تذكرني !
تابعنا على
Bleach منتديات العاشق
القسم العام قسم يهتم بالمواضيع التي لا أقسام لها داخل المنتدى
(المنقول ممنوع جُملةً وتفصيلًا في هذا القسم)

هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-15-2009, 02:38 AM
الصورة الرمزية ma7taje  
رقـم العضويــة: 16608
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشـــاركـات: 2,113
نقـــاط الخبـرة: 14
هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا

السلام عليكم

الكتاب الذي بين أيدينا كتاب فريد من نوعه ورغم طول التقديم فهو يستحق المعاناة فأرجوا من الحضور الكريم أن يحاول القراءة ولو على مراحل ولكم جظيل الشكر سلفا



هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا؟قراءة في إستراتيجيات إسرائيل لإضعاف المقاومةتقييم هذا الكتاب






"الهيدرا" كائن خيالي له سبعة رؤوس، كلما قَطَعْتَ رأساً منها نبت مكانه رأسان. ومثلما يستحيل التخلص من رؤوس الهيدرا يستحيل اقتلاع المقاومة، ويستحيل القضاء عليها.

هذا هو الدرس الذي يقوله تاريخ جميع حركات المقاومة والتحرر الوطني عبر العالم. وهذه هي الرؤية الواقعية للمقاومة، وهذه أيضاً هي النتيجة التي توصلت إليها أغلبية الدراسات الأمنية والإستراتيجية الإسرائيلية ومن أحدثها دراسة "هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا؟ ـ معركة إضعاف حزب الله" لداني بركوفتش، وقد صدرت في نهاية 2007 عن معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب؛ أي بعد أقل من سنة وستة أشهر من نهاية حرب يوليو على لبنان 2006، وقبل حوالي سنة كاملة من العدوان الإسرائيلي على غزة نهاية 2008 وبداية 2009.

وقد صدر الكتاب في طبعة عربية عن مكتبة الشروق الدولية قبل أيام قليلة، مع دراسة حول مراكز الدراسات الإستراتيجية وأبحاث الأمن القومي وأهميتها في صنع السياسات في الدول الكبرى عالميا وإقليميا.
تعرف إسرائيل الحقيقة الأبدية التي لا تتغير ولا تتبدل بشأن حركات المقاومة والتحرر الوطني وهي أنه يستحيل اجتثاثها أو إخمادها قبل إعلان بيان التحرير وجلاء المحتل. ولهذا فإن أقصى ما تأمله السياسة الصهيونية هو أن تضعف المقاومة التي تواجهها سواء في لبنان بقيادة حزب الله، أو في فلسطين بقيادة حماس.

ولهذا تتبنى الدولة العبرية "إستراتيجية إضعاف المقاومة" لاستحالة القضاء عليها، وخاصة بعد أن جربت ولاحظت أنه كلما اغتالت مقاوماً حل محله عدد من المقاومين، تماماً مثل الهيدرا، كلما قطعتَ منها رأسا نبت مكانه رأسان.

"داني بركوفيتش" واحد من كبار الخبراء الإستراتيجيين في إسرائيل، وقد وضع كلمة "الهيدرا" في عنوان كتابه المذكور ليلخص فكرته الرئيسية التي ينطلق منها في بناء رؤية إستراتجية للتعامل مع المقاومة التي تواجه إسرائيل.

والكتاب مخصص للإجابة على سؤال مركزي هو: كيف يمكن إضعاف المقاومة" اللبنانية بقيادة حزب الله باعتراف تقرير فينوجراد؟ المؤلف ينطلق من مسلمة أساسية هي أن إضعاف المقاومة أمر ممكن ولازم كي تتمكن إسرائيل من تقليص الخطر الذي تشكله هذه المقاومة على إسرائيل وعلى استقرار المنطقة. ولن تضعف المقاومة حسب رأي بركوفيتش قبل أن تتمكن إسرائيل من تحويلها إلى لاعب ثانوي غير ذي صلة تجاه المعادلات الإقليمية.

والسؤال الإستراتيجي هو كيف يمكن إضعافها؟. ما قدمه المؤلف ينصب أساساً على حالة حزب الله، ولكنه يعرج بين الحين والآخر على الحالة الفلسطينية.

وما سنقدمه هنا هو "قراءة في الكتاب"، وليس عرضاً له، مع التوسع في تطبيق خلاصاته المهمة على حالة المقاومة الفلسطينية رغم أنها ليست موضوعاً رئيسياً في هذا الكتاب.



