الذين كانوا يزعمون أن الله يطلب منهم مقاتلة المسلمين ، ومع ذلك فإن الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني . أدام الله ملكه . " أدام الله إجلال السلطان العثماني .. أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي لعن الله المماليك .. وأصلح حال الأمة المصرية . " ] تغلّب الجيش الفرنسي بسهولة على المماليك ، حكّام مصر القدامى ، الذين هبّوا لقتال الفرنسيين بمجرد وصولهم للبلاد . وقد ساعد أنتصار بونابرت الأول على المماليك في فتح المجال أمامه على التخطيط لمعركته التالية معهم ، التي وقعت بعد أسبوع من المعركة الأولى بالقرب من مدينة القاهرة ، على بعد 6 كيلومترات من أهرام الجيزة ، وعُرفت بأسم معركة الأهرام . حقق بونابرت أنتصاراُ باهراً على المماليك في هذه المعركة على الرغم من أنهم فاقوا جيشه عدداً ، فقد وصل عدد الخيالة المماليك إلى 60,000 فارس ، بينما بلغ عدد الخيالة الفرنسيون 20,000 ، لكن القائد الفرنسي لجأ مرة أخرى إلى أساليبه الحربية الباهرة ، فجعل الجنود الفرنسية تتخذ تشكيلات مربعة في وسطها كل العتاد اللازم . فكان الفرنسيون يطلقون النار على المماليك من جميع الجهات دون توقف ، ولم يستطع هؤلاء قتال الفرنسيين بطريقة فعّآلة لقدم أساليب قتالهم مقارنة بالأساليب الأوروبية الحديثة أسفرت المعركة عن مقتل 300 جندي فرنسي وحوالي 6,000 مصري . رأت الدولة العثمانية في أحتلال بونابرت مصر أعتداءً عليها , ووقفت الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الروسية إلى جانب الدولة العثمانية ، وعرضوا على الباب العالي المساعدة العسكرية ، براً وبحراً لإخراج الفرنسيين من مصر ونادى السلطان في فرمان أصدره كل المسلمين للدفاع عن مهد الإسلام ضد الحملة الفرنسية ، وقد أعلن البيان للشعب أن الفرنسيين الخالعين لأي إيمان ، المحرفين لكل ما هو مقدس في الدين ، وفي البيانات الحكومية لأمتهم، أعلنوا الحرب على الإسلام من أجل القضاء على المؤمنين ، ما عدا النساء والأطفال ، لتحويل هؤلاء إلى مشركين إلا أن هذا الفرمان لم يكن له التأثير المنتظر في نفس بونابرت ، فقد أعتمد عند دخوله مصر على تعب الشعب من جور المماليك ، وعلى أنشغال كل شبه الجزيرة العربية بحرب الوهابيين ، وعلى عدم مبالاة العديد من سكان بلاد الشام بسبب إرهاق الولاة العثمانيين لهم منذ حوالي القرن من الزمن . وأجاب بونابرت على الكلام الذي صبه عليه السلطان العثماني بأن جعل من الصيت الذي أطلقه عند دخوله البلاد ، أي اعتناقه الإسلام ، واقعاً أمام أعين الناس وذلك كي يتبرأ من كل الآثار التي خلفتها الحروب الصليبية في نفوس الشعب ، وليقنع المسلمين بلا عدائيته تجاه دينهم تظاهر في القاهرة بأسلامه مؤديًا الفرائض الدينية . أصبح نابليون بونابرت بهذا حاكمًا مسلمًا أسمه " بونابردي باشا " ، وكان يطلق عليه المسلمين أسم " علي نابليون بونابرت " ، وكان يتجوّل وهو مرتدي الملابس الشرقية والعمامة والجلباب وكان يتردد على المسجد في أيام الجمعة ويسهم بالشعائر الدينية التقليدية مثل الصلاة ، وكوّن نابليون ديوانًا أستشاريًا مؤلفًا من المشايخ والعلماء المسلمين مكونًا من 11 عالمًا ويرأسه الشيخ " عبد الله الشرقاوي " . خاب أمل الباب العالي في أن يجعل من الحرب مع فرنسا حربًا وطنية , فأضطر بالتالي مع باشاواته أن يخوضوها بقواهم الخاصة تُساندهم القوى الحليفة الأوروبية . وبتاريخ 25 يوليو ، قام العثمانيون بإنزال بري في مرفأ أبي قير وقاتلوا الجنود الفرنسية قتالاً شديدًا ، لكنهم لم يقدروا عليها ، فأنتصرت الأخيرة أنتصاراً ساحقًا . وبتاريخ 1 أغسطس من نفس العام ، كان الأسطول البريطاني بقيادة القبطان " هوراشيو نيلسون " ، قد أسر أو دمّر جميع السفن الفرنسية عدا سفينتين ، في معركة أبي قير البحرية ، فأُحبط بهذا مشروع بونابرت الهادف إلى إقامة مركز فرنسي ممتاز في حوض البحر المتوسط ، إلا أن جيشه كان قد نجح في بسط السلطة الفرنسية على مصر على الرغم من تعرضه لانتفاضات ومقاومة مستمرة من قبل السكان . وما لبث أن أنضم الأسطول العثماني والروسي إلى جانب الأسطول البريطاني لقتال الفرنسيين وأخراجهم من مصر ، ولمّا رأى بونابرت تجمع الأساطيل الحليفة في البحر المتوسط ، عزم على مفاجأة الدولة العثمانية بأحتلال بلاد الشام قبل أن يستكمل العثمانيون أستعداداتهم فقام في أوائل سنة 1799 بتحريك 13,000 جندي من جيشه قاصداً سواحل الشام ، فاحتل العريش وغزة ويافا والرملة وحيفا ووصل إلى صور في جنوب لبنان . كان الهجوم الفرنسي على مدينة يافا بالذات أكثر ضراوةً من غيره ، فقد أكتشف نابليون بعد أستسلام المدينة أن كثيرًا من الذين كانوا يدافعون عنها هم في واقع الأمر أسرى حرب سابقون يعملون مقابل إطلاق سراحهم لاحقًا ، فأمر بإعدام جميع أفراد الحامية , 400 أسير حرب من الذين ساهموا بالدفاع عن المدينة، بأستخدام الحراب أو عن طريق الإغراق ، وذلك كي يوفر رصاص البنادق ، وسمح لجنوده بنهب المدينة ، فارتكبت الجنود الفرنسية عدّة فظائع طيلة 3 أيام ، حيث نهبت وقتلت الكثير من السكان . ومن بين جميع مدن الساحل الشامي الجنوبي وحدها مدينة عكا صمدت في وجه بونابرت ، فلم يستطع الجنود الفرنسيين أقتحام حصونها لمناعتها ، كما كان واليها " أحمد باشا الجزار " قد زوّد حاميتها بالمدافع , وكان الأسطول الإنگليزي بقيادة أمير البحر " سدني سميث " يُساعد رجال الجزار . عندما تساوت قوى الفريقين ووقف كل من بونابرت والجزار يتربص بالآخر ، التفت كل منهما إلى أمير لبنان " بشير الثاني الشهابي " فوجدا فيه مرجّحًا لكفة من يُساعده فيما يُقدمه الأمير من رجال ومؤن فكتب كل منهما إليه : أما بونابرت فقد طلب إليه المساعدة ووعده بتوسيع حدود إمارته وتخليص بلاد الشام من حكم الجزار المتقلّب الذي دائما ما يخلف بوعوده ويغدر بمن حوله ؛ وأما الجزار فأصرّ على الأمير أن يمده بجيش ليقاوم الحملة الفرنسية ، ووعده مقابل ذلك بإعادة مدينة بيروت إلى إمارته . لكن بشيراً أتخذ موقفًا محايداً من كلا الطرفين فسكت عن الرد على رسالة بونابرت ، وتجاهل المؤن التي زود بعض الأهالي بها الجيش الفرنسي ، وردّ على الجزار يعتذر عن تقاعسه في نجدته ، زاعماً أن أهل البلاد أمتنعوا عن طاعته بعد أن بلغهم أن الجزار عزله عن الحكم وولّى مكانه أبناء سلفه ، الأمير " يوسف الشهابي " . أزاء مناعة حصون عكا ، ووصول النجدات العثمانية إليها ، وأشتراك الأسطول البريطاني في مساعدة العثمانيين، وشدة وطأة وباء الملاريا ثم الطاعون الذين فتكا بالجنود الفرنسيين فتكًا ذريعًا ، أضطر بونابرت إلى رفع الحصار عن عكا والتراجع إلى مصر في شهر مايو من سنة 1799 . ولكي يسرّع من تحرك الجيش ، أمر بأن يُدس السم لكل جندي مُصاب بالمرض كي لا يكون هناك ما يُلكأ المسيرة . وقد قال مؤيدو نابليون أن هذه الخطوة كانت ضرورية نظرًا للمناوشات المستمرة التي قامت بها القوات العثمانية ، وأنه بحال كان قد ترك أي من الجنود المُصابين على قيد الحياة لكان العثمانيون قتلوهم بعد أن عذبوهم عذابًا شديدًا . بقي نابليون على أطلاع بالشؤون والأوضاع الأوروبية طيلة فترة وجوده في مصر ، وذلك عن طريق مطالعته للصحف والبرقيات الفرنسية التي كان يتم توصيلها إليه بشكل متقطع . فأكتشف أن الدول الأوروبية تألبت على فرنسا فهزمتها في حرب الائتلاف الثانية وأستردت منها ما كان قد كسبه . وبتاريخ 24 أغسطس سنة 1799، أغتنم بونابرت فرصة الانسحاب المؤقت للسفن البريطانية من على سواحل فرنسا وأبحر مسرعًا إليها ، على الرغم من عدم تلقيه أية أوامر من باريس بالعودة , وترك للواء " جون بابتيست كليبير " قيادة القوة الفرنسية . كانت حكومة الإدارة في واقع الأمر قد أرسلت إلى بونابرت تطلب منه الرجوع إلى فرنسا لصد أي هجوم أو غزو محتمل للبلاد ، لكنه لم يعلم بذلك نظرًا لعدم وصول الرسالة إليه بسبب ضعف وسائل النقل والمواصلات في ذلك الزمن . كان الوضع العام في فرنسا قد تحسن بعض الشيء عند وصول نابليون في شهر أكتوبر ، ذلك أن الجمهورية كانت قد حققت سلسلة من الانتصارات على بعض الدول المجاورة . إلا أن ذلك تركها مفلسة ، وكانت حكومة الإدارة قد أصبحت ضعيفة منقسمة على نفسها ، مكروهة من قبل الشعب . وما أن علم أعضاء الحكومة بعودة بونابرت حتى أجتمعوا لينظروا في توقيع العقوبة الملائمة عليه نظراً لتخلفه عن تلبية نداء الواجب ، عندما أرسلوا إليه بالرسالة التي طالبوه فيها بالعودة إلا أن الحكومة كانت قد بلغت من الضعف حداً لم تستطع معه فرض أي عقوبة على قائد بحجم بونابرت . عرض أحد أعضاء حكومة الإدارة ، واسمه " عمانوئيل جوزيف سيس " ، على نابليون أن يدعمه في أنقلاب للإطاحة بالحكومة
الدستورية وأقامة حكومة جديدة بدلاً منها ، بعد أن أصبحت الأولى شديدة الوهن ولا تقوى على النظر بشؤون البلاد والعباد شملت قائمة رؤساء هذه الخطة : " لوسيان بونابرت " شقيق نابليون ؛ رئيس مجلس الخمسمئة " روجيه دوكو " "جوزيف فوشيه " وهو عضو آخر من أعضاء حكومة الإدارة ؛ وتاليران . وفي التاسع من نوفمبر ، الموافق في الثامن عشر من شهر برومير — بحسب التقويم الفرنسي — كُلّف نابليون بحماية وضمان سلامة المستشارين التشريعيين ، الذين نقلوا مركز أعمالهم إلى " قصر القديس كلو " (بالفرنسية : Château de Saint-Cloud ) الواقع في غرب باريس ، بعد أن سرت أشاعة مفادها أن اليعاقبة يعقدون العزم على القيام بثورة والإطاحة بالمستشارين قبل أن تبصر الحكومة الجديدة النور وفي اليوم التالي ، شعر أعضاء حكومة الإدارة أنهم كادوا أن يتعرضوا لانقلاب في اليوم الفائت ، فأستنكروا هذا الفعل أشد الاستنكار ، فما كان من نابليون إلا أن قاد بضعة جنود وعزل أعضاء الحكومة بالقوة وأستولى على الحكم وجعل مكان الحكومة القديمة حكومة جديدة مكونة من ثلاثة قناصل : " سيس " ، " دوكو " ، وهو نفسه . وقد أيّد الشعب الفرنسي هذا التدبير. نابليون القنصل الأول بريشة أنطوان جون گرو كان سيس يعتقد بأنه سيُسيطر على الحكومة الجديدة بمنتهى السهولة، نظرًا لأنه هو من كان صاحب فكرة الانقلاب منذ البداية، إلا أن نابليون كان أكثر دهاءً وأشد مكرًا منه حيث قام بصياغة العديد من مواد الدستور الذي عُرف بدستور السنة الثامنة بنفسه بشكل يضمن انتخابه لمنصب القنصل الأول. وبعد إجراء الانتخابات فاز نابليون بالمنصب سالف الذكر، فانتقل للسكن في قصر التويلري الذي اتخذ منه ملوك فرنسا مقرًا لهم في السابق، وبهذا أصبح بونابرت رسميًا أقوى شخص في فرنسا نابليون يعبر جبال الألب بعد أن تولى نابليون السلطة وأصبح قنصلاً، اهتم بدفع الخطر عن فرنسا، فقد كانت الدول الأوروبية وخصوصًا النمسا استرجعت أثناء وجوده في مصر جميع الأراضي تقريبًا التي كان قد غنمها منها. فقام نابليون سنة 1800 بتجهيز جيش قوي في السر واجتاز به جبال الألب فوصل إلى شمالي إيطاليا، بدأت الحملة بشكل سيئ بالنسبة للفرنسيين بعد أن ارتكب بونابرت بضعة أخطاء إستراتيجية، فقد تُركت إحدى الفرق العسكرية مُحاصرة في مدينة جنوة لكنها استطاعت الصمود في وجه النمساويين وإشغالهم والاستيلاء على بعض مؤنهم، وقد سمح هذا الأمر إضافةً للقوات الإضافية التي أتى بها اللواء الفرنسي لويس دوزيه في الوقت الملائم سمح لنابليون أن يتفادى الهزيمة الوشيكة ويحقق نصراً كبيراً على النمساويين في معركة مرنگو استلم جوزيف شقيق نابليون مفاوضات السلام مع النمسا في مدينة لونڤيل وفي أثناء إجراء المفاوضات أرسل إلى نابليون يقول بأن النمسا تدعمها بريطانيا لا تعترف بسلطان فرنسا على الأراضي التي اكتسبتها حديثًا، وفيما ازدادت حدّة المفاوضات أصدر نابليون أوامره إلى اللواء جون مورو بأن يوجه ضربةً جديدة إلى النمسا، ففعل الأخير ما أُمر به وقاد فرنسا إلى النصر في معركة هونليندن فاضطرت النمسا أن توقع على معاهدة السلام في شهر فبراير من سنة 1801 وأن تعيد إلى فرنسا ما كسبته منها إلى جانب بعض الأراضي الجديدة و أن توافق على التدابير التي اتخذتها فرنسا من أجل تأمين سلامتها السلام المؤقت في أوروبا وبعد انتهاء هذه الحرب مع النمسا، أقام بونابرت قاعدةً عسكرية في مدينة بولونيا البحرية الواقعة على ساحل بحر المانش، استعدادًا لغزو بريطانيا إلا أن كلتا الدولتين كانتا قد أنهكتا إنهاكًا شديدًا من الناحية البشرية والاقتصادية بفعل الحروب المستمرة، فأبرمتا معاهدة أميان في شهر أكتوبر من عام 1801 وأكملتا التصديق على بنودها في شهر مارس من سنة 1802. وتضمنت هذه المعاهدة انسحاب القوات البريطانية من معظم المستعمرات التي احتلتها مؤخرًا في حوض البحر المتوسط خصوصًا. كانت هذه الفترة من السلم من أخصب أيام نابليون وأنفعها لفرنسا وللحضارة العالمية لكنها بقيت غير مستقرة ولم تدم طويلاً إذ أن بريطانيا لم تنسحب من جزيرة مالطا كما كانت قد وعدت واعترضت على ضم نابليون لإقليم بييمونتي الإيطالي إلى فرنسا وعلى إصداره لمرسوم الإصلاح الذي أنشأ بموجبه كونفدرالية سويسرية جديدة، على الرغم من أن المعاهدة لم تنص على عدم جواز إتيان فرنسا مثل هذه الأفعال في تلك المناطق من أوروبا تُوج هذا الخلاف بين الدولتين بإعلان بريطانيا الحرب في شهر مايو من سنة 1803 فقام نابليون باستكمال تجهيز القاعدة العسكرية في بولونيا البحرية بالرجال والعتاد اللازمة وعقد العزم على غزو بريطانيا والقضاء عليها نهائيًا وفي تلك الأثناء كانت فرنسا تواجه مشكلة في مستعمرة هاييتي الواقعة قبالة شواطئ أمريكا الوسطى، ذلك أن نابليون كان قد أعاد إقرار صحة الإتجار بالرقيق في قانون 20 مايو لسنة 1802 في جميع المستعمرات الفرنسية، ملغيًا بذلك قانون 4 فبراير لسنة 1794 الذي كان قد قضى على العبودية نهائيًا في تلك المستعمرات فثار سكان ذاك القسم من جزيرة هيسپانيولا وبشكل خاص المستعبدين منهم ثاروا على الفرنسيين وقاوموهم وتكبد كلا الطرفين خسائر بشرية كبيرة. أرسل نابليون بعد أن علم بهذه الثورة جيشًا ليستعيد السيطرة على القسم الغربي من الجزيرة المعروف باسم القديس دومينيك وليُقيموا قاعدةً فرنسية هناك إلا أن ذلك الجيش لم يستطع أن يفعل شيء إذ أُفني عن بكرة أبيه بفعل انتشار الحمى الصفراء بين الجنود وبسبب المقاومة الشديدة التي أبداها القادة العسكريون الهاييتيون مثل اللواء توسان لوفرتور و جان جاك ديسالين، وما أن بدأت الحرب مع بريطانيا تلوح بالأفق وتبين لبونابرت أنها واقعة قريبًا لا محالة قام ببيع حصة فرنسا من الأراضي في أمريكا الشمالية إلى الولايات المتحدة خصوصًا أنه لم يكن بالإمكان الدفاع عنها ضد البريطانيين بحال زحفوا عليها من مستعمراتهم الكندية شمالاً، أضف إلى ذلك أن الخزينة الفرنسية كانت على شفير الإفلاس. وكانت الدولة بحاجة إلى موارد مالية تستطيع بواسطتها أن تُنفق على الجيش في الحرب القادمة. حصلت الولايات المتحدة على الأراضي التي شكّلت مستعمرة لويزيانا الفرنسية مقابل أقل من 3 سنتات للفدان الواحد (7.40$ للكيلومتر المربع) قوس النصر القادة الروحيين للكنيسة الكاثوليكية يقسمون اليمين القانونية على احترام المعاهدة البابوية ميدالية جوقة الشرف الأصلية (1804) كانت العلاقات الودية بين الدولة الفرنسية والكنيسة الكاثوليكية قد انقطعت إبان الثورة، ولما تولى نابليون الحكم رأى أن المصلحة تقتضي إعادة التفاهم بين الكنيسة وفرنسا. وبعد مفاوضات استمرت عدّة أشهر عقد مع البابا پيوس السابع معاهدة بابوية في سنة 1801 فاعترف نابليون في هذه المعاهدة بالبابا رئيسًا للكنيسة وأزال بعض القيود التي فرضتها الثورة على رجال الدين ومقابل ذلك اعترف البابا بمصادرة أملاك الكنيسة على أن تدفع الدولة رواتب رجال الدين، ووافق البابا كذلك على أن يختار نابليون الأساقفة وأن يُعين هؤلاء رجال الدين الذين هم دونهم، وبهذا الاتفاق عادت المياه إلى مجاريها بين فرنسا والبابا. كان في فرنسا قبل الثورة ما يقرب من ثلاثمئة قانون يختلف الواحد منها عن الآخر وكانت جميعها نافذة في المناطق الفرنسية المختلفة، فألّف نابليون لجنة من كبار رجال القانون وطلب إليها توحيد الشرع الفرنسي، وبعد بضع سنوات من العمل الشاق أخرجت تلك اللجنة للعالم في سنة 1804 قانونًا مدنيًا عرف باسم قانون نابليون (بالفرنسية: Code Napoléon) وهو ينص على حقوق الأفراد وواجباتهم وعلى أمور الزواج وطلاق والميراث وغير ذلك، كذلك أنشأ نابليون في سنة 1801 مصرف فرنسا (بالفرنسية: Banque de France) ومنحه حق إصدار الأوراق المالية، فاستعاد النقد الفرنسي قيمته وثقة الناس به بعد أن كانت تلك الثقة قد تزعزعت خلال الثورة. كانت الثورة قد قضت على نظام الطبقات وجعلت الناس متساوين، ولكن نابليون أنشأ طبقة جديدة من أصحاب الامتيازات لا ترتكز على الحسب والنسب كالسابق بل على الخدمات الجليلة الشأن التي يُقدمها الفرد لوطنه وتكون هذه الامتيازات على شكل أوسمة وألقاب تُمنح لمستحقيها من رجال العلم والأدب والسياسة والفن وغيرها. وعُرف هذا النظام باسم نظام جوقة الشرف (بالفرنسية: Légion d'honneur) ولا يزال معمولاً به في فرنسا حتى الوقت الحاضر. أدرك نابليون أهمية المدارس في توجيه النشأ فقرر أن يجعلها في يد الدولة وتحت إشرافها فوضع نظامًا للتعليم يتألف من ثلاث مراحل هي مرحلة التعليم الابتدائي ومرحلة التعليم الثانوي ومرحلة التعليم العالي، وكان يُطلق على معاهد التعليم العالي اسم الجامعة أو جامعة فرنسا. قد تمّ اختيار بونابرت سنة 1801 رئيسًا للأكاديمية الفرنسية للعلوم فعيّن بدوره عالم الفلك والرياضيات جان باتيست جوزيف ديلامبر أمينًا دائمًا لها ولمّا كان نابليون يُعين كبار موظفي الجامعة بنفسه فقد استطاع أن يُخضع معاهد التعليم في فرنسا لإشرافه المباشر. وكان نابليون يفرض على المدارس أن تُلقن طلابها الولاء والإخلاص للوطن والمحبة والطاعة لشخصه وكانت الحكومة تنفق على معظم هذه المدارس وتعتبر المدرّسين فيها من موظفي الدولة، غير أن هذا المنهاج لم يُنفّذ بكامله بسبب المبالغ الكبيرة التي يتطلبها تحقيقه وبقي نصف الطلاب الفرنسيين تقريبًا يتلقون العلم في المدارس الخاصة التي كان معظمها تابعًا للكنيسة الكاثوليكية. اتسعت سلطة نابليون مع ولادة دستور السنة العاشرة حيث جاء في المادة الأولى منه: إن الشعب الفرنسي يُسمي ومجلس الشيوخ يُعلن نابليون بونابرت قنصلاً عامًا مدى الحياة بعد ذلك لم يعد أحد يرمز إليه باسم بونابرت بل باسم نابليون إن مشاغل نابليون الكثيرة لم تصرفه عن الاهتمام بالمشاريع العمرانية العامة فأنشأ شبكة طويلة من الطرق وبنى الجسور وحفر الأقنية وطوّر شبكات الصرف الصحي وجفف المستنقعات