اهتم بركوفتش كثيراً في الفصلين الأول والثاني من الكتاب برصد وتحليل عناصر قوة المقاومة عند حزب الله، ثم انتقل في الفصلين التاليين لمناقشة كيفية إضعاف كل تلك العناصر. ويمكن إيجاز ما رصده في ثلاثة عناصر أساسية هي:
  1. قوة العقيدة والإيمان، التي ينتج عنها التمسك بالمقاومة بأي ثمن.
  2. قوة التجذر الشعبي للمقاومة وقدرتها الكبيرة على التوسع الاجتماعي.
  3. قوة الروابط الإقليمية بين جماعات المقاومة وبعض الدول العاصية (أو دول محور الشر بالتصنيف الأمريكي) مثل إيران وسوريا.
كل عنصر من تلك العناصر يحتاج -بحسب الرؤية الإستراتيجية الصهيونية- إلى وسيلة أو أكثر لخفض قوته إلى أدنى حد. وبحاصل جمع الضعف في كل منها، يمكن التوصل إلى الهدف الاستراتيجي الأساسي وهو "إضعاف المقاومة".
ما السياسات والإجراءات التي يقترحها بركوفتش لإضعاف العناصر الثلاثة لقوة المقاومة؟ هذا هو موضوع الفصلين الثالث الرابع من الكتاب، إضافة إلى خاتمته، وملحق السيناريوهات التي ترسم ملامح الصورة المحتملة لتطور المقاومة في مواجهة إسرائيل.

إستراتيجيات إضعاف قوة العقيدة

يتعقب داني بركوفتش مفردات قوة العقيدة والإيمان محاولاً التعرف على أسرار فعاليتها وخاصة عندما تتحول إلى أعمال وإنجازات على الأرض.
أحد أهم هذه المفردات التي تنبع من قوة العقيدة والإيمان هو "الاستشهاد"؛ فالاستشهاد هو الذي يترجم قوة العقيدة وينقلها من المستوى النظري المجرد إلى المستوى التطبيقي المتعين في زمان ومكان محددين. وعلى أساس هذه العقيدة بنت المقاومة طموحها لتحرير جنوب لبنان، وتبني طموحها لتحرير فلسطين وممارسة الجهاد إلى حين زوال إسرائيل، هكذا يلخص المؤلف إدراكه لعقيدة الاستشهاد.
استراتيجياً يمكن إضعاف قوة العقيدة -بكل مضامينها ومفرداتها- بأن تركز إسرائيل والولايات المتحدة من خلفها على محاصرة الثقافة التي تنتجها وتحض عليها من جهة، وتشجيع كل ما من شأنه التشكيك في أهميتها في نفوس أنصار المقاومة عموماً، وتفتيت هذه النواة العقيدية الصلبة التي تشكل مرجعية عليا لكل نشاطات المقاومة وبرامجها.
النبع الذي ينتج ثقافة المقاومة والجهاد ويغذي عقيدة الاستشهاد يجب تجفيفه قدر المستطاع؛ نظرياً وعملياً. هذا ما أراد المؤلف أن يقوله بطرق غير مباشرة، وعبر تحليل كثير من وقائع الصراعات المتفجرة في المنطقة، مع التركيز بشكل واضح على إبراز التناقض بين ما يسميه داني بركوفتش "المعسكر العربي السني"، و"محور الهلال الشيعي".
ففي رأيه أن من مصلحة إسرائيل أن يدرك المعسكر العربي السني مجريات المقاومة في لبنان باعتبارها شهادة خطيرة على التهديد الإيراني/ الشيعي للشرق الأوسط. ومن المهم لإسرائيل إستراتيجيا أن يقوم هذا المعسكر "السني بتصوير حزب الله على أنه عميل إيراني يسعى لنشر المذهب الشيعي".
ومن الأساليب التي يقترحها أيضاً: دق إسفين في الهلال الشيعي بإخراج سوريا منه عبر إغرائها ببعض الحوافز إن هي تخلت عن حزب الله، ويجب أن تكون الحوافز مجزية لسوريا إلى الحد الذي لا تجد معه مناصاً من تفضيلها والتضحية بحزب الله.
العراق وفلسطين هما من أهم هذه البؤر الملتهبة خارج لبنان ويسعى حزب الله لتوظيفها في المعركة الإقليمية الواسعة التي تستهدف إضعاف إسرائيل أيضاً. ولهذا فإن إسرائيل ذاتها ترى أن أي نجاح يحققه حزب الله على هاتين الساحتين ليس من شأنه إضعافها هي فحسب، وإنما يضعف أيضاً تأثير الولايات المتحدة، ويزعزع "الأنظمة السنية" الحليفة لها في المنطقة.
ويرى المؤلف أن من مصلحة إسرائيل أن تنتقل الحركات الجهادية/السنية من العراق إلى لبنان لتدخل على خط الانقسام الطائفي المذهبي السني/الشيعي. وبذلك تظهر أهم حركات المقاومة في حالة تنازع على أساس مذهبي، وهذا يؤدي إلى تضعضع "قوة العقيدة" لديهما معاً، ولدى الدوائر المحيطة بهما، وأيضاً لدى الأجيال الجديدة.
هنالك، وهنالك فقط تكون إسرائيل قد أنجزت هدفاً إستراتيجياً يدعم أمنها القومي بإضعاف قوة العقيدة بشكل عملي.
بركوفتش ينبه إلى أن حزب الله يعطي أهمية كبيرة جداً للمعركة على الوعي، أكثر -أحياناً- من اهتمامه بالمصادمات العسكرية، ولهذا استثمر قسماً كبيراً من موارده في بناء إمبراطورية إعلامية(قناة فضائية -محطة إذاعية- مواقع إنترنت بعدة لغات بما فيها العبرية، وصحف، وكتب، ونشرات مختلفة)، وهذا ما يسبب إزعاجاً كبيراً للطرف الصهيوني لأنه يكسر احتكاره التقليدي لرواية الصراع من طرفه فقط. وبكسر هذا الاحتكار فإن العالم ستكون لديه رواية أخرى مختلفة ومليئة بالمعرفة والمعلومات الدقيقة عما يجري في صراعه مع قوى المقاومة في المنطقة، ومن ثم ينكشف زيف الرواية الصهيونية، وتسقط مصداقيتها لدى الرأي العام العالمي الذي بدأ يستمع لوجهة النظر الأخرى.
نجاح حزب الله في "معركة الوعي"، شجع حماس وقوى المقاومة الفلسطينية على الشروع في بناء قاعدة إعلامية تتسع يوماً بعد يوم، وتتسم بالجدية والموضوعية، حتى إن فضائية الأقصى وفضائية القدس اللتين أنشأتهما حماس والمقاومة الفلسطينية قبل فترة وجيزة، وفي ظروف بالغة الصعوبة؛ أحرزتا تفوقاً كبيراً من الناحية التقنية والاحترافية على كثير من القنوات الفضائية العربية التي صار لها عشرات السنوات، رغم توافر الكفاءات والموارد بأضعاف أضعاف ما هو متيسر لفضائيتي الأقصى والقدس.

قوة العقيدة هي الزاد الأساسي الذي تتغذى عليها المقاومة وتضمن لها الانتصار في "معركة قوة الوعي". والاقتراح الذي يناقشه المؤلف هو ضرورة إعادة إنتاج صورة لقوى المقاومة (أحزاب، وحركات، وقادة، ونشاطات...) من منظور طائفي مذهبي شيعي/سني.
يعبر المؤلف -في أكثر من موضع من الكتاب- عن انزعاجه من أن المقاومة صارت لها اليد العليا في المعركة على الوعي التي تخوضها ضد إسرائيل. وينبه بشدة إلى أن "قوة العقيدة" ليست مجرد كلام نظري، وإنما هي طاقة معنوية تتحول بسرعة وبنجاح كبير إلى قوة قتالية. ويؤكد مراراً وتكراراً على أن المقاومة -اللبنانية والفلسطينية- باتت على يقين من أن انتصارها في المعركة على الوعي، يمكن أن يحسم المعركة كلها.
ويذكر بركوفتش مثالاً على نجاح المقاومة في معركة الوعي لدى قطاعات جماهيرية واسعة من الرأي العام العالمي بالرواية التي يبثها الإعلام المقاوم مستندة إلى حجج قوية وواقعية تؤكد على أن رد فعل إسرائيل غير تناسبي، وكونها هي المهاجم، وأن أعمالها غير شرعية، وأنها قابلة للهزيمة، وهزمت فعلاً. فكرة بيت العنكبوت التي تبناها حزب الله -مثلاً- في حرب يوليو/ تموز أزالت الهالة من حول الجيش الإسرائيلي، وعززت الأمل في تحرير القدس كما يقول المؤلف.
ما يقوله بركوفتش من أن المقاومة صارت لها اليد العليا في المعركة على الوعي فيه كثير من المبالغة والتهويل من حجم الإعلام المقاوم.
وهذه المبالغة مفهومة من منظور المقارنة بين وضع الاحتكار الصهيوني لرواية مجريات الصراع وتشكيل الوعي لدى الرأي العام العالمي، والوضع الجديد الذي بدأت المقاومة تحقق فيه بعض الإنجازات لكسر هذا الاحتكار. وهذه إحدى المعارك الإستراتيجية الكبرى التي لن تنتهي في الأجل القريب.