ووسع المرافئ الكبيرة وجمّل مدينة باريس وشيّد في وسطها قوس النصر تخليدًا لذكرى انتصاراته ونشّط الزراعة والصناعة والتجارة والعلوم والفنون بمختلف الوسائل. عهد الإمبراطورية الحروب النابليونية نابليون الأول على عرشه الامبراطوري تعرّض نابليون بصفته حاكم فرنسا لعدد من المؤامرات الهادفة لاغتياله والتي حاكها ضده الملكيون واليعاقبة وقد شملت هذه مؤامرة الخناجر (بالفرنسية: Conspiration des poignards) في أكتوبر من عام 1800 و مؤامرة شارع القديسة نيسيز بعد شهرين من المؤامرة الأولى. وفي شهر يناير من سنة 1804 كشفت الشرطة مؤامرة جديدة تهدف للتخلص من بونابرت كان أحد مخططيها هو اللواء جون مورو الذي أخضع النمسا للشروط التي فرضتها عليها فرنسا في مفاوضات السلام بعد معركة مرنگو قبل 3 سنوات من ذلك التاريخ. كما تبين أن هذه المؤامرة كانت برعاية ومباركة آل بوربون حكّام فرنسا السابقين. أمر نابليون باعتقال دوق إنيان المدعو لويس أنطوان وهو أحد أقارب أسرة بوربون بناءً على نصيحة من تاليران على الرغم من أن هذا الأمر كان يُشكل خرقًا لسيادة ولاية بادن الألمانية المجاورة حيث كان الدوق يقطن. أعدم الأخير بعد محاكمة سرية على الرغم من أنه لم يكن طرفًا في المؤامرة ضد نابليون نابليون يتوّج نفسه إمبراطورًا استغل نابليون هذه المؤامرات التي هدفت للقضاء عليه ليُبرر إلغاءه نظام القنصلية وإعادة إنشاء نظام ملكي وراثي في البلاد يحمل فيه لقب الإمبراطور وبهذا يكون أيضًا قد وضع الكثير من العوائق في درب آل بوربون وجعل من الصعب عليهم أن يعودوا للتربع على عرش فرنسا خصوصًا وإن الخلافة البونابرتية ستكون قد أصبحت مرسخة في الدستور الفرنسي بعد قيام النظام الجديد توّج نابليون نفسه إمبراطوراً بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1804 في كاتدرائية نوتردام في باريس بحضور البابا، ثمّ توّج زوجته"جوزفين وهناك رواية تفيد بأن نابليون قام بسحب التاج من يديّ البابا پيوس السابع أثناء الحفل وتوّج نفسه بنفسه كي لا يخضع للسلطة البابوية إلا أن معظم المؤرخين يقولون أن هذه الرواية مشكوك بصحتها إذ أن إجراءات التتويج كان قد اتُفق عليها مسبقًا بحسب الرأي الغالب تُوج نابليون ملكًا على إيطاليا بتاريخ 26 مايو سنة 1805 في كاتدرائية ميلان ثم قام بإنشاء طائفة مشيرو فرنسا"(بالفرنسية: Maréchal de France) المكونة من أكبر ألوية جيشه وأكثرهم إخلاصًا ليضمن وفاء الجيش الدائم له كان الموسيقار الألماني لود يبان بيتهوفن من أشد المعجبين ببونابرت ونبوغه العسكري والسياسي لكن خاب أمله عندما حوّل الأخير نظام الحكم في فرنسا إلى نظام إمبريالي فقام بشطب القطعة الموسيقية التي كان قد كتبها ولحنها خصيصًا للقائد الفرنسي من سمفونيته الثالثة معركة أوسترليتز بينما كان نابليون يتهيأ لغزو بريطانيا في سنة 1805 كانت حكومتها قد أقنعت كل من النمسا والإمبراطورية الروسية بالدخول معها في حلف لمحاربة فرنسا وكان نابليون يُدرك عجز البحرية الفرنسية عن الدخول وجهًا لوجه في معركة مع البحرية الملكية البريطانية لذا قام برسم خطة لاستدراج السفن البريطانية بعيدًا عن القناة الإنگليزية حتى تتمكن السفن الفرنسية من قتالها بشكل أفضل وكانت الخطة تقضي بأن تقوم البحرية الفرنسية بخرق الحصار البريطاني لمدينة طولون وبريست والتوجه نحو جزر الهند الغربية المستعمرة البريطانية والتهديد بقصفها فتضطرت عندئذ البحرية الملكية أن تنسحب من على حدود بريطانيا الغربية للدفاع عن تلك المستعمرة فتقوم فرنسا بالتعاون مع حليفتها إسبانيا بإرسال أسطول مشترك للسيطرة على القناة لفترة تسمح بعبور الجيوش الفرنسية من شمال فرنسا إلى إنگلترا إلا أن انتصار البريطانيون في معركة رأس فينيستر البحرية في شهر يوليو من سنة 1805 وانسحاب پيير شارلز ڤيلنوڤ إلى ميناء مدينة قادس جعل نابليون يُدرك عجز قواته وعدم تمكنه من الوصول إلى بريطانيا لمحاربتها في عقر دارها معركة طرف الغار 1836 معركة أوسترليتز 1810 بعد أن غضّ نابليون الطرف عن غزو بريطانيا أمر جيشه المتمركز بشمال فرنسا بالزحف سرًّا على ألمانيا في حملة أطلق عليها اسم حملة أولم فأحاط الجيش الفرنسي بالقوات النمساوية التي كانت على وشك أن تُهاجم فرنسا قاطعًا بذلك خطوط التواصل بينها وهزمها هزيمةً كبيرة بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1805 قبض الفرنسيون على 30,000 أسير في تلك المعركة، إلا أنهم منيوا بهزيمة ضخمة في اليوم التالي عندما انتصر أمير البحر البريطاني هوراشيو نيلسون على الأسطول الفرنسي في معركة طرف الغار قرب الشاطئ الإسباني مما جعل بريطانيا تبسط سيطرتها على البحار وبعد ستة أسابيع من هذه الحادثة وفي اليوم الذي يوافق الذكرى الأولى لتربع بونابرت على العرش هزم الجيش الفرنسي الجيشين النمساوي والروسي في"معركة أوسترليتز كانت نتيجة هذا الانتصار أن انتهت حرب الائتلاف الثالث، فأمر نابليون عند ذلك بالبدء ببناء قوس النصر في وسط مدينة باريس لتخليد ذكرى هذا النصر ثم توجه إلى مدينة فيينا عاصمة النمسا وفرض عليها شروطًا قاسية للصلح اضطرت النمسا إلى أن تتنازل عن المزيد من الأراضي لصالح فرنسا وأن توقع على معاهدة سلام پراسبورغ التي قضت نهائيًا على الإمبراطورية الرومانية المقدسة وأدّت لولادة اتحاد الراين (بالفرنسية: ةtats confédérés du Rhin؛ وبالألمانية: Rheinbund) الذي سُمي نابليون مرشدًا وحاميًا له، قال نابليون عن معركة أوسترليتز أنها أروع معركة خضتها في حياتي، يقول المؤرخ فرانك مكلين أن نابليون بلغ من النجاح حدًا في أوسترليتز جعله يفقد إحساسه بالواقع وأن ما كان يُعد سابقًا سياسة فرنسية خارجية أصبح في ذلك الوقت يُعد سياسة نابليونية خاصة أي بتعبير أخر أصبح نابليون يُمثل فرنسا من جميع النواحي حتى من ناحية الشعب فإرادته الخاصة وفقًا لهذا المؤرخ هي إرادة الشعب الفرنسي إلا أن المؤرخ البريطاني ينسى كرونين يقول بأن نابليون لم يقم بتلك الحملة وما تلاها تحقيقًا لطموح شخصي بل "تحقيقًا لطموح ثلاثين مليون فرنسي أي أن الفرنسيين أنفسهم كانوا راغبين وموافقين على ما قام به نابليون واعتبروه يُحقق مصلحة بلادهم مبعوث الدولة القاجارية إلى الإمبراطورية الفرنسية الميرزا محمد رضا قزويني يُقابل نابليون الأول في قصر فنكنشتاين بتاريخ 27 أبريل سنة 1807 استمر نابليون يأمل بأن يُنشأ لفرنسا مركزًا ممتازًا في الشرق الأوسط حتى بعد فشل حملته المصرية وذلك كي يضغط على الحدود الجنوبية للإمبراطورية الروسية ويُحاصرها من تلك الجهة. جهد نابليون جهدًا عظيمًا بدأ من سنة 1803 ليُحاول إقناع الدولة العثمانية بالدخول معه في حلف ضد الإمبراطورية الروسية ومحاربتها في بلاد البلقان فأرسل اللواء هوراس سبستياني لتجديد رباط الاتحاد والوداد مع الدولة حاملاً معه خطابًا من بونابرت إلى السدة السلطانية يعد فيه الإمبراطور السلطان سليم الثالث بالمساعدة على استعادة الولايات والإمارات العثمانية المفقودة لمصلحة روسيا وبعد انتصار نابليون في معركة أوسترليتز وما تلاها من تقطيع لأوصال إمبراطورية هابسبورغ التابعة للنمسا اعترف السلطان بنابليون إمبراطوراً على فرنسا وأعلن رسميًا أن الإمبراطورية الفرنسية هي الحليف المخلص الدائم للدولة العليّة وأعلن الحرب على كل من بريطانيا و روسيا في وقت لاحق كذلك أنشأ نابليون حلفًا مع الدولة القاجارية ضد روسيا وبريطانيا استمر منذ سنة 1807 حتى سنة 1809. انتهى هذان الحلفان عندما عادت فرنسا وتحالفت مع روسيا وحولت انتباهها إلى أوروبا من جديد. نابليون يتفقد جنوده قبل وقوع معركة يينا (14 أكتوبر سنة 1806) تشكل الائتلاف الرابع من الدول لمحاربة فرنسا في سنة 1806 بعد هزيمة النمسا وروسيا في معركة أوسترليتز وضمّ كل من: بروسيا . روسيا . بريطانيا . ساكسونيا . السويد . صقلية وفي ذات السنة وقع خلاف بين نابليون وبروسيا، فتقدمت الجيوش الفرنسية بسرعة خاطفة وهزمت البروسيين في معركة يينا واحتلت عاصمتهم برلين فانسحب فريدريش فيلهلم الثالث ملك بروسيا إلى ناحية الشرق كي ينضم لحليفته روسيا التي أرسلت جيشًا لنجدته، لكن نابليون زحف على الجيش الروسي المتقدم عبر بولندا وقاتلهم قتالاً دمويًا في معركة إيلاو أزهقت فيه أرواح الكثير من الجنود الفرنسية والروسية وانتهى بتراجع الجيش الروسي من مواقعه في السادس من فبراير سنة 1807. لاحق نابليون الجيش الروسي المنسحب إلى بروسيا الشرقية وهزمه والبروسيين معًا في معركة فريدلند وبعد هذا النصر الحاسم أبرم نابليون معاهدتين عُرفتا باسم معاهدتي تيلزينت تيمنًا بمدينة تيلزينت الواقعة في روسيا فاقتسم بموجب إحداها السلطة في أوروبا مع القيصر الروسي ألكسندر الأول أما الثانية التي أُبرمت مع بروسيا، فاقتطع بموجب نصوصها جميع أراضي تلك الدولة التي تقع غربي نهر الألب وجميع الأراضي التي غنمتها في التقسيمين الثاني والثالث من بولندا وصنع من ذلك دويلات جديدة نصب على عروشها بعض أقربائه وأصدقائه مثل شقيقه جيروم الذي توّجه ملكًا على مملكة وستفاليا، كذلك أنشأ نابليون دوقية وارسو في الجزء الذي سيطرت عليه فرنسا من بولندا ونصب على عرشها الملك فريدريك أغسطس الأول لمّا أخضع نابليون أوروبا كلها تقريبًا لسيطرته وعجز عن بريطانيا عمد إلى