إستراتيجيات إضعاف قوة التجذر الشعبي للمقاومة

إضعاف قوة التجذر الشعبي للمقاومة وتقويض قدرتها على التوسع الاجتماعي، مسألة بالغة الأهمية من المنظور الإستراتيجي. وهي تتطلب أن تتبنى إسرائيل مجموعة سياسات تؤدي إلى أن "يكره المجتمع مقاومته" وينبذها، ويحملها مسئولية تدهور أحواله المعيشية.

ويمكن أن يتحقق ذلك عبر إستراتيجية ذات أبعاد وأدوات متنوعة تشمل: فرض الحصار الاقتصادي والتجويع، والتهجير، وتوجيه الضربات العسكرية للجسد المدني بحجة وجود المقاومة، وتكثيف التغطية الإعلامية التي تبرر الضرب والحصار بوجود المقاومة بحجة الدفاع عن النفس، مع دمغ المقاومة دائماً بوصف الإرهاب؛ حتى يمكن عزلها عن محيطها الاجتماعي، وحرمانها منه كحاضنة طبيعية لها.
وفي هذا السياق يؤكد بركوفتش على أن الثروة الأساسية لحزب الله تتمثل في الدعم المجتمعي له، وإن كان المؤلف يحاول أن يحصر هذا الدعم في الطائفة الشيعية، ويرى أنها تحولت إلى الطائفة الأقوى خلال السنوات الأخيرة؛ بدلالة المؤشرات الديمغرافية؛ حيث تمثل ثلث سكان لبنان، ويحذر من أنها قد تشكل الأغلبية في المستقبل القريب.
ويرى أن دعم هذه الطائفة هو بطاقة دخول حزب الله في الشرعية السياسية للنظام اللبناني القائم على أساس المحاصصة الطائفية بحكم الدستور والقانون، ولهذا فإن نجاح حزب الله في توسيع مشاركته في إعادة هيكلة النظام السياسي اللبناني سيكرس تجذره الاجتماعي، ويزيد من قدرته على التوسع الشعبي.
إن أخطر إنجاز يمكن أن تحققه المقاومة على الصعيد الاجتماعي هو شبكة المشروعات الخدمية الواسعة التي -كما يقول بركوفتش- محت الخدمات التي كانت تقدمها العائلات الكبيرة، أو المؤسسات الحكومية، أو شبه حكومية. وهذا هو السر الأكبر الذي يفسر قدرة المقاومة على التوسع الاجتماعي، وكسب الولاءات من التكوينات التقليدية العشائرية والعائلية. ويرى المؤلف أن الطريق لا تزال طويلة أمام إسرائيل حتى تشهد معارضة سياسية أو رفض اجتماعي واسع للمقاومة طالما استمرت شبكاتها الاجتماعية والخدمية والإنسانية ناجحة وفعالة.