محاربتها اقتصاديًا فحرّم على جميع الدول الأوروبية المتاجرة معها عن طريق إصداره لمرسومين إمبراطوريين أحدهما في مدينة ميلان والأخر في برلين يُحرمان جميع أعمال التجارة كالاستيراد والتصدير مع المملكة المتحدة إلا أن هذه الحرب الاقتصادية لم يُكتب لها النجاح إذ أن بريطانيا ردّت عليه بالمثل فمنعت المتاجرة مع فرنسا وضربت حصارًا على القارة الأوروبية كذلك نشطت أعمال التهريب من وإلى بريطانيا ولم يستطع ضبّاط الجمارك الفرنسيون أن يفعلوا شيءًا لإيقافها. حرب شبه الجزيرة الأيبيرية مسؤولون إسبان يُسلمون مدينة مدريد إلى بونابرت 1810 كانت البرتغال صديقةً لبريطانيا فلم تنقطع عن التعامل معها مخالفةً بذلك المراسيم الامبراطورية التي أصدرها نابليون، فاتفق الأخير مع حليفته إسبانيا على غزوها واقتسامها بينهما. وفي سنة 1807 نفذا هذه الخطة بنجاح وهربت العائلة المالكة إلى أكبر مستعمراتها البرازيل وبقيت هناك حتى بعد اقصاء نابليون عن العرش ولكن نابليون كان يطمع في إسبانيا نفسها فأبقى جيشه فيها بحجة الحلف القائم بين الدولتين وأجبر ملكها كارلوس الرابع على التنازل عن العرش وتوّج أخاه جوزيف ملكًا عليها في سنة 1808، وجعل في منصب الأخير السابق كملك على ناپولي صهره يواقيم مراد. أثار تصرف بونابرت شعور الشعب والجيش الإسباني الذي هبّ لمحاربة الفرنسيين بدءًا من 2 مايو سنة 1808، فيما عُرف باسم انتفاضة الثاني من مايو (بالإسبانية : El Levantamiento del dos de mayo) هزم نابليون الجيش الإسباني بعد أن كان الأخير قد نجح في التغلب على الفرنسيين وإخراجهم من مدينة مدريد واسترجاع العديد من الأراضي المفقودة، كذلك تمكن نابليون من هزيمة فرقة عسكرية بريطانية أرسلت لدعم الثوّار الإسبان ودفع بالجنود نحو الشاطئ الشمالي لشبه الجزيرة الأيبيرية وقبل أن يتم إخضاع الشعب الإسباني بالكامل كانت النمسا قد أعلنت الحرب مجددًا على فرنسا فاضطر نابليون إلى أن يترك إسبانيا ويعود إلى بلاده. الدوق الأول لولينگتون، آرثر ويلزلي في سنة 1814 استمرت حرب شبه الجزيرة الأيبيرية مشتعلةً في غياب نابليون وكلّفت فرنسا وإسبانيا ثمنًا باهظًا من الناحية البشرية والمالية ففي الحصار الثاني لمدينة سرقسطة لحق الدمار بمعظم أنحاء المدينة وقُتل ما يزيد عن 50,000 شخص من سكانها وعلى الرغم من أن نابليون كان قد ترك ثلة من نخبة جنوده الذين وصل عددهم إلى 300,000 جندي لقتال المقاومين الإسبان إلى جانب القوات البريطانية والبرتغالية بقيادة آرثر ويلزلي الدوق الأول لولينگتون، إلا أن السيطرة الفرنسية على شبه الجزيرة استمرت بالتضعضع والانهيار شيءًا فشيءًا، استمرت هذه الحرب عدّة سنوات وكانت في واقع الأمر أول خطوة نحو انهيار نابليون ولم تنتهي إلا عندما تنازل الأخير عن العرش سنة 1814 وصف نابليون حرب شبه الجزيرة الأيبيرية في وقت لاحق على أنها كانت محور هزيمته النهائية فكتب في مذكراته يقول: إن تلك الحرب المشؤومة هي ما دمرني لقد شكلت العقدة القاتلة التي تفرعت منها جميع الكوارث اللاحقة التي حلّت بي. نابليون في و اگرام عندما كان نابليون منهمكًا في إخضاع الثورة الإسبانية قامت النمسا فجأة بفض تحالفها مع فرنسا وذلك في شهر أبريل من عام 1809 وهبت للانقضاض على بونابرت بتحريض من بريطانيا، فاضطر نابليون إلى أن يترك إسبانيا ويقود الجيش الفرنسي المرابط على نهر الدانوب والحدود الألمانية بنفسه. انتصر الفرنسيون في بادئ الأمر على النمساويين في بعض المعارك الصغيرة لكنهم عادوا وواجهوا صعوبة في عبور الدانوب، فهُزموا بالقرب من فيينا في معركة آسپيرن إسلينغ بتاريخ 22 مايو من نفس العام. لكن النمساويين فشلوا في الاستفادة من الوضع وما لحق بالجيش الفرنسي الأمر الذي أعطى نابليون الفرصة ليُعيد تنظيم الصفوف ويقهر الجيش النمساوي في معركة و اگرام توجه نابليون بعد انتصاره إلى مدينة فيينا عاصمة النمسا حيث أملى شروط الصلح ووقع مع النمساويين معاهدة شونبرون التي قضت بسلخ أجزاء مهمة أخرى من الإمبراطورية النمساوية المجرية الإمبراطورية الفرنسية في أقصى اتساعها سنة 1811 أراضي الإمبراطورية بلدان خاضعة لسلطان نابليون بلدان تحالفت مع نابليون سنة 1812 كانت بريطانيا ترغب في فتح جبهة جديدة في البر الأوروبي موجهة نحو فرنسا إلى جانب الجبهة الأيبيرية فقام البريطانيون بالتخطيط لحملة هولندية عُرفت باسم حملة فالشيرين (بالإنكليزية: Walcheren Campaign) لكنهم ما أن بدأوا بتنفيذها حتى أرسل نابليون تعزيزات عسكرية إلى مدينة أنتويرب البلجيكية القريبة من هولندا محبطًا بذلك خطة بريطانيا في الهجوم على فرنسا، قام بونابرت بعد ذلك باحتلال الدولة البابوية بسبب رفض الكنيسة دعم حربه الاقتصادية على بريطانيا، فرد البابا پيوس السابع بحرمان الإمبراطور حرمانًا كنسيًا وبعد هذا الفعل الذي أتاه البابا قام الضباط الفرنسيون باعتقاله على الرغم من أن بونابرت لم يأمر بذلك إلا أنه بالمقابل لم يأمر بإطلاق سراحه عندما علم بما جرى نُقّل البابا عبر طول الأراضي الخاضعة لنابليون وعرضها حتى في الفترات التي كان يُعاني خلالها من نوبات مرضيّة واستمر نابليون يُرسل له وفودًا تضغط عليه للموافقة على بعض الأمور بما فيها التوقيع على معاهدة بابوية جديدة مع فرنسا إلا أن پيوس رفض ذلك تزوج نابليون في سنة 1810 من ابنة الإمبراطور النمساوي ماري لويز أرشيدوقة بارما بعد أن تطلّق من جوزفين الأمر الذي أدى لمزيد من التوتر في علاقته مع الكنيسة حيث رفض ثلاثة عشر كاردينالاً حضور حفل زفافه فأمر بسجنهم جميعًا بقي البابا في الأسر طيلة 5 سنوات ولم يرجع إلى روما حتى شهر مايو من سنة 1814 وافق نابليون على تربع كارل يوحنا الرابع عشر ملكًا على السويد في شهر نوفمبر من سنة 1810، والأخير كان يعمل مشيرًا في خدمة بونابرت وفرنسا منذ الثالث من سبتمبر سنة 1780 وعُرض عليه التاج بعد أن توفي ولي العهد السويدي إثر أزمة قلبية وتنازل له الأمير الذي يليه في المرتبة عن المنصب، كان نابليون قد وافق على تولّي المشير السابق عرش السويد إكرامًا لخطيبته السابقة ديزيريه كلاري التي تزوج منها كارل يوحنا. لكنه عاد وندم على موافقته هذه وعلى إبقائه للأخير على قيد الحياة عندما أقدم يوحنا على التحالف مع أعداء فرنسا لاحقًا كان نابليون قد عقد مؤتمرًا في مدينة إرفورت بألمانيا امتد من 27 سبتمبر إلى 14 أكتوبر من سنة 1808 وعُرف باسم مؤتمر إرفورت مع القيصر ألكسندر الأول نصا فيه على توثيق العلاقات بين الإمبراطوريتين الفرنسية والروسية وعلى اتخاذ كل منهما للآخر حليفًا أضف إلى ذلك أن القائدين كانت تجمعهما صداقة حميمة منذ أن التقيا للمرة الأولى في مدينة تيلزينت سنة 1807 إلا أنه بحلول عام 1811 كان التوتر قد تصاعد بين الدولتين وكان القيصر يتعرّض لضغوط كثيرة من قبل النبلاء ليفض الحلف مع فرنسا وكانت أولى بوادر انحلال هذا الحلف تعامل روسيا باللين مع المملكة المتحدة متجاهلةً الحرب الاقتصادية التي فرضها عليها نابليون الأمر الذي أثار غضب الأخير وفي سنة 1812 اقترح المستشارون على القيصر ضرب عصفورين بحجر واحد غزو فرنسا والقضاء على نابليون واسترجاع بولندا بعد انحلال الامبراطورية الفرنسية وصلت أنباء الاستعدادات الروسية للحرب إلى نابليون عن طريق تقارير الاستخبارات الفرنسية فجهّز جيشًا ضخمًا وصل تعداده إلى 450,000 رجل وزحف به على روسيا بتاريخ 23 يونيو سنة 1812 متجاهلاً النصائح المستمرة التي قدمها له المستشارون بعدم غزو الأراضي الروسية الداخلية، بسبب مساحتها الشاسعة ومناخها القاسي المختلف عمّا اعتادت عليه الجنود الفرنسيين . نابليون في موسكو المشتعلة أطلق نابليون على هذه الحرب اسم الحرب البولندية الثانية وذلك في محاولة منه لكسب تأييد البولنديين الوطنيين وكانت الحرب البولندية الأولى قد وقعت قبل ذلك في سنة 1768 وخاضتها روسيا ضد اتحاد بار وهو اتحاد مكوّن من النبلاء البولنديين الذين رفضوا تدخل روسيا في شؤون بلادهم وتحالف ملكهم ستانيسلا أوجست بونياتوفسكي مع الروس وكان الوطنيون البولنديون يرغبون بأن يُضم القسم الروسي من بولندا إلى دوقية وارسو حليفة فرنسا وتكوين دولة بولندية مستقلة رفض نابليون هذا الطلب قائلاً أنه قد وعد حليفته النمسا بأن لا يحصل شيء من هذا على الإطلاق كذلك رفض نابليون إعتاق الأقنان الروس خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى ردّة فعل غير محمودة في مؤخرة جيشه وكردة فعل على ذلك ارتكب الأقنان عددًا من الأعمال الوحشية عند انسحاب الجيش الفرنسي من روسيا في وقت لاحق من ذلك العام تفادى الروس هدف بونابرت القاضي بالاشتباك معهم في معركة وحيدة حاسمة وتراجعوا إلى داخل روسيا عوضًا عن ذلك وبقي 130,000 جندي منهم في مدينة سمولينسك في محاولة لصد التقدم الفرنسي لكنهم هُزموا وتابع الفرنسيون تقدمهم محققين الانتصار تلو الأخر في سلسلة من المعارك تابع الجيش الروسي تفادي الاحتكاك مع الفرنسيين على الرغم من أن هذا كان بسبب عدم إقدام نابليون على المناداة بالهجوم في بعض الأحيان على نحو غير معهود وإن كان الروس قد تجنبوا قتال جيش بونابرت إلا أنهم اتبعوا استراتيجية الأرض المحروقة مدمرين كل قرية أو حقل أو بستان مروا به الأمر الذي جعل من العسير على الفرنسيين العثور