النجاح على الصعيد المجتمعي، يدعو إلى اشتقاق إستراتجية تهدف إلى تقويض النشاطات الخدمية والمشروعات المدنية التي تدعمها المقاومة، أو يجري توجيهها لدعم المقاومة، دون الالتفات إلى كون هذه المشروعات ذات طابع "إنساني"، أو "مدني"، أو "خدمي". وتجد إسرائيل باستمرار أن تحملها لانتقادات جماعات حقوق الإنسان، ومنظمات الإغاثة الإنسانية بما فيها منظمات الأمم المتحدة، أهون وأقل تكلفة من سلبيات الإبقاء على تلك النشاطات في الأجلين المتوسط والبعيد.
الأمر نفسه ينطبق على حالة المقاومة الفلسطينية، وبخاصة حركة حماس، التي تزداد قدرتها على التوسع الاجتماعي في صفوف الشعب الفلسطيني، ليس فقط في داخل الأراضي المحتلة، وإنما في أغلب مخيمات الشتات في الخارج. وكلما زادت قوتها الاجتماعية، قلت فرص تطويعها ودمجها بسهولة في مسار العملية السلمية بالمنظور الأمريكي الإسرائيلي، وضعفت احتمالات طيها داخل النظام السياسي الفلسطيني الذي حددت معالمه اتفاقيات أوسلو.
وقد زاد استعصاء المقاومة الفلسطينية على الاستيعاب في العمل السياسي وفق شروط سلطة أوسلو بعد فشل العدوان الإسرائيلي في تحقيق أهدافه من عدوانه على غزة، وخروج المقاومة أكثر شعبية، وأكثر التحاماً مع مجتمعها. وهذا هو سر تركيز إسرائيل على تشديد إجراءات الحصار، والتجويع، واستهدافها الدائم في عدوانها على غزة للبنى الخدمية والمشروعات التعليمية والصحية والاجتماعية كي تحرم المقاومة من التأييد الشعبي، وتفقدها القدرة على التوسع الاجتماعي.

إستراتيجيات إضعاف قوة الروابط الإقليمية


إضعاف قوة الروابط الإقليمية للمقاومة فيكون عن طريق تقديم إغراءات، أو تهديدات للأطراف الإقليمية الداعمة للمقاومة (سوريا وإيران)، وزيادة محتويات سلة الحوافز أو التهديدات التي تجعل هذه القوى تفضل القبول بالسلة الأكثر فائدة والأقل ضررا لها.



تكمن أهمية الروابط الإقليمية للمقاومة في أنها تضمن لها القدرة على العمل لفترة طويلة، ومن ثم تزيد الأعباء التي تتحملها إسرائيل في مواجهتها. وأهم دولتين لهما روابط مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية هما سوريا وإيران.

وينبه المؤلف إلى أن بصمات إيران واضحة في كل جانب من جوانب عمل حزب الله؛ فعقيدته مستمدة من قيم الثورة الإسلامية، ومي****ته الجارية تأتي من إيران، وهي التي تمول أيضاً شبكة الخدمات الاجتماعية التي يديرها الحزب، وخاصة في الجنوب، والضاحية الجنوبية لبيروت، كما أن إيران هي المسئولة عن تشكيل الجهاز العسكري للحزب، ولها تأثير كبير على اختياراته الإستراتيجية.

أما سوريا فقد سعت لتقوية حزب الله أثناء وجودها في لبنان، وبقيت مصالحهما متبادلة بعد انسحابها. وفي ظل غياب بدائل لسوريا في لبنان فإن دمشق لن تسرع في التنازل عن علاقتها بحزب الله.

وهكذا يخلص المؤلف إلى أن العلاقة الوثيقة بين حزب الله وكل من إيران وسوريا هي أساس لمثلث استراتيجي/إقليمي يسميه أعضاؤه "محور المقاومة" بينما يسميه خصومه "محور الشر". والأمر نفسه ينطبق على علاقة المقاومة الفلسطينية بكل من سوريا وإيران مع وجود اختلافات نوعية وكمية هنا وهناك.

مجمل المناقشات المسهبة التي أجراها المؤلف بالنسبة لكيفية فك روابط المقاومة مع سوريا تؤكد على أن إسرائيل قد جربت عدة وسائل، ولكنها لا تزال لديها شكوك حيال قدرة سوريا على المساهمة في إزالة تهديد حزب الله عن إسرائيل مقابل إعادة هضبة الجولان وجلاء الاحتلال عنها. أي أن إسرائيل تبدي استعدادات للخروج من الجولان مقابل إنجاح إستراتيجيتها لإضعاف المقاومة اللبنانية.


والأمر نفسه ينطبق بإلحاح أكبر بالنسبة للمقاومة الفلسطينية التي يقيم عدد كبير من قادتها في دمشق.