على الطعام الكافي لهم ولخيولهم انسحاب نابليون من روسيا عرض الروس على نابليون معركةً في نهاية المطاف على أن تقع خارج موسكو فوافق نابليون على هذا الاقتراح ونشبت معركة بورودينو (بالروسية: Бородинская битва وبالفرنسية: Bataille de la Moskowa) التي نجم عنها خسارة 44,000 جندي روسي و 35,000 جندي فرنسي ما بين قتيل وجريح وأسير وقد قيل في هذه المعركة أنها كانت أكثر المعارك دمويةً في التاريخ البشري حتى ذلك الحين وعلى الرغم من أن الفرنسيين انتصروا إلا أن الروس تفاخروا بأنهم صمدوا في وجه نابليون ولم يعطوه الفرصة التي كان يحلم بها بأن يقضي عليهم في معركة واحدة حاسمة. قال نابليون عن هذه المعركة: إن أسوأ معركة خضتها في حياتي كانت تلك التي وقعت قرب موسكو, لقد أظهر الفرنسيون أنفسهم بمظهر مستحقي النصر لكن الروس أظهروا أنفسهم بمظهر غير المقهورين تراجع الجيش الروسي بعد معركة بورودينو لما بعد مدينة موسكو، فدخلها نابليون معتقدًا أن فتحها سوف يُنهي الحرب وأن القيصر سيطلب منه البدأ بإجراء محادثات السلام إلا أن حاكم المدينة المدعو فيودور روستوپشين رفض الاستسلام وأضرم النار في جميع أنحاء موسكو ليلاً وأحرقها عن بكرة أبيها، وبعد شهر من هذه الحادثة انسحب الجيش الفرنسي من موسكو بعد أن بلغت نابليون أنباء مقلقة عن اضطراب الأوضاع في فرنسا وخوفه من فقدان سلطته عانى الفرنسيون معاناة كبيرة أثناء انسحابهم وذاقوا الأمرّين إذ تعاون برد الشتاء الروسي القارس والمرض ومناوشات الأقنان على إفناء الجيش فلم يسلم منه إلا عدد قليل فقد كان عدد الجنود في بداية الحملة يصل لأكثر من 400,000 جندي على الخط الأمامي، أما عند العودة في شهر نوفمبر من سنة 1812 لم ينجح أكثر من 40,000 منهم بعبور نهر بيريزينا أحد روافد نهر الدانوب في روسيا البيضاء أما الروس ففقدوا 150,000 جندي ومئات الألوف من المدنيين الرسم البياني الشهير للمهندس المدني الفرنسي شارل جوزيف مينار الذي يُظهر حجم الجيش الفرنسي عند زحفه على موسكو وعند انسحابه منها حيث يساوي حجم الجيش عرض الخط وُضعت درجة حرارة الطقس أثناء عودة الجيش في أسفل الرسم بمقياس ريومور، إضرب قيمة مقياس ريومور بواحد وربع (1¼) حتى تحصل على درجة الحرارة المئوية مثلاً -30°ر = -37.5 °م عاد نابليون إلى باريس فجهّز حملة جديدة قوامُها 350,000 جُندي ، وذلك خِلال فترة سنة امْتدت من شِتاء سنة 1812 حتى الشتاء التالي ، حاول أن يعود بها إلى روسيا. عرف البْروسِيون ما حل بنابليون في روسيا، وأدركوا أن الفرصة سَنحت لتحريرهم، فشكلوا حِلفاً جديدًا مع روسيا وبريطانيا والسُويد والنمسا وإسّبانيا والبرتغال، وواجهوا نابليون بجيوشِهم، فألحق بهم عدد من الخسائر تُوجت "بمَعركة دِريسدُن" بألمانيا بتاريخ 26 و 27 أغسطس سنة 1813. وعلى الرغم من هذا النجاح الذي ح! ققه نابليون إلا أن ذلك لم يُحبط عزيمة الحلفاء، فزادوا مِن أعداد جيوشهم، وما زالوا يزيدونها حتى هَزموا نابليون هزيمة كبيرة في "معركة الأمَم" بقوة عسكرية بلغ حجمها ضعف حجم جيشه. كانت هذه المعركة أكبر معارك الحروب النابُليونيّة، حيث وصَل عدد القتلى فيها إلى 90,000 قتيل. انسَحب نابليون عائدًا إلى فرنسا بعد أن تقلص عددُ جيشهِ ليصل إلى 110,000 جندي استطاع 70,000 منهم الوصول إلى باريس بينما تلكأ الأربعون ألفًا الباقين، بينما كان عدد القوات الحليفة يفوق عدد الجيش الفرنسي بثلاثة أضعاف. بعد عودة نابليون، وجدت فرنسا نفسها مُحاصرة، فقد كانت القوات البريطانية تقّبع على حُدودِها الجنوبية، بينما كانت القوات الحليفة الأخرى مُتمركِزة على حدود الولايات الألمانية المجاورة، مسّتعدة للإنقِضاض عليها في أي وقت. حاول نابليون مقاومة الحُلفاء المُحاصِرين، فانتصر عليهم في بضعة معارك في حملة أطّلق عليها اسم "حَملة الأيام السِتة"، إلاّ أن تلك الانتصارات لم تكن ذاتَ أهمية كبيرة ولم تبلغ الحد الذي يقّلب الآية، فدخلت جُيوش الحلفاء باريس في شهر مارس من سنة 1814.عَرض نابليون على قادة جيشه الهُجوم على العاصِمة الفرنسية وتحَريرها من القوات الحليفة، لكن القادة رَفضوا ذلك وفَضّلوا العِصيان على الهُجوم،وفي الرابع من أبريل واجَهوا نابليون بهذا الأمر بقيادة المُشير "ميشيل ناي"، أحد الضباط القدامى في فرنسا وصَديق مقرّب من بونابِرت، فقال الأخير أن الجيش سوف يتبعه، فأجابه ناي أن الجيش لن يتبع سِوى قادته. فلم يجد نابليون بدًا من أن يَتنازل عن العَرش لصالح ابنه "نابليون الثاني"؛ إلاّ أن الحُلفاء لم يقبَلوا بهذا الأمر، فاضُطر نابليون أن يتنازل دون قيدٍ أو شَرط،وذلك في 11 أبريل سنة 1814. فعَقد الحُلفاء مؤتمرًا في قصر فونتِينبلو أعَلنوا فيه تنازل بونابرت، فقالوا: «إن القِوى الحَليفة بعد أن أعلنت أن الإمبراطور نابليون كان العائِق الوحيد في وجه إحّلال السلام في أوروبا، فإن الإمبراطور نابليون، يُعلن وفاءًا ليَمينِه، أنه قد تَنازل عن منصِبه، ومنصِب أولياءِ عهده، من عرش فرنسا وعرش إيطاليا، وأنه ليس هناك من تَضحية، حتى التضحية بحياته، هو ليس مُستعدًا لأن يَبذلها في سبيل صَالح فرنسا. تمّ في قصرفونتِينبلو، بتاريخ 11 أبريل سنة 1814.» – مَرسوم تنَحي نابليون أبّرم الحلفاء بعد ذلك معاهدة عُرفت باسم "مُعاهدة فونتينبلو"، اتفقوا فيها على نَفي نابليون إلى جَزيرة صغيرة تُدعى "ألبا" تقع في البحر المتوسط على بعد 20 كيلومترًا من شواطئ توسّكانا، ويقطنها 12,000 نسمة، وأعطوه سيادةً كاملة عليها، وسَمحوا له بالإبقاء على لقبه كإمبراطور. حاول نابليون الانتِحار عن طريق ابتلاع قُرص سام كان يحمله معه منذ أن كاد الرُوس يقبِضون عليه عند انسحابه من موسّكو، إلا أن درُجة السّمومية فيها كانت قد خفّت مع مرور الزمن، فلم تعطي النتيجة المَرجوة، ونجا بونابرت ليتم نفيه كما هو مخَطط،بينما هَربت زوجته وابنه ليحتميا في فِيينا. أنشَأ نابليون جيشًا وأسطولاً صغيرًا خلال الأشّهر القليلة الأولى التي أمضَاها في ألبا، كذلك قام بتَطوير مناجم الحديد، وأصدَر عدد من المراسِيم لتطوير طرق الزراعة في الجَزيرة وفق الأساليب الحديثة. نهاية نابليون النَفي إلى جزيرة القِديسة هِيلانَة اعتُقل نابليون وسُجن لفترة قصيرة، ثم نُفي إلى جزيرة القِديسة هيلانَة في وسط المحيط الأطلسي الجنوبي بين أفريقيا والبرازيل، والتي تبعد 2,000 كيلومتر تقريبًا عن كليهما. عاش نابليون أول شَهرين له على الجزيرة في منزل على أرض ممّلوكة لشخص يُدعى "وليام بالكومْب"، وسُرعان ما أصبح صديقًا مقربًا لأفراد العائلة، وبشكل خاص للإبنة الصغرى "إليزابيث لوسيا"، التي ألّفت في وقت لاحق كتاب "ذكريات الإمبراطور نابليون" (بالإنگليزية: Recollections of the Emperor Napoleon). انتهت هذه الصداقة في عام 1818، عندما شكّت السُلطات البريطانية بأن بالكُومب يلعب دور الوَسيط بين نابليون وباريس، فقامت بتَرحيل بالكومب من الجزيرة. نُقل نابليون بعد ذلك إلى "منزل لونگوود" في شهر ديسمبر من سنة 1815؛ وكان ذلك المَنزل شديد العطب كثير الرطوبة، تعصِف به الرياح على الدوام. نشرت صحيفة "الأزمان" البريطانية عدّة مقالات تقول فيها بأن الحكومة البريطانية ترغَب بالتسريع من موت بونابرت، وأن الأخير دائمًا ما اشتكى من ظروف العيش السَيئة في رسائل موجهة إلى حاكم الجزيرة السير "هِدسون لوي". وفي تلك الفترة، قام بونابرت بكتابة ذكرياته بمعاونة ثُلة من تابعيه المُخلصين الذين حَضروا معه إلى الجزيرة، وانتقدَ فيها آسِريه وبشكل خاص الحاكم لوي. يتفق العديد من المؤرخيْن أن معاملة لوي لنابليون كانت مُعاملة رديئة،فقد أقدم على جَعل وضعه يَتفاقم بعِدة طرق منها: الإنقاص من حَجم المصروف الذي كان يُرسل إليه، مَنع إرسال أو تسليم أي هَدية إليه إن كانت تتضمن ذكراً لمنصبه الامبراطوري، ووَثيقة كان على تابعيه التوقيع عليها وهي تضمن بقائهم إلى جَانبه إلى أجل غيرمسمى. في سنة 1818 نشرت صحيفة "الأزمان" إشاعة كاذبة تُفيد بأن نابُليون هرب من الجزيرة، كما قيل أن عدداً من اللنّدنيين استَقبل هذا الخبر بالإضاءات العفوية. حصد نابليون خلال الفترة التي قضاها في الجزيرة تعاطف بَعض أعضاء البرلمان البِريطاني، فقد ألقى اللورد "هِنري فاسِل فوكّس"، أحد كبار السياسيين، خطابًا قويًا في إحدى الجلسات طالب فيه ألا تتم معاملة نابليون بقَسوة غير ضرورية. وفي هذا الوقت كان نابليون يُتابع ما يجري في بريطانيا عن طريق الصحيفة ذاتِها التي نشَرت خبر هروبه، فتأمّل أن يتم إطلاق سراحه بحال أصبح فوكس رئيسًا للوزراء. حصل نابليون كذلك على دعم اللورد "طُوماس كوكّران" الذي دعم حَركة الاستِقلال في كل من تشيلي والبرازيل، ورغب في إنقاذ نابليون ومساعدته على إنشاء إمبراطورية جَديدة في أمريكا الجنوبية، إلا أن هذه الخطة أحبطت بوفاة نابليون سنة 1821.كان هناك أيضًا عدد من الخُطط الأخرى الهادِفة لإنقاذ نابليون، منها الخطة التي وضعها الجنود الفرنسيون الذين نُفوا إلى ولاية تِكساس الأمريكية، ورغبوا في قيام إمْبراطوريّة نابليونية جديدة في أمريكا الشمالية، حتى أنه يُقال بوجود خطة قضَت بتهريب بونابرت عن طريق غواصة بِدائية. كان نابليون بالنسبة للورد "جورج گوردن بايرون"، وهو أحد الشعراء الإنگليز، مثال البطل الرومانسِي المُضطهد والعَبقري الوحيد المَعيب. أثارت مسألة قيام نابليون بأعمال البسّتنة بنفسه في مسكنه بلونگوود في سنواته الأخيرة، حساسية وتعاطف الكثير من أبناء الشِعب البريطاني والسياسيّين معه بشكل أكبر من السابق. نابيليون على جزيرة القديسة هيلانة نابيلون على فراش الموت أخذت صحة نابليون بالتراجع تراجعًا حاداً في شهر فبراير من سنة 1821، وفي الثالث من مايو كشف عليه طَبيبان بريطانيان كانا قد وصلا مؤخّراً إلى الجزيرة، ولم يستطيعا فعل شيء سوى النصيحَة بإعطاءه المسكنات. توفي نابليون بعد يومين من هذا الكشف، بعد أن كان قد اعترف بخطاياه ومُسِح بالزيت وقُدم له قربانًا بحضور الأب " أنجي فِيگنالي". وكانت آخر كلمات نابليون وهو يُفارق الحياة هي: "فرنسا، جيش، قائد جيش، جوزفين.." (بالفرنسية: France, armée, tête d'armée, Joséphine..). صُنع قِناع الموت الأصلي لنابليون قرابة السادس من مايو من نفس العام، على يد طبيب مَجهول الهوية.كان نابليون قد أوصى بأن يُدفن على ضفاف نهر السِين بعد وفاته، إلا أن حاكم الجزيرة رفض نقل الجثمان إلى الأراضي الفرنسية وأمرَ بدفنه على الجَزيرة في مكان يُقال له "وداي الصَفصاف" (بالإنگليزية: Valley of the Willows). كذلك أصرّ الأخير على نقش عبارة "نابليون بونابرت" على شاهِد القبر؛ بينما رغب كل من "شارلز تريسّتان" مَركيز مونتلون، و"هِنري گاتين بَرتران" أحد القادة العسكريين السابقين، بأن يُكتب اسم "نابليون" فقط على القبر نظراً لأن العادة جرت على أن لا يُكتب سوى الاسم الأول من اسم الملك الراحل على شاهد قبره. وبسَبب هذا الخِلاف، تُرك القبر دون نقش أي اسم على شاهده. وفي سنة 1840، اسّتطاع المَلك "لويس فيليب الأول" أن يسّتحصِل على إذن من الحكومة البريطانية لنقلِ رُفات نابليون من جزيرة القِديسَة هِيلانَة إلى فرنسا. نُقلت الرفات على متن الفُرقاطة الفرنسية المُسماة "الدَجاجة الحسناء" (بالفرنسية: Belle-Poule) والتي طُليت باللون الأسّود حداداً خصيصًا لهذه المناسبة، وعاد معها من بقي على قيد الحياة من رجال نابليون وأتباعه بعد أن غابوا عن وطنهم الأم حَوالي 22 سنة. وصلت تلك السفينة إلى ميناء مدينة شِيربوْرغ بتاريخ 29 نوفمبر من نفس العام، ومن ثم نُقلت الرفات على متن سفينة بُخارية تحمِل اسم "نورماندي"، فحملتها إلى مدينة "لو هافِر" عبر نهر السين وصولاً إلى مدينة "رُوان" في باريس. وبتاريخ 15 ديسمبر أقِيمت جنازة رسّمية للقائد الفرنسي، ثم انطلق موكب التشيّيع من قوس النصر عبر شارع الشانزلزيه مُروراً بميدان الكُونكّورد وصولاً إلى مُجمّع المقام الوطني للمعوقين، حيث وُضع النعش في مُصلى كنيسة القِديس جِيروْم، وبقي هناك حتى أتمّ المصمم والمعماري "لويس فِيسكونتِي" بناء الضريح. وفي سنة 1861، وُضعت رفات نابليون في نعشٍ مَصنوع من الرخام السُمّاقي، في السِرداب الواقع تحتَ قبة المقام الوطني للمعوقين. نسخة عن قناع موت نابليون الأول مصنوعة من الجبس. تعَددت الأقوال والآراء حول سبب وفاة نابليون، فقال طبيبه الخاص، المدعو "فرانشيسّكو أنطومارشِي"، والذي أجرى تشريحًا لجثته، إنه مات بسَرطان المعدة، إلا أنه لم يوقع على تقرير الكشف الرسمي الذي طَالبت به السُلطات البريطانية على الجَزيرة على الرغم من ذلك قائلاً: "ما شأني والتَقارير الإنگليزية". وكان والد نابليون قد توفي بنفسِ المرض سالف الذكر، على الرغم من أن ذلك لم يكن مَعلومًا عند التشريح. يعتبر بعض المؤرخين أن اكتشاف طبيب نابليون الخاص لهذا التقرّح الحاد في مَعدته لم يكن إلا ثمرة ضغط البريطانيين عليه، إذ أن هذا كان من شأنه أن ينفي التهم الموجهة إليهم بتعَمدهم إضعاف الإمبراطور وإهمالهم العناية بصحته. نُشرت مذكرات خادم نابليون "لويس مارشَان" التي يذكر فيها الشهور الأخيرة من حياة بونابرت في سنة 1955، وقدّ أدى وَصفه لنابليون في تلك الفترة إلى جعل خبير السموم السويدي "سّتين فروشُوفُود" يضع نظريات أخّرى حول كيفية موت القائد الفرنسي، ومنها التسميم المُتعمّد بالزرنيخ، وذلك في مقال له في نشرة "الطبيعة" العلمية سنة 1961. كان الزرنيخ يُستخدم كسم قاتل خلال الحِقبة الزمنية التي عاش بها بونابرت بسبب أنه لم يكن قابلاً للكشفِ بحال تم دسه بكميات ضئيلة على فترة طويلة من الزمن. كتب فُروشّوفود في مؤلف له ولزميله "بِن ويدْر" من سنة 1978، أن جسد الإمبراطور ظل سليمًا إلى حد كبير بعد عشرين عامًا من وفاته، وهذهِ إحدى خصائص الزرنيخ، أي الحِفاظ على الأنسجة الحيوية. كذلك اكتشف الزميلان أن نابليون كان يُعاني من ظَمأ شديد في أيامه الأخيرة، وأنه دائمًا ما حاول إرواء نفسه بشرب كميّة كبيرة من شراب اللوز ذي نسّبة مركبات السِيانيْد نفسها الموجودة في حبّات اللوز الناضجة، والتي تُستخدم لإضفاء النكهة على المأكولات والمشّروبات، وذكرا أن معالجته باستِخدام بوتاسيوم الطَرطريك مَنعت معدته من لفظ هذه المكونات المضرة، وبالتالي فإن العطش كان إحدى عوارض التسمم. نصّت إحدى المقالات العلمية في سنة 2007 أن الزرنيخ الذي عُثر عليه في مَهاوي شعر بونابرت كان زرنيخًا معدنيًا، أي غير عضوي، وهذا النوع هو الأكثر سُمية بين أنواع الزرنيخ، ووفقًا لعالم السموم "پاتريك كينتز"، فإن هذا يُشكل الدليل القاطع على أن نابليون قضى نحّبه اغتيالاً. يقول باحِثون آخرون أن ورق الجُدران في منزل لونگوود كان قد أُلصق باستخدام نوع من اللاصق ذي نِسبة عالية من الزرنيخ، وكان هذا اللاصق يُستخدم في بريطانيا منذ فترة طويلة على الرغم من أن استنشّاق رائحته مضر للبشر، ذلك أن الطَقس البارد في المملكة المُتحدة يجعل منه حَميداً غير مؤذ، أما في جزيرة القِديسة هيلانة، حيث الطقس أكثر رطوبة، فيُحتمل أنه قد دبّ إليه التعفن، الأمر الذي جَعله يبعث غاز الأرسِين السام الذي استنشقه نابليون طيلة سنوات. استُبعدت هذه النظرية من ضمن باقي النظريات لأنها لا تشرح نمَط استنشاق الزرنيخ كما في النظريات الأخرى. زعمت مجموعة من الباحثين في دِراسة أجروها سنة 2004، أن وفاة نابليون جاءت نتيجة أنواع العلاج المُختلفة التي خضَع لها، والتي سببت له اضطرابًا في وظيفة قلبه. ظهرت بضعة دِراسات حديثة تدعَم النظرية الأصلية القائلة بوفاة نابليون جرّاء إصابته بسرطان المعدة، ففي دراسة من سنة 2008، قام الباحِثون بتحليل عينات شعر تعود لبونابرت مأخُوذة منه خلال مراحل مختلفة من حياته، ومن أفراد عائلته وبعض الذين عاصروه كذلك الأمر. وبعد إجراء التَحاليل على تلك العينات تبيّن أن كلها تحوي مستويات مرتفعة من الزرنيخ، تفوق المُستويات الحالية بمئة مرة. وبناءً على هذا، قال الباحثون أن جسد نابليون كان قد خزّن نسبة كبيرة من الزرنيخ منذ أن كان صبيًا واستمر يُخزنها طيلة حياته؛ ذلك أن الناس في ذلك الزمن كانوا عرضةً إلى روائح الغِراء والأصباغ بصورة مُستمرة طيلة حياتهم. وفي دِراسة من عام 2007، تبين أنه لم يكن هناك من دليل على التسَمم بالزرنيخ في الأعضاء الأكثر عرضة له، فقيل أن سبب الوفاة هو سرطان المعدة بالفعل. تزوّج نابليون لأول مرة عندما بلغ السَادسة والعشرين من عمره، من أرملة إحدى قادة الثورة الفرنسِية، واسمها "جوزِفين آل بوارنيْه" التي كانت تكبره بسِت سنوات. كانت جوزفين تُعرف باسم تبغضه بغضًا شديداً طِيلة الفترة السابقة على معرفتها بنابليون، وهو "روز"، فلمّا عرف نابلِيون بذلك أطلق عليها اسم "جوزفين" عوضًا عن اسمها الأول. غالبًا ما كان بونابرت يُرسل إلى زوجته رسِائل غرامية عندما كان يخوض حملاته العسكرية بعيدةً عن فرنسا، وقد أقدم على تبني ابنها من زوجها السابق، المدعو "يوجين"، بشكل رسمي، وكذلك ابنة عمها "ستيفاني"، وزوّجهما لبعضهما في وقت لاحق، كذلك قامت جوزفين بتزويج ابنتها "هُورتنِس" من "لويس" شقيق نابليون.كان لجوزفين عدد من العُشّاق الذين تقربوا منها خلال غيبة نابليون عن فرنسا، مثل "شارل هيپوليت"، الذي كان يَعمل ملازمًا في وحدة الهوصَار وعشِق جوزفين خلال حملة بونابرت على إيطاليا. علم نابليون بهذه العلاقة بين زوجته والملازم عندما كان في مصر، فأرسل إلى أخاه "جوزيف" يُخبره عن هذا الموضوع، فاعترض البريطانيون الرسالة وقاموا بنشرها في الصحف اللندنية والباريسية، مِما أثار إحراج نابليون أمام جنوده وشعبه. كان لنابليون عدد من العلاقات الجانبية كذلك الأمر، بما فيها علاقة غرامية وقعت أحداثها خلال الحملة المصرية، مع زوجة أحد ضباطِه المدعوة "پوليْن بيليسِل فور"، التي أُطلق عليها اسم "كليوبترا" تيمنًا بحاكمة مصر الفرعونية القديمة.أنجب نابليْون عَدداً من الأولاد من عشيقاته، إلا أنه لم يُخلِف أي وريث من زوجته جُوزفين، ويُرجّح البعض أن عدم مقدرة جوزفين على الإنجاب كانت تعود إلى الإجهاد والضغط النفسي الذي تعَرضت له عند سجنها خلال عهد الإرهاب (27 يونيو 1793 – 27 يوليو 1794)، أو بسبب إجهاضِها عندما كانت لا تزال في العشرينات من عمرها. قرر نابليون بعد سِلسلة من المحاولات الفاشلة أن يتطلق وجوزفين، حتى يستطيع أن يتزوج مجدداً بامرأة قادرة على أن تنجِب له وريثًا، فأقّدم في شهر مارس من سنة 1810 على الزواج بأرشِيدوقة النمسا وقريبة الملكة السابقة "ماري أنطوانيت"، المدعوة "ماري لويز"، وبهذا كان قد صاهَر الأسرة الملكية الألمانية. استمر زواج ماري لويز ونابليون حتى وفاة الأخير، على الرغّم من أنها لم تلحق به إلى جزيرة ألبا عندما نُفي للمرة الأولى، وبالتالي لم تراه بعد ذلك أبداً. ولدت ماري لويز طفلاً وحيداً لنابليون عُرف باسم "نابليون فرَنسيس جوزيف شارْلز" (1811–1832)، الذي حمل لقب "ملك روما" منذ ولادته، ثم خُلع عليه اسم "نابليون الثاني" سنة 1814، إلا أنه لم يحكم فرنسا إلا أسبوعين قبل أن يُخلع عليه لقب "دوق المدينة الإمبراطورية المستقلة" سنة 1818. توفي نابليون الثاني جرّاء داء السل عن عمر يُناهز 21 سنة، ولم يترك ورائه أي ذريّة.