عدم نجاح إسرائيل في كبح جماح المقاومة باستخدام القوة كان أحد العوامل التي شجعتها على الانسحاب من جانب واحد من غزة، ثم وقف إطلاق النار من جانب واحد في حربي لبنان وغزة أيضاً؛ وكانت الفرضية الأساسية هي أن التصرف على هذا النحو من طرف واحد سيؤدي إلى تآكل شرعية المقاومة؛ لأن الانسحاب، أو وقف إطلاق النار، سيزيل ذريعة المقاومة في مواصلة تحديها لإسرائيل وتهديد أمنها طول الوقت. ولكن الذي حدث ـ في جميع الحالات ـ هو استمرار المقاومة رغم الانسحاب، واستمرار التهديد الأمني رغم وقف النار.

دوائر صنع القرار والبحث الاستراتيجي فحصت بدائل إستراتيجية مختلفة لإزالة تهديد حزب الله، تتجاوز استخدام القوة. منها واحدة تعرف باسم "إستراتيجية شق المنظومة الشمالية" التي تعمل ضمن منطق مشترك ضد كل من إسرائيل وأمريكا. وبحسب هذه الإستراتيجية يجب تركيز الضرب على سوريا لأنها ـ في الرؤية الإسرائيلية ـ هي الحلقة الأضعف، أو لأنها أقرب لقبول الإغراءات، مقارنة بإيران التي تبدو أقوى، وأكثر استعصاءً على الإغراءات.

أقصر الطرق للمس بعلاقة المقاومة ـ وأفضلها استراتيجيا لإسرائيل ـ هو سقوط النظام الإسلامي في إيران، بناء على فرضية أن النظام الذي سيخلفه سيكون مختلفاً وأقل تطرفاً، وأنه يمكن لسياسة العقوبات والضغوط على إيران أن تؤثر على سياساتها تجاه حزب الله والمقاومة الفلسطينية. ولكن بركوفتش ينتهي إلى أنه رغم أن مشكلة تغيير النظام في إيران تشغل الساحة الدولية، وبشكل خاص الولايات المتحدة، التي تخشى من آثار وجود جمهورية إسلامية نووية؛ إلا أنه توجد حالة من عدم اليقين تتعلق بإنضاج مسارات التحريض في الساحة الإيرانية الداخلية؛ الأمر الذي يجعل معقولية تغيير استراتيجي كهذا منخفضة، ولإسرائيل تأثير ضعيف إلى حد كبير في تقوية هذه المسارات.


ينتقل المؤلف لمناقشة بديل آخر يستهدف "المس بالعلاقة بين سوريا وإيران"، ويرى أن هذا محور استراتيجي على درجة كبيرة من الأهمية؛ إذا نجحت إسرائيل في إبعاد سوريا عن إيران، فسوف ينعكس ذلك بشكل سلبي على قوة المقاومة بتشتيتها بين القطبين السوري والإيراني. ولكن المس بعلاقة المقاومة بإيران يبدو في النظرة الإستراتجية الإسرائيلية أكثر فائدة؛ لأن العلاقة مع إيران لا تمنح المقاومة جبهة خلفية إستراتيجية وشبكة أمان مادي فحسب، وإنما لأن المقاومة ليس أمامها خيارات بديلة لها ذات قيمة.

ومن هنا فإن ضرب علاقة المقاومة بإيران سيكون هو الأرضية لتنفيذ بقية شروط إضعاف المقاومة. ولتوضيح ذلك علينا أن نتأمل في التداعيات الآتية: إذا ضعفت المقاومة بإبعادها عن إيران، ستكون أقل جاذبية لسوريا، وستكون لديها موارد أقل للمحافظة على قوتها الاجتماعية، وعلى قدرتها العسكرية التي تخل بالأمن الإسرائيلي.

حصيد هذه الدراسة الإستراتيجية يركزه المؤلف في خمس سيناريوهات، يصعب جداً اجتزاؤها، أو تقديم خلاصة لها، وليس أفضل من قراءتها بتفاصيلها في الكتاب لنعرف الإجابة النهائية التي يقدمها المؤلف على التساؤل الذي بدأ به وهو "هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا؟"
_______________

المؤلف: داني بروكوفتش
تقديم ومراجعة: إبراهيم البيومي غانم.
أستاذ العلوم السياسية ورئيس قسم بحوث وقياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة.

ملحوظة:
الهيدرا: كائن حي بدون رأس وهو من الجوفْمَعويات، ولديه عدة مجسات ( لوامس ) حول فتحة فمه.
لكن الكائن الأسطوري متعدد الرؤوس فهو الميدوزا وهي من الميثولوجيا اليونانية.