اعترف نابليون بإنجابه لطفلين غير شرعيين: "شارل ليون" (1806–1881) من "إليانور دونول"، الكُونت "ألكسندر جوزيف كولونا فَالفِسكي" (1810–1868) من الكونتيسة "ماري فالفِسكا". كذلك يُحتمل أن يكون قد أنجب أبناءًا وبناتاً آخريْن لم يُعلَن عنهم، مثل "كارل يوجين فون مولفلد" من "فِيكتوريا كراوس"؛ "هيلين نابليون بونابرت" (1816–1910) من "ألبين آل مونتلون"؛ و"جول بارثيلامي سان هيلير" من أم مجهولة. لوحة "الإمبراطورة ماري لويز وملك روما"، التي تُظهر "ماري لويز" الزوجة الثانية لنابليون، وطفله منها "نابليون الثاني" أصبح نابليون يُشكل رَمزاً بارزاً للعبقرية الحربية والدَهاء السِياسي في العديد من الثقافات حول العالم، وذلك بعد أن انّتشرت قصته وذاع صِيتُه في الدول والمناطق المُحيطة بفرنسا في أيامه، وفي جميع أرجاء المَعمورة في وقت لاحق، مع تقدم وَسائل الإتصال المواصلات وانتشار الاستِعمار والانتِداب الأوروبي في دول متعددة. كان لنابُليون أعداء كثر يَكرهونه ولكن يُكِنون له عظيم الاحترام في ذات الوقت، فعندما سُئل أمير البحر، الدوق الأول لويلينگتون "آرثر ويلزلي" قائد الجيش البريطاني في معركة واتِرلو الشهيرة عن أعظم قائد عسكري في وقته، قال: "إن أعّظمهم في الماضي والحاضر والمُستقبل وكل وقت هو نابليون بونابرت". أُطلق اسم نابليون على الكثير من البَلدات والشوارع والسُفن بعد وفاته، وعلى بعض شخصيات الرُسوم المتحَركة حتى في وقت لاحق. كذلك لعب الكثير من الممثلين دوره في مئات الأفلام السِينمائية والتِلفزيونية، وتم تأليف الكثير من الكتب عن حياته وكُتبت عنه آلاف المقالات. صُور نابليون من قبل الصحافة البريطانية خِلال عهد حروبه على أنه طاغية جبار يُشكل خطراً على بريطانيا وإنه يستعد لغزوها في القريب العاجل. وقد بلغ حد تشويه صورة نابليون في بريطانيا خلال ذلك العهد، أن نُظمت قصيدة للأولاد الصغار ونُشرت في الكثير من الحضانات، وهي تُحذر الأطفال من عدم الشقاوة، ذلك لأن نابليون يُقدم على التهام الناس الأشقياء بِنَهم. كانت الصحافة المُحافظة في بريطانيا تُصور نابليون على أنه أقصر مما هو عليه في بعض الأحيان، وقد انتشرت هذه الفكرة واسّتمرت سَائِدة لدى الناس لسنوات طويلة بعد انتهاء عهد نابليون وما زالت. يُعزى تَصوير بونابرت بهذه القامة أيضًا إلى الارتباك والخَلط بين وحدات القياس الفرنسية والبريطانية؛ وفي واقع الأمر يُعتبر نابليون مَربوعَ القامة وفقاً للزمن الذي عاش فيه، حيث كان العديد من الناس يَبلغون ذات الطول الذي كان عليه، ألا وهو 1.7 أمتار (5 أقدام و 7 إنشَات).استشهد العالم النفسي "ألفرِد أدّلر" بنابليون سنة 1908، ليصف عقدة نقص يعاني منها الناس قصار القامة، حيث يُظهرون سلوكًا عدائيًا غير عادي ليعوضوا عن افتقارهم للطول الطبيعي؛ فأطلق على هذه الحالة المرضية اسم "عُقدة نابليْون". غالبًا ما يظهر نابليون في الرسوم الهزلية وأفلام الرسُوم المتحركة وهو يرتدي قبعة ضخمة هلالية الشكل واضعًا يده في صدارته، استشهاداً برسم "لجاك لويس دايفِيد" من سنة 1812. إرثه الشؤون الحربية لعِب نابليون دوراً كبيراً في تطّوير الاستراتيجيات العَسكرية الحديثة، وذلك عن طريق اقتراضِه لبعض نظريات المُنظرين السابقين، مثل "جاك أنطوان هيپوليت" كُونت غيبْرت، وبعض الإصلاحات التي وضعتها الحكومات السابقة لقِطاع الجيش، وعن طَريق ابداعه لبعض الاستراتيجيات الأخرى وتطوير بعض من تلك التي كانت موجودة سابقًا وصَهره لها وتلك القديمة في بوتقة واحدة. ومن الإصلاحات التي قام بها نابليون، استكمال السَير في النظام الذي أقرته الثورة الفرنسية، ألا وهو ترقية عناصر الجيش بناءًا على الجدارة بشَكل رئيسي، كذلك جعل من الفيالق أكبر الوحَدات العسكرية بدلاً من الكتائب، ودمَج جميع وحدات المدفعية في بطاريات احتياطية، الأمر الذي جعل من نظام الموظفين العسكريين نظامًا أكثر سلاسة، فعاد سلاح الفرسان ليُشكل جزءاً مهمًا من الجيش الفرنسي. تُعتبر هذه الأساليب والإصلاحات التي قام بها نابليون أساليبًا بارزة وأساسية من الشؤون الحربية في العهد النابُليوني. وعلى الرغم من أن نابليون انتهج مبدأ التَجنيد الإجباري الذي فرضته حكومة الإدارة وسار به طيلة عهده، إلا أن النظام الملكي أقدم على إلغائه بمجرد سقوط الإمبراطورية وعودة "لويس الثامن عشر" ليتَربع على عرش فرنسا.استمرت التِقنية العَسكرية وأنواع الأسّلحة على حالها طيلة عهد الثورة والإمبراطورية، ولم يَطرأ عليها أي تغيّر يُذكر، إلا أن نظرية "الحَركة التَشغيليْة" التي كانت قد ظهرت خلال القرن الثامن عشر، تعرّضت لتغيير جَذري. ويبقى الأثر الأكبر لنابليون هو نمَط قيادة الجنود، حيث يراه البعض مثل المنظّر العسكري الكبير "كارّل فُون كلاوزفِيتس" عبقريًا حقيقيًا في مجالِ الفُنون الحربية، كذلك يُصنف المؤرخون نابليون على أنه من أعّظم القادة العسكريين على مر الزمن.وعلى الرغم من نُبوغِه العسكري وحِنكته ودَهائِه، فقد تعرّض نابليون لعدد من النكسات خلال مَسيرته العسكرية، منها: في معركة الأمم سنة 1813، في حملته على روسيا سنة 1812، وفي معركة آسپيرن-إسِلينغ سنة 1809 بحسب رأي البعض. كذلك، فقد اضطر إلى أن يهجر قواته في مِصر كنتيجة لفشل استراتيجيتِه في قتال العُثمانييّن والبريطانيين والروس معًا، وليس لخسارته أمامهم في أرض المعركة. انتَصر نابُليون في جميع المعارك التي خاضها وجهًا لوجه مع أعّدائه، ولم تكن أعداد جُنودهم تفوق أعداد جنوده، عَدا معركتين صغيرتين خاضهما أثناء حملته على إيطاليا. يقول المؤرخون أن نجاح نابليون الفائق كان هو بذاتِه أحد عيوبه، إذ أن هذا النجاح حمل في طياته بذور الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها في وقت لاحق، إذ أنه كان يستمر في الغزو وفتح المدن والولايات إلى أن يُنهَك وجيشُه إنهاكًا تامًا ولا يَعود بإمكانه التقدم أكثر، فيرجع على أعقابِه. برز نوع من الصرامة تجاه كيفية لِقاء جُيوش الأعداء وقتالها والتفوق عليها في المناورة خلال عهد نابُليون، فأصبح غزو الأراضي المُعادية يتم على جَبهات أكثر اتساعًا، الأمر الذي جعل من الحروب أكثر حسمًا ولكن أكثر كلفةً. وقد أدّى هذا الأمر بدوره إلى تغيير وجه التأثير السياسي للحُروب في أوروبا، فأصبحت الدَولة الخاسرة تفقد أجزاءً كبيرة من أراضيها لصالح المنتصرة، عوضًا عن خَسارتِها لبعض من جيوبها المعزولة كما في السابق، كذلك ازدادت نسبة مُعاهدات السلام التي فرضتها الدُول القوية على تلك الضعيفة بشروط وبنود تصب في مصلحتها. تمثال لنابليون على صهوة جواده في مدينة "شيربورغ -أوكتيڤيل" التي كان قد قام بتحصينها تحسبًا لغزو بريطاني. كشف "نابليون الثالث" النقاب عن هذا التمثال في سنة 1858 لم تَتقبل طبقات واسعة من الشعب الفرنسي النِظام المِتريْ في القياس الذي أعلنه نابليون رسميًا في شهر سبتمبر من عام 1799، ومع ذلك أصبح هذا النظام متبعاً ليس فقط في فرنسا بل بالدول التي تَاثرت بفرنسا، وفي عام 1812 اتخذ نابليون خُطوة عكسِية بعد أن أصدر مرسومًا بالعودة إلى النظام التقليدي في القياس، لكن النظام المتري الجديد كان قد انتشَر في كل أوروبا بحلول منتصف القرن التاسع عشر. رسم من سنة 1806 يُظهر نابليون وهو يُحرر اليهود. قامَ نابُليون بتحَرير اليَهود في فرنسا من الكَثير من القُيود المَفروضة عليهم والتي كانت تُحدد أماكِن إقامتهم في الأحياء المُخصصة لهم، وحُقوق التملك والعبادة والتوظيف. وقد واجهت هذه السِياسات معارضة وردود أفعال معادية لليَهود في داخل فرنسا وفي عدد من الدول الأخرى، إلا أن نابليون أصَر عليها وكان يرى أن إعّطاء الحُقوق لليهود في فرنسا سَيجذِبهم إليها من بقية البُلدان التي لا يتمتعون فيها بنفس الحقوق والمَزايا مما سيفيد البلاد. وقد قال نابليون: "لن أقبل أبدًا أية مُقترحات تجبِر اليهود على مُغادرة فرنسا، فعِندي اليهود مثلهم كأيٍ من المواطنين في بلادنا. فَمن الضعف طردُهم ومن الشجاعة ضمهم." بشكّل عام كان نابليون يُعتبر مُفضَلاً لليهود حتى أن الكنيسة الأرثوذكّسية الروسية درجت على تلقيبه "بمَسيحٍ دجّال متآمِر مع اليَهود ضد الديانة المسيحية، وعدوًا للرب". أثناء حروب نابليون ضِد الدولة العثمانية، وعِندما استعّصت عليه أسوار مَدينة عكا في عام 1799، قام بتجهيز إعّلان لقيام دولة يهودية في فلسطين،ونشَر بيانًا يدعو فيه كل يهود آسيا وأوروبا للقدوم إلى القدس تحت الراية الفرنسية، وقال فيه: «أيها الإسرائيليون، انهَضوا، فهذه هي اللحظة المُناسبة. إن فرنسا تُقدم لكم يدها الآن حَاملة إرث إسرائيل. سارعِوا للمُطالبة باستِعادة مكانتكم بين شُعوب العالم.» ومع إن الأسباب الحَقيقة لهذا الإعلان وحتى صِحته هِي مَحل خلاف عند بَعض المُؤرخين، إلا أنه مَحل اهتمام الحَركة الصهيونيِة فهو يسبق وعّد بِلفوْر بسنوات كثيرة. الصفحة الأولى من النسخة الأصلية للقانون المدني الفرنسي الصادر سنة 1804. يُنسب لنابليون الفَضل في صُدور القانون المَدني الفرنسي الذي اقتبسته باقي الدول الأوروبية التي غزاها، واسّتمرت سَائرة عليه حتى بعد هزيمة بونابرت ونفيهِ خارج أوروبا. ومما قاله نابليون عن قانونه: «إن فَخري لا يجد مصدره في الأربعين مَعركة التي كسِبتها في حياتي...