وبذلك يكون الكاتب الأصلي قد سقط في الخطأ من البداية والتي ستجعل رؤيته إن شاء الله خطأ كذلك وبعيد المنال ولن ينالوا من المقاومة لأنها الجهاد عينه.
والجهاد كما هو معروف عند كل المذاهب الإسلامية هو سنام الدين، هكذا وصفه المصطفى صلى الله عليه وسلم

دمتم في رعاية الله

عبد العزيز:1 (40):
رد مع اقتباس
قديم 09-24-2009, 12:11 AM   #2
مُشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية توتوديا
رقـم العضويــة: 11785
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشـــاركـات: 1,918
نقـــاط الخبـرة: 15

افتراضي رد: هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا

انا ما قراته كاملا لكن انا متاكده انه يستحق القراءه لاني قرات شويه منه ...

مجهود رااائع يا عبد العزيز ...

مشكووووووور على الكتاب ... وان شاءالله راح اكمل قراته بوقت ثاني ...

تحياااااااااتي لك ...
توتوديا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2009, 05:08 AM   #3
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ma7taje
رقـم العضويــة: 16608
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشـــاركـات: 2,113
نقـــاط الخبـرة: 14

افتراضي رد: هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا

السلام عليكم

كان بودي تقسيمه لولا خوفي من التقطيع الذي قد يُتلف الفكرة على أني أأكد لك أنه يستحق القراءة ويُطلع المبتعدين عن السياسة ويريك ماهيتها ولو من جانب واحد لكنه أساسي لمعرفة العدو المتربص الحقيقي

شكرا على المرور وديمومة الحضور
عبد العزيز
ma7taje غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-29-2009, 05:22 AM   #4
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ma7taje
رقـم العضويــة: 16608
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشـــاركـات: 2,113
نقـــاط الخبـرة: 14

افتراضي رد: هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا

السلام عليكم

وما لنا وأحذيتك لو كانت مجانا فأهلا بك ونتمنى أن توزعها في الجمعيات الخيرية ولك الجزاء من الله أما إذا كنت تروم شهرتها فأنصحك بلصق الصور عبر زجاجات الكولا فقد تجد رواجا أفضل من منتدياتنا

على كل نشكرك
عبد العزيز
ma7taje غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-12-2009, 03:49 AM   #5
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ZABOBAH
رقـم العضويــة: 13443
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشـــاركـات: 3,769
نقـــاط الخبـرة: 23

افتراضي رد: هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا

مرسي عبود

تسلم ايديك

سلامي
ZABOBAH غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-12-2009, 08:01 PM   #6
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ma7taje
رقـم العضويــة: 16608
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشـــاركـات: 2,113
نقـــاط الخبـرة: 14

افتراضي رد: هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا

السلام عليكم

أتمنى أن تكونين قد قأتينه فإن لم تفعلي فأنصحك بالعودة إليه ولو عبر مراحل فهو مفيد لشباب المستقبل على الخصوص

أحاول قدر الإمكان إستجلاب المواضيع الخاصة علها تعود بالفائدة علينا جميعا وأن لا نكون متأخرين حتى في المعرفة المجانية والمفيدة

شكرا على الزيارة والتنويه

دمتِ لي يا غالية

... عبد العزيز
ma7taje غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع هل يمكن قطع رؤوس الهيدرا:
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصحة تــــــاج علي رؤوس الاصحاء ......... سينشيل قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة 6 03-29-2010 02:56 PM
الصحة تــــــاج علي رؤوس الاصحاء ......... روز ريس قسم الأرشيف والمواضيع المحذوفة 1 12-04-2009 02:44 PM
عاجل جدا جدا جدا صفعه فوق رؤؤس حكومة المالكى العميله العاشق 2005 أرشيف قسم البرامج 0 05-13-2009 11:10 AM
عاجل جدا جدا جدا صفعه فوق رؤؤس حكومة المالكى العميله العاشق 2005 أرشيف قسم البرامج 0 05-13-2009 08:40 AM
مساعدة :هل يمكن التحميل من الرابيدشير بدون مشاكل أم لا يمكن العاشق 2005 أرشيف قسم البرامج 0 11-23-2008 07:10 PM

الساعة الآن 07:21 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

كُل ما يُكتب أو يُنشر في منتديات العاشق يُمثل وجهة نظر الكاتب والناشر فحسب، ولا يمثل وجهه نظر الإدارة

rel="nofollow" maxseven simplicity and clarity