فإن واترلو سوف تَمحي ذِكرى كثيرٍ من الإنتِصارات .... لكن ما سوف يَحيا إلى الأبد، هُو قانوني المَدني». لا يزال قانون نابليون اليوم مُقتبسًا في رُبع الأنظمة القَضائية حول العالم، يُضاف إليه بعض التعديلات التي تُلائم كل دولة ونظامها على حِدى. يصِف أحد المؤرخين الألمان هذا القانون على أنه "قانون ثَوري" حفّز نموّ الطبقة البُرجوازيّة في ألمانيا حتى أصبح المجتمع الألماني مُجتمعًا برجوازيًا، وذلك عن طريق توسِيعه وحِمايته لحَق الملكية الفَردية ووضعه حداً للإقطاعيّة. وكان للتغييرات الإقليمية التي أجراها نابليون نتيجة لحروبه العديدة تأثيير كبير في تاريخ أوروبا الوسطى، لأنه ساعد على توحِيد ألمانيا، فبعد أن كانت قبل نابليون تتألف من حوالي ثَلاثمِئة ولاية أصّبحت في أيامهِ تتألف من ثمانٍ وثلاثيْن ولاية فقط، وكَذلك كان الحال مع إيطاليا، وقد ساعَدت هذه التغييرات على تطوير الفِكرة والنَزعة القوميّة والدول القائمة على هذا المَبدأ. البُونابَرتيّة هي مُصطلح مستخدم في تاريخ فرنسا السِياسي، وهي ذات مَعنيين: المَعنى الأول يُقصد به أولئك الذين أعَادوا إحياء الإمبراطورية الفَرنسيْة وتَربُع آل بونابرت على عَرش فرنسا، بما فيها أسُرة نابليون الكُورسِيكيّة وسلالته المُتمثِلة بابن أخيه "لويس" الذي أصّبح فيما بعد "نابليون الثالث" إمْبراطور الإمبراطورية الفَرنسية الثانية، وأوَل رئيس للجُمهورية الفرنسية. وفي مَعنى أوسع، يُقصد بالبونابرتية حركة سياسية يَمينيْة واسَعة تدعُو إلى قيام دولة مركزية مَبنية على الشُعوبية السياسية. ۋ الے هنا نڪۋن ۋصلنا ۋ اياڪم لخ‘ـٺام ٺقريرنا نٺمنے ان يڪۋن قد نال على اعج‘ـابڪم لقائنا يٺجدد بمۋاضيع اخ‘ـ‘ـرے أن شاء اللۂ مع خ‘ـالص شگري ۋٺقديري للمساعدة الگبيرة من ج‘ـمعيـۃ العاشق الحـرة ۋإلےٰ لقاء قريب بمۋضوع آخ‘ـر أسٺۋدعگم اللـﮧ الذي لا ٺضيع ۋدائعه |
09-09-2015, 06:28 AM | #2 |
~
رقـم العضويــة: 349905
تاريخ التسجيل: Jul 2015
العـــــــــــمــر: 30
الجنس:
المشـــاركـات: 7,790
نقـــاط الخبـرة: 1043
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته تقرير شامل ورئع نابليون في عصرنا يعتبر من اعظم قادات القرن التاسع عشر ويعتبر من اكثر قادت الغرب الي خلف مجازر في الشرق الاوسط مثل يافا وغيرها فكان يحاول اسقاط الامبراطوريه الخلافه العثمانيه وحسب ماسمعت انه هو اول قائد وقف في فلسطين وقال يجب ان تكون هنا دوله لليهود التعديل الأخير تم بواسطة سآيو ; 09-09-2015 الساعة 07:07 AM سبب آخر: وضـ‘ـع وسـاآم المميزْ |
09-09-2015, 07:13 AM | #3 |
الـإشراف العآم .. رقـم العضويــة: 242839
تاريخ التسجيل: Jul 2013
الجنس:
المشـــاركـات: 25,232
نقـــاط الخبـرة: 8489
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
السسلـاآم عليكم ورحمة الله وبركاآته أسعدكَّ البارئ نيمو سينباآي ,, وأعانكَ على أعمالك *-* محتوى كبيييير وكثير ,, الصراآحة إنصدمتْ !! هذاآ كثير فعلـاً التاريخ الفرنسي عريق إذاآ أخناآه بعينْ الـإعتباآر ,, وموضوعكْ كيف أقولهاآ فخم بِ محتواآه بس يحتاآج كوب شاآي وجلسة راآيقة xD إن شاآء الله يكون ذاآ فائدة لمنْ يحتاآج معلوماآتْ عن تاآريخ ناآبليون ~ تمَّ التقييمْ والشكر ,, سلمتْ يمناآكم عَ هذاآ المجهودْ دمتمْ بِ حفظِ الرحمنْ ~| |
09-10-2015, 08:31 AM | #4 |
مشرفة سابقة
رقـم العضويــة: 77403
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الجنس:
المشـــاركـات: 4,540
نقـــاط الخبـرة: 1888
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفك أخـي ان شاء الله بخير وبأحسن حال ما شــاء الله تقرير ضخم ومليء بالمعلومات عن هذا الامبراطور للآمانه لم أقرأ جميع الموضوع فهو طويل جدا ...>.< قرأت بعض العناوين إلى جذبتني وحسيت بفضول .~ سلمت يداك أخــي ، تم التقييم + الشكر بأنتظار جديدك .~ دمت في حفظ الله ورعايتـــــه التعديل الأخير تم بواسطة Sherlock Holmes ; 09-10-2015 الساعة 02:22 PM |
09-10-2015, 02:57 PM | #5 |
مشرف على نَفسي
رقـم العضويــة: 103902
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الجنس:
المشـــاركـات: 13,399
نقـــاط الخبـرة: 3065
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته مرحبا انيمو كن اسعد الله اوقاتك بالخير اشكرك على هذا التقرير الكبير والضخم عمل في قمة الروعة ومجهود واضح الله يعطيك العافية يارب الله يجزيك الخير على هذي المعلومات الرائع اشكرك و اشكر كل من ساهم معك في هذا العمل الراقي تحياتي لك التعديل الأخير تم بواسطة animo kun ; 09-14-2015 الساعة 04:45 PM سبب آخر: وضع وسام المميز =) |
09-10-2015, 06:57 PM | #6 |
-
رقـم العضويــة: 328508
تاريخ التسجيل: Sep 2014
العـــــــــــمــر: 26
الجنس:
المشـــاركـات: 6,278
نقـــاط الخبـرة: 1489
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
السلام عليك و رحمة الله و بركاته أشكرك أنيمو على التقرير الجميل نبليون بونابارت شخص شرير جدًَا كان لدي خلفية بسيطة عنه و لكن بتقريرك أضفت لدي الكثير من المعلومات عنه فقد كان قائدًا عسكريًا خبيث يكاد لا يهزم لكن في النهاية هزم أيضًا أشكر كل من ساعدك في هذا الموضوع و السلام التعديل الأخير تم بواسطة animo kun ; 09-10-2015 الساعة 07:02 PM سبب آخر: وضع وسام المميز =) |
09-11-2015, 05:40 PM | #7 |
مشرف القسم الإسلامي
رقـم العضويــة: 299237
تاريخ التسجيل: Dec 2013
الجنس:
المشـــاركـات: 12,112
نقـــاط الخبـرة: 1354
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلا اخى كيف حالك ان شاء الله فى تمام الصحة والعافية ما شاء الله موضوع رائع وجميل عن نابليون بونابارت قائد الحملة الفرنسية فقد درست عنه وعن الحملة الفرنسية ولكنى زودت معلوماتى قليلا عنه من هذا التقرير فقد قام باصلاحات كثيرة فى مصر منها انشاء المطبعة والاصلاح الاراضى واشياء كثيرة فقد أعدت لى ذكريات عندما كنت ادرس الحملة الفرنسية ان شاء الله فى انتظار المزيد تقبل مرورى التعديل الأخير تم بواسطة animo kun ; 09-11-2015 الساعة 07:43 PM سبب آخر: وضع وسام المميز =) |
09-14-2015, 02:30 PM | #8 |
عاشق مبدع
رقـم العضويــة: 303384
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الجنس:
المشـــاركـات: 141
نقـــاط الخبـرة: 96
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة أخبارك أخي الكريم ؟ أتمنى تكون بتمام الصحة و العافية . ~ عند قراءة موضوعك الشامل استمتعت بكل حرف كتب الموضوع خيالي جداً خصوصاً انه عن أحد الشخصيات المشهورة التي كان لها أثر واضح في التاريخ , اسمحلي بشكرك على المعلومات المفصلة التى زادت من ما أملكة من معلومات حول نابليون و صراحةً لقد زادت ازدياد كبير جداً , شكراً مجدداً على هذا الموضوع القيم و أنا عن نفسي بالتأكيد سأفكر بقراءتة مجدداً و مجدداً تقبل مروري البسيط وداعاً .. التعديل الأخير تم بواسطة animo kun ; 09-14-2015 الساعة 04:45 PM سبب آخر: وضع وسام المميز =) |
09-21-2015, 10:47 PM | #9 |
موقوف
رقـم العضويــة: 351104
تاريخ التسجيل: Sep 2015
الجنس:
المشـــاركـات: 1,194
نقـــاط الخبـرة: 267
|
رد: التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت
وععليكم السلام ورحمة الله وبركاته كيف حالك اخ انيموكون ؟ موضوع رائع الا انه ينقصه التنسيق كما ذكرت انه جاء الي مصر مدعي انه قد اعتنق الاسلام وجاء ليحتل أرض الكنانة , ولكن لم يلبث الا وكانت نهايته بالسجن حينما قطعت الامدادات الطعام والسلاح عنهم وظلوا ياكلون عشب الارض وارسلت زوجته الي الحاكمة "شجرة الدر" بالافراج عنه مقابل مبلغ طائل من المال فـ أمان الله التعديل الأخير تم بواسطة animo kun ; 09-22-2015 الساعة 03:53 AM سبب آخر: وضع وسام المميز =) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع التقرير الشامل لإمبراطور فرنسا نابليـون بونابرت: | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حصريا :: التقرير الشامل عن {(بوكيمون )} | °•.Šρaяţáćüś.•° | قسم تقارير الأنمي | 16 | 01-30-2013 10:30 AM |
{التقرير الشامل ع ـن Working !! } | J3ack down dark | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 9 | 12-09-2011 07:09 PM |
التقرير الشامل للاسطوره جيرايا | حسن@حسن | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 6 | 12-02-2010 02:52 PM |
.•:*¨`*:•التقرير الشامل عن الهوكاجى الاول•:*¨`*:•. | _Al3asq_ | قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة | 20 | 11-11-2010 10:48 AM |